‏إظهار الرسائل ذات التسميات دراسات سياسية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات دراسات سياسية. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 12 يوليو 2020

وزارة الخارجية .. وفرسان المعبد ج ١

وزارة الخارجية .. وفرسان المعبد 

ج ١ 

لم تشهد وزارة الخارجية نكاد نجزم منذ عقود ماشهدته من سوء إدارة وفشل ذريع على كافة المستويات كما شهدته أبان تولي حقيبتها من قبل الوزير المريض محمد علي الحكيم الذي لم يدخر جهدا في أتباع أحقر الأساليب في معاداته للموظفين وأختصاره لوزارة كاملة بمجموعة أثبتوا أنهم سفلة بكل ما للكلمة من معنى وسنأتي من خلال هذه السلسلة المتواصله (فرسان المعبد) على ذكرهم فردا فردا ونبين للقارئ بالدليل والبرهان مدى خستهم ولئامتهم التي ادرجوها تحت مسميات مهنية تشدقوا بها تلميعا لصورة محمد علي الحقير  (الفاتح العظيم) كما وصفوه وطبلوا له.
وإن أولى الخطوات التصحيحية التي أتبعها أن قام بتنصيب المنهل الصافي فارس المعبد الأول مديراً لمكتبه وذلك لإستكمال مسيرة بناء المصالح الشخصية التي بدأت معه منذ عقود ولأنه خبيراً بعقد الصفقات وتجارة سمات الدخول ومنح الجوازات الدبلوماسية لشخوص لا يستحقونها من درجات وظيفية متنوعة في داوئر الدولة وأعلاميين وصحفيين وكتّاب بغية أسكاتهم وغض الطرف عما يقوم به الحقير وأزلامه، أضف إلى سعي المنهل الدؤوب لتهميش الوكلاء ومخاطبتهم بفوقية وتعالي ، وقيادته للوبي يتحكم بالمفاصل الحساسة في الوزارة موزعين في أهم الدوائر ومنهم على سبيل المثال محمد هشام الراوي المعروف بلقب (محمد ميرندا) معاونا لرئيس دائرة المراسم وهو أبن قيادي من قيادات حزب البعث المقبور وهو مرشح لدرجة وزير مفوض علما أن كتاب المساءلة والعدالة الذي وصل إلى وزارة الخارجية والذي يشمله باقسى إجراءاتها يمنع من توليه هذه الدرجة إلا أن المنهل قام بترتيب الأمر مع شخصيات نافذة في دائرة المساءلة والعدالة وتم منحهم جوازات دبلوماسية وكذلك مفاتحة سفارات أجنبية لمنحهم سمات دخول لهم ولعوائلهم وهذا مايخالف السياقات والقوانين.
ولم يقف مستوى الدعم عند هذا الحد بل قام بتأخير وحرمان عدد كبير من المستحقين لنيل درجة وزير مفوض منذ سنوات عديدة، ليتم تأخير مفاتحة الأمانة العامة لمجلس الوزراء لما يقارب السنة وبعد أن تمت المفاتحة بعد تسويف طويل طلب من الأمانة العامة إهمال الكتاب لحين إستكمال متطلبات أغلاق ملف المساءلة والعداله للسيد محمد هشام ورفاقه من فرسان المعبد الذين أستماتوا لإرسال أسمائهم في عهد الحقير ملحقا بالقائمة السابقة إلى الأمانة العامة إلا إن مساعيهم باءت بالفشل خصوصا أنها تحتوي على مجموعة من النكرات الذين عاثوا تنكيلا واذية بحق زملائهم في فترة الحقير الإنتقامية.
ومن الإجراءات التصحيحية والمهنية التي قام بها محمد علي الحكيم ( الحقير ) إن قام بتعيين سفراء بالتسميه بناء على مبدأ المصلحة الشخصية الراميه إلى أبقائه وزيرا للخارجية إلا أن ذلك وللأسف لم يحصل بالرغم من أنه قام بكل ما لم يقم به وزير من قبله بغية البقاء في منصبه وحاول إرضاء كافة الأطراف إلا أن محاولاته باءت بالفشل أيضا وكان عراب المفاوضات بعد المنهل الفارس الآخر نزار الحكيم/ مدير الموارد البشرية في مكتب الوزير والذي أظهر معدنه الحقيقي العفن والنتن كشاكلته ما أن سنحت له الفرصه والذي سناتي على ذكره بالتفصيل في الأجزاء القادمة .. فكان المفاوض والساعي لترتيب الأسماء المرشحة لدرجة سفير بالتسميه ليضمن بقاء الحقير بمنصبه ، ومن هذه الأسماء رحمن العامري شقيق هادي العامري، وبهذا يقوم بمناغاة الفتح ، ليصبح سفير العراق في الفاتيكان، وحامد عباس لفته/ المحلي السابق في سفارة العراق في طهران، أصبح سفير العراق في باكستان والمحسوب على المجلس الاعلى ، والسيدة بريخان عن الإتحاد الوطني الكوردستاني والمتبقي لها سنتين للتقاعد، وحصل المنهل منصب سفيرا في الكويت عربون شكر للجهود الحقيرة الجباره التي قام بها ، والطامة الكبرى تعيين احمد الجبوري الموظف في سفارة العراق في أستراليا والذي تقدم بطلب لجوء فيها ليصبح سفيرا بالتسميه في نفس الدولة التي لجأ إليها من ضيم العراق !! نعم هذا بعض مما فعله الحكيم الحقير ، علما إن الحقير لم يقتنع ولا يقتنع بأي موظف بعد عام ٢٠٠٣ وخصوصا رحمن العامري وحامد عباس وغيرهم إنما قام بترشيحهم لضمان تمرير المنهل وترطيب الأمور مع كتلة الفتح والمجلس الاعلى لغرض أبقاءه وزيرا للخارجية ...
                             يتبع ...

السبت، 2 نوفمبر 2019

العشاء الأخير للعبادي في واشنطن


العشاء الأخير للعبادي في واشنطن







                                                                                                                            د. رياض السندي



المتابعون للشأن العراقي يترقبون زيارة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الى واشنطن في 19 مارس الجاري، للقاء الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة ترامب، وانعكاساتها على مجمل الأوضاع في العراق ومنطقة الشرق الأوسط. فمازال العراق في قلب العاصفة منذ قرابة ثلاث سنوات، بعد وقوعه في صراع مدّمر مع أعتى المنظمات الإرهابية في العالم، ألا وهو تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

وفي الجانب العراقي الرسمي، يسود تفاؤل كبير لهذه الزيارة وما ستحققه من نتائج على الوضع العراقي البائس، وخاصة بعد تحرير الموصل منذ حزيران2014.

وعلى عكس هذه النظرة التفاؤلية، فإن هناك من ينظر للأمور بمنظار مغاير، وبشل أدق وأعمق، وبنظرة مختلفة تماماً، مع إنها لا تقل تفاؤلا، إلا إنها تشير الى ترتيبات جديدة لمرحلة جديدة في العراق والمنطقة.

ويمكن القول إبتداءً، بأن هذه الزيارة جاءت بطلب وتحديد أمريكي، وليس بطلب عراقي. فالطلب العراقي الذي قدّم فور إعلان فوز ترامب بالانتخابات في نوفمبر الماضي، والذي حددت له الإدارة الجديدة بداية شهر شباط من هذا العام، قد ألغي بقرار أمريكي، قبل أكثر من شهر. وحدد موعد جديد وفقاً لرغبة أميركية صرفة. أي إن الزيارة أقرب للاستدعاء من زيارة رسمية على مستوى القمة.

فالإدارة الأميركية تحضر لمرحلة جديدة ومختلفة، وهي مرحلة ما بعد داعش، والتي بات الجميع يرددها منذ ستة أشهر.

إن ترتيبات المرحلة الجديدة قد بدت واضحة منها، زيارة وزير الدفاع الأميركي للعراق، وزيارة وزير الخارجية السعودي، في الأيام الماضية، والتي بدأت تظهر ثمارها من خلال إرسال قوات أميركية جديدة بدفعات متتالية لكل من العراق وسوريا، الى جانب تحركات روسية وتركية نشطة، وهي ترتيبات تدخل كلها في إطار خطة (تحجيم دور إيران في المنطقة). والى جانب ذلك، فقد بدت التحركات الإيرانية ضعيفة، كما لو إنها فقدت روح المبادرة والقيادة، بعد المجال الكبير الذي أعطي لها في عهد أوباما، الذي اعتمد سياسة غير تدخلية في شؤون المنطقة، وإكتفت بدور المراقب، مما شجع إيران على التمادي في بسط نفوذها، وتحقيق حلمها في تصدير الثورة الإيرانية لجميع الدول العربية.

وعلى الصعيد الداخلي، فالعراق يمُر بمرحلة حساسة وحاسمة تستدعي تدخلا أميركياً للجابة على تساؤلات كثيرة، وهي: ماذا بعد داعش؟ وما هومصير المجموعات المسلحة التي إعترف لها القانون بشرعيتها وفقاً لقانون الحشد الشعبي أواخر 2016، وهي لا تستطيع أن تقنع أي طفل بأنها جيش نظامي؟ وما هو مصير الملايين من العراقيين النازحين داخلياً، وهل سيعودوا لمناطقهم المنكوبة، والتي لا تصلح للعيش في وضعها الحاليي؟ ومن سيعمّر تلك المناطق ثانية؟ وأين موقع سنّة العراق، الذين يجتمعون الان لبحث مصيرهم بعد داعش؟ وأين موقع الأقليات كالمسيحيين واليزيديين، والذين يطالبون بإقليم سهل نينوى، وتلعفر وسنجار؟ وما مصير القوات الأجنبية في العراق بعد ذلك، مثل القوات التركية في بعشيقة، ومقاتلي حزب العمال الكردستاني في سنجار؟ وما هو مصير الطموحات الكردية في الإستحواذ على الأراضي المحررة وتغيير ديمغرافيتها؟

هذه الأسئلة كلها يجب أن تجيب عليها الخطة الجديدة التي سترسم ملامح المرحلة القادمة في العراق، وهي بلا شك مرحلة مفصلية شبيهة بمرحلة فوز المالكي في انتخابات نيسان 2014، حيث تجاهل كل النصائح الأميركية والعراقية، وأصرّ على الولاية الثالثة بكل السبل، مما إقتضى منعه، فجاء داعش ليقوم بتلك المهمة، بعد أن غاب عن المالكي إن الولاية الثانية لم تكن له أصلا، لكنها أعطيت مكافأة لإيران للاستمرار في مفاوضات الملف النووي.

والعراق مقبل على انتخابات أجلت الى سبتمبر القادم، وإذا كان العبادي يعتقد إنه سيفوز بإنتخابات أخرى فإنه واقع بنفس وّهم المالكي رفيق دربه ونضاله. فالعبادي إذا ساعدته ظروف المرونة والتساهل وعدم التدخل الأمريكي في عهد أوباما، فإن ظروف الحزم والشدّة التي تبديها الإدارة الأميركية الجديدة، فإن العبادي سيبدو أمامها كقزم يحاول اللحاق بالكبار، لا سيّما وإن تقييم مرحلته ليس مشجعاً تماما. فرغم وعوده في الأصلاح، إلا إنه لم يحقق شيئاً منها، بل زاد الأمور سوءاً، لا بل هو لم يستطع أن يحّد من نفوذ المالكي، الذي مازال يتمتع بنفوذ قوي.

إن إنساناُ بهذا الضعف، وعدم القدرة على حسم الأمور، لا ينسجم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وستكون زيارته المرتقبة، أشله بزيارة المالكي لواشنطن في تشرين الثاني 2013، والتي كشف تفاصيلها المخزية أحمد الجلبي أنذاك، حيث إن الرئيس الأمريكي بالمالكي لم يدم لأكثر من 17 دقيقة فقط، كان كل ما طلبه منه أوباما هو المصالحة في العراق. وعند عودة الوفد للفندق طالبتهم إدارته بدفع أجور الفندق إستعدادا للمغادرة، في إجراءات تتسم بعدم التعامل بشكل دبلوماسي ولبق مع وفد رسمي على أعلى مستوى. وحتى تشكيلة وفد العبادي ستكون مشابهة لتشكيلة وفد المالكي في أم نقطة وهي وزارة الخارجية، فإذا كان المالكي في صراع مع وزير خارجيته الكردي زيباري أنذاك، فإن العبادي غريب عن وزير خارجيته وأمين عام حزبه الجعفري، الذي هو في وادي، والعبادي في وادي أخر. وإذا كان وزير الخارجية في أي دولة هو الذراع اليمين لرئيس الوزراء ويرافق في كل زياراته الرسمية الخارجية، فإن الجعفري عكس ذلك، إذ يظن إنه وليّ نعمة العبادي وهو الذي منحه منصب رئيس الوزراء بإنقلابه على المالكي. وهذه واحدة من أكثر مسائل العبادي إخفاقا، بعد إخفاقه في تحجيم دور إيران في العراق.

وفي تقديري، فإن العبادي سيواجه ذات الموقف، وعليه ألا يركب رأسه، كما فعل المالكي، وإلا فإنه سيواجه نسخة جديدة من داعش أقسى وأسوأ. فقد أتيحت له فرصة أربع سنوات، إلا إنها كانت فاشلة تماما. ومهما أراد أن يظهر نفسه بمظهر البطولة، فلن ينفعه ذلك، فإذا كان يتباهى هو وأنصاره بالقضاء على داعش، فإن الجميع يعرف إن زوال داعش هو قرار أمريكي صرف، لا يشاركها فيه أحد. وإن تاريخ صلاحية داعش قد حدده الأمريكان منذ اليوم الأول لإحتلاله الموصل، عندما صرح قائد القوات الأميركية جيمس تيري في 18 كانون الأول 2014، بأن الحرب ستستمر ثلاث سنوات على الأقل. في حين صرّح العبادي في 29 تشرين الثاني 2016، بأن تحرير الموصل سينتهي قبل نهاية 2016. في حين عارضه الامريكان بقولهم إن معركة إستعادة الموصل ستكون في الربيع القادم. وهكذا فإن تحديدات العبادي لتحرير الموصل لم تكن صالحة حتى للاستهلاك المحلي. في حين كان الأمريكان يقدمون مددا زمنية مختلفة تماما، المغزى منها، إن تحرير الموصل من داعش سيتم بإرادة أمريكية لا عراقية، لذا سيختارون تاريخا ذو دلالات رمزية، كما حدث عندما إختاروا إنهاء الحرب العراقية-الإيرانية في 8/8/1988، وسيكون هذه المرة في 9/4 وهو تاريخ تحرير أو إحتلال العراق عام 2003.

فالخلاصة التي توصلت اليها الإدارة الامريكية والعالم، هي إن النظام السياسي الديني في العراق لم يعد مقبولا بعد الان حتى على الصعيد الداخلي. فالشعب العراقي أخذ يرشق رموز النظام كالمالكي والعبادي بالحجارة والاحذية في زياراتهم، مما يدّل على إن هذه الحكومة لم تعد مقبولة أكثر من ذلك. لا سيّما حكومة العبادي الأخيرة التي باتت تعرف بأنه أهزل حكومة عرفها العراق في تاريخه الطويل. وستكون إستعادة الموصل نهاية حكم العبادي بعد انتخابات سبتمبر لهذا العام، وسيكون عشاء العبادي في واشنطن بمثابة العشاء الأخير.





د. رياض السندي

دكتوراه في القانون الدولي

10 مارس 2017

كاليفورنيا




الكبوة الأولى لحكومة عادل عبد المهدي


الكبوة الأولى لحكومة عادل عبد المهدي


د. رياض السندي

دكتوراه في القانون




بعد مخاض عسير إستغرق أكثر من ستة أشهر تلت انتخابات العراق في أيار/مايس الماضي، ولدت حكومة عادل عبد المهدي الذي رشحته مرجعية النجف الدينية الشيعية،

وقد كشفت عملية تشكيل الحكومة الناقصة من عدد من الوزراء، حقائق هامة وخطيرة في مقدمتها ما يلي: -

أولا. أن شغل المرجعية الشاغل هو الإبقاء على الحكم الشيعي في العراق حتى لو كلّف ذلك ضياع دولة العراق والمنطقة بأسرها.

ثانيا. أن المخطط الغربي الذي بدأته أمريكا في إستهداف العراق لم يكمل دورته التخريبية في منطقة الشرق الأوسط، وإن عودة عراق معافى وقوي أمر يتقاطع مع المشروع الغربي بقيادة الولايات المتحدة وإسرائيل في تفتيت الدول العربية وتدميرها وكسر إرادتها وتمزيق شعوبها.

ثالثا. أن الانتخابات في العراق ما هي إلا مهزلة أو ملهاة القصد منها إشغال الشعب وإلهاءه وتمزيق وحدته، حيث سادها التزوير وحرق صناديق الانتخابات والرشاوى الكبيرة، وأخيرا تشكيل حكومة من أشخاص لم يترشحوا للإنتخابات أصلا.

رابعا. أن دعوات الإصلاح والتغيير قد تم إستيعابها وتحويل لصالح الكتل السياسية الفاسدة كالعادة. وإن الفساد قد ترسّخ في العراق ويصعب إقتلاعه بالوسائل السلمية، إلا من خلال ثورة شعبية مسلحة شاملة، توقف هذا الإنحدار السريع للعراق والمنطقة إلى الهاوية التي بدأت ملامحها تتكشف يوما بعد أخر.

خامسا. أن الشعب العراقي وقواه الوطنية ما زالت عاجزة عن إجراء التغيير المنشود وإجتثات قوى الفساد، وفرض تطبيق القانون وإعادة هيبة الدولة وسيادتها.

وقد إستغرب البعض من ردّة الفعل الشعبية الأولى على تشكيلة حكومة عادل عبد المهدي البالغ من العمر 76 سنة، وهو عمر يفقد صاحبة القدرة على التركيز والتدقيق وإتخاذ القرار الصحيح والحزم في الإدارة، وعادة ما يواجه كبير السن المشاكل والمعوقات بالزعل والرفض والإنزواء، وهو ما عبّر عنه هو شخصيا بأنه قد كتب إستقالته وهي في جيبه.

ويمكن تشخيص 7 أسباب هي الأهم والتي أدت إلى هياج الشارع العراقي على كابينة عبد المهدي وثورة العراقيين في وسائل التواصل الاجتماعي منذ لحظة إعلان ولادتها إلى ما يلي: -

١. لأن رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي قد بدأ مشواره الحكومي بكذبة الترشيح الإلكتروني، واعطى أمل كاذب ل ٣٦ ألف عراقي عاطل، في بلد فيه ٧ مليون عاطل.

٢. إنه قدم تشكيلة محاصصة حزبية رغم إدعاءاته المستمرة بأنها لن تكون من مرشحي الأحزاب وخاصة سائرون.

٣. إنه ضمّ فيها فالح الفياض وأسماء سالم صادق أخت ريان الكلداني بناء على طلب الحشد الشعبي بقيادة أبو مهدي المهندس.

 ٤. ثم أن معظم أعضاء وزارته ممن شارفوا السبعين من العمر، وعلى النحو الأتي:

- ثامر الغضبان وزير النفط ٧٣ سنة.

- أياد السامرائي وزير التخطيط ٧٢ سنة.

- علاء العلوان وزير الصحة ٦٩ سنة.

- محمد علي الحكيم وزير الخارجية ٦٦ سنة.

بعض السير الذاتية لم تتضمن حتى تاريخ تولد المرشح، وهي سير مختصرة لا تغني ولا تسمن. ولم يتم التطرق على الإطلاق إلى جنسياتهم الأجنبية، مثل:

·        رئيس الوزراء عادل عبد المهدي جنسيته فرنسية.

·        وزير الخارجية محمد علي الحكيم جنسيته أمريكية.

·        وزير الصحة علاء عبد الصاحب العلوان جنسيته سويسرية.

٤. أن اتهامات طالت مرشح وزارة الرياضة والشباب في أنتماءه للإرهاب وعلى أنه ذبّاح القاعدة.

٥. إن وزير الإعمار والإسكان بنكين عبد الله الريكاني قد جاء في سيرته انه خريجي كليتي العلوم في جامعة الموصل، والقانون في جامعة بغداد وفِي ذات السنة ١٩٩٣، فهل يعقل هذا؟ ويبدو إن عادل عبد المهدي لم يقرأ السير الذاتية قبل تقديمها.

 ٦. أن تمرير الوزارة قد جرى بعد الاتفاق بين الكتل السياسية على تقاسم الغنائم الوزارية. وقد إنكشف فيها العلاقات العائلية الفاسدة، فوزير الصناعة والمعادن صالح عبد الله الجبوري هو شقيق محافظ صلاح الدين أحمد عبد الله الجبوري، ووزير الرياضة والشباب أحمد العبيدي هو إبن عم جمال الكربولي، وإن وزيرة التربية صبا الطائي هي قريبة خميس الخنجر أمين عام المشروع العربي، بالإضافة إلى مرشحة وزارة العدل المستبعدة أسماء سالم صادق وهي شقيقة ريان الكلداني أمين عام كتائب بابليون المنضوية في الحشد الشعبي.

٧. لم تمنح الثقة سوى ل ١٤ وزيرا واستبعد ٦ أخرون لوزارات سيادية مهمة مثل الدفاع والداخلية، فهي تشكيلة ناقصة. فهل سيتمكن عادل عبد المهدي من إكمال تشكيلة حكومته، لا سيما وإنه أصبح يدير وزارة الداخلية وكالة؟

والحقيقة، إن عادل عبد المهدي هو شخص مجرب سابقا، وسجله السياسي تعتريه الكثير من الشائبات، منها حادثة سرقة مصرف الزوية في بغداد، والتي إنبرى إعلام الشيعة يلمع صورته، وفي مقدمتهم أحمد ملا طلال من على برنامجه المعروف على قناة الشرقية بالحرف الواحد. والحقيقة أن هذه ليست الحادثة الأولى، فأتباع عادل عبد المهدي قد طالتهم المحاكم السويسرية في قضية فرض (غرامة مالية ثقيلة لموظفين بالبعثة العراقية بجنيف يهربان السجائر ويتاجران بها)، كما نشرها موقع سويس إنفو الرسمي في 23 أب/أغسطس 2016، وكان حينها محمد علي الحكيم سفيرا في جنيف والذي غدا اليوم وزير الخارجية في حكومة عبد المهدي. وكنت شاهد على تفاصيلها بحكم كوني نائب السفير، وطالما ناقشناها معا. وقد جرى تعيين السفير المسيحي وديع بتي سفيرا للعراق في جنيف يوم أمس 25/10/2018، وأعتقد إن ذلك على صلة ببعض القضايا الخطيرة وهذه واحدة منها.

وباختصار شديد إنها ليست كابينة التغيير والإصلاح التي ينشدها الشعب وإنما تكرار لمسرحية جديدة قديمة ساذجة، فقد عاد نفس الفاسدون الذين يتبجحون بالديمقراطية الزائفة من الشباك بعد أن أخرجهم الشعب من الباب. وكان عادل عبد المهدي والمرجعية الشيعية أكبر شباك لعودة الفاسدين وبقوة، وإننا مقبلون على أربع سنوات عجاف قادمة لا محالة، لن ينفع معها زرع أو ضرع أو كيل، كما وصفها الأستاذ الدكتور حسن الخزرجي، والذي كتب على صفحته في الفيسبوك مخاطباً الحكومة والكتل السياسية قائلا: " ماذا أبقيتم من العراق لم تدمروه يامن نصبّوكم حكاما عليه، بعد أن حسبوكم على العراقيين وانتم لستم منهم، ولا تملكون ذرة واحدة من الطبائع الأصيلة والأخلاق العالية التي كان يمتلكها العراقيون النجباء؛ هل أبقيتم له الجيش، الاقتصاد، التربية، القانون، التعليم العالي، القضاء، الصحة، البيئة، الدين، الأخلاق، العلم، الإيمان، الأمل بالمستقبل، الأمان في الحاضر، الإعتزاز بالماضي ... لم تدمروه بعد؟

فهذه كلها أخطاء في بداية مشواره، ولهذا كانت ردة فعل الناس قوية ضده، وانا شخصيا لا اعتقد انه يستطيع الاستمرار لأنه كبير في السن ٧٦ سنة وعاجز وقابلياته الذهنية أصبحت محدودة، ولهذا كبا كبوته الأولى منذ لحظة ولادة الحكومة، وحتى قبل منحها الثقة من البرلمان، وكانت الصدمة بالنسبة للشعب أشبه بصدمة رجل أبيض تلد زوجته طفلا أسود. وقد قيل عنها إنها ولدت مشوّهة لإنها خرجت من رحم عقيم، وإن عادل عبد المهدي قد كشف جوهر حكومته وسياستها للسنوات الأربع القادمة بشكل واضح. أما البرنامج السياسي الذي قرأه في جلسة البرلمان والذي بدأ أنه يقرأه للمرة الأولى، وإنه لم يعدّه بل أشيع أن كتلة سائرون قد كتبته له، كما بدا معظم وزرائه في عمره وهذا ما سيعكس فشلها الذريع لاحقاً.



د. رياض السندي

كاليفورنيا 
في26/10/2018                                                                                                                                                                                                                  

الكويتي الذي أصبح وزيرا في العراق


الكويتي الذي أصبح وزيرا في العراق




تعرفت على صفاء الدين الصافي لأول مرة في عام 2008، عندما كنت عضوا في لجنة إعداد قانون المعاهدات في العراق، ممثلا عن وزارة الخارجية. وكانت هذه اللجنة تجتمع بشكل أسبوعي، وفي بعض الأحيان مرة واحدة في الشهر. وكانت اللجنة برئاسة الصافي بإعتباره وزير الدولة لشؤون مجلس النواب، ووزير العدل وكالة، على الرغم من أنه لم يزر وزارة العدل يوم واحد، طيلة توليه هذا المنصب قرابة السنتين. كما إنه كان يتولى منصب وزير التجارة وكالة أيضا. وهذه إحدى مصائب حكومة المالكي الذي كان يكلف أتياعه الفطاحل بإدارة ثلاث وزارات دفعة واحدة.

وكانت اللجنة تضم بالإضافة له د. فاضل الجشعمي المستشار القانوني لرئيس الوزراء نوري المالكي آنذاك. وكذلك د. عباس الساعدي رئيس الدائرة القانونية في مجلس الوزراء والذي لم يكن يحضر إلا نادراً. ومن وزارة العدل كانت تحضر إحدى مستشارات مجلس شورى الدولة وتدعى ذكرى (على ما أذكر) وكنت أنا أمثل وزارة الخارجية لكوني رئيس قسم المعاهدات فيها.

وفي المرة الأولى التي حضرت فيها معهم، سألت الصافي عن شهادته للدكتوراه فأثار دهشتي عندما قال إنها في القانون الدولي. فقلت أنا على صلة بكليات القانون في العراق منذ عام 1977 لم أراك أو اسمع بك. فإدعى أولا أنه قد حصل عليها في لندن، ثم قال لاحقا إنها من القاهرة، وحتى يومنا هذا لم أتأكد من شهادته. ولكن مداخلاته في اللجنة لا تشير إلى أي إطلاع قانوني أو معرفة قانونية. على العكس من الجشعمي الذي مارس النشاط القانوني رئيسا للدائرة القانونية في التصنيع العسكري في عهد صدام حسين، كما قيل لي في اللجنة انذاك. وكان الجشعمي حاد الطبع داخل اللجنة، وعندما خاطبت الصافي، كما هي العادة في بروتوكول الخارجية بعبارة: يا معالي الوزير. صرخ الجشعمي منذ البداية قائلا: أي معالي؟ لا تقولها مرة ثانية. فدمدم الصافي قائلا: إنهم يحرمون علينا حتى عبارة الوزير. ولكنه كان في كل الأحوال يخشى الجشمعي وهذا ما لم أعرف كنهه. أما الساعدي الذي حضر ذات مرة، فكان على عكس د. فاضل يقَبِّل أكتاف الصافي مع عبارة: دخيلك يا السيد ودخيل جدك. وربما من باب التندر أو الولاء الشيعي.

وفي عام 2012 رشح الدكتور فاضل الجشعمي لمنصب أمين عام المساعد للجامعة العربية، وقد أرسلت له تهنئة شفوية مع أحد الأصدقاء وقد برر ذلك بأنهم قد ألجأوه ودفعوه إلى ذلك للتخلص منه ومن إنتقاداته في مجلس الوزراء.

تركت هذه اللجنة في شهر تشرين الأول عام 2009 عند نقلي إلى بعثة العراق لدى الأمم المتحدة في جنيف بسويسرا. ولم يمض شهر حتى جاء الصافي إلى جنيف موفدا لحضور المؤتمر الوزاري السابع لمنظمة التجارة العالمية ومقرها جنيف. ولما كنت قد توليت مهمة القائم بالأعمال المؤقت، فقد أعددنا لاستقباله في صالة الشرف بالمطار. نزل الوفد العراقي برئاسة الصافي بصفته وزير التجارة وكالة. وقد ضم الوفد عدد من المدراء العامين في تلك الوزارة، وعندما جلس الوفد العراقي لبعض الاستراحة وتناول القهوة، أشار الصافي إلى امرأة محجبة تماما بالجلوس بعيدا عن الوفد، وقد إستغربت من ذلك، وسألته إذا كانت ضمن الوفد فلتجلس معه. إلا إنه قال إنها زوجته (أم محمد). تفهمت الأمر، وما هي إلا ثوان حتى جاء مسؤول البروتوكول في البعثة طالبا التحدث مع على إنفراد. فقال إنه يواجه مشكلة بسيطة وهي أن زوجة الصافي تحمل جوازا كويتيا، وأن الجانب السويسري يستفسر عن إمكانية وجود شخص كويتي مع وفد عراقي. فتدخلت شخصيا وجرى تمشية الأمور.

جرى حجز إقامة الوفد في فندق كمبنسكي الشهير والواقع على بحيرة جنيف. وهناك أيضا أثار الصافي مشكلة أخرى فطلب حجز أغلى غرفة له وكان سعرها يزيد على (2000) ألفي دولار يوميا. وطلب أحد أعضاء الوفد أن تكون غرفته مزدوجة لأن زوجته ستلتحق به من لندن، حيث أنه بريطاني الجنسية وما زالت عائلته تقيم هناك.

وقد حرص الصافي طيلة أيام الزيارة على إستغلال أي مناسبة للحديث ضد الدكتور الجشعمي، وأذكر أنه في يوم المغادرة وقفنا أمام البعثة في إنتظار السيارة التي ستقله للمطار، سألني فيما إذا كانت بناية البعثة عائدة للحكومة العراقية؟ ولما أجبته بالإيجاب قال: أن هناك أملاك وممتلكات كثيرة في العالم باسم صدام حسين. ولما أكدت له أنها ليست باسم صدام حسين، ولو كانت كذلك لكان بإمكان أي من أولاده وأحفاده إنتزاع ملكيتها من العراق؟ فقال: ربما هي بأسماء أشخاص أخرين، فبعض الأملاك العقارية كان قد سجَّلها صدام حسين بإسم الدكتور فاضل الجشعمي الذي تعرفه. وهكذا كان نظام الحكم الجديد في العراق يحرض على الإساءة إلى صدام حسين للتغطية على فضائحهم وإنتهاكاتهم وسرقاتهم وفسادهم الذي ملأت أخبارها وسائل الإعلام على الصعيدين المحلي والعالمي.

حضر الصافي إلى جنيف عدة مرات موفدا على حساب الحكومة العراقية، وأخر مرة رأيته فيها كان في مؤتمر تدويل جرائم الإبادة الجماعية في ظل النظام السابق برفقة وزير حقوق الإنسان سابقا محمد شياع السوداني، الذي عقدته وزارة حقوق الإنسان في جنيف للفترة من 19-20 أيلول 2012. وقد أخبرت السفير محمد علي الحكيم الذي قد إعتاد التهرب من هذه المؤتمرات على الرغم من أنه ممثل العراق الدائم في جنيف، حول تلك المشكلة البسيطة في المراسم، فقال: أن الصافي مولود في الكويت. فقلت ولكنه يقول بأنه من مواليد البصرة؟ فنفى ذلك وأكد ولادته الكويتية.

وفي صيف 2013 دعاني الصديق محمد حسن العضاض المقيم في جنيف للقاء النائب عباس الموسوي وهو من المقربين للمالكي وقد دار الحديث عن جنسية صفاء الدين الصافي فأفاد الموسوي أن الصافي جنسيته كويتية، وأنه يقيم في الكويت منذ وقت طويل وإنه كان يعمل محاسباً في إحدى الشركات الكويتية، وما زال يتقضى راتبه منها حتى يومنا هذا.

وبعد أكثر من عشر سنوات إتضح أن هذا الشخص هو إبن عمة عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية سابقا، ورئيس تيار الحكمة الأن. وهذا يعطينا صورة عن أمرين رئيسيين هما:

1.     دور الدول العربية المجاورة للعراق في إحتضان هذه الجماعات التي تختلف معها فكريا ومذهبيا وعقائديا بقصد الإنتقام من العراق كدولة وكشعب، معتقدين أنهم بذلك يثأرون من صدام حسين.

2.     أن العراق الآن واقع تحت حكم العوائل التي مدَّت أذرعها كالأخطبوط، وإن القضاء عليهم يقتضي القضاء على حكم هذه العوائل. لا سيما وأن سفير العراق في القاهرة حالياً هو السيد محمد حبيب الصدر (خال عمار الحكيم).

واليوم تتناقل الأخبار ترشيح صفاء الصافي لمنصب أمين عام المساعد للجامعة العربية بديلا عن فاضل الجشعمي. وهذا يعطي الإنطباع الأولي أن الجامعة العربية إنما تقف ضد تطلعات الشعب العراقي وتدعم الحكومات الظالمة والعميلة كما دعمت صدام حسين حتى النهاية. كما يشير إلى حقيقة قرب نهاية هذا النظام الذي إستمر لأكثر من عقد ونصف دون أن يحقق شيئاً للعراق والعراقيين بل أمعنوا في تدميره وسرقة ثرواته. وكما يقول المثل -قياسا مع الفارق- أن الفئران أول من يفر من السفينة التي وشك على الغرق. وقد سبقه من ذات العائلة (عائلة الحكيم) محمد علي الحكيم سفير العراق السابق في نيويورك، الأمريكي من أصل عراقي الذي رشحه إبراهيم الجعفري لمنصب المدير التنفيذي لمنظمة الأسكوا في نيسان 2017.

وهنا وبعد كل هذه الحقائق، لا يحق لنا كعراقيين أن نستغرب من كل الدمار الذي جرى على بلدنا ما دام الأجانب يحكمون العراق منذ 2003، وإذا كان محاسب كويتي قد أصبح وزيرا في العراق، ويبقى العراقيون على أمل مجيء حكومة من الوطنيين الحريصين عل بلدهم.

ومن حقنا أن نتساءل: كم أجنبي مثل الصافي ما زال يتولى مناصب سيادية في العراق؟ وكم من أمثاله ما زالوا يتنعمون بخيرات العراق وينقلون ثرواته إلى الخارج؟ وهذا ما يجعلنا ندرك لماذا سعى هؤلاء الأجانب لطرد أبناء العراق بالتهديد والوعيد والتفجيرات بفعل ميليشياتهم الإجرامية التي لا تقل إرهابا عن القاعدة وداعش.



د. رياض السندي

 كاليفورنيا في 5/3/2018

إيران تلوي ذراع اميركا في العراق


إيران تلوي ذراع اميركا في العراق


د. رياض السندي


بات من المعروف للقاصي والداني، ولأي مطّلع في السياسة الدولية، إن مشكلة العراق الرئيسية، نابعة من الصراعات الدولية على أرض العراق، حتى صار العراق ساحة لتصفية الحسابات الدولية على أرضه، بدلا من تخريب بلدانهم. وهذا ما يفسر حجم الدمار في العراق.

وفي مقدمة هذه الصراعات، هو الصراع الاميركي-الايراني، الذي من المتوقع أن يتفاقم في عهد الرئيس الأميركي الجديد ترامب، بعد أن شهد تهدئة وشبه إتفاق في عهد الرئيس السابق أوباما ذي الاصول المسلمة.

ومنذ البداية، وتحديدا عام 2002، كان الاتفاق مع إيران ليس سهلا، نظراً لاختلاف سياسة البلدين، ونظرة أحدهما للأخر. فإيران كانت منذ قيام الثورة عام 1979وحتى توقيع الاتفاق النووي عام 2015 ترى في أمريكا الشيطان الاكبر، في حين إن أمريكا ترى فيها محوراً للشر في العالم. إلا إن الادارة الاميركية في عهد الرئيس بوش إستطاعت إقناعهم بالمشاركة في التخلص من عدوها اللدود صدام حسين الذي أذاق المرشد الاول للثورة الاسلامية الخميني كأس السم طيلة ثماني سنوات من الحرب (1980-1988)، وقد لعب أكراد العراق دوراً في ذلك. كما إن إيران وجدت في ذلك، فرصة ذهبية للانتقام من العراق عموماً. وقد أرسلت إيران عملاءها ومواليها من العراقيين السابقين الذين رعتهم ودربتهم طيلة 23 سنة، وفي مقدمتهم اعضاء حزب الدعوة والمجلس الاعلى وقوات بدر وغيرهم. وتمكنت من خلالهم من قتل الكثير من الطيارين العراقيين وضباط الجيش العراقي الذين شاركوا في الحرب ضدهم، ودمرت كل المصانع العراقية، وسرقت كل ما أمكنها نقله الى إيران، ونهبت ثروات العراق التي بلغت أكثر من 800 مليار دولار طيلة ثماني سنوات من حكم رجلها الاول (جواد) نوري المالكي (2005-2013)، في وقت تزامن فيه فرض العقوبات الاقتصادية الدولية عليها منذ 2006.

ومن جانب آخر، فقد سعت الى إبعاد الخطر الامريكي القريب من حدودها في العراق بإنسحاب أكثر من 150 ألف من القوات الاميركية، فحرّضت رجلها الأول المالكي بعقد إتفاقية أميركية-عراقية لسحب قواتها من العراق، وتحقق لها ذلك في ظل الإدارة الأميركية الجديدة لأوباما أواخر عام 2008.

إلا إن الادارة الاميركية سعت للتخلص من المالكي ومنع توليه الولاية الثالثة أواخر عام 2013، من خلال تنظيم الدولة (داعش) الذي إحتل الموصل وثلث العراق في حزيران 2014. وجرى تسليم السلطة لشخص ضعيف من حزب الدعوة موالي للولايات المتحدة أكثر من مولاته لإيران، وهو حيدر العبادي (بريطاني الجنسية). وبالمقابل، فقد أصرت إيران على إستبعاد واحد من أبرز رجال الولايات المتحدة في العراق، ألا وهو الكردي هوشيار زيباري من وزارة الخارجية.

وهكذا نجد إن كل خطوة، أو فعل من جانب أي طرف، كانت تقابل بخطوة مماثلة، أو برد فعل مناسب. وهكذا فقد سعت إيران الى إعادة المالكي للحكم بمنصب نائب رئيس الجمهورية، وبالمقابل أعيد زيباري لمنصب وزير المالية، بعد أن كان المنصب من حصة روز نوري شاويس، الذي أدى القسم الحكومي لتسلمه المنصب، ولكنه لم يبقى فيه أكثر من 15 يوماً. إلا ان استطاعت من إزاحته تماما من المشهد السياسي بعد إستجوابه في البرلمان وسحب الثقة منه في 2016.

ووفقا للتوجه الاميركي، ونزولا لرغبة الشعب العراقي، فقد بدأ العبادي الذي إعتقد إنه محمي من الادارة الاميركية لأوباما، أو هكذا أوحى للعالم، جملة من الاصلاحات تحت تأثير التظاهرات العارمة التي عمت العراق والمعروفة بتظاهرات ساحة التحرير، وغيرها من مدن العراق. فألغى مناصب رئيس الجمهورية، إلا إن المحكمة الاتحادية إعادتهم الى مناصبهم عام 2016. وتحت تأثير المطالبات الشعبية بمحاكمة المالكي، هرب الى إيران في 18/8/2015 بحثاً عن الحصانة او اللجوء، إلا إن إيران أعادته بعد أربعة أيام فقط على متن طائرة إيرانية، بعد أن رأت إن ورقته ما زالت صالحة للاستعمال، ولم تستنفذ بعد.

وظلت إيران تسعى، وحتى الان، الى إعادة المالكي للسلطة، وإزاحة العبادي، لاسيما وانه مازال يبدو أقوى من منافسه كثيراً.

وقد سعت الولايات المتحدة إلى العمل لاستعادة الموصل أواخر عام 2016 لاستثمارها في الدعاية الانتخابية للحزب الديمقراطي ومرشحته هيلاري كلينتون، إلا إن بشائر خسارتها بانت سريعاً، مما قلل الحماس الامريكي لذلك. وبالمقابل، فقد سعت إيران وبقوة الى الزج بميليشياتها أو الفصائل المسلحة الموالية لها في العراق الى المشاركة في عملية تحرير الموصل، إلا إن الولايات المتحدة إستبعدت ذلك تلافيا لحالات انتقام كبيرة تقوم بها إيران لسكان الموصل من السنة.

وبعد فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة، فقد ظهرت دلائل كثيرة على تصعيد الموقف بين أمريكا وإيران. فقد أشار البرنامج الانتخابي لترامب، عدد من المؤشرات بالمواجهة مع إيران، ويمكن تلخيصها بما يلي: -

1.     أن أصل خراب الشرق الأوسط، ومصدر وجع الرأس الأميركي والأوروبي، معا، وسبب ظهور تنظيمات الإرهاب الإسلامي، سنية وشيعية، هي الدولة الفاشلة المتخلفة المؤذية، إيران.

2.     تعيين كبار المسؤولين في إدارته ممن يحملون توجهاً حول ضرورة تغيير النظام في إيران، بكل الوسائل الممكنة. وفي مقدمتهم وزير دفاعه جون ماتيس، الذي سُمي ب "الكلب المجنون".

3.     تصريحاته الكثيرة التي تعبر عن نظرته حول إيران. فقد كان ترامب قد وصف خلال حملة الانتخابات الرئاسية - الاتفاق النووي المبرم بين إيران وبريطانيا والصين وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا وألمانيا والصين بـ"الكارثي" وهدد بإلغائه. فيما نصحه رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو قائلا: لا يمكن إلغاءه، ولكن يمكن البحث عن مبرر لذلك. كما أعطى ترامب رأيه في الحكومة العراقية بقوله: لا توجد حكومة في العراق، فإيران تتحكم بكل شيء. وقد أعرب بعد ذلك صراحة، بأن قرار غزو العراق، هو أسوأ قرار في تاريخ الولايات المتحدة.

 وردّ مرشد الثورة الإسلامية الإيرانية علي خامنئي على ذلك بقوله، إن بلاده "ستحرق" الاتفاق النووي إذا انتهكه الطرف الآخر، واستمر البعض في التهديد بـ "تمزيقه".

4.     تصريحات بعض المقربين من ترامب، أمثال رودي جولياني عمدة نيويورك الاسبق، الذي قال في حديث لصحيفة "وول ستريت جورنال"، جاء فيها:

-         "إن المشكلة الرئيسية بالنسبة لنا هي 'المملكة' الإيرانية المذهبية التوسعية، حيث أصبح العراق دولة تابعة لتلك 'المملكة'".

-         "نحن الذين سلمنا العراق للإيرانيين، وكان الخطأ الأكبر الذي ارتكبناه". "كما أن الطريقة التي خرجنا بها من العراق كانت أكبر خطأ في التاريخ الأميركي".

-         "فبعد أن سلمنا العراق لإيران سلمناها سوريا أيضا".

-         "لقد أصبح هناك شرق أوسط شمالي يضم إيران والعراق وسوريا واليمن، وآخر جنوبي يضم دول الخليج والأردن ومصر، وهذا يعني أن حربا قد تندلع إن لم نقم باحتواء إيران ونكبح جماحها".

5.     كما صرح جون بولتون سفير الولايات المتحدة السابق في الامم المتحدة، والمقرب من ترامب في لقاء صحفي نشرته صحيفة هافينغتون بوست الأميركية، بضرورة تغيير النظام في طهران، مؤكدا على أن "رجال الدين في طهران هم أكبر تهديد للسلام والاستقرار في المنطقة والعالم".

6.     إقرار مجلس الشيوخ الأمريكي تمديد العقوبات المفروضة على إيران لمدة 10 سنوات أخرى، ما يعني معاقبة الشركات الأمريكية التي تتعامل مع طهران. وكانت إدارة الرئيس باراك أوباما قد عبرت عن اعتقادها بأن تجديد العقوبات لا لزوم له. وقد رأت فيه إيران "إنتهاكا" للاتفاق النووي.


في حين أصدر الرئيس ترامب أمراً تنفيذياً بتاريخ 27/1/2017 بحظر دخول مواطني سبع دول من بينهم إيران والعراق.

وردّت إيران بخطوة عسكرية مثيرة، حيث أجرت أول اختبار صاروخي في عهد ترامب، بعد يومين من توقيع الرئيس ترامب أمراً تنفيذياً الجمعة الماضية، يقضي بمنع دخول مواطني 7 دول إسلامية هي إيران والعراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان والصومال إلى الولايات المتحدة. ووصفت وزارة الخارجية الإيرانية الخطوة بأنها "مهينة" وقالت إنها سترد بالمثل. إذ قالت في بيانها: "إن قرار الولايات المتحدة بفرض قيود على سفر المسلمين للولايات المتحدة، ولو لفترة مؤقتة لثلاثة أشهر، هو إهانة واضحة للعالم الإسلامي، وعلى وجه الخصوص إلى أمة إيران العظيمة."

فعادت الولايات المتحدة وطلبت في 31/1/2017 عقد جلسة طارئة بالأمم المتحدة بشأن الصاروخ الايراني على ضوء التجربة التي اجرتها إيران في 29 كانون الثاني على إطلاق صاروخ متوسط المدى. فأصدر مجلس الأمن الدولي قراره بإحالة موضوع إطلاق إيران لصاروخ بالستي إلى لجنة التحقيق المشرفة على تطبيق ال قرار2231، والذي صدر في يوليو/ تموز لعام 2015، ودعم الاتفاق النووي بين إيران ودول الـ 5+1. وربما ستكون الحجّة أو المبرر الذي نصحهم به نتنياهو لإلغاء الاتفاق النووي.

وبالمقابل أعلن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، بعد الحظر بأربعة أيام، عن قرار طهران تعليق منح تأشيرات الدخول إلى الأراضي الأمريكية للأمريكيين، ردا على منع الإيرانيين من زيارة الولايات المتحدة.

ومن جانب آخر، قررت الكومة العراقية الى الدخول في هذا الصراع الدولي الى جانب إيران. فبعد مماطلة إستمرت شهوراً طوال، عيّنت بتاريخ 30/1/2017، وفي خضم الصراع الدولي المذكور، أحد قادة منظمة بدر الموالية لإيران، وزيراً للداخلية، الا وهو قاسم الاعرجي أحد مساعدي هادي العامري.  والاكثر من ذلك، فقد أعلنت حكومة بغداد الموالية لإيران في أجرأ موقف لها منذ سقوط بغداد، وهي التي جاءت على ظهور الدبابات الاميركية عام 2003، فقالت مصادر مطّلعة إن البرلمان العراقي يدرس إيقاف تأشيرات دخول الأمريكان للأراضي العراقية ردا على وقف الولايات المتحدة لتأشيرات العراقيين.

وردت الولايات المتحدة بخطوة مهمة، أشبه بقانون تحرير العراق عام 1999، حيث قدم أحد أعضاء مجلس النواب الأمريكي، الثلاثاء 3 يناير/كانون الثاني 2017، إلى الكونغرس، مشروع قرار يسمح لرئيس الدولة باستخدام القوة ضد إيران، حيث تقدم النائب عن ولاية فلوريدا، إلسي هاستينغز، بمبادرة عرض مشروع القرار المعنون "السماح باستخدام القوة ضد إيران" على أعضاء الكونغرس.

وباستثناء الحكومة العراقية الموالية في الاساس لإيران، وعلى حد وصف النائب حسن العلوي، فقد رأى الشعب العراقي في حفل تنصيب ترامب عرساً عراقياً.

فهل حان دور إيران ليوضع رأسها تحت المقصلة الامريكية، بعد أن دارت على العراق قبل 15 عاماً؟ هذا ما ستكشفه الأيام قريباً.



د. رياض السندي

دكتوراه في القانون الدولي

31/1/2017

التغيير عنوان الإنتخابات في العراق


التغيير عنوان الإنتخابات في العراق




د. رياض السندي

- مقدمة

لم يبق على موعد الانتخابات العراقية سوى 18 يوما، وقد إنقسم العراقيون في موضوعة الانتخابات كعادتهم إلى فريقين: يرى الفريق الأول وهو الأغلب بضرورة مقاطعتها وعدم إعطاء الفرصة للفاسدين لإعادة إنتاج أنفسهم بعد تجربة مريرة دامت 15 سنة عجاف. فيما ذهب الفريق الثاني ومعهم كثير من أقطاب السلطة وبعض المرشحين الجدد من الأحزاب التي تشكلت لهذه الغاية (الانتخابات) فقط، بضرورة إجراءها والمشاركة فيها، لكونها أفضل وسيلة للتغيير المنشود. ويحتج الفريق الأول بالمقاطعة لمنع بقاء الفاسدين، فيما يرى الثاني إنهم يعيدهم، على الرغم من إنهم لم يخرجوا بعد، ليتسنى إعادتهم.



ويفكر الفريق الأول بطموح عودة العراق إلى ما قبل الاحتلال الأمريكي منذ 2003، والذي كان السبب الرئيسي في جلب هؤلاء الفاسدين والمرضى النفسيين الذين دمروا كل شيء تقريباً في العراق. فيما يشكل القلق من زوال دولة المذهب الشيعي وعودتها إلى حكم الإستعباد السُنِّي لقرون قادمة، هاجس الفريق الثاني.



والواقع، أن الطموحين يصعب، بل يكاد يستحيل تحقيقهما، فلا نظام صدام سيعود، ولا يمكن بقاء حكم الشيعة أكثر من هذا، لأنه حكم طائفي قائم على طائفة واحدة، في حين كان العراق وما زال بلد متعدد الطوائف والأديان والأعراق والقوميات.  

وفي سبيل تحقيق غاياتهم وأهدافهم إستخدم كل فريق ومازال، كل الإمكانيات المتاحة تحت يده. إلا أن العنوان الرئيسي لهذه الانتخابات هو الرغبة في تغيير الأوضاع المزرية في العراق، والخروج من نظام المحاصصة الطائفية، وتقديم الخدمات، ونبذ السياسيين الذين فشلوا في إدارة الدولة مع التلميح لمحاسبتهم لاحقا.



وتواجه عملية الانتخابات منذ إعلان موعدها حتى اليوم من جملة صعوبات داخلية تعرقل إجرائها بشكل سليم وشفاف. ومن هذه العراقيل:

1.     وضع أكراد العراق

يشكل أكراد العراق رسميا 13% من الشعب العراقي، ويلعبون دورا مميزا في التوافق السياسي مما يساعد على إنجاح أو إفشال أي عملية سياسية. وقد كان الكرد في مقدمة الساعين لإسقاط نظام صدام حسين، وفي حَل الجيش العراقي، وفي مساعدة الأحزاب الشيعية على تنفيذ أجنداتهم في إضعاف العراق. ولطالما تباهوا بشراكتهم مع الشيعة منذ 2003، إلاّ إن هذه الشراكة تصدعت إثر إجراء الإستفتاء الكردي على الإستقلال يوم 25 أيلول 2017، حيث استعادت القوات الحكومة العراقية محافظة كركوك في 18 تشرين الأول من ذلك العام، مما أصاب الأكراد بخيبة أمل بعد ثلاثة أسابيع من الاحتفال بالتصويت على استقلال إقليم كردستان.

2.     الميليشيات

بعد قرار بول بريمر بحَل الجيش العراقي عام 2003، كان لابد من إيجاد قوة مسلحة بديلة. فلجأت سلطات الاحتلال الأمريكي إلى الإستعاضة بالشركات الأمنية الخاصة لحماية عملاءها فقط، فيما سارعت إيران للزج بأجنحتها العسكرية التي أنشأتها سابقا من العراقيين الفارين إليها مثل فيلق بدر وعصائب أهل الحق، وغيرها، وقد تنامت هذه الميليشيات بسرعة، وبرزت الميلشيات الشيعية، التي تشكل جزءاً من الغطاء للمجموعات الميليشية المتنوعة المعروفة باسم الحشد الشعبي، بسبب انتصاراتها في أرض المعركة ضد داهش بعد انهيار الجيش العراقي في العام 2014. تمت تعبئة أكثر من 100 ألف مقاتل شيعي (وبعض السنة العرب) لملء الفراغ الأمني – كما وساعد آية الله السيستاني عندما أصدر فتوى تدعو جميع العراقيين القادرين جسدياً على الدفاع عن بلادهم. وهناك اليوم أكثر من أربعين فصيلا مسلحا. وفي ظل غياب السلطة لجأت الأقليات إلى إنشاء فصائل مسلحة لحماية مناطقها، فأنشأت سبعة فصائل مسيحية مرتبط بالأحزاب السياسية، وعدد من الفصائل اليزيدية.

وعلى الرغم من إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في 02‏/11‏/2017 بمنع مشاركة الأحزاب التي تملك فصائل مسلحة منضوية في ميليشيات الحشد الشعبي في الانتخابات البرلمانية المقبلة، إلاّ إن قادة تلك الفصائل دخلوا الانتخابات. فقد انضوت جميع الفصائل المقربة من إيران في تحالف "الفتح" بزعامة هادي العامري، ويضم (18) تشكيلا سياسيا اتخذ غالبيتها أسماء جديدة مغايرة لما عرفت فيه خلال المعارك ضد الدولة الإسلامية. وعلى سبيل المثال "حركة الصدق والوفاء" هي الواجهة السياسية لفصيل "أنصار الله الأوفياء"، و"الحركة الإسلامية" الواجهة السياسية لـ"كتائب الإمام علي"، وحركة "الصادقون" الواجهة السياسية لـ"عصائب أهل الحق"، وكتلة منتصرون الواجهة السياسية لـ"كتائب سيد الشهداء"، وحزب الطليعة الواجهة السياسية لـ"سرايا الخراساني"، إضافة إلى "حزب الله العراق" التي لم تغير اسمها.

3.     النازحين

نظرا للأوضاع الأمنية المتردية في العراق منذ 2006، فقد نزح العديد من العراقيين من مناطقهم إثر الصراع الطائفي والمذهبي، وتزايد عدد النازحين بسقوط الموصل في حزيران 2014. وبلغ عدد النازحين أكثر من 4 ملايين عراقي. ورغم إستعادة الموصل أواخر العام الماضي، وعلى الرغم من الجهود الحكومية المبذولة لإعادة النازحين إلى مناطقهم فما زال هناك مليوني نازح يسكنون الخيم. وهؤلاء لا يعيرون أي أهمية للإنتخابات نظرا لإوضاعهم البائسة، لا بل ويعارضونها في كثير من الأحيان. 

4.     الفساد

يعتبر العراق وفقا لمنظمة الشفافية الدولية من أكثر الدول فسادا في العالم، ويقدر حجم الأموال التي ضاعت بسبب الفساد بحدود تريليون دولار. وقد قاد ذلك إلى فقدان الثقة بالطبقة السياسية في مجملها، وإلى عزوف الشعب عن الانتخابات لإنها تؤدي إلى إستمرار حكم الطبقة السياسية الفاسدة، في ظل تدهور الخدمات بشكل كبير. وإزدياد أعداد العاطلين التي فاقت 7 مليون عاطل عن العمل.

5.     الجنسيات الأجنبية

عملية تغيير النظام السياسي في العراق عام 2003 قادته جماعات من خارج العراق عاشت وتجنست بجنسيات الدول المختلفة، وفي مقدمتها البريطانية والأمريكية وغيرها. وهذه الطبقة ما زال ينظر إليها على إنها جسم غريب في كيان الدولة العراقية. وقد طرحت عدة مشاريع بصدده في البرلمان، إلاّ إن الكفة رجحت دائما لصالح حاملي الجنسيات الأجنبية، وتعذر منعها من الترشح للإنتخابات، في ظل المادة 18 من الدستور تنص على أنه "يجوز تعدد الجنسية للعراقي، وعلى من يتسلم منصبا سياديا أن يتخلى عن جنسيته الأجنبية".

6.     التحصيل الدراسي

كانت الطبقة السياسية المعارضة للنظام السابق لا تحمل أي تحصيل دراسي نظرا لأوضاعهم البائسة كلاجئين، بإستثناء القلة منهم الذين حصلوا على شهاداتهم مسبقا من العراق. لذا فقد لجأت هذه الطبقة السياسية إلى الحصول على شهادات دراسية مزورة لتعزيز موقفها أما الشعب العراقي الذي يعد من الشعوب المحبة للعلم، والتي تطور فيه التعليم نظرا لتطبيق نظام مجانية التعليم في العراق بكافة مراحله منذ عام 1972.

وبعد 15 عاما من العملية السياسية في العراق، أصدر البرلمان قرار يقضي بإستبعاد أكثر من 100 عضو برلماني من الترشح للإنتخابات المقبلة لعدم حصولهم على أي شهادة جامعية. ومن بينهم 2 من المسيحيين وهم عماد يوخنا وجوزيف صليوا ويزيدي واحد هو حجي كندور. ومع ذلك، فقد إستطاعت القوى السياسية من تمرير مقترح بالسماح بترشيح 20 بالمئة من خريجي الدراسة الإعدادية (الثانوية). فعاد الكثير من هؤلاء وفي مقدمتهم مرشحي الأقليات المذكورين في أعلاه.

حيث صوت البرلمان العراقي، الأحد 11 شباط 2018، على التعديل الثاني لقانون انتخابات مجلس النواب، الذي يتيح لحملة شهادة الإعدادية دخول قبة البرلمان. بعد أن صوّت قبل أيام على ضرورة امتلاك المرشح شهادة البكالوريوس، أو ما يعادلها للترشح إلى الانتخابات البرلمانية.

وتضمن التعديل الجديد أن يكون 20 في المئة من أعضاء مجلس النواب المقبل من حاملي شهادة الإعدادية أو ما يعادلها.



-   إنقسام المواقف

في ظل هذه الأوضاع المضطربة، فإن من الطبيعي أن تنقسم المواقف من الانتخابات، وهذا ما سنتناوله هنا سواء على الصعيد المحلي والديني والدولي والشعبي.

-   مواقف مؤيدة



أولا. مواقف حكومية

-         موقف البرلمان: إنقسم البرلمان العراقي -القائم أصلا على المحاصصة الطائفية- في موضوع إجراء الانتخابات من تأجيلها، ف"الأكراد لهم دوافعهم في طلب تأجيل الانتخابات وكذلك الإخوة السنّة وكتل أخرى". فيما أصر الشيعة على إجراءها في موعدها لعدم منح الطوائف الأخرى أي فرصة لإلتقاط الأنفاس والتهيؤ لإنتزاع القيادة من يد الشيعة. وصادق مجلس النواب العراقي، الاثنين 22 كانون الثاني 2018، على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقرر.

-         موقف رئيس الوزراء: شدد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الثلاثاء 16 كانون الثاني 2018، أنه "لا تأجيل" لموعد الانتخابات البرلمانية المقررة في 12 أيار المقبل.

-         موقف المحكمة الاتحادية: "المحكمة الاتحادية العليا أصدرت بالاتفاق قراراً تفسيرياً لأحكام المادة 56/ثانياً من الدستور بناء على الطلب الوارد من مجلس النواب بتاريخ 21/01/2018، قضت فيه بوجوب التقييد بالمدة المحددة في المادة المذكورة لانتخاب أعضاء مجلس النواب الجديد وعدم جواز تغييرها".  



ثانيا. موقفا طهران وواشنطن

كان الإصرار الأمريكي على إجراء الانتخابات في موعدها المحدد مفهوما منذ البداية في إنها لا تريد أن تسقط تجربتها الفاشلة في العراق، وتسعى لتحسين صورتها أمام العالم.

في هذه الأثناء، يشير مراقبون إلى أنه بينما يعمل الجنرال الإيراني قاسم سليماني المستحيل من أجل الإبقاء على «وحدة البيت الشيعي»، فإن السفير الأميركي في العراق دوغلاس سيليمان يواصل - وبنجاح ساحق - خذلانه للأكراد والعرب السنة معا.

هؤلاء يذكرون أنه بعد شعور الأكراد بخيبة أمل مريرة من الموقف الأميركي من أزمة الاستفتاء الكردي - الذي كان قد أجراه إقليم كردستان العراق بشأن حق تقرير المصير يوم 25 سبتمبر (أيلول) عام 2017 -، فإن إعلان موقف أميركي صارم من ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها خلال مايو المقبل سيعني طعنة للعرب السنة الذين يسعون إلى تأجيلها لمدة ستة شهور. وللعلم، في اليوم الذي بدأ البرلمان العراقي (الخميس الماضي) التصويت سراً على إمكانية تأجيل الانتخابات من موعدها المقرر يوم 12 مايو المقبل إلى أول ديسمبر (كانون الأول) المقبل، أصدرت السفارة الأميركية في بغداد بياناً قطعت فيه الشك باليقين لجهة موقف الإدارة الأميركية من مسألة إجراء الانتخابات. السفارة، في بيان لها صدر أول من أمس الخميس بينما كانت جلسة البرلمان العراقي تشهد اصطفافات طائفية غير مسبوقة، أعلنت عن رفضها مطالب العرب السنة الداعية إلى التأجيل. وقال البيان إن «حكومة الولايات المتحدة الأميركية تدعم بشدة إجراء الانتخابات الوطنية العراقية في شهر مايو 2018 تماشيا مع الدستور العراقي»، وإن من شأن تأجيل الانتخابات أن «يشكل سابقة خطيرة، فيقوّض الدستور ويضرّ بالتطور الديمقراطي في العراق على المدى البعيد». (صحيفة الشرق الأوسط).

وعلى الرغم من الإختلافات العديدة بين إيران وأمريكا حول العراق والسعي كل منهما إلى الإستحواذ على العراق لوحده، إلاّ إنهما متفقان على إبقاء الوضع العراقي على ما هو عليه من تردي وفوضى وتدخل أجنبي وضعف السلطة، وإنتهاك للسيادة.



ثالثا. موقف الأمم المتحدة

رفضت الأمم المتحدة تأجيل الانتخابات في العراق مجاراة للموقف الأميركي، وذلك بعد تحذيرات أطلقتها الولايات المتحدة، مشددة على أن أي تأجيل سيشكل خطرا على الديمقراطية في البلاد. فقد أكد رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق يان كوبيتش، لرئيس الوزراء حيدر العبادي، في 19 يناير 2018 أن موقف الأمم المتحدة داعم لإجراء الانتخابات في موعدها المقرر له.

رابعا. موقف رجال الدين

يمكن القول بأن موقف رجال الدين من مختلف الأديان والمذاهب في العراق إجمالا كان إلى جانب إجراء الانتخابات في موعدها وتشجيع أتباعهم على المشاركة فيها. وقد رصدنا تلك المواقف وكما يلي: -

1.     كان البطريرك الكلداني روفائيل ساكو سباقاً في دعوته لأتباعه بالمشاركة في الانتخابات، ففي 14/02/2018 وأعلن دعمه لائتلاف الكلدان الانتخابي، الذي دعَت اليه الرابطة الكلدانية التي أنشأها البطريرك ودعمها شخصياً قبل ثلاث سنوات. وجدد موقفه هذا في رسالته بتاريخ 18 نيسان 2018 إلى الناخبين العراقيين قبل شهر من الانتخابات العراقية، إن المشاركة في الانتخابات المقبلة هي الضمان لإحداث التغيير في هذه المرحلة الهامة. إلا أن بعض القوى اعتبر هذه المواقف تخلياً عن السمة التي تمتعت بها الكنيسة في «النأي عن التدخل في النشاط السياسي».

2.     مرجعيات السنة دعت إلى المشاركة الفاعلة بالإنتخابات، وأصدر مراجعها بيانات متعددة بذلك. فقد أكد رجل الدين السني الشيخ أحمد الكبيسي، في 28 كانون الثاني 2018، أن المشاركة في الانتخابات واجبة وفرض على العراقيين. وقال الكبيسي في تصريحات صحفية، إن "المشاركة في الانتخابات فرض عين على كل من له حق الانتخاب وسوف يسأله الله يوم القيامة عن عذره في الامتناع عن الانتخاب لأن الامتناع تفريط في حق الشعب بحكومة صالحة وأسأله تعالى أن يسعد العراق وأهله بحكومة يرضى عنها وترضى عنه".

3.     وكان موقف عبد اللطيف الهميم المقرب من الحكومة، مؤيداً للإنتخابات وجرى ترشيح "محمد" نجل رئيس ديوان الوقف السني، عبد اللطيف الهميم، الذي يقبع في أحد السجون، تنفيذاً لعقوبة فساد مالي، فيما دفع الهميم باثنين من أبنائه للمشاركة في الانتخابات المقررة في أيار المقبل، عبر قائمتين مختلفتين.

4.     دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في 2 شباط 2018، إلى "مليونية إصلاحية انتخابية" بانتخاب الصالح وإبعاد الفاسد، فيما حذر أنه عند مقاطعة الانتخابات "سيتفرد الفاسدون".

5.     والموقف الأكثر غموضا هو موقف المرجعية الشيعية ممثلة بالسيد علي السيستاني التي لا تخفي إمتعاضها من السياسيين الشيعة، ووقوفهم إلى جانب حكومة إيران ومؤسساتها الدينية، فمازالت مواقفها التي ينقلها معتمدي المرجع الشيعي الأعلى ضبابية وبحاجة إلى تفسير، والتي عُبِّر عنها بعبارات عامة، مثل (المُجرَّب لا يٌجرَّب)، و(مثلي لا يبايع مثله)، كما دعا وكيلها النجفي لانتخاب الجيد. فيما لم يصدر حتى الآن موقفا واضحا من الانتخابات.




لم تشهد الانتخابات العراقية الثلاث السابق التي أجريت في 2006، و2010، و2014، معارضة كما تشهده الانتخابات الحالية. فقد تزايدت الأصوات المطالبة بتغيير الوضع السياسي القائم بعد إحتلال العراق في 2003 وإسقاط مفهوم الدولة. وتنامى الغضب الشعبي من وجوه العملية السياسية المتكررة والتي تعيد إنتاجها نفسها في كل دورة إنتخابية منذ 15 سنة، وهي تفرض نفسها بالقوة بشكل لا يختلف كثيراً عن "الدكتاتورية السابقة" التي ظلَّوا ينتقدونها. ومن أبرز هذه الوجوه نوري المالكي وإبراهيم الجعفري وأياد علاوي، وصالح المطلك، وأسامة النجيفي وسليم الجبوري، وسلمان الجميلي، وظافر العاني، ويونادم كنا، وغيرهم.



أولا. موقف رجال الدين

6.     لعل أبرز موقف رجال الدين المعارضين للإنتخابات والداعين لمقاطعتها هو موقف المرجع الشيعي الخالصي، حيث شنَّ المرجع الأعلى في الكاظمية، ورجل الدين العراقي، جواد الخالصي، الأربعاء 17 يناير 2018، هجوماً لاذعاً على الانتخابات العراقية، وأعلن “تحريمها تحريماً شديداً”، واصفاً إياها بـ”المزيفة والمخادعة". وأضاف الخالصي في حديث صحفي له اليوم، إن “من يذهب إلى الانتخابات يؤكد أنه أحمق وجاهل، ويخون البلد خيانةً عملية، ففي الماضي كان هناك مجال للخداع، أما الآن فلم يعد هناك مجال إلا لخداع الحمقى". وأضاف الخالصي أن “الذهاب إلى الانتخابات إثمٌ قطعيٌ ظاهرٌ لمن يريد أن يجعل من نفسه أضحوكة وأداةً بيد أعداء الإسلام، ومن أصحاب الفسق والفجور”.

7.     وفي موقف شيعي مماثل، افتى المرجع الديني الشيعي فاضل المالكي، في 24 يناير، 2018، بوجوب مقاطعة الانتخابات، فيما حرّم دخول المراكز الانتخابية لشطب استمارة التصويت. وذكر بيان صادر عن مكتب المرجع الديني فاضل المالكي: انه “نظرا للكم الهائل من الأسئلة الواردة عن الانتخابات القادمة ونظرا لفقدانها لشروط الشرعية الوطنية في مبادرتنا لحل الأزمة السياسية المعلنة قبل ستة أشهر ومن أخطرها عدم تعديل قانون الانتخابات وعدم تبديل مفوضيتها فإننا نحكم بوجوب مقاطعة هذه الانتخابات بل وحرمة الحضور في مراكزها ولو لشطب الاستمارة”. وعزا المالكي بحسب البيان ذلك إلى أن “عصابات الاحتلاليين ستتخذ من ذلك الحضور غطاءً لتزويرها وبذلك يكون الحاضر سببا في تمكينهم من رقاب العراقيين المغلوب على أمرهم وشريكا لهم في خيانتهم وآثامهم وإجرامهم”. وحذر المالكي المواطنين “إياكم يا أهلي الطيبون أن تخدعوا مرة أخرى بهم أو بفتوى من يفتي لهم من وعاظ السلاطين الذين كانوا ولا زالوا رافعة سلام للمحتلين وأذنابهم من العملاء والمستوطنين وذلك هو الكيد المبين". وتابع “إني والله لكم ناصح أمين كيف والرائد لا يكذب أهله، أما والله لقد محضتكم النصيحة وصارحتكم بالحقيقة، حقيقة ما يكاد لكم ويحاك ضدكم ولقد حذرتكم وما زلت أحذركم من دجلهم وكيد أسيادهم فحالوا بيني وبينكم وغلبوني بسحرهم ومكرهم عليكم أما اليوم وقد أفقتم من سحرهم وذقتم وبال أمرهم فلا تمكنوهم من رقابكم مرة أخرى فتكونوا من الأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا وان العاقل لا يلدغ من جحر مرتين”.

8.     وفي موقف سُنِّي معارض للإنتخابات، دعا عبد الملك السعدي في بيانه المرقم 86 في 27 كانون الثاني 2018، السنَّة إلى المطالبة بتعديل نسبتهم المئوية في العراق، كما طالب بعدم اختيار التحالفات السنية الحالية المرشحة للانتخابات المقبلة. وسبق وإن صرح قائلا: لا أعترف بشرعية الانتخابات المقبلة.. ولا أحث على انتخاب أحد. (صحيفة الشرق الأوسط).



ثانيا. الموقف الشعبي (مقاطعون)

تلجأ الأحزاب المعارضة في بعض الأحيان إلى مقاطعة الأصوات التي يشعرون إنها غير عادله أو غير شرعية، أو إذا كانت الانتخابات لحكومة تعتبر غير شرعية. فمثلا، أوعز الكرسي الرسولي إلى الكاثوليك الإيطاليين بمقاطعه الانتخابات الوطنية لعده عقود بعد إنشاء دوله إيطاليا.

وفي العراق، تكاد الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات العراقية تشكل رأيا شعبيا واسعا ولم تعد مجرد نقاشات بدأها مثقفون وكتاب وصحافيون على مواقع التواصل الاجتماعي. وقد ظهرت هذه الرغبة الشعبية في مقاطعة الانتخابات البرلمانية نتيجة الدور البرلماني الضعيف في محاسبة المسؤولين الفاسدين الكبار والتلهي بصغار الفاسدين، إضافة إلى توجه البرلمان لإقرار إمتيازات مالية ضخمة لأعضائه فاقت نظيراتها في أكثر دول العالم تقدما، إضافة لتشريع لقانون تقاعد البرلمانيين الذي يمنحهم راتبا تقاعديا مدى الحياة حتى لو كانت خدمة البرلماني ليوم واحد فقط، مما ولَّد إنطباعا شعبيا عاما بأن البرلمان لا فائدة ترجى منه، وإن وجوده كعدمه، وإن عدد أعضائه (329) هو عدد كبير مقارنة بالدول ذات الكثافة السكانية كالهند وغيرها. كما إن نوعية القوانين التي يشرعها البرلمان لا تلبي طموحات العراقيين، خاصة وانه مثل رئيس الوزراء يتراجع عن أي خطوة إصلاحية يقررها بعد أيام قلائل، كما حدث عن تراجعه عن قراره باستبعاد ترشيح حملة الشهادة الإعدادية، مما يشير إلى نفوذ طبقة الفساد السياسي، ودخول العراق في نفق الدولة العميقة التي تمنع أي تغيير طفيف لصالح الشعب. إضافة إلى الأعداد الكبيرة للنازحين الذين ما زالوا يسكنون الخيام وما زالت مدنهم مدمرة بالكامل، وتبدو الانتخابات بمثابة تخويل للفاسدين للإستمتاع بالإمتيازات المالية والإيفادات وحتى عمليات التجميل مع بقاء المواطن على حاله البائس. حتى أطلق على البرلماني العراق في الإعلام الغربي بأنه أفسد مؤسسة في العراق.



وقد لاحت مظاهر المقاطعة بشكل واضح من خلال ضعف الإقبال على الانتخابات الذي إنعكس على رغبة المواطن في الإنتخاب، فمن أصل 53 ألف بطاقة ناخب في مناطق وسط بابل وجنوبها، لم يتم تحديث سوى 16 ألف بطاقة فقط أي بنسبة تقل عن 30 بالمئة، وهي نسبة ضعيفة جدا مقارنة بنسبة سكان تلك المناطق واستقرارها، إذا ما قورنت بمناطق شمال بابل التي تعاني من ضعف أمني ينعكس ضعفا في الإقبال على تحديث السجلات.



كما تثير مسألة إنفاق الملايين من الدولارات على الدعاية الانتخابية في بلد عانى ويلات الحروب ولجأ إلى الإقتراض الدولي يشكل إشكالية كبيرة، فقد بدا نظامه للإنفاق الانتخابي والدعاية للمرشحين "ارستقراطيا" حيث حددت المفوضية العليا للانتخابات السقف الأعلى للإنفاق للدعاية على المرشح الواحد في بغداد بمليون دولار، وللقائمة بمئة وأربعة وأربعين مليون دولارا، بينما حُدّدت نسب الأنفاق في محافظة البصرة بثلاثمئة وخمسين ألف دولار وللقائمة الانتخابية بستة عشر مليون دولار. ورغم عدم وجود تقديرات رسمية لحجم الإنفاق الإنتخابي لهذا العام، إلا أن التقديرات غير الرسمية تتجاوز 12 مليار دولار، كان بالإمكان تحسين الخدمات العامة وتحقيق مستوى معيشي لائق بالمواطن العراقي.



إن هذا الموقف الشعبي قد ظهر بعد تجربة الإسلام السياسي في العراق لمدة 15 سنة وما جلبته للبلاد من كوارث وفساد وسرقات، كما أن أغلبية الشعب قد وصلت إلى قناعة مفادها إن الانتخابات محكومة بقانون إنتخابي يضمن للفاسدين بقاءهم في السلطة ضمن نظام إنتخابي يعتمد إسلوب سانت ليغو بنسبة 1،7، بالإضافة إلى مفوضية انتخابات غير مستقلة قائمة على المحاصصة السياسية وممثلة للكتل الكبيرة منها. كما إن التأثيرات الدولية التي تلي إعلان النتائج قد أفقدت المواطن الثقة بالإنتخابات كوسيلة للتغيير الحقيقي. وعلى سبيل المثال، ففي انتخابات عام 2010 فاز أياد علاوي، ولكن التأثيرات الأمريكية والإيرانية منحت السلطة لنوري المالكي، وفي انتخابات 2014 فاز المالكي إلا إن الولايات المتحدة منحتها لحيدر العبادي في طقوس باهتة هزيلة من قبل ثلاثة أشخاص هم فؤاد معصوم وسليم الجبوري وإبراهيم الجعفري داخل السفارة الأمريكية بعد أن أغرتهم بمناصب إشترطوها بأنفسهم. وهذا ما دفع الدكتور سعد ناجي جواد إلى القول: "عتب عليّ بعض الإخوان مطالبتي بمقاطعة الانتخابات القادمة، وقال لي أحدهم كيف تطالب بذلك وأنت الإنسان الذي يُؤْمِن بالديمقراطية وينادي بها منذ زمن بعيد. وفِي الوقت الذي أكرر فيه إيماني بالديمقراطية فاني مؤمن أيضا إن ما يجري في العراق منذ ٢٠٠٣ لا يمت إلى الديمقراطية بصلة، بل هي عملية فرخت الفساد وتسببت في نهب المال العام وأفقرت العراق والعراقيين بصورة غير مسبوقة وجعلت اغلب أبناء البلد أما مهجرين أو أرامل أو يتامى أو سكنة المقابر، ناهيك عن إيصال مزوري الشهادات والفاسدين وسراق المال العام إلى البرلمان والى المناصب الوزارية." (صحيفة رأي اليوم في March 9, 2018).



إلا أنه يجب التفريق بين عدم المشاركة والمقاطعة. فعدم رغبة الناخب بالذهاب للإداء بصوته وإختيار الشخص المناسب لسبب غير سياسي ودون هدف محدد، مثل الرغبة في استغلال يوم الانتخابات للإسترخاء ولقضاء بعض الأعمال الخاصة، لا يعد موقفا سياسيا من مجمل العملية السياسية، وهو موقف مؤقت بوقت قصير جدا ليوم الإنتخاب فقط، ولا تؤثر عدم المشاركة على نتائج الانتخابات. بينما مقاطعة الانتخابات تنطلق من موقف سياسي يتمثل في الإعتراض على مجمل العملية السياسية، وعدم الرغبة في منح الشرعية لمن لا يستحق، والرغبة الجادة في التغيير. وهو موقف مستمر لحين تحقيق غاياته وقد يطول لفترة أربع سنوات قادمة، هي مدة الدورة البرلمانية.

 كتب أحد أنصار فريق المقاطعة على الفيسبوك منتقدا الفريق الآخر قائلا: "بواقعة الطف شوهد أحد المسلمين يسلب بنات الحسين ع ويبكي. وعندما سألوه عن سبب بكائه، قال: لأني اسلب بنات الرسول؟ فقالوا له ولماذا تسلبهم إذا؟ فقال: لأني إن لم أسلبهم فسيأتي غيري ليسلبهن واخسر الغنيمة! هذا مثل مرشح البرلمان الذي يدعي التغيير لأن إذا لم يرشح نفسه فسيأتي غيره ليرشح نفسه ويفوز بتلك بالامتيازات.

فالمشكلة بالمنظومة السياسية وليس بالمرشحين ولا أعضاء العملية السياسية، فالمال السائب يعلم على السرقة".




وهذا ما سنحاول دراسته بالتفصيل مستندين في ذلك إلى الجانب القانوني للمسألة.

-الانتخاب حق

يجب الإشارة إبتداءا إلى أن قانون الإنتخاب العراقي إعتبر الإنتخاب حق فقط، ومن مفهوم الحق يبدو أنه رخصة للمواطن جاز له استخدامها من عدمها. وهذا ما نصت عليه المادة 4 من تعديل قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم (45) لسنة 2013 الصادر في 4تشرين الثاني 2013 وتعديله في 27نيسان 2017، في الفصل الثاني منه، جاء فيها:

(حق الانتخاب)

مادة (4)

أولا- الانتخاب حق لكل عراقي ممن توافرت فيه الشروط المنصوص عليها في هذا القانون لممارسة هذا الحق دون تمييز بسبب الجنس أو العرق آو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي.

ثانيا- يمارس كل ناخب حقه في التصويت للانتخاب بصورة حرة ومباشرة وسرية وفردية ولا يجوز التصويت بالإنابة.

ومن هذه المادة نفهم بأن الإنتخاب ليس واجب، ولا يمكن إرغام المواطن أو إجباره على الإنتخاب، كما لا يمكن أن يرتب عدم الإدلاء بصوته أية عقوبات أو غرامات أو جزاءات لاحقة، رغم ذهاب بعض السياسيين إلى ذلك، إلا أن هذا الادعاء سقط بحكم القانون.



وأهم تساؤل لم يستطع أي من الطرفين، سواء الذاهبين للإنتخاب أو المقاطعين له، يكمن في نسبة المشاركة المطلوبة لإعتماد نتائج الانتخابات. وقد ذهب البعض إلى أن أي نسبة مشاركة تعد صحيحة، فيما عارض المقاطعون ذلك الرأي مدعين بأن نسبة المشاركة التي تقل عن 40% تعد غير مقبولة وفقا لمقاييس الأمم المتحدة. ولعدم دقة الرأيين المتناقضين فقد أقتضى التوقف عند هذه النقطة وتوضيحها.



وفقا للقواعد القانونية فإن المبدأ العام الذي يحكم في هذه الحالة هو المشاركة الكبيرة للمواطنين فيها، ولكن لا توجد نسبة محددة لذلك. وتعد المشاركة القوية للناخبين أمرا أساسيا لأقامه ديمقراطية سليمة. ونظرا لان الإقبال المنخفض يعزي عادة إلى فك الارتباط السياسي والاعتقاد بان التصويت لصالح مرشح/حزب أو آخر لن يؤدي إلى تغيير السياسة العامة، فان الديمقراطيات "المستقرة" تميل إلى الإقبال بدرجه أكبر من البلدان الأخرى. ويعزي انخفاض الإقبال إلى خيبه الأمل، أو اللامبالاة، أو الشعور بعدم الجدوى (التصور بان صوت المرء لن يحدث أي فرق). وعادة ما يعتبر انخفاض نسبه الإقبال أمرا غير مرغوب فيه. ونتيجة لذلك، بذلت تبذل جهود عديدة لزيادة إقبال الناخبين وتشجيع المشاركة في العملية السياسية.



ولا يعني الدستور بتحديد نسبة المشاركة، بل يشير إلى المبادئ العامة في الإنتخاب. وعادة ما تتضمن قوانين الإنتخاب تحديد نسب معينة للمشاركة، بحيث تتمتع الحكومة أو البرلمان أو الجهة المنتخبة بالشرعية اللازمة التي تؤهلها للعمل بثقة وإستقلالية. ومما يعيب على أي انتخابات قلة المشاركة فيها. وكثيرا ما لفق الدكتاتوريون إقبالا كبيرا في عرض الانتخابات لهذا الغرض.



وإذا كانت قلة نسبة المشاركة لا تلغي نتائج الإنتخابات إلاّ إنها لا تتيح لها البقاء والإستمرار. والمسألة يمكن تشبيهها بالزواج عن رضا وطيب خاطر أو عن غصب وإكراه، فكلاهما زواجان واقعان فعلا، ولكن الثاني مهدد بعدم الإستمرار والديمومة ويجعله أكثر عرضة للخيانة والإنفصال عند زوال أسباب الإكراه. وهكذا الانتخابات فهي في مضمونها عقد إجتماعي يخول فيه الشعب بعض الإشخاص لإدارة شؤونه وتحقيق مصالحه. والشعب صاحب الكلمة العليا في هذا العقد لأنه مصدر جميع السلطات، وهذا العقد هو أشبه بعقد الوكالة الذي يتضمن قيام شخص بتوكيل غيره بإدارة مصالحه على أكمل وجه، فإن أخَلَّ أو قَصَّر فيها جاز عزله وإلغاء توكيله.



-   حقائق إنتخابية

-         يخوض الانتخابات 27 تحالفا سياسيا.

-         يتنافس 190 حزبا سياسيا.

-         عدد المرشحين بلغ 7187 مرشحا يتنافسون على 329 مقعدا.

-          عدد المرشحات من الإناث 2014 مرشحة.

-         يتنافس 75 مرشح مسيحي (على مختلف تسمياتهم) على 5 مقاعد فقط.

-         يتنافس 51 مرشحا إيزديا على مقعد واحد.

-         تم إستبعاد 337 مرشحا من المشمولين بإجراءات المسائلة والعدالة.

-         تم استبدال 220 مرشحا.

-         تم إستبعاد 35 مرشحا بسبب نقص الوثائق الدراسية.

-         تم إستبعاد 73 مرشحة لأسباب أخلاقية.

-         إنسحب 54 مرشحا من السباق الإنتخابي.



-   غرائب إنتخابية

يمكن رصد بعض الحالات الغريبة في انتخابات العراق لعام 2018 ومنها: -

1.     لا وجود للبرامج الانتخابية لدى غالبية المرشحين إن لم يكن جميعهم، وهذا يدُّل على عدم قدرتهم على وضع برنامج طموح لتعذر تحقيق التغيير المنشود.

2.     طغت الترشيحات العائلية على العديد من القوائم والأحزاب السياسية، بشكل مشابه للإنتخابات اللبنانية. وهذا يدل على إعتماد نظام الطوائف بدلا من المواطنة في الترشح. ومن قبيل الحالات المذكورة ما يلي: -

-         ترشح اياد علاوي رئيس القائمة العراقية وابنته سارة التي استبعدتها مفوضية الانتخابات لعدم تحقق شرط العمر.

-         ترشح عبد اللطيف الهميم رئيس ديوان الوقف السني وولديه سرمد ومحمد، في حين أن الأخير محكوم بالسجن 10 سنوات بتهمة غسيل الأموال.

-         ترشح السياسي المستقل مشعان الجبوري وولديه يزن وهوازن.

-         إنتقالات عديدة شهدتها القوائم المختلفة، منها: -

·        ترشح الوزير السابق في الحكومة الاتحادية سركون لازار، المحكوم لمدة سنتين، والذي كان منتمياً إلى «الحركة الآشورية»، ضمن قائمة «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي.

·          ترشح ألاء الطالباني رئيسة كتلة الاتحاد الوطني الكردية في البرلمان مع قائمة تحالف بغداد السنية.

-         ترشح الصحفي منتظر الزيدي الذي ضرب الرئيس الأمريكي جورج بوش بالحذاء أواخر عام 2008.

-         ترشح القاضي وائل عبد اللطيف الذي عُرف بانتقاداته للفساد ضمن قائمة نوري المالكي.

-         ترشح بعض المتهمين والمحكومين سابقا بالإرهاب ومنهم: -

·        النائب السابق محمد الدايني المحكوم بالإعدام غيابيا.

·        النائب السابق محمد الطائي المسجون لسنتين في دولة الإمارات.

·        ليث الدليمي عضو مجلس محافظة الأنبار سابقا والمسجون لمدة 5 أعوام.

-         ترشح الفنان المخضرم فاضل عواد عن إئتلاف الوطنية.

-         ترشح عدد من الإعلاميين، منهم:

·        الإعلامي صباح ناهي.

·        الإعلامي أحمد ملا طلال.

·        الصحفي هادي جلو مرعي.

·        الإعلامية رشا فاروق.

·        الإعلامية منال المعتصم.

-         ترشح حجي حسين صاحب المطاعم المعروفة في العراق وخارجه عن قائمة الفتح.

-         ترشح نجاة حسين الجبوري المسجونة في سجن تسفيرات الموصل عن القائمة الوطنية.



والى جانب كل هذا الانقسام الداخلي الواضح فإن هناك عامل دولي مؤثر ينذر بصراع دولي قريب في المنطقة، يتمثل في رغبة إدارة ترامب وبدفع سعودي وتحريض إسرائيلي وتعاون فرنسي وبريطاني على الحد من النفوذ الإيراني المتغلغل في الشرق الأوسط منذ أكثر من ربع قرن من خلال تعديل أو إلغاء الاتفاق النووي لعام 2015.



-      الاستنتاجات

ما الذي يمكن أن نستنتجه من كثرة المرشحين الطموحين للوصول للبرلمان؟

إن أول إستنتاج يبرز من هذه الترشيحات هو السعي للتمتع بالمزايا المالية الكبيرة والحصانات المقررة لعضو البرلمان في ظل العطالة التي تضرب معظم مفاصل الحياة الاقتصادية في العراق، مما دفع حتى المعارضين والناقمين على الوضع السياسي الحالي إلى دخول حلبة السباق البرلماني بعد إستمرار الحكم الشاذ في العراق الذي جاءت به الولايات المتحدة للعراق. ويمكن وصف هذه الانتخابات بما يلي: -

-         إنها انتخابات مفصلية. 

-         إنها انتخابات السعي إلى التغيير.

-         إنها انتخابات تضم الكثير من الباحثين عن الغنائم.

-         إنها انتخابات نسائية بإمتياز.

-         إنها انتخابات سادتها عدد من الفضائح الأخلاقية.

-         إنها انتخابات المحاسبة على فشل الأداء الحكومي.



-   ما هو الحل؟

ما زال السؤال الذي يطرحه الجميع، ما هو الحل إذا؟

وقبل الإجابة على السؤال المطروح، نقول: أن التخلف هو المرض الأكثر فتكا بالشعوب ولهذا كان إلغاء التعليم أو تدني مستوياته أولى أهداف الأعداء، والإرتقاء بالتعليم أولى أهداف الوطنيين والحركات الوطنية، وكان العراق يتفوق حتى على الدول العظمى بمجانية التعليم في كل مراحله بعد صدور منذ عام 1970، في حين أن هذه الميزة تفتقر لها حتى الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا التي تكلف الطالب الجامعي قرابة 250 ألف دولار، أو أكثر وحسب الجامعة والتخصص، والمرحلة الدراسية.



إن مثل هذه المزايا وغيرها من شأنها أن تجلب نقمة الدول العديدة من التطور المرتقب للعراق في غضون عَقد واحد. كما إن حملة الشهادات الجامعية يعدون ثروة وطنية تسعى الدول لإستقطابهم مجانا. يضاف إلى ذلك، أن بلدا مثل العراق كان وما زال يعد من الدول الغنية بثرواتها الطبيعية، لذا فإن كثرة الأعداء أمر طبيعي في هذا المجال. كما إن القانون هو ضمانة الشعوب في الحفاظ على حقوقها وثرواتها، وأول ما تفعله الحكومات غير الوطنية هو تعطيل القانون لضمان سرقة ثروات الشعب دون عقاب.

يضاف إلى ذلك أمر أخر، وهو أن الجيش هو الحارس الفعلي للوطن، ومن عادة اللصوص إبعاد الحارس بأي ثمن أو قتله إن تطلب الأمر، وهذا ما حدث في العراق، عندما أصدر بول بريمر وبدفع من السياسيين الجدد قرارا بحَل الجيش العراقي.



ومن هنا يمكن القول وبكل جرأة ووضوح، إننا أمام مؤامرة كبيرة، وهذه المؤامرة لا تستهدف العراق فحسب بل المنطقة بأسرها. بدأت هذه المؤامرة منذ أكثر من 15 سنة وما زالت. لذا فإن إزالة أثارها السلبية والحفاظ على بعض نتائجها الإيجابية سيستغرق وقتا طويلا. وعلى القوى الوطنية توحيد قواها فيما بينها ووضع برنامجها الوطني في أقرب وقت. وكما قال أحد المرشحين الذي زار أمريكا قبل أيام: حقا إن العراق لم يعد فيه عراقيون، لأن معظم العراقيين هم هنا. ومن بقي هناك، ليسوا سوى مغامرين أو مقاتلين.



لذا نرى أن التغيير هو العنوان الأبرز في الانتخابات البرلمانية العراقية لهذا العام. فبعد موجة إحتجاجات شعبية منذ عام 2011 وتململ شعبي عراقي من تدهور الأوضاع العامة، وإستياء شعبي عارم من الأحزاب الإسلامية التي أستخدمت كمطية لتدمير العراق وإعادته عدة قرون إلى الوراء والقضاء على إنجازاته في التعليم والصحة والصناعة وغيره، ناهيك عن تبديد ثرواته القومية، فإن التغيير نحو الدولة المدنية بات ضرورة حتمية لإنتشال العراق والمنطقة من حالة التداعي المريع الذي بات يهدد الأمن والإستقرار في العالم أجمع.



د. رياض السندي

كاليفورنيا في 25 نيسان 2018


الحمير وكلاء الله

  الحمير وكلاء الله أنا أقول دوماً ان فكرة الله هي افتراضية يفترضها البشر باعتبار ان هناك خالق لهذا الكون، اعتمادا على مبدأ ان لكل شيء سبب، ...