للوراثة البطريركية الشرقية
(1318-1976)
Natter-Kursiyah System
for
Patriarchal Succession of the church of East
د. رياض السندي
Dr. Riadh Yalda Oshana AlSindy
Ph. D. in
International Law
-
تمهيد
إرتبط
تاريخ كنيسة المشرق بتاريخ المشرق العربي والجزيرة العربية وبلاد ما بين النهرين.
ومن البديهي أن تنتشر المسيحية أولاً في جزيرة العرب نظراً لأن المسيحية ديانة
شرقية [1]،
وكان ظهورها بالقرب منها، وبالتالي كان لها تأثير كبير على أرض العرب، لا بل نجد
أن هذا التأثير قد حفظه لنا القرآن الكريم الذي أورد لنا العديد من قصصهم، مثل قصة
أهل الكهف وقصة أصحاب الأخدود، ونقل لنا قناعاتهم الفكرية وطروحاتهم الفلسفية
آنذاك في نظرتهم لعيسى (المسيح) وأمه مريم، وفي حياة الرهبان وسلوكهم. لذا فلا
مندوحة من إلقاء نظرة تاريخية موجزة عن تلك العلاقة، عبر تطورها في مراحل تاريخية
مختلفة لاحقة.
المبحث الأول
نبذة تاريخية عن الكنيسة الشرقية
نشأت
هذه الكنيسة في بلاد ما بين النهرين ضمن الإمبراطورية الساسانية وانتشرت بعدئذ في
معظم أنحاء آسيا. ووصلت أوج قوتها بين القرنين السادس والرابع عشر حيث كانت حينئذ
أكبر كنيسة انتشارا جغرافيا ممتدة من مصر إلى البحر الأصفر شرقا كما شملت بالإضافة
إلى السريان المشارقة الذين احتفظوا بالبطريركية تقليديا الملايين من الفرس والترك
والمغول والهنود والصينيين. لقد كانت كنيسة المشرق من أكثر الكنائس تبشيراً طيلة
القرن الرابع الميلادي وصولا إلى القرن الثالث عشر، بدأ الوهن يتسرب إلى هذه
الكنيسة الأصيلة. ومنذ ذلك التاريخ أصبحت هذه الكنيسة هدفاً للتبشير الغربي. وهنا
يثور التساؤل عن السبب الذي حدا بالنساطرة إلى اللجوء إلى جبال هكاري؟ وما هو
السبب الذي أدى إلى إعتماد نظام التوريث البطريركي؟
تشير
معظم المصادر التاريخية إلى أن كنيسة المشرق كانت قد إنتشرت في بلاد الرافدين
وجزيرة العرب، لا بل أن مقرها البطريركي كان في منطقة قطيسفون (المدائن) في منطقة
سلمان باك اليوم جنوب بغداد، وكانت تحت سلطة الإمبراطورية الفارسية، لذا سميت
بكنيسة فارس. وقد تقأسمت كنيستي النساطرة واليعاقبة نفوذهما على جزيرة العرب قبل
الإسلام، وكانت الحيرة حاضرة نسطورية [2]،
فيما كانت نجران حاضرة يعقوبية (المذهب المونوفيزي).[3] وأن
المسيحيين قد فرحوا وساعدوا على إنتشار الإسلام الذين وجدوا فيه محرراً لهم
ومخلصاً[4] من
إضطهاد الإمبراطوريات الأخرى مثل الإمبراطورية الرومانية والإمبراطورية الفارسية،
لذا يذكر أحد مؤرخي الكنيسة وهو ميخائيل السرياني في تاريخه المعروف قائلا:
"...لذلك حينما رأى إله النقمات شرّ الروم الذين حيثما حكموا كانوا يعيثون في
الأرض فساداً، فينهبون كنائسنا وديورتنا ويعاملوننا بالتعسف، أتى من الجنوب بأبناء
أسماعيل، لكي ينقذنا بواسطتهم من أيدي الروم". [5] وورد
في تقويم قديم للكنيسة النسطورية، أن النساطرة أقاموا في يثرب مطراناً وأسقفين،
وكان لهم فيها ثلاث كنائس وعدد كبير من المؤمنين. [6]
ونظرة القرآن إلى المسيحية وعيسى ومريم وألوهيتهما توحي بالتأثير النسطوري
والمونوفيزي وصراعات الفلسفة الكنسية في تلك الفترة. [7]
إلاّ
أن فرحة المسيحيين لم تدم طويلا حتى بدءوا يتذمرون من الجزية الباهظة وحروب
الفتوحات والمعاملة السيئة إبتداءً من عهد يزيد الثاني (720-724)[8] حيث
أصدر في عام 723 مرسوما يقضي بإزالة جميع الصور من المعابد والكنائس وحتى البيوت. [9]
-
في
ظل الخلافة العباسية حتى سقوطها
وظلت
أمور الكنيسة طيلة خمسة قرون تسير بشكل مضطرب وقلق يسودها الشّد والجذب وفقاً
لمزاج الخلفاء ونصيحة مستشاريه، وتبعاً لشخصية البطريرك أو الجاثليق، منذ ذلك
العهد وصولا إلى القرن الثالث عشر، وكان الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور قد أسس
في السنة الثامنة لحكمه مدينة بغداد بأسم (مدينة السلام-المدينة المدورة). وكان
بطريرك النساطرة طيمثاوس الأول (780-823)[10]
الذي بقيّ في منصبه أكثر من أربعين عاماً، قد عاصر خمسة خلفاء عباسيين وأقام معهم
صلات وثيقة وكان محل تقدير وإحترام منهم جميعاً نظراً لقوة شخصيته.
توإلى
على كنيسة المشرق بعد طيمثاوس الكبير بطاركة لم يكونوا بمستواه، فإنحسرت العلاقة
بينهم وبين الخلفاء المسلمين، وساءت شيئاً فشيئاً. فعادت حملات الإضطهاد والتضييق
الديني، "ويروي لنا ميخائيل السرياني أن أحد أبناء المعتصم يدعى "أبو
داود" إتخذ إجراءات مجحفة بحق المسيحيين ودفع أباه إلى منع ظهور الصلبان خارج
الكنائس وقرع النواقيس ورفع الصوت في الصلاة أو في المآتم في الشوارع، وإلى منع
ظهور الخمور في كل مكان".[11]
وكذا الحال مع الخليفة المتوكل وغيره وصولا إلى نهاية العصر العباسي بعد تعاظم
نفوذ الترك والفرس والروم وغيرهم من الغرباء الذين دخلوا الإسلام عن قناعة أو
إكراه، وبدا الإنقسام المذهبي بين السنة والشيعة واضحاً بعد سيطرة البويهيين. فدبّ
الضعف في جسد الدولة الإسلامية، وأصبح الخليفة ألعوبة بيد هؤلاء المتنفذين، وكان
لهذا الإنحطاط أثر كبير مهّد لسقوط عاصمة الخلافة بغداد زمن الخليفة المستعصم بيد
المغول بقيادة هولاكو عام 1258، الذي لعب وزيره الشيعي مؤيد الدين أبن العلقمي
المتواطىء مع المغول الذي ضَمّ إلى وفده المفاوض لهولاكو الذي زحف من خانقين بجيشه
المغولي المؤلف من 200 ألف مقاتل، جاثليق النساطرة بأمر من الخليفة لعرض الصلح على
هولاكو وثَنيِه عن الهجوم. ويبدو أن الخليفة قد أساء اختيار أعضاء وفده، فإبن العلقمي
وجدها فرصة للإنتقام من حكم العباسيين فخان الخليفة، والجاثليق تقَّرب من المغول
بحكم الصلة الدينية ومهّد لما بعد السقوط. فزوجة هولاكو دقوز خاتون، ووالدته
سركوتي باجي.. كانتا تدينان بالمسيحية.
وعلى الرغم من أن هولاكو قد رفض مقابلتهما، وإنه
كان وثنياً، إلا أنه أظهر تعاطفاً مع المسحيين، وعامل الجاثليق النسطوري مكيخا
الثاني (1257-1265) معاملة حسنة، الذي جمع المسيحيين في كنيسة سوق الثلاثاء
ببغداد، ولم يصبهم أي أذى. وأنعم هولاكو على مكيخا فمنحه دار الخليفة المعروفة
بالدويدار على نهر دجلة، فبنى فيها بيعة جديدة، ولما مات في 18 نيسان 1265 دفن
فيها. [12]
وهذا لم يمنع هولاكو من أن يصدر أمراً بإبادة جميع المسيحيين التكريتيين صبيحة أحد
الشعانين في 17 آذار 1258 بعد وشاية أحد المسلمين بأن المسيحيين قد حافظوا على
ودائع أموال المسلمين بطلب منهم لإعادتها لهم بعد إستقرار الأوضاع. ولم ينج منهم
سوى عدد قليل من العجائز وكاهنين. [13]
ولم
يَحُل عام 1281 إلا وكان منصب البطريرك النسطوري من نصيب يهبالاها الثالث المغولي
(1282-1318)[14] في
مراغة.[15]
وهذا
ما دفع أحد الباحثين الأكراد إلى إعتبار زوجة هولاكو المسيحية كارثة وقعت على رؤوس
المسلمين، وإنها كانت هي المحرض الرئيس لحملات هولاكو على العراق، بقوله: "إن
وجود زوجة هولاكو خان بجواره في الحكم كان يمثل نكبة بل كارثة وقعت على رؤوس
المسلمين، ليس فقط داخل الإمبراطورية المغولية، بل أيضاً في بلاد فارس والعراق
وبلاد الشام. وكان وجودها يمثل العصر الذهبي الثاني للنصارى داخل الإمبراطورية
المغولية بفارس، وخارجها. وكانت هي المحرض الرئيس لحملات هولاكو على العراق والتي
أدت إلى إسقاط بغداد وتدمير الخلافة العباسية، ثم حملاته على بلاد الشام ومحاولته
أيضاً غزو مصر، فيما يعرف بالحرب الصليبية المغولية ضد المسلمين في الشرق الأدنى...،
وبحيث يمكن أن نطلق عليها بحق أسم المرأة الرهيبة، وتلك المرأة هي دوقوز خاتون،
زوجة هولاكو خان." ويقول في موضع آخر: "وعندما مات هولاكو في ربيع سنة
1265م /664هـ، ولحقت به زوجته دوقوز خاتون في صيف نفس العام «وقد شمل المسيحيون في
كلِّ العالم حزناً شديداً على وفاة هذين النبراسين العظيمين المعززين للدين
المسيحي». [16]
-
في
ظل حكم المغول
"وكان خليفة هولاكو أسمه أبغا (1260-1265) متسامحاً مع
النساطرة في فارس مثلما كان سلفه، ولكن النساطرة قد أساءوا إستخدام ما منحوا من
حرية بأن وضعوا القانون في جيوبهم وتجاوزوا الحدود. وذلك ما حدث في عهد الجاثليق
دنخا الأول (1265-1281م) الذي ساعد في تهريب أحد النساطرة الذي كان قد إعتنق
الإسلام من تكريت إلى بغداد حيث أمر بإغراقه في نهر دجلة. كذلك كان هذا البطريرك
الأهوج يقود مواكب نسطورية في العاصمة بغداد تحت حماية الجند المغول لمشاهدة جرئم
المغول ضد شعب بغداد الأعزل...إن هذه الأحداث من جانب النساطرة جعلت خانات المغول
يتأففون من مسلك النساطرة...وظلت معاملة إيلخانات فارس للنساطرة طيبة حتى وفاة
الخان بنيماتو (1291-1295م). وبعد وفاة هذا الأخير تنازع أميران مغوليان على
العرش، الأول بيدو الذي كان متعاطفاً مع النساطرة وأمر بإعادة بناء الكنائس
المهدمة، والثاني هو الخان غازان (1295-1304م) الذي قام بإغتيال بيدو وإستولى على
العرش، ثم أعلن بصفة رسمية إعتناقه للإسلام. وهكذا تبدل الحال بالنسبة للنساطرة في
فارس، وأجبر البطريرك على ترك قصر "دار الدويدار"، ثم بدأ النساطرة
يتعرضون للمناوشات من جانب العرب والأكراد في عامي 1295-1296.
لقد
بقي ملوك المغول يتعاطفون مع المسيحيين حتى مجيء السلطان غازان 1295- 1303م الذي
دخل الإسلام وتزمّت في قراراته، وغيّر سياسته تجاه المسيحيين، وبدأ باضطهادهم،
وصمم على استئصالهم وهدم كنائسهم، وأوقف احتفالاتهم. يقول الأب العلامة انستاس
ماري الكرملي في كتابه: " الفوز بالمراد في تاريخ بغداد ": " إن
المحن التي عاناها المسيحيون في عهد هذا السلطان لا يفي القلم بوصفها، فان هذا
السلطان منع الرجال المسيحيين من الظهور في الشوارع، واستولى على دار البطريركية
الدويدار، وأزيل ما بها من التماثيل والخطوط السريانية.. " (ص 67). ولقد حذا
الخان المغولي خربندة خان حذو غازان خان، إذ فرض الإسلام على المسيحيين القاطنين
في البلاد أو يدفعوا المال ووضع علامات عليهم لتمييزهم.. ولقد تحمّل المسيحيون كل الإهانات
ودفعوا الضرائب للمغول.. وتشتت المسيحيون من مدن العراق نحو الجبال باستثناء
الموصل إذ دفعوا المال بتبرعات الأهالي إلى الأبرشية وكادت بغداد تخلو من
المسيحيين.. لقد عانى العراقيون جميعا من المآسي على العهد الإيلخاني المغولي
مقارنة بما كانوا عليه أيام الحكم العباسي. يقول المؤرخ هرمز م. أبونا في كتابه:
صفحات مطوية من تاريخ الكنيسة الكلدانية: " أما فترة التسامح المغولي.. فإنها
في الواقع لم تكن ترقى إلى مستوى التسامح الذي شهدته كنيسة المشرق خلال حكم العديد
من الخلفاء الأمويين والعباسيين. إلا أن الصراع بين القطبين المسيحي والإسلامي في
الإمبراطورية الإيلخانية التي أسسها هولاكو انتهى بهزيمة التيار المسيحي حين اعتنق
المغول للإسلام وقاموا بفرضه دينا رسميا للدولة سنة 1295 م. ومنذ ذلك الحين فان
مسألة القضاء على الوجود المسيحي الكثيف في بلاد ما بين النهرين كانت قد أصبحت جزء
من السياسة اليومية للمغول وحلفائهم الأكراد، وسار عليها خلفائهم من الدويلات
التركمانية لغاية الاحتلال العثماني لبغداد سنة 1536م " (هرمز أبونا، ص 33). [17]
-
المغول
يقلبون ظهر المجن للمسيحيين
ومع
نهاية القرن الثالث عشر تعرض النساطرة مرة أخرى للمتاعب بشكل أكثر عنفاً من جانب
الأهليين، رغم أنف الإيلخانات أنفسهم...ويبدو أن الأمور كانت قد أفلتت من أيدي
الخان غازان نفسه...وما إن حلّ القرن الرابع عشر حتى بدأت إيلخانية فارس بالتمزق
والفوضى، فلقد شهد عهد آخر الإيلخانات أبو سعيد (1316-1335م) إضطرابات في مدينة
ديار بكر، حيث أقتيد 12,000 من
النساطرة إلى أسواق النخاسة، وتم قتل البعض منهمن كما تعرض الاسقف مار جريجوريوس
للضرب حتى الموت، في حين أن كنيسة مريم العذراء قد أضرمت فيها النيران فأتت عليها
(1317م).
ولقد
جاءت أحداث القرن الرابع عشر لتضيف المزيد من المآسي على النساطرة في فارس، فقد
زحف تيمورلنك (1396-1405م) بجحافله يدّمر كل شيء. ولم يكن تيمورلنك مغولياً ولكنه
كان تركياً من قبيلة قبرلاس...هذا وكان تيمورلنك وخلفاؤه قد فرضوا ضرائب غاية في
التعسف على النساطرة بوجه خاص...لقد إنهارت الكنيسة النسطورية تحت حوافر خيل
تيمورلنك [18]، إذ
أبيد قسم كبير من النساطرة، وفقد قسم أخر منهم كل شيء، في حين لاذ قسم ثالث وأخير
بالفرار لا يلوي على شيء إلى جبال كردستان ما بين بحيرتي أورميا وڤان. وأصبحوا منذ
ذلك اليوم نسياً منسياً حتى إكتشفهم الرحالة والدارسون في العصر الحديث. [19] يقول
المؤرخ روفائيل بابو اسحق في كتابه (تاريخ نصارى العراق): " أما المسيحيون،
فكانت حالتهم يرثى لها، فقد تبدد جمعهم وهربوا لاجئين إلى القرى والجبال النائية
خوفا من القتل والذبح.. ". [20] و"
قبل الهجرة الكبرى في القرن الخامس عشر، كان في بغداد وضواحيها ستة عشر ألف بيت
مسيحي.. أما نهاية القرن السابع عشر خلت بغداد من المسيحيين إلا من نزر قليل
".[21] "وأدت
سلسلة اضطهادات شنها قادة الترك والمنغول الداخلين حديثا في الإسلام إلى انهيار
المجتمعات المسيحية في آسيا الوسطى وبلاد فارس وانحسار كنيسة المشرق في مناطق
نشأتها في شمال بلاد ما بين النهرين. وكانت مجازر تيمورلنك الحدث الذي أنهى كنيسة
المشرق كمجموعة دينية مؤثرة." [22]
وعمل تيمورلنك في حملاته إلى استهداف
المسيحيين منهيًا بذلك وجود كنيسة المشرق بشكل نهائي في آسيا الوسطى. [23]
"
أما فترة التسامح المغولي.. فإنها في الواقع لم تكن ترقى إلى مستوى التسامح الذي
شهدته كنيسة المشرق خلال حكم العديد من الخلفاء الأمويين والعباسيين. إلا أن
الصراع بين القطبين المسيحي والإسلامي في الإمبراطورية الإيلخانية التي أسسها
هولاكو انتهى بهزيمة التيار المسيحي حين اعتنق المغول للإسلام وقاموا بفرضه دينا
رسميا للدولة سنة 1295 م. ومنذ ذلك الحين فان مسألة القضاء على الوجود المسيحي
الكثيف في بلاد ما بين النهرين كانت قد أصبحت جزء من السياسة اليومية للمغول
وحلفائهم الأكراد، وسار عليها خلفائهم من الدويلات التركمانية لغاية الاحتلال
العثماني لبغداد سنة 1536م ". [24]
ويمكن
القول، بأن تيمورلنك هو الذي ألجا النساطرة إلى الإقامة والعيش والإستقرار في جبال
هكاري طيلة خمسة قرون، بعد شهر عسل قصير مع هولاكو، ولم ينزلوا منها إلا بتأثير
الروس والبريطانيين بداية الحرب العالمية الأولى (1914-1918) ومطلع القرن العشرين.
ويعتبر حملاته ضد المسيحيين من أولى حالات الإبادة الجماعية، وبالمثل، فإن الفاتح
المغولي التركي تيمورلنك كان معروفا له بالوحشية المتطرفة وفتوحاته كانت مصحوبة
بالإبادة الجماعية والمجازر. كتب وليام روبنشتاين: "في آشور (1393-4) –
تيمورلنك قتل كل المسيحيين الذين تمكن من العثور عليهم، بما في ذلك جميع الموجودين
في مدينة تكريت المسيحية، وبالتالي عمليا قام بتدمير كنيسة المشرق الآشورية. ودون
تحيز، ذبح تيمورلنك أيضا المسلمين الشيعة واليهود الكفرة، والمسيحية في بلاد ما
بين النهرين كانت حتى الآن محصورة في تلك المجتمعات الآشورية في الشمال الذين نجوا
من المذابح.[25]
وما نظام ناطر كرسيا إلا بتأثير إرهاب تيمورلنك الذي حصر مسيحيي بلاد الرافدين في
جبال هكاري الحصينة طيلة ستة قرون متوالية.
-
مبررات إقامة نظام ناطر كرسيا
في
الوقت الذي ظَلَّت أسرة مار شمعون تردد بأن مَرَّدُ ذلك يعود إلى سببين رئيسيين،
بالقول: "وساد سببان لإنشاء الخلافة داخل أسرة واحدة. ففي بعض الحالات على مر
التاريخ، وبسبب الظروف، تركت الكنيسة بدون بطريرك. وبدلا من المخاطرة بالتعرض
للتدخل الحكومي، ومع المحافظة على معايير أدارة الكنيسة، اتخذ قرار بالإبقاء على
الخلافة الأبوية في أسرة واحدة. ومن خلال القيام بذلك، تم القضاء على تدخل الحكومة
مما أدى إلى وقف اقتحامها لشؤون الكنيسة. وأدت هذه الممارسة البارزة إلى اعتماد
هذا النظام أيضا على بعض أسر المدن الرئيسية، بل وحتى على الأساقفة." [26]
وإذا كان لهذين التبريرين بعض الوجاهة والمقبولية في العصور الوسطى، عندما تعفف
الناس عن تولي المناصب خشية تحميلهم المسؤولية في مواجهة السلطان، وبالفعل شهدت
بعض الفترات فراغ في سلطة هذه الكنيسة في أزمنة الحروب والإضطهادات والمجازر، وشغر
كرسي البطريركية المشرقية مرات عديدة، من بينها، وأطول مرة لهذا الشغور إستمر لمدة
42 سنة متواصلة، وهي الفترة الممتدة من وفاة البطريرك بربعشمين عام 343م وحتى
إنتخاب البطريرك تومرصا من أهل كشكر عام 393م. [27]
كما غدا كرسي البطريركية شاغرا بعد وفاة مار شمعون الثاني عام 1395، حتى إنتخاب
مار شمعون الثالث عام 1403، أي طيلة ثمانِ سنوات. [28]
أما
بصدد التبرير الثاني، فمن البديهي أن يتدخل السلطان أو الحكومة لملء فراغ إحدى
المؤسسات داخل الدولة، وهي الكنيسة المشرقية النسطورية العريقة، ولطالما شهدت
الكنيسة مثل هذا التدخل الحكومي على مدى تاريخها الطويل، لا بل وحتى يومنا هذا
بأشكال ودرجات متفاوتة.
من
جانب أخر، يذهب معارضو البيت البطريركي إلى إن القصد من التحجج بالظروف القاهرة
لإقامة نظام ناطر كرسيا، إنما كانت حجة واهية لإحتكار السلطة البطريركية ضمن عائلة
واحدة حصراً هي (عائلة أبونا) نظراً لحب السلطة والظهور بمظهر القائد الأوحد الذي
لا منازع له، والتعامل مع القيادات المدنية في كل زمان ومكان، والتمتع بمزايا
السلطة وإمتيازاتها. وهكذا فقد ذهب بولص يوسف ملك خوشابا وهو حفيد رئيس عشيرة
تياري والذي كان جده (الملك خوشابا) من أوائل المعارضين لعائلة البطريرك مار
شمعون، فيقول:
"لقد
كثر الكلام والكتابة عن التوريث في العائلة البطريركية والذي كان يصب في خانة
التفنن في إيجاد التبريرات للوراثة البطريركية حالها حال التبريرات الأخرى للأخطاء
القاتلة التي ارتكبتها هذه العائلة والتي لم يسلم من دمويتها حتى أبناء عمومتها
حيث بدأت عهدها بالدماء وأنهته بالدماء وان من يطالع كتاب (تاريخ بطاركة البيت الأبوي
) لمؤلفه المطران إيليا ابونا وترجمة بنيامين حداد سيجد إن التشبث بالظروف القاهرة
كتبرير لإرساء التوريث ما هي إلا حجة غير حقيقية والحقيقة كما ترويه الأحداث هو الإستماتة
في الحفاظ على الكرسي البطريركي داخل العائلة الواحدة." [29]
وقد
أدى هذا النظام لاحقاً إلى الجمع بين السلطتين الروحية-الزمنية، أو
الدينية-الدنيوية، وحصرها في عائلة واحدة، هي عائلة (أبونا)، مما قاد إلى إحتكار
هذه الوظيفة الدينية بيد جماعة معينة، كما دفع قسم كبير من أتباع هذه الكنيسة إلى
الإنقسام والإنفصال عنها، حتى ألغي هذا النظام في عهد البطريرك دنخا الرابع عام
1976.
فقد
"توفي البطريرك شمعون الخامس سنة 1551 وخلفه شمعون السادس (1551 – 1558)
استمر خط بطاركة المشرق من البيت الأبوي حسب النظام الوراثي في القوش وعلى العقيدة
الشرقية النسطورية، حيث انتقلت البطريركية إلى إيليا السادس (1558 – 1591) خلفه
إيليا السابع (1591 – 1617) ثم إيليا الثامن (1617 – 1660) وهنا حدث انشقاق في
البيت الأبوي حيث انقسمت العائلة إلى شعبتين، شعبة بطاركة القوش (إيليائيين) وشعبة
بطاركة قوذشانوس (الشمعونيين)." [30]
ومنذ
الإنشقاق الكلداني تزايدت الدعوات لهجر نظام ناطر كرسيا والتخلي عنه لما فيه من
عيوب كثيرة، خاصة وأن النظم السياسية الحديثة قد تخلت عن التوريث السياسي للسلطة
تحت تأثير الأفكار اللبرالية والديمقراطية، بينما إحتفظت الكنيسة الشرقية القديمة
بهذا التقليد رغم تَصدُّعِها وإنقسامها لأكثر من مرة. وريما يعود السبب في ذلك إلى
ما تتمتع به السلطة الكنسية من قداسة بخلاف السلطة السياسية.
وتكررت تلك الدعوات مرة أخرى بعد إغتيال بنيامين
مار شمعون عام 1918. وكانت وصية خليفته بولص مار شمعون بعد التوريث من عائلتهم
"أبونا" مرة أخرى. "وتذكر روانا مار شمعون لويگرام:
قال
مار بولص العشرون قبل موته: لا تدعوا الناس يرسمون أي واحد من عائلتنا بطريركاً.
وفي ذلك الوقت لم يكن هناك في بعقوبة غير خال وأم البطريرك إيشاي. وعندما جاء
الرؤساء لاختيار البطريرك الجديد حصلت توسلات ووساطات حامية باختيار بطريركاً من
عائلة أخرى. إلا إنهم عدلوا عن ذلك وقالوا إنه سيحصل شغب وإضطراب كبيران بين الناس
في حالة إقدامهم على ذلك. وتركت الأم الاجتماع وذهبت إلى خيمة أخرى وبدأت تبكي.
لقد شبعت الأسرة من قيامها بإنتاج البطاركة.
إلا
أن الرسامة كانت على أية حال عملاً حزبياً من قبل أولئك الذين كانوا يحرصون على
إبقاء التعاقب الوراثي البطريركي لكنيسة الشرق، لكن الشقاق تضخم وإتسع لا سيما
جماعة آغا بطرس. على أن (ويگرام) المارّ ذكره وأحد المدافعين الكبار القليلين عن
الأشوريين وكان مشرفاً على شؤونهم وإليه يرجعون بالمشورة -كان يرى الوراثة
البطريركية في تلك الفترة من الزمن أفضل نقطة إستقطاب للوحدة الأشورية ولذلك أوصى
بإبعاد بطرس آغا الذي توفّي في باريس في كانون الثاني 1931. وبهذا ثبت الأمر
للبطريرك المنتخب بأسم البطريرك مار (إيشاي) الحادي والعشرين. [31]
وفي
رأينا، فإن البريطانيون وبتأثير مباشر من ويگرام [32]
عرّاب كنيسة المشرق القديمة منذ عام 1898، والذي ظَلّ يفرض سيطرته عليها، ويتدخل
حتى في إختيار بطاركتها، هو الذي ظلّ مصراً على الإبقاء على نظام ناطر كرسيا
للتوارث البطريركي في هذه الكنيسة، مستمداً قناعته من نظام التوارث الملكي
البريطاني وسعيه إلى إستنساخه على الأثوريين دون مراعاة الفرق بين ظروف المجتمعين.
فالبريطانيون راضون على نظامهم الملكي وأسلوب توارثه ولا يوجد من يعارضه. في حين
أن نظام التوارث البطريرك الشرقي قد شهد معارضة شديدة منذ خمسة قرون، وأدى إلى
إنشقاقات كبيرة وخطيرة، وخلف نكبات ومآسي، كما خلف إنتكاسات كبيرة في مرات عديدة.
وإسلوب إستنساخ الغرب لتجاربهم على المجتمعات الأخرى وفي جميع المجالات بضمنها
المجال السياسي والدستوري، قد أثارت إنتباهنا منذ زمن بعيد، ونبَّهنا لها أكثر من
مرة على الصعيد السياسي، وخير مثال على ذلك، أن الاحتلال البريطاني قد بذل كل
جهوده لإقامة النظام السياسي في العراق عام 1921 نظاماً ملكياً على غرار النظام
الملكي البريطاني.
المبحث الثاني
بداية نظام ناطر كُرسِيَّا (ܢܛܪ ܟܘܪܣܝܐ)
وإزاء
هذه المآسي والنكبات التي حلّت بالنساطرة، تناوب على رئاستها بطاركة من عائلة
(أبونا) حصراً، إبتداءً من البطريرك طيمثاوس الثاني (1317-1332)، وإنتهاءً
بالبطريرك مار شمعون إيشاي (1920-1975). إلا أن قرار التوريث البطريركي النسطوري
أتخذه البطريرك مار شمعون الرابع باصيدي (1437-1397) في عام 1450 الذي جاء تكريساً
لواقع قائم منذ 120 عاماً (1317-1437)، فقد سبقه خمسة بطاركة لذات الكنيسة ومن نفس
العائلة، وذلك بعد وفاة تيمورلنك عام 1405. وعُرف منصب الخليفة المحتمل للبطريركية
بناطر كورسيا "حارس الكرسي". وتلقبوا
جميعا بلقب (مار شمعون) إبتداءً من البطريرك شمعون الثاني (1365-1395)، وحتى إغتيال
مار شمعون إيشاي عام 1975. وكان هذا النظام الوراثي سبباً رئيسياً في تصدع هذه
الكنيسة الأصيلة.
وخلفا
لأسرة شكمـــير توارث الكرسي الرسولي لبطريركية كنيسة المشرق ثلاث وعشرون بطريركاً
شمعونياً ولمدة تقارب الـــ 650 عاماً (1328- 1975 م). [33]
-
تسمية
أسرة التوارث البطريركي:
يسود
التشويش وعدم الدقة في معرفة أسم العائلة التي حكمت وإحتكرت الكرسي البطريركي
للكنيسة الشرقية الأثورية (النسطورية) طيلة ستة قرون ونصف.
وقد
برزت أسماء عديدة لهذه العائلة، مثل (أبونا) وهذه التسمية هي صفة وليست أسماً،
لإنها تشير إلى عائلة الأباء، والتي إختصرت بصيغة أسم النداء للمفرد.
كما
أُطلق عليها أسم (مار شمعون) وهي تسمية تشير إلى أسم الرسول بطرس، أحد الرسل
الإثني عشر، ورأس الكنيسة وأساسها كما سمَّاه المسيح. وما زالت هذه العائلة وبقايا
أفرادها تستخدم هذه التسمية تيمناً به.
وذهب
البعض إلى أن أسم العائلة الحقيقي هو (بر ماما)، ودليلهم في ذلك أن أحد بطاركة هذه
الكنيسة يدعى مار شمعون التاسع دنخا برماما (1552-1558)، بالقول:
"
ففي عام 1450، بدأ شمعون الباصيدي بطريركية وراثية داخل
أسرة بار ماما (أبونا) المعروفة ببطريركية هرمزد نسبة للدير الذي كان يعيش فيه،
حيث دفن هو والعديد من أفراد سلسلته. بدأ هذه الممارسة من خلال سن قانون كنسي بسبب
هلاك الكنيسة تحت هجمات تيمورلنك والمغول. ورأى مار شمعون الباصيدي أن الطريقة
الوحيدة لضمان بقاء الكنيسة هي الإبقاء على البطريركية داخل أسرته. ولسوء الحظ،
فإن هذا التشريع الكنسي الجديد قد انتهك شرائع راسخة في الكنيسة حيث لا يجوز لأسقف
أن يرشح خلفا له، وهذا ما زرع بذور الخلاف التي استمرت حتى القرن العشرين." [34]
ونتيجة
البحث والتدقيق فقد ثبت أن هذه العائلة أقامت في القوش [35]
قرب الموصل. وبالرجوع إلى المصادر التاريخية لهذه المدينة، يصادفنا أفضل مصدر عنها
هو كتاب "القوش عبر التاريخ" الذي ألفَّه المطران يوسف بابانا، مطران
زاخو ونوهدرا، حيث جاء فيه:
"وفي القرن الخامس عشر، أصبحت البطريركية الكلدانية عند
النساطرة وراثية محصورة في أسرة واحدة (حسب قانون البطريرك شمعون الباصيدي) فلما
كانت سنة 1551م توفي البطريرك النسطوري من بيت عمون (الأبوي) المعروف شمعون برماما
(ܒܪ ܡܡܐ)،
كانت كل الطائفة قد كرهت جور هذا القانون الوراثي في البطريركية". [36]
وتأكيداً
لذلك، فقد ذهب كاتب عراقي مسيحي من القوش أيضاً إلى أن أسم هذه العائلة هو (بيت
عَمُّون)، حيث قال:
" بيتُ عَمّون الذي سمي فيما بعد بيتُ الأب أو أبونا، يعودُ
أصلَهم إلى بغدادَ حتى زمنِ الفتوحاتِ الإسلامية، حيث بَعْدَها شَدّوا الرِحالَ، إلى
مدينةِ حلَبْ السورية، فمَكثوا فيها بضعةَ قرونٍ، ثم عادوا إلى بلادِهم بين
النهرين، واستقروا في القوش عام 1426 تلكَ البلدةِ التي يرجعُ تأريخُها، على أقلِّ
تقديرٍ، إلى القرنِ السابعِ قبل الميلاد، حيث وُلد النبي ناحوم، من عائلةٍ يهوديةٍ
مَسبيَّةْ، من أرضِ الميعادِ.
نظراً لإمكانياتِ تلك العائلة المُتميِّزَة، تصدَّروا التأريخَ
الكنسي الشرقي للقرونِ اللاحقةِ، إبتداءً من وصولِ مار طيماثيوس، إلى السدةِ
البطريركيةِ، لكنيسةِ المشرقِ العَريقةْ عام 1314، وتوإلى بعدَها البطاركةُ، من
صلب تلك العائلة حتى عام 1838، عند موت البطريرك مار يوحنان هرمزد. في سنة 1653
حدثَ صراعٌ دَمَوي داخلَ العائلة، فنزحَ شطرٌ منهم إلى سلامَس في إيران، ثم
استقرَّ بهم المقامَ في بلدة قوجانس مَركزُ القبائلِ الآشوريةْ المُستقلةْ، هناك أصبح
ابن الشماس دنحا المُلقّبْ (ܕܸܢܚܵܐ ܩܵܛܘ̇ܠܵܐ)[37]، بطريركاً فيها بأسم مار شمعون دنحا (1692- 1700)، وتسلسل البطاركة
بعدَهُ حتى عام 1975، عند مقتل البطريرك مار شمعون إيشاي." [38]
-
جوهر
نظام ناطر كرسيا
"كان للكنيسة الشرقية دستور يسمى بالسنهادوس ويتضمن جميع
القواعد القانونية والأنظمة والتعليمات التي تحدد كيفية إنتخاب ورسامة البطاركة
والمطارنة والأساقفة والقساوسة وغيرهم من رجال الدين وكذلك تلك التي تحكم قضايا
الزواج والطلاق وكل ما يخص إدارة الكنيسة وتنظيمها بطرق علمية وديمقراطية. وكان
هذا السينهادوس قابلا للتعديل من قبل الكنيسة بما يخدم مصلحتها ومصلحة الطائفة إلا
إنه أهمل وجمِّد منذ 1552م عندما إتخذت بعض العوائل إدارة الكنيسة ورئاستها لنفسها
بصورة وراثية مما أدى إلى ضعف وانحلال في بنيان الكنيسة وإنتماء أكثرية أتباعها إلى
الكنائس الأخرى التي حافظت على دساتيرها مثل الكاثوليكية والأرثوذكسية وغيرها من
الكنائس الطقسية القديمة." [39]
وجوهر
هذا النظام الكنسي لا يختلف تماما عن نظام الخلافة الإسلامية، بل هو نسخة منه. بإستثناء
شيء واحد وهو أن المرشح للخلافة كان في الغالب الأعم إبن الخليفة الأكبر على قيد
الحياة، ولذا كان الصراع يسود بين الإخوة فيقتل الأخ الأصغر أخاه الأكبر منه
لإزاحته من تسلسل المرشحين للمنصب. أما في نظام ناطر كرسيا فإن المرشح المرتقب
لتقلد منصب البطريرك ليس إبن البطريرك قطعاً لاستحالة ذلك بسبب التقليد الكنسي
المتوارث في عدم زواج البطريرك. لذا فإن المرشح للبطريركية سيكون إبن الأخ الأكبر
الذي سيخلف عمه في منصب رأس الكنيسة، وتجري تسميته من لحظة تشَكُّله جنينا في بطن
إمه، ويطلق عليه لقب (ناطر كرسيا) أي حارس كرسي البطريركية المتوارث منذ صغره. وسيمنح
لقب (مار شمعون) كالمعتاد ضمن تسلسل معين. وهذا اللقب هو أيضا إستنساخ لتقليد
إسلامي كان معمول به في الدولة العثمانية، حيث تلقب سلاطين آل عثمان بلقب (محمد)
في إشارة ضمنية لإستمداد الحكم من محمد رسول الإسلام، وهكذا كانوا يلقَّبون بألقاب
متسلسلة مثل محمد الخامس أو محمد السادس، في حين إن الترك ليسوا عربا ولا من قريش
التي ينتمي إليها محمد، وهذان هما من شروط الخلافة الإسلامية إستنادا لأحاديث
صحيحة.[40]
وكان القصد من ذلك هو لترسيخ شرعية الحكم طبقاً لجذور دينية هي في غالب الأحوال
غير صحيحة.
وهكذا،
فالكنيسة النسطورية لا علاقة لها بمار شمعون (سمعان) المعروف ب (بطرس الرسول) كبير
تلاميذ المسيح، وهو صياد عاش في فلسطين زمن المسيح، والذي كان قد لقبَّه ب (كيفا)
أي الصخرة التي ستبنى عليها كنيسة المسيح لاحقاً. ولم يثبت التاريخ أبداً أي صلة
بين شمعون هذا والكنيسة الشرقية النسطورية، ومع ذلك فإنها تضعه على رأس قائمة
سلسلة بطاركتها دائما، وهو لم يمر حتى ببلاد ما بين النهرين، وصلتهم به ليس أكثر
من صلة الأتراك بمحمد.
وهذا
ما يثبت أن جوهر هذا النظام إنما هو تقليد لنظام إسلامي قائم آنذاك، ساهمت ظروف
المنطقة آنذاك على إستنساخه.
وجرياً
على هذا النظام، فقد واجه آخر بطاركة مار شمعون (إيشاي) صعوبة عملية في إستمرار
نظام التوارث البطريركي (ناطر كرسيا) الذي إستمر في عائلته لأكثر من 650 سنة،
"حيث لم يكن لمار ايشاي شمعون أبناء أخ يمكنه أن يخلفوه" [41]
في منصب بطريرك الكنيسة الشرقية الأثورية (النسطورية)، وهي بالفعل نفس المشكلة
التي واجهت نبي الإسلام محمد عند وفاته، حيث لم يوصي لأحد أن يخلفه، لعدم وجود
خليفة له من صلبه من الذكور. وهي مشكلة طالما واجهتها كل النظم الوراثية في العالم
سواء أكانت دينية أم سياسية، حيث يبقى الهَّم الأول للبطريرك أو الملك هو مجيء ولي
العهد الذي سيكون وريثاً للسلطة فيضمن بقاءها وإستمرارها.
وسنرى
لاحقاً كيف واجه هذا النظام الكنسي نفس التحديات التي واجهتها الخلافة الإسلامية،
وكما قادت تلك التحديات إلى سقوط الخلافة في عام 1924 رسمياً في تركيا بتنصيب
أتاتورك رئيسا لها، فقد تأخر نظام ناطر كرسيا بأكثر من نصف قرن بقليل ليسقط عام
1976 رسمياً بإعتلاء البطريرك مار دنخا الكرسي البطريركي بطريركا للكنيسة الشرقية
(الأشورية).
ولم يجر إتخاذ نظام التوارث الكنسي هذا (ناطر
كرسيا) في مجمع كنسي أو مسكوني (سينهودس) كما هو الحال في معظم القرارات الهامة
داخل الكنيسة، وبالتالي لا يعد نظاما دينيا مقدسا، أو جزءا من التعاليم العقائدية
الدينية المسيحية التي لا يجوز مناقضتها أو الاتفاق على ما يخالفها لتعلقها بجوهر
الإيمان المسيحي. وهذا النظام قد سنَّه وشرَّعه البطريرك مار شمعون الباصيدي [42]
بقرار شخصي منه عام 1450، دون الإستناد إلى نص ديني. لذا فهو من قبيل قواعد
الإنضباط في النظم الإدارية التي يجوز تعديلها وتغييرها وحتى إلغائها دون المساس
بجوهر الدين وعقائده. وقاد التزمت فيها إلى إنشقاقات كثيرة ومآسي عديدة.
وكان
لهذا القرار ظروفه الخاصة، لا سيَّما إذا علِمنا "أن كنيسة المشرق تراجعت في
القرن الرابع عشر وبعده، خاصة بعد حملة تيمورلنك 1396-1405 م وانحصرت بما يعرف
اليوم بمنطقة كردستان الجبلية، في كل من: العراق، إيران وتركيا. ونظرا لعدم
استقرار الوضع السياسي والأمني، نرى الكرسي البطريركي يتنقّل من محل إلى أخر نتيجة
لذلك. في هذه الفترة، لم يكن سهلا حضور الأساقفة جميعهم لعقد مجامع كنسية لاختيار
البطاركة. وصادف اختيار أربعة بطاركة على رأس كنيسة المشرق من عائلة واحدة، عرفت
بعدئذ بالبيت الأبوي (بيت أبونا). وكان أولهم البطريرك طيماثاوس الثاني 1318-1332م
الذي جلس في أربيل، ثم دنحا الثاني 1332-1364م الذي جلس في كرمليس. بعد ذلك انتقل
الكرسي البطريركي إلى الموصل. وكان أخرهم مار شمعون الرابع الباصيدي 1437-1497م.
وفي سنة 1450م، وبسبب الظروف غير المستقرة إضافة إلى الرغبة في السيطرة والاستحواذ
على المنصب البطريركي، سنّ البطريرك شمعون 4 الباصيدي قانون القاعدة الوراثية
لمنصب البطريرك في كنيسة المشرق. وجعل البطريركية محصورة في عائلته، العائلة الأبوية
فقط. فيتوارث أخوة البطريرك، أو أولاد أخوته المنذورون للكرسي البطريركي وحسب الأسبقية
عمرا. وبذلك أبطل نظام الانتخاب الذي كان سائدا في كنيسة المشرق. فكان البطريرك
يختار ويرسم ناطور الكرسي (ناطر كورسيا) مطرافوليطا لكي يتوارث البطريركية بعد
وفاته وبدون انتخاب." [43]
وقد
أشار ستافورد إلى ذلك بشكل أوضح قائلا: "والأشوريون يقرون بأن هذا الإختيار
لا يأتلف وأصول الدين في شيء، لكنهم يبررونه بقولهم إنه يحول دون سفك الدماء عندما
يخلو الكرسي ويشرع في إنتخاب بطريرك جديد". [44]
إن
نظام التوريث البطريركي أو نظام ناطر كورسيا-حارس الكرسي (ܢܛܪ ܟܘܪܣܝܐ)، إنما كان القصد منه هو الإحتفاظ بالسلطة
الدينية (الروحية) لأطول فترة ممكنة، وفق نظام وضع قواعده البطريرك شمعون الباصيدي،
وتقضي بإنتقال المنصب من البطريرك إلى ابن الأخ الأكبر بعد ترشيحه من سلفه منذ
صغره، على أن تنذره عائلته لذلك منذ صغره وفق قواعد سلوكية صارمة بعض الشيء، تقضي
بعفته وعدم زواجه وعدم أكله اللحم طيلة حياته، وكذلك والدته خلال حملها به، وطيلة
فترة رضاعته، أي ما يقارب 21 شهراً. والواقع، أن حصر قواعد السلوك للمرشح
البطريركي في عدم أكل اللحم، هو إختصار لوظيفة دينية في نمط غذائي معين، وهو
النظام النباتي المعروف في يومنا هذا. وتقترب هذه الفكرة كثيراً من فهم مسيحيي
الجزيرة العربية في القرن السادس الميلادي لقواعد الدين المسيحي بشكل مبَسَّط، حتى
قال عنهم علي بن أبي طالب: "إنهم لا يعرفون من المسيحية سوى إنها تسمح لهم
بشرب الخمر". [45]
و
"بغية الحد من سلطتها في هذا الشأن إشترطت العشائر عليها عدم جواز رسم
البطريرك إلاَّ بعد الحصول على موافقة جميع ملوك (جمع مالك) ورؤساء وكهنة العشائر
الأثورية [46].
وبقي هذا الشرط معمولاً به إلى سنة 1920م حيث أهمله المطران يوسف خنانيشو عندما
قام برسم إبن أخته (إيشا داود) البالغ من العمر 12 سنة فقط مار شمعوناً بتأييد قلة
ضئيلة من الأثوريين فقط وبحماية الإنكليز". [47]
ومما
ساعد على بقاء هذا النظام التوارثي هو سريانه على الكنائس (الأبرشيات) التابعة
لهذه الكنيسة الأم، حتى عهد قريب. وكانت التقسيمات الإدارية للكنيسة الشرقية في
إمارة حكاري، كما يلي: -
1. أبرشية البطريرك: يرأسها المار شمعون نفسه،
وكان مقرها في قرية قوذشانس حيث كانت تتبعها كل من عشائر تياري السفلي وتياري
العليا وتخوما وديز وطال.
2. أبرشية جيلو وباز وريكان: ويرأسها أسقف جيلو
الملقب بمار سركيس، وكان مقرها في قرية مار زيا في جيلو الكبرى، حيث كانت تتبعها
عشائر جيلو الكبرى وجيلو الصغرى وباز ومنطقة الريكان.
3. إبرشية برواري بالا: يرأسها أسقف يسمى مار
يوآلاها، ومقره في قرية "دوري" بحيث كانت تتبعها مناطق برواري بالا
وصبنا ونيروة.
4. أبرشية شمدينان: يرأسها مطران وكانت تسمى
بأبرشية روزتاقا أيضا، وكان مقرها في قرية ماربيشو (كرسي العيلامي) الإيرانية
الحالية. [48]
وكان
تنصيب بولص شقيق البطريرك المغدور مار شمعون بنيامين بطريركا للأثوريين في 14
نيسان[49]
1918 هو آخر تنصيب حضره جميع رؤساء العشائر الأثورية بالإضافة إلى مطارنة وأساقفة
الأبرشيات الأثورية، حيث جرت مراسيم ذلك التنصيب البطريركي في كنيسة مريم العذراء
الشرقية في مدينة أورميا إبان نزوح الأثوريين من تركيا إلى إيران هرباً من
الإضطهاد التركي بعد تمردهم على الدولة العثمانية عام 1915. وقد حضره كل من: -
1. المطران إسحق خنانيشو رئيس أبرشية روستاقا.
2. الأسقف زيا سركيس أسقف جيلو وباز وريكان.
3. الأسقف يوسف خنانيشو أسقف شمدينان.
4. الأسقف إيليا الألقوشي رئيس أبرشية وان.
5. القس إسحق الأشوتي من تياري السفلى.
6. القس أويتر من جيلو.
7. القس حنا من شمدينان.
8. القس أوراهم مرهج من أورميا.
9. الشماس يوسف قليتا.
10.الشماس بابا رئيس أثوريي أورميا.
11.الشماس يوئيل.
12. ملك خوشابا رئيس عشيرة تياري السفلى.
13.داود ملك خوشابا.
14. أغا بطرس إيليا قائد القوات الأثورية في
أورميا.
15.مالك أسماعيل رئيس عشيرة تياري العليا.
16. ياقو ملك أسماعيل.
17.مالك خمو البازي رئيس عشيرة باز.
18.أغا لازار من أورميا.
19. الدكتور إسرائيل من أورميا.
20. داود مالك من أورميا.
وإلى
جانب هؤلاء حضر بعض الضيوف وهم: المطران توما أودو مطران أورميا للكلدان
الكاثوليك، والقس واسيل من الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، العقيد الروسي كوزمن
مستشار القوات الأثورية، الدكتور شيد نائب القنصل الأمريكي في أورميا، الدكتور
باكرت الأمريكي، الدكتور كون رئيس الجامعة الأميركية في أورميا، الدكتور عزرا،
القس نيسان من الكنيسة الأنكليكانية في أورميا. [50]
في
حين أن مراسيم تنصيب خلفه مار شمعون إيشاي (11 عاما) جرت في خيمة من مخيم بعقوبة [51]
بتاريخ 20 حزيران 1920. وقام برسامته:
1. المطران خنانيشو (خاله)
2. المطران سركيس
3. داود قائد القوات الأثورية (والده)
4. سرما خانم (عمتَّه)
5. زيا (عم البطريرك)
6. تيودور (شقيق البطريرك)
وبمباركة البريطانيين الذين وجدوه صغيراً وسهل
الإنقياد، ودون إنتظار إنعقاد المجلس الكنسي الذي يضم جميع مطارنة الكنيسة الشرقية
القديمة، وقد تنافس معه على المنصب أخوه ثيودور، إلاّ أن الأختيار وقع عليه.[52]
و"حصل انشقاقا كبيرا في الآثوريين حيث إن الأغلبية لم تكن مؤيدة لهذه الرسامة
وعلى رأسهم أغا بطرس وملك خوشابا حيث طلب الرافضين لهذه الرسامة من مار طيماثاوس
ان يصبح بطريركا لهم إلا انه رفض ذلك مدعياً بأنه لا يرغب في توسيع شقة الخلاف بين
الآثوريين فيزيد الطين بلّة." [53]
وفي ظل عدم إكتمال السينهودس لتعذر حضور مار ابيمالك طيمثاوس مطران مالابار والهند،
وغياب معظم رؤساء العشائر الأثورية الذي كانوا قد وصلوا مخيم مندان [54]
ضمن حملة أورميا لعام 1920، فقد أحتج الكثيرون في عدة مناسبات بأن رسامة إيشاي
للبطريركية كان بشكل غير قانوني، ولم يستوف الإجراءات المطلوبة في التنصيب
البطريركي المعتاد لهذه الكنيسة العريقة.
واليوم، وبعد تشتت الأشوريين في دول الشتات مما
يتعذر جمعهم، فإن إجراءات إنتخاب وتنصيب بطريرك الكنيسة الأشورية تجري بإلتآم مجلس
رؤساء الأبرشيات أو المجمع الكنسي المقدس (السنهودس) فقط، ولا حاجة أو ضرورة لتجمع
رؤساء العشائر الأشورية المتفرقة في دول العالم المختلفة، خاصة بعد زوال نظام ناطر
كرسي للتوارث البطريركي. وهذا ما جرى أثناء تنصيب البطريرك الحالي مار كيوركيس
صليوا الثالث، حيث وبعد نياحة البطريرك الراحل مار دنخا الرابع في 26 آذار2015
التأم سينودس مجلس الآباء في كنيسة مار يوحنا المعمدان في عنكاوا، أربيل، اقليم
كردستان العراق في الفترة بين 16 - 18 أيلول 2105. وفي يوم الجمعة 18 أيلول انتخب
اعضاء المجمع المقدس غبطة الميترافوليط مار كيوركيس صليوا ليكون الجاثيليق
البطريرك الواحد والعشرون بعد المئة على كرسي ساليق وقطيسفون. وتمت رسامته وتتويجه
في كنيسة مار يوحنا المعمدان يوم الأحد 27 أيلول 2015 بوضع اليد من قبل أصحاب
الغبطة الميترافوليطين مار أپريم موكن ومار ميلس زيا وبشراكة يمين كافة أباء كنيسة
المشرق الآشورية. [55]
وقد
أدى هذا النظام لاحقاً إلى الجمع بين السلطتين الروحية-الزمنية، أو
الدينية-الدنيوية، وحصرها في عائلة واحدة، هي عائلة (أبونا)، مما قاد إلى إحتكار
هذه الوظيفة الدينية بيد جماعة معينة، كما دفع قسم كبير من أتباع هذه الكنيسة إلى
الإنقسام والإنفصال عنها، حتى ألغي هذا النظام في عهد البطريرك دنخا الرابع عام
1976.
وهكذا
يمكن القول بأن هذه الكنيسة قد شهدت نظاماً عائلياً جمع لها السلطتين الدينية
والدنيوية وجلب لها الكثير من المآسي والنكبات طيلة 700 سنة، إبتدأت بعد عهد دنخا
الأول (1266-1281)، وانتهت في عهد دنخا الرابع (1976-2015). وبدأت سلسلة بطاركة
قوجانس عام 1661 بحادث إغتيال، وإنتهت عام 1975 بحادث إغتيال أيضاً.
و
"لا يعرف الكثير عن تاريخ المنطقة (هكاري) قبل زيارة الأوروبيين لها في القرن
الثامن عشر. ومع ذلك يعتقد أن تركيز المسيحية بها يعود إلى القرن الرابع عشر عندما
احتل تيمورلنك بلاد فارس وبلاد ما بين النهرين وشن حملة اضطهاد على المسيحيين بها
دافعا بهم إلى الجبال. وبحلول منتصف القرن السادس عشر اختفى النساطرة من العديد من
المدن التي ازدهروا بها سابقا، مثل تبريز ونصيبين. كما نقل كرسي بطريركية كنيسة
المشرق من بغداد إلى مرغة في أورميا سنة 1553." [56]
"في
القرن الخامس عشر إنحسرت أبرشيات كنيسة المشرق في شمال بين النهرين وفي جبال
هكاري. وفي سنة 1450 قام البطريرك شمعون الباصيدي (+1497)
بحصر البطريركية في أبناء عائلته وحدها (العائلة الأبوية). وسَنَّ قاعدة لتوريث
الجاثليق من هذه العشيرة، مما جعل عائلة واحدة تهيمن على الكرسي البطريركي.
وتبعا
لذلك، فقد إنتقل مقر بطريركيتهم مرات عديدة، من بغداد بعد عهد البطريرك دنخا الأول
(1266-1281) إلى مراغة شرق بحيرة أورميا عام 1553، ثم أربيل ثم الموصل (كرمليس،
القوش، تلسقف، والعمادية) ثم خسراوا-سلامس عام 1662، ثم قوجانس في جبال هكاري
بتركيا منذ عام 1680، ثم مخيم بعقوبة 1918، ثم قبرص 1934، ثم شيكاغو-إيلينوي في
الولايات المتحدة عام 1950، فسان فرانسيسكو-كاليفورنيا عام 1954، ثم شيكاغو عام
1976، وأخيراً أربيل-شمال العراق منذ عام 2015، ولم يعودوا إلى بغداد بشكل مستقر
منذ عهد تيمورلنك حتى يومنا هذا. ومن المؤسف، أن الأماكن التي غادروها لم يعودوا
اليها أبداً (مثل مراغة، وبغداد، والقوش، وكرمليس، وتلسقف، وقوجانس).[57]
المبحث الثالث
سلسلة بطاركة مار شمعون [58]
يسود
التناقض والإختلاف تسلسل بطاركة كنيسة المشرق عموما، لعدة أسباب منها: -
أولا.
كثرة الإنشقاقات
إنشقاق
قسم كبير منها عام 1553، بقيادة المطران يوحنا سولاقا وإنضمامه إلى كنيسة روما
الكاثوليكية، ومع ذلك فقد تلقب بلقب مار شمعون أيضا وحاز التسلسل الثامن في
السلسلة، كإمتداد للكنيسة الأم، ولكن دون جدوى. وإنشقاق قسم من الكنيسة الشرقية
النسطورية وإعتماده تسمية (الكنيسة الشرقية القديمة) بزعامة مطران الهند توما درمو
عام 1968، وخلفه فيها البطريرك مار أدي منذ 1970 حتى يومنا هذا.
ثانيا.
تناوب الإنتقال من الكثلكة إلى النسطرة وبالعكس
وقد
جرى عودة قسم من المتحولين للكاثوليك إلى الأصل النسطوري قبل أن تترسخ الكثلكة
فيهم، وبالمقابل فقد إنضم قسم من النساطرة إلى الكاثوليك وفق سلسلة جديدة، لذا فقد
ظهرت ثلاثة خطوط من سلسلك بطاركة كنيسة المشرق، هي خط ساليق-قطيسفون، وخط يوحنا
سولاقا، وخط آمد (ديار بكر)، وهناك فرع أخر لكنيسة المشرق تأسس عام 1968 ولقب
بالكنيسة الشرقية القديمة، وأول بطريرك لها هو توما درمو (1968-1969)، ومن ثم أدي
الثاني (1970-ولحد اليوم). [59]
ثالثا.
تعدد مقار البطريركية الشرقية
كان
لإنتقال المقر البطريركي للكنيسة الشرقية من مكان لآخر، مع إدعاء أكثر من طرف
بعائديتها وإعتمادها في تسلسها التاريخي، سببا في خلق الإضطراب وعمل في تشويش
الصورة على الباحثين.
ف
"الكرسي البطريركي المشرقي مقره كان في المدائن (ساليق وقطيسفون- طاق كسرى)
ثم في بغداد عند قيام الخلافة العباسية وانتقل إلى عدة أماكن بسبب الظروف الأمنية
والسياسية (الحروب). مثلا إلى مراغا وأربيل وكرمليس والموصل وجزيرة بن عمر ونقله
منها البطريرك شمعون السادس إلى دير الربان هرمزد سنة 1504 وظل فيه إلى وفاة إيليا
13 إيشوعياب سنة 1804، وعندما اعتنق المطران يوحنا هرمزد وهو أحد أنسبائه الكثلكة
نقل الكرسي إلى الموصل سنة 1830 وانتهى المقر في دير الربان ثم نقل الكرسي من جديد
إلى بغداد سنة 1958." [60]
رابعا:
تقاطع خطوط التوارث البطريركي
والغريب
أن نجد أن الكنيسة الأشورية اليوم تنحدر من خط الإنشقاق الأول الذي قاده يوحنا
سولاقا عام 1553. وإن الكلدان المنشقين عن الكنيسة النسطورية ينحدرون من خط تلك
الكنيسة التي إنشقوا عنها، والتي بقيت محافظة على وجودها وإستمرارها في القوش شمال
الموصل أول الأمر.
ف
"الكلدان اليوم يعودون إلى هذا الخط الألقوشي، أي خط ساليق وقطيسفون…
والبطريرك الحالي هو سليل هذا الخط وليس سليل خط البطريرك سولاقا.
أما
الخط الثاني فبدأ مع سولاقا 1551-1555 في ديار بكر- آمد، سولاقا رئيس دير الربان
هرمز اعتنق الكثلكة وسيم بطريركاً بروما وأقام كرسيه في ديار بكر– آمد، تركيا
حاليا. وتذبذب هذا الخط بين الكثلكة والعودة إلى الكنيسة القديمة، وانتقل إلى
أماكن عديدة: سعرت، سلماس، اورمية ثم إلى قوجانس عام 1656 مع شمعون 13 دنحا؟
وصراحة ثمة مشكلة؟ فلا يمكن أن يكون بطريركان للكنيسة القديمة: الأول في دير
الربان هرمز والثاني في قوجانس وغير معلوم متى انتقل إلى قوجانس تماماً؟ وإلى خط سولاقا
يرجع قداسة البطريرك مار كوركيس صليوا الثالث ولربما لهذا السبب حافظ أسلافه إلى
أيام مار دنحا الرابع بالختم الكلداني!
وفي
فترة ما أسس خط أخر في ديار بكر للكلدان هو يوسف الأول 1681 ويوسف الثاني والثالث
والرابع، واندمج في النهاية في خط الموصل يوحنا هرمز." [61]
خامساً.
تبادل الألقاب الكنسية
أن
لقب "بطريرك الأثوريين" أطلق أولاً على خلفاء سولاقا من بطاركة المشرق
المتحدين بروما، بينما أطلق لقب "بطريرك بابل" بادئ الأمر على الجثالقة
النساطرة غير المتحدين بروما. غير أن التطورات اللاحقة عكست الأوضاع تماماً. فأضحى
لقب "بطريرك بابل" في المفهوم الشائع كنيسة للبطريرك الكاثوليكي. بينما
أضحى لقب "بطريرك الأثوريين" كنية للبطريرك غير المتحد بروما. [62]
ومن
المؤكد أن الرؤيا لم تكن واضحة تماما للكاثوليك الجدد، لا بل أن أحد البطاركة وهو مار
إيليا الثامن (1591-1617) ورث كرسي البطريركي، "كان معتقده كالماء الفاتر لا
كاثوليكيا ولا نسطوريا". لكنه توفي على المذهب النسطوري ودفن في مقبرة بطاركة
أبونا في دير الربان هرمزد. [63]
-
التسلسل
البطريركي الشمعوني
تناوب
على الكرسي البطريركي لكنيسة المشرق النسطورية من عائلة أبونا والذين حملوا لقب
(مار شمعون) 23 بطريركا، إضافة إلى 3 بطاركة حملوا ألقاباً أخرى، وفيما يلي قائمة
بأسمائهم والفترة التي تولَّوا فيها المنصب ومقراتهم، [64]
وهم: -
1. مار طيموثاوس الثاني (1318-1328) – أربيل-العراق
2. مار دنخا الثاني (1329-1359) – كرمليس-العراق
3. مار دنخا الثالث (1359-1368) – الموصل-العراق
4. مار شمعون الثالث (1369-1392) – الموصل-العراق
5. مار شمعون الرابع (1403-1407) – الموصل-العراق
6. مار إيليا الثالث (1407-1420) - الموصل-العراق
7. مار شمعون الخامس (1420-1447)
– جزيرة إبن عمر-تركيا
8. مار شمعون السادس (1448-1490) - القوش-العراق
9. مار أيليا الخامس (1491-1504) - الموصل-العراق
10.مار شمعون السابع (1505-1538) – القوش-العراق
11. مار شمعون الثامن إيشوعياب
(1538-1551) – القوش-العراق
12. مار شمعون التاسع دنخا برماما
(1552-1558) – سلماس-إيران
13.مار شمعون يوالاها العاشر (1558-1580) – سلماس-إيران
14.مار شمعون دنخا الحادي عشر (1580-1600) – أورمية-إيران
15. مار شمعون إيليا الثاني عشر (1600-1653) – أورمية-إيران
16. مار شمعون إيشوعياب الثالث عشر (1653-1690) –
قوجانس-تركيا
17. مار شمعون يوالاها الرابع عشر (1690-1692) – قوجانس-تركيا
18. مار شمعون دنخا الخامس عشر (1692-1700) – قوجانس-تركيا
19. مار شمعون شليمون السادس عشر (1700-1740) – قوجانس-تركيا
20. مار شمعون ميخائيل مقدسي السابع عشر (1740-1780)
– قوجانس-تركيا
21. مار شمعون يونان الثامن عشر (1780-1820) – قوجانس
-تركيا
22. مار شمعون اوراهم التاسع عشر (1820-1860) –
قوجانس-تركيا
23. مار شمعون روئيل العشرون (1860-1903) – قوجانس-تركيا
24. مار شمعون بنيامين الحادي والعشرون (1903-1918)
– قوجانس-تركيا
25. مار شمعون بولس الثاني والعشرين (1918-1920) –
بعقوبة-العراق
26. مار شمعون إيشاي الثالث والعشرون (1920-1975) –
سان فرانسيسكو-الولايات المتحدة.
المبحث الرابع
الكنيسة الشرقية ... البيت المنقسم على ذاته
- طريق الوراثة المعبد بالدم
نظام الوراثة سواء
أكان في الحكم أو في الكنيسة، فهو نظام سلطوي، أي أن موضوعه هو السلطة، لإنه ينصَّبُ
عليها تحديداً. لذا فمن البديهي أن يكون الصراع على السلطة شديداً ودموياً. فتاريخ
الصراع على أي سلطة هو بلا شك تاريخ دموي قاسٍ.
ولا يشُّذ تاريخ
الصراع على سلطة الكنيسة الشرقية عن ذلك. فقد تخلل تاريخها عدد من الصراعات الدموية،
نوجز أهمها بما يلي: -
أولا. الإنشقاق الأول
على النظام - صراع يوحنا سولاقا 1552
لم
تكد تمر مئة وخمسون عاما على تطبيق هذا النظام الوراثي في الكنيسة حتى ظهر التصدع
في جداره، وقاد ذلك إلى أول إنشقاق تشهده هذه الكنيسة في تاريخها الطويل الذي يمتد
لأكثر من 1500 سنة، منذ القرن الأول الميلادي وحتى القرن السادس عشر الميلادي.
وأدّى
هذا الإجراء إلى انقسام بين صفوف المؤمنين لا سيّما عندما كان يتولى الكرسي صبيّ
صغير. ففي عام 1539 إضطر البطريرك شمعون السابع برماما (1538-1558) إلى رسامة ابن
أخيه الذي لم يكد يبلغ الثانية عشرة ميترابوليتًا [65]
لعدم وجود شخص غيره في العائلة الأبوية. وللأسباب عينها، شغرت عدة أبرشيات. وبعد
بضع سنين رسم فتى أخر عمره خمسة عشر عامًا، فتفاقم التذمر بين أبناء الكنيسة لا
سيّما في مناطق آمد (ديار بكر) وسعرد، فالتقى المعارضون للتوريث في الجزيرة ثم في
الموصل في شباط 1552 وحضر هذا اللقاء الموسَّع فضلاً عن وجهاء الموصل وعدد من
الكهنة والرهبان، أسقف أربيل وأسقف سلماس وأسقف أذربيجان، واختاروا بالإجماع يوحنا
سولاقا، من عائلة بلّو، رئيس دير الربّان هرمزد في جبل ألقوش بطريركًا. ولعدم وجود
رئيس أساقفة يقوم برسامته، أوفدوه إلى روما للرسامة ولنيل اعتراف الكرسي ألرسولي.
ولقد رافقه وفد من أشراف الشعب، وتوجهوا أولاً إلى فلسطين لزيارة العتبات المقدسة،
ثم تابعوا سفرهم إلى روما، وكان البابا آنذاك يوليوس الثالث. هناك أعلن إيمانه
الكاثوليكي في عشرين شباط 1553، وحصلت رسامته أسقفا في نيسان من نفس السنة. وانتشر
في روما خبر بوفاة البطريرك برماما، وعلى إثره قام الكرسي ألرسولي بتثبيت سولاقا
“بطريرك الموصل” في مرسوم مؤرخ في 28 نيسان 1553 “وألبس الدرع المقدس divina
disponente clementia” بأسم “شمعون الثامن سولاقا”.
على
الأرجح تّم هذا التحوّل بتأثير المرسلين الغربيين.
وفي
عودته، رافقه بعض الرهبان الدومنيكان للمساعدة في نشر الكثلكة. وصل يوحنا سولاقا
آمد في 12/11/1553 وجعل فيها كرسيّه وقوّى موقفه ورسم متروبوليتين وثلاثة أساقفة:
لآمد والجزيرة وماردين وسعرد. وحصل عام 1553 على اعتراف الباب العالي (السلطان العثماني).
لكن البطريرك برماما، الذي كان لا يزال في قيد الحياة، مارس على باشا العمادية
تأثيرًا، فدعا سولاقا إليه، فلما وصلها، قام باعتقاله وتعذيبه. وأخيرا مات في 12
كانون الثاني من عام 1555. وقد عدّته الكنيسة الكلدانية شهيد الاتحاد. واجتمع
الاساقفة الخمسة الذين كرّسهم سولاقا، واختاروا خلفًا له عبديشوع، مطران الجزيرة
الذي كان في السابق راهبًا (1555-1570). سافر إلى روما ونال التثبيت من البابا
بيوس الرابع عام 1562 وجعل مقرَه في دير بقرب سعرد حيث عاش حتى وفاته. وبسبب
الأوضاع الأمنية المتدهورة وبغية تقديم خدمة رعوية أفضل، سكن خلفاؤه في سعرد ثم في
سلماس وخسراوا وأورميا. وبقوا في الشركة مع روما إلى القرن السابع عشر، ولكن لم
يسافر أحدهم إلى روما لنيل التثبيت من الكرسي ألرسولي. وأن بعضهم لم ينل الاعتراف
الرسمي، وأن البعض الآخر أرسل صورة إيمانه وقامت روما بتثبيته، نذكر على سبيل
المثال البطريرك شمعون التاسع دنحا (1580-1600)، وقد حمل رسالة تثبيته المبعوث
البابوي ليونارد هابيل عن طريق حلب، وسلمت عام 1585. وعند نقل البطريرك شمعون
الثالث عشر دنحا (1662-1700) كرسيّه إلى قوذشانوس في جبال هكــــاري، عاد هذا الخط
من البطاركة إلى العقيدة التقليدية (النسطورية)، وليس واضحًا إن كان قد أعاد معه
التوريث.
وعلى
أي حال يبدو أن بعض الرهبان والأساقفة تخاصموا مع البطريرك الجالس واتفق كل من
أساقفة أربيل وأورميا وسلماس على اختيار يوحنا سولاقا أحد رهبان دير الربان هرمز
بطريركًا على الكنيسة متخذاً أسم يوحنا الثامن. في محاولة لتعزيز موقفه قام يوحنا
بالاتصال بالرهبان الفرنسيسكان وارتحل إلى روما سنة 1552 حيث قبل الإيمان
الكاثوليكي على يد البابا يوليوس الثالث ويبدو أن البابا قد أُعلِمَ بأن اختيار
يوحنا سولاقا تم بطريقة شرعية بعد وفاة سلفه، فكُرِّس بطريركًا على الموصل لكنيسة
المشرق في 28 نيسان 1553.
عاد
سولاقا إلى المشرق برفقة راهبين من الدومنيكان غير أنه لم يحظى سوى باعتراف مسيحيي
ماردين وآمد. فقرر تأسيس الكرسي الكلداني في آمد ونجح في الحصول على إعتراف عثماني
رسمي به على رأس "الملة الكلدانية" في كانون الأول 1553. قام يوحنا
سولاقا لاحقًا بتكريس مطارنة على جزرتا وحصنا دكيفا وأنشأ أبرشيات في آمد وماردين
وسعرد، فرد خصمه شمعون السابع بتنصيب مطارنة على نصيبين وحصنا دكيفا. تمكن شمعون
من استمالة حاكم العمادية فقام هذا بدعوة يوحنا سولاقا وسجنه لأربعة أشهر حتى
وفاته مقتولا سنة 1555. كما توفي شمعون سنة 1558 فخلفه ابن أخيه إيليا السادس
(1558-1591)." [66]
وفي
الواقع، فقد جرى إيهام بابا روما يوليوس الثالث بأن بطريرك كنيسة المشرق مار شمعون
السابع برماما قد توفي في تلك الأيام، وأن خليفته يوحنا سولاقا يرغب بضَم كنيسته
النسطورية إلى الكنيسة الكاثوليكية في روما، مما دفع البابا المذكور إلى رسامته
وتقليده المنصب البطريركي في الوقت الذي ما زال فيه بطريرك الكنيسة الأصلي على قيد
الحياة. "لقد اعتقدت روما، بناء على ما عرض عليها في حينه، أن رئيس الدير
سولاقا إنما انُتخب لكي يخلف البطريرك شمعون برماما، على أساس إن هذا الأخير قد
توفي. ونتيجة لذلك فقد ظنت روما انها أبرمت الإتحاد القانوني مع كنيسة المشرق
قاطبة. وإذ ثبت لدى روما لاحقًا إن شمعون برماما كان يومئـذ لا يزال حيًا يرزق فقد
وجدت نفسها أمام واقع جديد وهو انقسام كنيسة المشرق إلى مجموعتين: “المجموعة
النسطورية” التي تترأسها عائلة “أبـونا” البطريركية ومقرها دير الربان هرمزد،
والمجوعة الكاثوليكية برئاسة خلفاء سولاقا وقد تحوّل مقرهم من ديار بكر إلى سلاماس
في إيران ثم إلى قوجانـس في تركيا." [67]
ولهذا فقد لُقِّب يوحنا سولاقا ب (مار شمعون الثامن) إستمرارا لذات اللقب
الشمعوني، وتواصلا مع ذات السلسلة في تسلسلها.
فتواجد
بهذا الشكل للكنيسة المشرقية بطريركين في نفس الوقت بطريرك وراثي مقره القوش في
سهل نينوى وبطريرك باباوي[68] مقره
في ديار بكر جنوب شرق تركيا، استمر هذا الوضع غير الطبيعي حتى عام 1662 م عندما
قام البطريرك في ديار بكر مار شمعون الثالث عشر دنحا بالخروج عن سلطة بابا روما
ونقل مقره إلى قرية قدشانيس في حكاري في تركيا، فكان رد الفاتيكان على ذلك بإقامة
بطريرك جديد ليقود الكلدانيون الذين ظلوا موالين للعقيدة الكاثوليكية، هذه الجماعة
عرفت بالكنيسة الكلدانية الكاثوليكية. لم تكن شركتهم مع كنيسة روما كاملة حتى عام
1830 م عندما قام البابا بيوس الثامن بالتصديق والتأكيد على تسمية مار يوحنا
الثامن هرمز رئيسا للكنيسة الكلدانية الكاثوليكية حاملا لقب بطريرك بابل للكلدان،
وصولا إلى لويس روفائيل ساكو بطريرك الكنيسة الكلدانية حالياً.
ثانيا. صراع إيشوعياب
دنخا 1662
ويروي قصة هذا الانشقاق الأسقف مار إيليا بيت أبونا
في كتابه غير المنشور [69]
(تاريخ بيت أبونا). وقعت جريمة قتل في بيت أبونا وكان سببها أنه في عهد مار إيليا
الثامن (1617 – 1160) كان قبل نذر إثنان لولاية العهد البطريركي بموجب التقليد
القديم الأول إيشوعياب بن دنخا والثاني حنانيشوع بن ابراهيم، وكان كل من دنخا
وابراهيم أخوين للبطريرك مار إيليا الثامن. ولكون ايشوعياب بن دنخا هو ابن الأخ
الأكبر لذا كانت الخلافة البطريركية من حقه. إلا أنه لم يكن متعلماً بما فيه
الكفاية مثل حنانيشوع بن ابراهيم والجماعة كلها رشحت حنانيشوع للبطريركية ورفضت
ايشوعياب رغم أحقيته فغضب والده دنخا لدى رفض ابنه ايشوعياب وفي أحد الأيام عمد إلى
قتل حنانيشوع ابن أخيه أثناء الصلاة في الكنيسة وهرب مع عائلته إلى اورميا في بلاد
العجم. وهناك اتصل بالمرسلين الدومنيكان الكاثوليك ورسموا ولده ايشوعياب بطريركاً
بأسم مار شمعون دنخا ومن هناك نزح مع عائلته إلى منطقة حكاري والتجأ إلى العشائر
الآشورية. إلا أن أمير جولميرك الكردي الذي كان يحكم المنطقة آنذاك منعه من السكن
بين العشائر الآشورية كي لا يؤثر على أفكارهم إذ انهم لا يفهمون غير لغة السيف وبأسم
الأمير. لذا سكن قرية قوذشانوس بعيداً عن العشائر الآشورية وحمل لقب مار شمعون،
وكانت العائلة الشمعونية النازحة من القوش تضم ثلاثة إخوة بنيامين واسحق وناثان
وكان اتفاقهم أن تتناوب البطريركية بينهم. إلا أن خلافات عميقة نشبت بينهم أدت إلى
حدوث اغتيالات أخرى. [70]
ثالثا. إنشقاق عائلي –
صراع نمرود 1903
لقد كُتِب الكثير عن
هذه الحادثة. ودار الجدل حول دور عائلة البطريرك بنيامين في مقتل عائلة نمرود
بأسرها، فمنهم من نسبها إلى تحريض وتخطيط عائلة البطريرك، ومنهم من برأها منها.
وبعد الإطلاع على العديد من المصادر التاريخية وباللغات العربية والإنكليزية
والسريانية، وشهادات بعض شهود العيان لهذه الحادثة المأساوية، يمكن إستخلاص ما
يلي: -
أولا. إنها إحدى حلقات
الصراع على الكرسي البطريركي.
ثانيا. إن تمرد نمرود
على حرمانه من منصب البطريرك قاده إلى تغيير مذهبه من النسطرة إلى الكثلكة عام
1903، وهو أسلوب طالما كرره المعارضون للوراثة البطريركية منذ 1552.
ثالثا. إن الخلاف بين
البطريرك الشاب بنيامين ونمرود قد إنتقل من الولاء المذهبي إلى الولاء السياسي، فإنصبّ
على البقاء إلى جانب تركيا كرعايا أتراك أو الإنضمام إلى جانب الحلفاء كعملاء
لروسيا إبتداءً وبريطانيا لاحقا.
رابعا. إن دور
البطريرك وعائلته في هذه المأساة لا يمكن إخفاؤه رغم عدم ظهوره بشكل مباشر، ويدل
على ذلك، القصد من هذه الجريمة التي يمكن وصفها بالجريمة السياسية لتعارض المصالح
السياسية بين طرفيها، لا سيما في ظروف الحرب الكونية، وهو القضاء على أي معارضة
لإنضمام الأثوريين إلى جانب الحلفاء والذي أعلنه البطريرك ذاته رسميا بالحرب على
الدولة العثمانية في 10 أيار 1915 في إندفاع مبالغ فيه، بحيث ضحى بأخيه هرمز الذي
كان يدرس في إسطنبول وألقيَّ القبض في الموصل بأمر من واليها وأعدم علنا بعد أن
ردَّ البطريرك على رسالة الوالي رداً يدل على التضحية والإندفاع معاً بقوله: "
إني قائد شــعبي وهم أولادي كثــار فكيف أستطيع أن أسلم شعبي من أجل أخي هرمز
فهو شخص واحد فقط فلتكن حياته قرباناً لأمتــه
". بينما إستطاع الشريف حسين شريف مكة أن ينقذ ولديه علي وفيصل اللذان كان
يدرسان في إسطنبول أيضا، وكان جمال باشا وزير البحرية العثماني ينوي القبض عليهما
في ذات العام. [71]
ومهما يكن من أمر، فإن مصير الشريف حسين لم يكن بأفضل من البطريرك.
والحقيقة التي لا جدال
فيها، أن القتل أو التصفية الجسدية أو الإغتيال السياسي كانت إحدى أبرز وسائل
تصفية الخصوم آنذاك، فالأمر لم يقف عند قتل نمرود وعائلته، فبعد 3 سنوات قتل
البطريرك بنيامين على يد سمكو في 3/3/1918، وقتل سمكو بدوره على يد القوات
الإيرانية في أيلول - سبتمبر من سنة 1930. [72]
وتفصيل الحادث كما
يلي: -
"كان البطريرك مار شمعون روئيل قد سقط من على ظهر فرسه في شهر
تشرين الثاني 1902. وأصابه الشلل النصفي نتيجة النزف الدموي الذي أصابه. ولم يشفى
البطريرك من هذه الإصابة بالرغم من جلب الدكتور أوشانا في ربيع 1903 من أورميا إلى
قوذشانوس لمعالجته. لكن البطريرك مار روئيل شمعون توفي متأثراً بإصابته يوم 29
آذار 1903. كان البطريرك في يوم 15 آذار 1903 قد قام برسامة بنيامين إلى درجة
المطران فوليط، رافعاً إياه من هيبذياقنا (الشماس الرسائلي) إلى مطران في يوم
واحد. كان الهدف من هذه الرسامة السريعة ليؤمن ويؤهل البطريرك أحد أفراد العائلة
للدرجة ناطر كرسي خوفاً من حدوث فراغ، لأن مار أوراها ميطرافوليط القلاية البطريرك
كان في الموصل آنذاك مع بقية أفراد آل نمرود ومار يهبألاها أسقف برواري لبحث
إمكانية الاتحاد مع الكنيسة الكلدانية. [73]
بدأت الترتيبات
اللازمة لرسامة بطريرك جديد ليحل محل البطريرك مار روئيل المتوفى، كانت الأحقية
لهذا المنصب، للمطران مار أوراها ابن أخ نمرود أو ابن عمهم الثاني القس يوسف لكن
لسوء حظهما كانا في هذه الأثناء في الموصل. كان موقف مار بنيامين ضعيفاً حيث لم
يكن يؤيده أحد من العشائر الآشورية الكبرى. لذلك وحسب مشورة المستر براون مسؤول
إرسالية الكنتربوري في قوذشانوس تم عقد قرآن رومي الأخت الكبرى لمار بنيامين إلى
شليمون ابن ملك أسماعيل (التياري العليا) وبذلك ضمن مستر براون تأييد هؤلاء على الأقل.
بعث المستر براون برسالة مستعجلة إلى الشيخ صادق (آغا نيري) طالباً سرعة إرسال مار
اسحق خنانيشوع مطران روستاقا لغرض رسامة بنيامين إلى الدرجة البطريركية.
وصل المطران خنانيشوع إلى
قوذشانوس يوم 10 نيسان 1903. في مساء يوم قبل الرسامة ظهرت مجموعة من الرجال المسلحين
على قمم الجبال المغطاة بالثلوج مقابل قوذشانوس وظن الناس أنهم رجال من تياري
السفلى مرسلين من قبل نمرود لمنع رسامة البطريرك. وتم على وجه السرعة إرسال بعض
المسلحين لتحري الأمر ولكن ظهر أنهم رجال من قبيلة ديز قادمين لمساندة ودعم رسامة
بنيامين.
تمت رسامة مار بنيامين
إلى السدة البطريركية لكنيسة المشرق النسطورية في كنيسة مار شليطا في قوذشانوس
صباح يوم الأحد 12 نيسان 1903، من قبل مار اسحق خنانيشوع ميطرافوليط روستاقا
يعاونه بعض الكهنة والشمامسة بدون حضور أي من رؤساء العشائر الآشورية المستقلة في
تياري وحكاري عدا تياري العليا وذلك نتيجة المصاهرة كما مر ذكره.
عاد آل نمرود من
الموصل إلى قريتهم قوذشانوس لكن العلاقة بينهم وبين البطريرك الصغير ذو الستة عشر
ربيعاً ظلت متوترة. وعلى أعتاب نشوب الحرب الكونية العظمى، ازداد تردد ضباط
استخبارات الدول الأجنبية إلى البطريركية في قوذشانوس وتوددهم إلى البطريرك الشاب ...
وهكذا أصبحت نوايا المار شمعون وعائلته وسكان قرية قوذشانوس مكشوفة وواضحة فتركوا
قريتهم ملتجئين إلى عشيرة ديز ولم يبقى فيها إلا نمرود ابن عم المار شمعون وعائلته
والذي رفع العلم التركي على داره لأنه أعلن ولائه للحكومة التركية. [74]
و "في 19 أيار
سنة 1915 قتل نمرود وابنه شليطا وابن أخته يوناثان وستة من أولاد إخوته في قرية
قوجانس على يد زمرة من عشائر تخوما وباز وديز وبإيعاز من البطريرك مار بنيامين
وبتحريض من سرمة خانم، ولقد كان مار شمعون بنيامين قد غادر قوجانس إلى ديز حيث أوعز
من هناك إلى أربعين رجلا من العشائر المذكورة وبقيادة نفر من الذين يعتمد عليهم في
تنفيذ أوامره الخاصة بالذهاب إلى قوجانس وقتل جميع الذكور من عائلة أل نمرود أولاد
عمومته بحجة أن نمرود رفض الانصياع إلى أوامره بمعاداة الدولة العثمانية ولم يترك
قريته قوجانس رافعا العلم التركي على داره كمواطن تركي . ويعتقد انه أراد القضاء
على نمرود قبل أن تنتشر أفكاره تلك بين العشائر الأثورية فتبقى على ولاءها للحكومة.
في الوقت الذي كانت رسالة المار شمعون بنيامين إلى الروس قد ضبطت من قبل الأتراك
مما يجعله يتحمل المسؤولية لوحده أمام الدولة العثمانية من جهة ويخفق أمام أصدقائه
الروس والإنكليز إذا لم ينجح في تنفيذ تعهده في تحريض الأثوريين على الوقوف ضد
الدولة التركية من جهة أخرى. فتحرك هؤلاء الأشخاص من ديز إلى قوجانس وعند وصولهم إلى
دار نمرود قالوا له بأنهم جاءوا ليأخذوهم إلى عشيرة ديز لمصالحتهم مع ابن عمه
المار شمعون بنيامين. فأجاب نمرود الذي كان مريضا وطريح الفراش بانه سيلبي طلبهم
بكل ترحاب وامر بإعداد الطعام والفراش لهم حتى اليوم التالي لكي يتسنى لأفراد
عائلته تهيئة أنفسهم للسفر. وفي اليوم الثاني طلب هؤلاء الرجال الاجتماع بال نمرود
في دار المار شمعون المتروكة قبل مغادرتهم قوجانس. وعند دخولهم تلك الدار ألقيَّ
القبض عليهم وشدَّت أيديهم وأرجلهم بالحبال وجرى تعذيبهم بوحشية. فقال لهم أل نمرود؛
(إذا كان هذا هو شكل المصالحة التي تنوون إجراءها نسترحمكم أن تسمحوا لنا بثلاثة
دقائق فقط لنؤدي فيها صلاتنا الأخيرة) إلا أن هؤلاء الرجال القساة فتحوا نيران
بنادقهم على أولئك الشبان المغلوبين على أمرهم واردوهم قتلى يتخبطون في دمائهم في
نفس الغرفة التي كان المار شمعون يجلس فيها سابقا. ثم عادوا إلى دار نمرود وقتلوه
في فراشه كما قتلوا يوناثان ابن شقيقته على السلم أثناء نزوله من الطابق الثاني
بسبب سماعه صوت البنادق. وبعد ذلك ربطوا كل شخصين من الباقين معا بالحبال بحجة أخذهم
إلى عشيرة ديز بما فيهم شليطا ابن نمرود الذي كان شابا وسيما وقويا ومثقفا. وفي
الطريق أطلقوا النار عليهم وقتلوهم جميعا ما عدا شليطا الذي تمكن من الهروب
والاختفاء خلف شجرة في الغابة بعد إصابته بجرح بليغ في معدته. كان شليطا يضمد جرحه
بقطع من ثيابه وهو يسير في الليل حتى وصل قرية ترفونس حيث كانت تسكنها خالته
المسماة نابط التي سهرت عليه وحاولت إسعافه دون جدوى حيث توفي متأثرا بجراحه.
وكذلك مات 28 نفرا من أفراد تلك العائلة المنكوبة من النساء والأطفال من جراء
الجوع والبرد وعدم وجود من يقدم العون لهم خوفا من انهم قد يلاقون نفس المصير.
وكان ضمن من هلكوا المطران أوراهم ابن أخ نمرود والذي كان المرشح الأول ليكون
بطريركا بدلا من المار شمعون بنيامين إلا أن عائلة بنيامين (أسم العائلة وليس أسم
قداسة البطريرك) كانت اقوى نفوذا من عائلة نمرود التي كان لها الحق الشرعي في
الحصول على البطريركية حسب عُرف العشائر الأثورية لذا استحوذت عائلة بنيامين على
هذا الكرسي لنفسها. فمات المطران أوراهم جوعا وعطشا حيث كان يصرخ ويطلب كاسا من
اللبن مقابل ختمه الديني الذهبي الذي كان يقدر ب 14 ليرة تركية. إلا أن أحدا لم
يجرؤ على مساعدته بالرغم من مرضه فمات في قرية مار أوراها على نهر الزاب، وهكذا
كانت نهاية هذه العائلة المنكوبة. وبعد خمسة أيام من مقتل نمرود وأفراد عائلته جاء
إلى قوجانس المار شمعون بنيامين ومعه ثلة من جنود قوزاق الروس وعدد من اتباعه
فاخذوا يطلقون رصاص الفرح في الهواء ابتهاجا في الوقت الذي كانت جثث أولئك
المنكوبين من أفراد عائلة نمرود منتشرة في أروقة قوجانس تنهش بها الطيور الضواري.
انتهزت امرأة من أل نمرود بقيت على قيد الحياة هذه الفرصة فأخذت تهاجم المار شمعون
وتشتمه بغية استفزازه ليأمر بقتلها لأنها فضلت الموت على الحياة بعد مشاهدتها لتلك
الجريمة البشعة التي ارتكبت على مرأى منها. فإبادة هذه العائلة يعتقد أنها حدثت
للأسباب التالية:
1. للتخلص من المنافسين على الكرسي البطريركي.
2. لإزاحة المعارضين لسياسة إقحام الأثوريين في
الحرب العظمى الأولى قبل أن تسري فكرة الرفض بين العشائر." [75]
رابعا. - الإنشقاق الثاني - صراع توما درمو 1964-1968
في
عام 1968 نشب نزاع آخر حول وراثة الخلافة لمنصب البطريرك مجدداً، وبسبب قرار البطريرك بإتباع التقويم الجديد في الكنيسة، وتغيير
التقويم اليولياني إلى التقويم الغريغوري [76] بتاريخ 28 آذار 1964، مما أدى إلى
إعلان مار توما درمو متروبوليت (أسقف) كنيسة الهند التابعة لكنيسة المشرق القديمة
الإنفصال عن الكنيسة الأصلية ووقف واجباته فيها، وعيّن بطريركاً على كرسي
سلوقية-قطيسفون لكنيسة المشرق القديمة في بغداد بأسم البطريرك توما درمو، بعد
خلافات كبيرة مع البطريرك مار شمعون إيشاي المنفي خارج الوطن، والمقيم في سان
فرانسيسكو.
ويعود
السبب الرئيسي لهذا الإنشقاق الثاني، بعد الإنشقاق الأول ليوحنا سولاقا عام 1553، إلى
خبر نشرته إحدى المجلات البريطانية عن ترشيح طفل عمره يوم واحد لوراثة المنصب البطريركي،
وتفصيل ذلك كما نشره موقع الكنيسة الشرقية القديمة المنشقة، كما يلي: -
" القشة
التي قصمت ظهر الجمل:
في شهر آب من عام 1955 كان البطريرك مار إيشاي
شمعون في زيارة إلى لندن لتفقد عائلة أخيه سرجون باشا، وكانت زوجة سرجون باشا على
وشك أن تضع مولودها البكر، أجرى الصحفي الإنكليزي كانون دوغلس والذي كان صديق
البطريرك مقابلة معه في مجلة (Church
Times)
ونشرت المقابلة يوم 17 آب 1955 وجاء في الفقرة الثانية من المقابلة وعلى لسان البطريرك:
-
[بأنه هنا في لندن ينتظر زوجة أخيه سرجون
باشا لتضع مولودها البكر لكي يعمده ويضع عليه اليد ليكون البطريرك المقبل لهذه
الكنيسة حسب الموروث، لأن البطريركية في كنيسة المشرق النسطورية قد أصبحت وراثية
في عائلة المار شمعون لقرون خلت].
وجاء
في الفقرة التي تلتها بأن زوجة سرجون باشا وضعت مولودها البكر أنثى وليس ذكراً كما
كان متوقعاً. وضع أحد الآشوريون المقيمون في لندن نسخة من هذا العدد لمجلة (Church
Times) في مظروف وقام بإرسالها إلى مار توما درمو
مطران الهند، وصلت المجلة إلى الهند يوم 26 آب 1955 ولدى قراءتها انفجر المطران
غضباً كالبركان الهائج وكتب مقالة ضد رسامة طفل عمره يوم واحد ليكون بطريركاً
للكنيسة تحت عنوان "بطريرك من بطن أمه" نشرنا صورة المقال في الحلقة
الماضية. قام شخص بإرسال نسخة من المجلة مرفقة مع رد المطران مار توما درمو يتساءل
فيه [هل تعتقد قداستكم بأن كنيسة المشرق تسمح رسامة طفل عمره يوم واحد بطريركاً
لها؟ هل هناك قانون يسمح بهذا الإجراء؟ كلا، لا يوجد هكذا قانون ولن تسمح الكنيسة
به أبداً، وخاصة نحن نعيش في القرن العشرين الميلادي].
وصلت نسخة من المجلة
مع رد المطران مار توما درمو إلى يد البطريرك يوم 5 أيار 1960 وشعر البطريرك بأن
هذا الرد هو إهانة كبرى له واستمرت الحرب الإعلامية بين المطران والبطريرك. قرر
البطريرك مفاتحة مؤمني كنيسة الهند بجميع هذه المراسلات بضمنها رسالة القس مانو
أوشانا المار ذكرها." [77]
وقد جرت رسامته في 10
أكتوبر 1968 بأسم مار توما درمو، وعاش سنة واحدة فقط بعد الرسامة، حيث توفي في 7
أيلول 1969. وبقي الكرسي البطريركي شاغراً لمدة سنتين، إلى أن تم انتخاب مطران
بغداد مار أدي. ورُسم بطريركاً يوم 20 شباط 1970، بأسم مار أدي الثاني ولا يزال
بطريركاً حتى الآن.
خامسا. إغتيال
البطريرك مار إيشاي 1975
أشرنا -فيما سبق- إلى
أن نظام التوارث الكنسي البطريركي قد بدأ بحادثة قتل، والغريب إنه قد إنتهى بحادثة
قتل كذلك.
فآخر بطاركة عائلة مار
شمعون التي تولت منصب بطريرك الكنيسة الشرقية النسطورية (الأشورية لاحقاً) وهو مار
شمعون إيشاي الثالث والعشرين والآخير في هذه العائلة، قد أغتيل بشكل مأساوي حزين
على يد أحد أتباعه المدعو ديفيد (داود) ملك ياقو ملك أسماعيل مساء يوم 6 تشرين الثاني
من عام 1975 أمام منزله في مدينة سان هوزيه بولاية كاليفورنيا الأمريكية.
وكان
أيشاي الذي أنتخب بطريركا في مخيم بعقوبة للاجئين الأثوريين عام 1920 وهو بعمر 11
سنة، قد نفته الحكومة العراقية وأسقطت عنه جنسيته زمن الحكم الملكي أواخر عام 1933
بعد أحداث سميل المأساوية والتي راح ضحيتها مئات الأثوريين بعد تمردهم على الحكومة
وإنتقالهم إلى سوريا بشكل غير شرعي وعودتهم إلى العراق ثانية بعد أيام قلائل.
وبعد
أن أمضى مار شمعون إيشاي 53 عاما في خدمة الكنيسة الشرقية الأثورية (النسطورية) كان
قد سبق وإن قدم إستقالته من منصب البطريركية إلى المجمع الكنسي (السنهودس) عام
1972، وتزوج من إحدى قريباته عام 1973، وإنعزل في بيته الجديد على ضفاف المحيط
الهادىء في الولايات المتحدة. إلا أن أتباعه رأوا في ذلك خروجا على النظام الكنسي
الذي إستمر لأكثر من 650 عاماً، فجرى إغتياله بإطلاق النار عليه، وقد حكمت محكمة
أمريكية على القاتل عام 1976 بالسجن مدى الحياة، فيما أطلق سراحه بعد عدة سنوات
ليقيم في كندا في الوقت الحاضر. [78]
المبحث الخامس
نهاية نظام ناطر كرسيا
لقد
قاد التزمت بهذا النظام غير المقدس، والذي لا يُعَد من قبيل العقائد المقدسة داخل
الكنيسة، وإنما من قواعد الإدارة فيها، والتي هي في جوهرها قواعد تنظيمية لتسير
شؤون الكنيسة مؤقتا، والتي يجوز الاتفاق على مخالفتها أو تعديلها أو حتى إلغاءها، إلى
حوادث مؤلمة. وهذا النظام أملته ظروف سياسية معينة، وكان من المفروض أن يلغي العمل
به بمجرد زوال تلك الظروف، إلاَّ أن التدخلات الخارجية، وفي مقدمتها التدخل
البريطاني نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، ونظرا لما يحققه هذا
النظام من مصالح شخصية للبطريرك وعائلته التي إستقرت أخيراً في أميركا وبريطانيا
فقد جرى التشبث بهذا النظام رغم كل الإنتقادات والإنقسامات التي شهدتها هذه
الكنيسة. وكان للتمسك الأعمى بهذا النظام نتائج مأساوية منذ البداية وحتى النهاية.
وقد
ذهب المطران يوسف بابانا إلى أن نظام التوارث البطريركي هذا قد إنتهى عام 1803
بوفاة آخر البطاركة الشمعونيين بالوراثة وهو إيليا الثالث عشر إيشوعياب
(1804-1778). وكتب بهذا الصدد يقول:
"وهكذا
إنطوت الصفحة الأخيرة لعشيرة بني عمون أي عائلة بيت الأب التي برز منها عشرون
بطريركاً، أولهم طيماثاوس الأول سنة 1318م وأخيرهم يوحنان هرمز 1760-1837م."
[79]
والواقع
أن يوحنان هرمز هو شقيق البطريرك إيليا الحادي عشر الذي توفى في 1778م، وتنافس على
الكرسي البطريركي يوحنان وإبن عمه مار إيشوعياب الذي كان ناطر كرسيا الذي إنتزع
المنصب لنفسه عام 1804. مما حدا بيوحنان أن ينتقل إلى الكثلكة في كنيسة القديسة
مسكنته بالموصل عام 1826، فجرى تعيينه مطرانا على الموصل، ثم معاونا بطريركيا،
وأخيرا أصبح بطريركا للكلدان عام 1829حتى تاريخ وفاته في 1837.
وللتاريخ
فإن نظام ناطر كرسيا قد توقف منذ وفاة البطريرك مار شمعون روئيل في 29 آذار 1903،
حيث لم يكن قد رشح شخص لهذا اللقب إلى قبل وفاته ب 14 يوما فقط. ففي 15 من ذلك
الشهر كان قد رسم بنيامين مطراناً.
وحتى
تنصيب بولص شقيق بنيامين بطريركا بعد مقتل أخوه عام 1918 في أورميا قد تم إختياره
وهو لم يكن حاملا للقب ناطر كرسي (إي المرشح لحفظ الكرسي البطريركي) والذي يعلن
منذ صغره أو قبل فترة مناسبة على الأقل، ولكن ظروف الأثوريين في الحرب العالمية
الأولى أرغمتهم على ذلك.
وأخيراً،
فإن إيشاي قد أختير بطريركا وهو لم يكن ناطراً للكرسي البطريركي أيضا، وجرى تنصيبه
في مخيم بعقوبة للاجئين عام 1920 بعد وفاة بولص. ولم يكن هناك إجماع على هذا
التنصيب طيلة 53 عاما، حتى مقتله.
وجاء
حادث إغتيال البطريرك مار شمعون إيشاي بمثابة الضربة القاصمة التي أصابت نظام
الوراثة البطريركية المشرقية في مقتل، بحيث لم يجري أي توريث بعدها. وجرى الحديث
ثانية حول عدَّة مسائل، هي: -
1. جدوى هذا النظام في ظل الأوضاع الجديدة وتشتت
أتباع الكنيسة الأثورية في بقاع المعمورة، وغدا من الصعوبة على البطريرك إدامة
التواصل بينهم كما في السابق، أثناء وجودهم مجتمعين في جبال حكاري بتركيا، يوم
كانت القرية الأثورية لا تبعد عن الأخرى سوى مرمى حجر، والناس تتواصل فيما بينها
عدة مرات يوميا. أما الأن، فقد إنعزل البطريرك الأخير في ولاية كاليفورنيا
بأمريكا، في حين توزع اتباعه في ولايات أخرى مثل شيكاغو ومشيغان، وتناثروا في دول
أخرى مثل إيران وسوريا ولبنان وروسيا وكندا وأستراليا وغيرها.
2. بمغادرة الأثوريين لمعاقلهم في حكاري ونزوحهم إلى
أورميا في إيران، إنفرط عقدهم، وإنطلق كل رئيس عشيرة (ملك) يقيم علاقاته الخاصة مع
أي طرف أجنبي يختاره ويقدم ولائه هو وعشيرته له، على غرار ما فعله البطريرك
وأسرته. وهكذا فقد إنضم بعضهم للروس وآخرون لبريطانيا، ومثلهم لفرنسا، وغيرهم
لأمريكا. وهكذا تعددت الولاءات وصارعت فيما بينها بحيث فقد البطريرك بريقه وسحره
وتأثيره السابق على أتباعه، وتلاشت شيئا فشيئا الكاريزما الدينية للبطريرك.
3. يضاف إلى ذلك، أن إتخاذ الكنيسة صفة كنيسة
محاربة (مقاتلة) منذ إعلانها الإنضمام إلى جانب دول الحلفاء في الحرب الكونية
(العالمية الأولى) عام 1915، قد خلق لها أعداءً كثيرين، وجلب لها مآسي لا تعد ولا
توصف، وقدم تضحيات كثيرة على أمل تحقيق وعد بريطانيا لها بإقامة دولتها المنشودة.
فقد وضعت الكنيسة نفسها في موضع مقاتلة العثمانيين والأكراد والعرب، وقاد تحركاتها
وكان في مقدمة جحافلها هذه بطريركها الشاب آنذاك مار شمعون بنيامين (1903-1918)
الذي أغتيل غدراً على يد أسماعيل آغا المعروف ب (سمكو) زعيم قبيلة الشكاك الكردية.
4. وأخيرا، فإن هذه الكنيسة التي إنعزلت منذ القرن
الرابع عشر، شعرت أن الوقت قد حان لإنفتاحها على العالم أولا، وعلى الكنائس الأخرى
ثانياً، وفي مقدمتها الكنيسة الكاثوليكية وغيرها. وقد جرت محاولات تقارب عديدة
لاحقاً إلا إنها لم تكلل بالنجاح تماما. وقد قام خلفاء مار شمعون بذلك التقارب،
فقد "بدأ البطريرك دنخا الرابع خننيا بالحوار الكنسي مع الكنيسة الكاثوليكية
أوائل الثمانينات من القرن العشرين على أمل إزالة الخلاف اللاهوتي التاريخي بين
الكنيستين فأبدى البابا يوحنا بولس الثاني موقفا منفتحا بالنسبة لكنيسة المشرق،
والتقى رأسي الكنيستين عدة مرات نتج عنها بدء حوار بينهما سنة 1984 توج بتوقيع
وثيقة الإيمان المسيحي المشترك بين يوحنا بولس الثاني ودنخا خننيا في 11 تشرين
الثاني 1994 والذي نص على الاعتراف المتبادل بصحة إيمان الكنيستين. تلا هذا
الإعلان جملة من الاجتماعات سعت للوصول إلى صيغة موحدة للاهوت السوتريولوجيا."
[80]
وأعقبتها زيارة خلفه البطريرك الحالي للأشوريين مار كيوركيس الثالث، الذي إلتقى
البابا فرانسيس في الفاتيكان بتاريخ 17/11/2016.
وهكذا
فقد أنتخب أول بطريرك خليفة لهذه الكنيسة من خارج عائلة أبونا عام 1976 وهو
المطران دنخا خننيا، مطران طهران لكنيسة المشرق الأثورية، الذي أصبح بطريركاً لها
بأسم مار دنخا الرابع في عام 1976. وجرت مراسيم تنصيبه في غرب لندن في كنيسة
القديس برنابا ليصبح قداسته الخليفة 120 لكرسي ساليق وقطيسفون، ويبدو من ظروف
التنصيب أن بريطانيا كان لها دور في إضفاء الأسم الأشوري على هذه الكنيسة، لا
سيّما وأن بريطانيا كانت أول من نشر هذا الأسم على هذه الكنيسة وشعبها[81]،
وإستخدمتهم كمقاتلين بأسم (الحليف الأصغرThe smallest ally ) [82]
لتحقيق غاياتها وتنفيذ مخططاتها بداية القرن الماضي، ثم تركتهم وتنكرت لوعودها لهم
في الاستقلال وتكوين دولتهم، وأفقدتهم معقلهم الحصين في جبال هكاري، وخسروا
أراضيهم ومزارعهم ومقتنياتهم وكل مدّخراتهم، وفقدوا أكثر من ثلثي شعبهم، ومن مجموع
200 الف شخص، وصل إلى مخيم بعقوبة للاجئين 50 الف فقط. وظّل الأشوريون يصرخون ب
"الخيانة البريطانية للأشوريين" [83]
طيلة قرن كامل. ويبدو أنهم هذه المرة وجدوا في بريطانيا الحليف القديم خير نصير
لهويتهم القومية مجدداً.
ولأول
مرة منذ أكثر من ستة قرون من تاريخ هذه الكنيسة يغيب أسم مار شمعون كلقب مرادف
لصيق بأسم بطريرك هذه الكنيسة. كما إضطرت الكنيسة تحت ضغط أتباعها المتطرفين في
الخارج، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى تغيير أسمها الرسمي من (كنيسة
المشرق القديمة) إلى (كنيسة المشرق الأشورية). [84]
-
خاتمة
وإستنتاجات
إن
تاريخ كنيسة المشرق يضم في طياته أحداثاً أليمة وصراعات دموية وإنشقاقات عديدة،
رغم إن العديد من تلك الأحداث والقصص ظلت مخفية عن أعين العامة، وبقت طي الكتمان،
ولم يعرف بها غالبية المسلمين المنشغلين بصراعاتهم الكثيرة منذ وفاة محمد سنة 11
للهجرة حتى يومنا هذا، بعد 1428 سنة من ذلك التاريخ.
ويمكن
إستخلاص بعض الإستنتاجات من جراء تطبيق هذا النظام الوراثي الكنسي طيلة ستة قرون،
وهي: -
1. إن هذا النظام أملته الحروب التي سادت المنطقة
طيلة تلك الفترة.
2. إن هذا النظام قد أثر تأثيراً سلبياً على روحية
هذ الكنيسة العريقة، وحولها إلى مؤسسة تهتم بمصالح شخصية وفئوية ضيقة.
3. كثرة التدخلات الأجنبية التي تعرضت لها الكنيسة
بعد توافد بعثات تبشيرية متصارعة فيما بينها منذ منتصف القرن التاسع عشر، مما قاد إلى
تنامي الصراعات داخل تلك العائلة وأقطابها. فمنهم من سعى لتقويض النظام ومنهم من
بل كل جهد لإبقائه.
4. لعبت المصالح الشخصية دورا في التنقل من
النسطرة (المذهب النسطوري) إلى الكثلكة (المذهب الكاثوليكي)، مما عجل بنهاية هذا
النظام.
5. لعبت المصالح السياسية للدول العظمى آنذاك على
جلب المآسي والويلات على هذه الكنيسة التي سرعان ما وجدت نفسها تتعامل مع قضايا
سياسية خطيرة. أدت إلى خسائر مادية وبشرية كبيرة، ودفع العديد من البطاركة حياتهم
ثمناً لها.
وقد
إنطبعت الطوائف المسيحية الشرقية على إختلاف مذاهبها وكنائسها التاريخية بطابع
بيئتها الإسلامية، وهذا ما أدركه الغرب منذ زمن بعيد، فإستثمروا قدراتهم القتالية
المجانية مقابل وعود كاذبة. وعلى الرغم من مظاهر التودد والمحبة الزائفة التي
يتبادلها رؤساء تلك الطوائف، إلا أن خلافاتهم ظلَّت عميقة، لكنها لا تكاد تذكر
بسبب إنعدام طابع العنف في معظمها، وهي في كل الأحوال تخلف آثاراً نفسيةً عميقة الأثر،
وإنقساماً لانهاية له. وهذا ما حدا بأحد أوائل المبشرين الأمريكان في العراق (روجر
كريغ كامبرلاند) إلى وصف ذلك في مذكراته غير المنشورة عام 1930 بقوله: "الطوائف
المسيحية المختلفة، هي من بقايا الكنيسة القديمة، وأحدهم يودِّع الآخر إلى الجحيم
بحفاوة بالغة، ونحن كغرباء، إذا ما إرتبطنا بصداقة خاصة مع أي فئة منهم، فإن ذلك
يعني بأننا لسنا أصدقاء للبقية أجمع. ففكرة الوقوف على الحق، بغض النظر عن أية فئة
أو مجموعة، هي مسألة فوق إدراك العقل المحلي لأية ملَّة". [85]
د.
رياض السندي
كاليفورنيا
في 15 آذار 2018
[1] المسيحية الشرقية وتمثلها بشكل شامل الكنائس
المنتشرة في اليونان وروسيا والبلقان وأوروبا الشرقية وآسيا الصغرى والشرق الأوسط
وشمال شرق أفريقيا وجنوبي الهند. وتشير كمصطلح إلى كل ما حملته وتحمله هذه الكنائس
من تراث وتقليد مسيحي على مدى العصور. ويقابلها من الجهة الأخرى التقليد المسيحي
الغربي والممثل بالكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية الغربية.
وقد تشاركت الكنائس الشرقية بالتقليد
الديني ولكنها انقسمت على نفسها خلال القرون الأولى للمسيحية وذلك بسبب خلافات
عقائدية كرستولوجية ولاهوتية بالإضافة لأسباب سياسية.
وهي اليوم متوزعة ضمن ثلاث عوائل:
•الكنائس الأرثوذكسية الشرقية
•الكنائس المشرقية
•الكنائس الكاثوليكية الشرقية
•بالإضافة لكنيستين انحدرتا من كنيسة
المشرق التاريخية، وهما الكنيسة المشرقية الآشورية وكنيسة المشرق القديمة.
وعلى الرغم من الاختلافات اللاهوتية والعقائدية
بين هذه الفئات، إلا أنها تتشابه فيما بينها في الممارسات التقليدية والتي تختلف
وتتميز بها عن الكاثوليكية والبروتستانتية في الغرب. لمزيد من التفاصيل أنظر، المسيحية
الشرقية، ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.
[2] يقول الأب البير أبونا،
وهو مؤرخ بارز لكنيسة المشرق في كتابه تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، الجزء
الثاني، ط2، بيروت 2002، ص32: "وعلى أثر الجدالات التي دارت في القرن الخامس،
تبنت الحيرة المذهب الشرقي (النسطوري) إسوة بكنيسة فارس كلها.".
[3] د. جواد علي، المفصل في
تاريخ العرب قبل الإسلام، الجزء السادس، ص613-591.
[4] أطلق المسيحيون على عمر بن
الخطاب لقب الفاروق، وهي كلمة سريانية (ܦܪܘܩܐ - پاروقا) معناها المخلّص،
وهو وصف سبق إطلاقه على يسوع المسيح ومازال حتى يومنا هذا.
[5] تاريخ ميخائيل السرياني،
طبعة شابو النص السرياني والترجمة الفرنسية بأربعة أجزاء، باريس (1899-1910)،
ص412-413. كذلك، ألبير أبونا، تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، الجزء الثاني،
مصدر سابق، ص52.
[6] على سبيل المثال، {لقد كفر
الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم} المائدة 75. {وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا
عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ
إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا
لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي
نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ} المائدة
116.
[7] تقويم قديم للكنيسة
الكلدانية النسطورية، طبعه وعلّق عليه الخوري بطرس عزيز، بيروت 1909، ص8.
[8] هو يزيد بن عبد الملك
الأموي القرشي ويلقب يزيد الثاني ولد سنه 71 هـ. ولي الخلافة بدمشق بعد عمر بن عبد
العزيز سنة 101 هـ وهو ابن تسع وعشرين سنة بعهد من أخيه سليمان بن عبد الملك.
أنظر، يزيد بن عبد الملك، ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.
[10] روفائيل بيداويد (البطريرك
لاحقا)، رسائل البطريرك النسطوري طيمثاوس الأول، روما 1956، ص1-87.
[11] ألبير أبونا، تاريخ
الكنيسة، المصدر السابق، ص171.
[12] إبن يوحنان صليبا، تاريخ
بطاركة كرسي المشرق، تحقيق جيسموندي، روما 1896، ص120-121. وكذلك ألبير أبونا،
تاريخ الكنيسة، المصدر السابق، ص276.
[13] إبن العبري، التاريخ
السرياني أو تاريخ الزمان، طبعة بولس بيجان، باريس 1890، ترجمة إسحق أرملة، بيروت
1987، ص506-507.
[14] نامق ناظم جرجيس، لائحة
بطاركة كنيسة المشرق، موقع إرسالية مار نرساي الكلدانية الكاثوليكية –
ستوكهولم.
[15] مراغة أو مراغه (بكسر
الغين) هي مدينة تقع في شمال غرب إيران، في محافظة شرق آذربيجان. تقع المدينة على
بعد 22 كلم شرق بحيرة أرومية، وتبعد عن مدينة تبريز بحوالي 130 كلم، كما تبعد عن
شرق العاصمة طهران بـ 700 كلم. مراغة (إيران)، ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.
[16] د. فرست مرعي، التحالف النصراني - المغولي ودوره
في سقوط بغداد، مجلة البيان العدد 300 شعبان 1433هـ، يوليو 2012م.
[17] د سيّار الجميل، المسيحيون
العراقيون (4/5): التعايش والاضطهاد، موقع إيلاف، في 27 نوفمبر2010.
[18] كان تيمورلنك مسلماً يدين
بالمذهب الجعفري. أنظر، د سيّار الجميل، المسيحيون العراقيون (4/5)، المصدر
السابق.
[19] عزيز سوريال عطية، تاريخ
المسيحية الشرقية، ترجمة إسحاق عبيد، القاهرة 2005، ص337-341.
[20] روفائيل بابو اسحق، تاريخ
نصارى العراق، بغداد 1948، ص 117.
[21] تقويم قديم للكنيسة
الكلدانية النسطورية، طبعه وعلّق عليه الخوري بطرس عزيز، بيروت 1909، ص8.
[22] قائمة الكنائس المسيحية
الشرقية، ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.
[24] د. هرمز أبونا، الآشوريون
بعد سقوط نينوى، المجلد الثامن، صفحات مطوية من تاريخ الكنيسة الكلدانية، 2004، ص
33.
[25] الإبادة الجماعية في
التاريخ، ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.
[27] كنيسة المشرق الآشورية، ويكيبيديا،
الموسوعة الحرة.
[28] لائحة بطاركة كنيسة
المشرق، موقع إرسالية مار نرساي الكلدانية الكاثوليكية.
[29] بولص يوسف ملك خوشابا، محطات
دموية في تاريخ العائلة المار شمعونية، موقع Nala4U.com، في 27 يوليو 2013.
[30] الاركدياقون د. خوشابا
كوركيس، نافذة على تاريخ كنيسة المشرق، موقع كنيسة المشرق القديمة، حلقة (1)،
[31] جرجيس فتح الله، نظرات في
القومية العربية، الجزء الخامس، مصدر سابق، ص2628-2629.
[32] وليم ويگرام (1872–1953م) قسيس ومؤلف
بريطاني. التحق ببعثة رئيس أساقفة
كانتربري إلى المسيحيين الأشوريين في عام 1902 بناء على دعوة من س. ه. باري- وعرف
لاحقاً في عام 1907 بمؤلف كتاب تاريخ الكنيسة الأشورية. وركزت البعثة على دعم البطريرك،
وتعليم رجال الدين والعلمانيين الأشوريين، بما في ذلك تأسيس كلية للكهنة، و45
مدرسة في بلاد ما بين النهرين. عمل ويگرام كمعلم مدرسة في فان، وارتقى فيما بعد ليقود
البعثة لخمسة سنوات متأخرة من خدمته، التي أنهاها في 1912. وحصل على شهادة
البكالوريوس في 1910 من قبل الأسقف راندال دافيدسون، وفي نفس العام نشر كتاب
الكنيسة الأشورية، من 100-640 ميلادي. ومن المعروف إن عمله مع الكنيسة قد ردم إلى
حد ما من الفجوة بين الكنيسة الأشورية والطائفة الأنغليكانية الأوسع... في عام 1914،
نشر (مع شقيقه إدغار) مهد البشرية؛ الحياة في كردستان الشرقية، استنادا إلى أسفاره
المتصلة بالبعثة، وقدم شرحا وافيا للمنطقة. انتقل إلى القسطنطينية في 1912 لتناول الأوضاع
المحزنة هناك، وأعتقل عند اندلاع الحرب العالمية؛ التي دخلتها تركيا المتحالفة مع
ألمانيا. شارك في تقديم المشورة بشأن أعادة توطين الأشوريين بعد الحرب؛ تم تعيينه
لاحقا قسيسا للقوات البريطانية في اليونان من 1922 إلى 1926، ولاحقا في كنيسة سانت
بول من 1928 إلى 1936. وواصل تقديم الدعم للكنيسة الأشورية، ولا سيما بطريركها الجديد
البالغ من العمر 15 سنة. غير إن وجهات نظره بشأن القضية الأشورية اختلفت عن أراء
كوزمو غوردون لانغ، الذي تم تنصيبه رئيسا لأساقفة كانتربري في كانون الأول/ديسمبر 1928،
مما أدى إلى انسحاب ويگرام من الشؤون الأشورية بحلول عام 1938. استمر في الكتابة، طوال هذه الفترة، ونشر عددا
من الكتب عن الكنيسة الأشورية. في حدود عام 1929
عاد إلى المملكة المتحدة، وأقام في ويلز، سومرست. وتوفي في 16 كانون الثاني/يناير
1953 في سالزبوري، ويلتسشير. أنظر (William Ainger Wigram)، ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.
أرسله رئيس أساقفة كارنتربري سنة 1898م
إلى الأثوريين، وبقي هناك 24 سنة، واتخذ قرية بيباد غرب العمادية مقرَّاً لبعثة
كارنتربري، وأقام علاقات مع البطريرك والشعب وأتقن اللغة السريانية وأسس مدرسة في
قوجانس كان البطريرك بولس إيشاي (1918–1920م) أحد طلابها، وتمتع بمكانة خاصة لدى
النساطرة لأنه ساعدهم كثيراً. أنظر، موفق نيسكو، كيف سَمَّى الإنكليز السريان
النساطرة بالآشوريين، موقع الهوية الآرامية.
[33] الدكتور: بطـرس تشابا، مار
ايشا شمعون آخر الشهداء الشمعونيين وشهيد آخر في قافلة شهداء كنيسة المشرق والأمّة
الآشورية، موقع http://marmari.dk/.
[34] The Most Reverend
Robert W. Burgess, Jr., Church of the East Apostolic Succession, the Province
of St. Thomas is affiliated with the Old Catholic Communion of North America.
[35] القوش (وباللغة السريانية:
ܐܠܩܘܫ) بلدة
تقع في شمال العراق على بعد 40 إلى 50 كيلومتر شمال مدينة الموصل، وهي تابعة
لمحافظة نينوى، تقع هذه القرية على سلسلة جبلية تفصل محافظتي نينوى ودهوك.
[36] المطران يوسف بابانا، القوش
عبر التاريخ، بغداد 1979، ص67-68.
[39] يوسف ملك خوشابا، حقيقة
الأحداث الأثورية المعاصرة، بغداد 2001، ص3-4.
[40] تستند مشروعية حكم الخليفة
عند الفقهاء ورجال العلم إلى شرطية تولي شخص "قُرشي" خلافة النبي في
سياسية المسلمين، وهو شرط انبنى على "حديث" شهير للنبي عليه الصلاة
والسلام يقول فيه: "الأئمة من قريش" وهو حديث صحيح، كما له أحاديث أخرى
صحيحة تفيد بأن الإمامة/الخلافة من قريش طالما استطاع الخليفة القرشي أن يقيم
الدين مثل حديث: "إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد، إلا كبه الله على وجهه،
ما أقاموا الدين"، وهم مجموعة أحاديث اعتمد عليها الفقهاء في القول بإمامة
القرشي طالما توافرت له مقومات الحُكم واستطاع إقامة الدين وسياسة الناس به... وقد
أثيرت مسألة قرشية الخليفة في عهد السلطان والخليفة "سليمان القانوني"
(1520-1566) فقام أحد رجال الدولة الكبار في عهده وهو الصدر الأعظم -رئيس الوزراء-
"لطفي باشا" بوضع رسالة فقهية بالعربية بعنوان "خلاص الأمة في
معرفة الأئمة" يناقش فيها مناقشة شرعية أحقية السلاطين العثمانيين بالخلافة
ويفند دعاوى من قال بوجوب تعيين خليفة قرشي تحت أي ظرف، وهي رسالة صغيرة مُحققة
ومنشورة. أنظر، كريم عبد المجيد، هل انتقلت الخلافة إلى آل عثمان؟ مدونات الجزيرة،
موقع قناة الجزيرة الإلكتروني، في 14/8/2017.
[42] تعتبره الكنيسة الكلدانية
ضمن التسلسل الرابع في أسرة أبونا للبطاركة الشمعونيين، بينما يرد في التسلسل
السادس ضمن بطاركة مار شمعون وفقاً لقائمة بطاركة كنيسة المشرق الأشورية.
[43] د. هرمز ابونا، الآشوريون
بعد سقوط نينوى، المجلد الثامن، صفحات مطوية من تاريخ الكنيسة الكلدانية، 2004.
[44] ستافورد، المأساة
الأشورية، نقلا عن جرجيس فتح الله، نظرات في القومية العربية، الجزء الرابع، مصدر
سابق، ص1910.
[46] كان الأثوريون في حكاري
يتألفون من ثمانية عشائر وهي: تياري الكبرى (السفلى) الجنوبية، تياري الصغرى
(العليا) الشمالية، تخوما، جيلو الكبرى، جيلو الصغرى، باز، ديز، طال.
[47] يوسف ملك خوشابا، حقيقة
الأحداث الأثورية المعاصرة، مصدر سابق، ص7-8.
[48] يوسف ملك خوشابا، المصدر
السابق، ص3.
[49] يصادف هذا اليوم (14 نيسان
في التقويم الغربي المتداول) يوم الأول من نيسان وفقا للتقويم الشرقي الذي كان
يتبعه الأثوريون آنذاك.
[50] يوسف
ملك خوشابا، المصدر السابق، ص66-67.
[51] بعقوبة وهي مدينة عراقية
ومركز محافظة ديالى في العراق، وتبعد نحو 50 كم (31 ميل) إلى الشمال الشرقي من
العاصمة بغداد، وتقع على نهر ديالى. تسمية بعقوبة جاءت من تسمية آرامية وتعني
"بيت يعقوب". واستخدمت المدينة بمثابة مخيم للآشوريين اللاجئين الذين
فروا من الإبادة الجماعية الآشورية، وأنشئ مخيم للاجئين خارج المدينة، التي قد
تستوعب ما بين 40،000 و50،000 لاجئ. أنظر، بعقوبة، ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.
[52] Biography of His Holiness, The Assyrian Martyr, The Late Mar Eshai
Shimun XXIII, p.3.
http://www.peshitta.org/initial/mareshai.html
[53] بولص يوسف ملك خوشابا، مصالحة
قداسة مار إيشاي شمعون وأغا بطرس كيف فشلت ولماذا؟ الجزء الأول، موقع Nala4U.com، في 30 مارس 2013.
[54] يقع مخيم مندان على بعد
خمسة وثلاثين كيلومترا من مدينة الموصل وعلى الضفة اليسرى من نهر الخازر بالقرب من
قرية مندان، جنوب جسر مندان الحالي.
[55] جرت صباح يوم الأحد المصادف 27 من شهر أيلول
من عام 2015، مراسم تنصيب غبطة المطران مار كيوركيس صليوا، بطريرك المئة والحادي
والعشرين لكرسي ساليق قطيسفون على كنيسة المشرق الاشورية، بأسم مار كيوركيس الثالث
صليوا. وبوضع اليمين المباركة لكل من غبطة المطران مار أبرم موكان، مطران الكنيسة
في الهند، وغبطة المطران مار ميلس زيا، مطران الكنيسة على أستراليا، نيوزلندا
ولبنان، وبمشاركة جميع أعضاء المجمع المقدس للكنيسة، جرت مراسم التنصيب في كنيسة
مار يوخنا المعمدان في عينكاوة في أربيل، وبحضور أصحاب القداسة من بطاركة الكنائس
المشرقية، يتقدمهم قداسة البطريرك مار أغناطيوس أفرام الثاني كريم بطريرك أنطاكية
وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في
العالم، وغبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو، بطريرك بابل على الكنيسة
الكلدانية الكاثوليكية في العالم، والمبعوث البابوي الخاص الكاردينال كوخ، إضافة إلى
أصحاب السيادة من مطارنة الكنائس الشقيقة والآباء الكهنة والشمامسة، وحشد كبير من
الشخصيات الرسمية المدنية والحكومية ومسؤولي حكومتي العراق وكردستان، يتقدمهم
السيد نيجرفان البرزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان، والسيد خالد شوان، ممثل رئيس
الجمهورية، والدكتور حسين الشهرستاني، ممثل رئيس الوزراء ووزير التعليم العالي
والبحث العلمي، والسيد يونادم كنا عضو برلمان العراق، إضافة إلى ممثلي الأحزاب
والجمعيات وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين في إقليم كردستان، وأعداد كبيرة من
المؤمنين من كافة أنحاء أبرشيات العالم. أنظر، مراسم تنصيب قداسة البطريرك مار
كيوركيس الثالث صليوا، بطريركاً على كنيسة المشرق الأشورية، موقع عنكاوا كوم
الإلكتروني في 27/09/2015.
[56] هكاري (بالسريانية: ܣܘܪܝܝܐ حكّاري أو ܗܟܐܪܝ هكّاري) هي منطقة
جبلية تاريخية تقع بين سهول نينوى وسهول جنوب بحيرة وان، تشمل أجزاء من
محافظات حكاري وشرناق، ووان في تركيا ومحافظة دهوك في العراق. هكاري (منطقة)، ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.
[57] هذه التواريخ لإنتقال
المقر البطريركي هي تواريخ تقريبية.
[58] إعتمدنا في تسلسل بطاركة
مار شمعون على موقع عائلة مار شمعون باللغة الإنكليزية، والذي أعدَّه فريد قليتا،
سكرتير البطريرك، عام 1988 الرابط:
[59] سلسلة بطاركة كنيسة المشرق،
موقع البطريركية الكلدانية في 17 يوليو، 2017. وهذه القائمة المعتمدة التي
كان قد نشرها الكردينال اوجين تيسران تحت اسم: خلاصة تاريخية للكنيسة الكلدانية
وترجمها القس (المطران) سليمان الصائغ، الموصل 1939 وأعاد نشرها ورتبها المؤرخ:
Christoph
Baumer, Frühes Christentum zwichen Euphrat und Jangtse,Stutgart 2005 ,
p.312.
[60] سلسلة بطاركة كنيسة
المشرق، موقع البطريركية الكلدانية في 17 يوليو، 2017.
[61] سلسلة بطاركة كنيسة
المشرق، موقع البطريركية الكلدانية في 17 يوليو، 2017.
[62] المطران سرهد يوسب جمو، كـنيسة
المـشرق بين شـطريها: الكنيسة الكلدانية، موقع كنيسة الإسكندرية للأقباط الكاثوليك
بمصر، في 01 يناير 2013.
[63] جورج البناء، سلسلة بطاركة
الكلدان، الموسوعة الكلدانية، الكتاب الثاني، سان دييغو-كاليفورنيا 2012، ص152.
[64] توجد عدة مصادر لسلسلة
بطاركة كنيسة المشرق، مع وجود إختلافات بينها، وهي:
1.
لائحة بطاركة كنيسة المشرق، إعداد
المهندس نامق ناظم جرجيس آل خريفا. موقع البطريركية الكلدانية في 21 ديسمبر، 2011.
2.
القائمة التي كان قد نشرها الكردينال أوجين
تيسران تحت أسم خلاصة تاريخية للكنيسة الكلدانية وترجمها القس (المطران) سليمان
الصائغ، الموصل 1939.
3.
سلسلة بطاركة كنيسة المشرق الآشورية
منذ نشأتها في القرن الميلادي الأول، موقع ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.
[65] أي مطران، للتهيئة لإستلام
المنصب البطريركي بعد وفاة عمه. وهذا ما تكرر تماماً مع مار إيشاي عام 1920، الذي
كان عمره 11 سنة آنذاك.
[67] الهوية الكلدانية في
الوثائق التاريخية، موقع بطريركية بابل على الكلدان، في 9 أكتوبر، 2011، الرابط: http://saint-adday.com/?p=476
لم يذكر إسم كاتب هذه الدراسة. ولكنها
نشرت في مواقع أخرى باسم المطران سرهد يوسب جمو، مطران الكلدان في كاليفورنيا، وقد
نشرت أولا في مجلة نجم المشرق عدد (48) السنة الثانية عشرة (4) 2006 (ص 455-465).
والمرجح أن إسمه قد حذف بسبب الخلافات الكنسية المعروفة.
[68] نسبة إلى بابا روما.
[69] نشر لاحقا بعنوان (تاريخ
بطاركة البيت الأبوي) تأليف المطران إيليا أبونا، تحقيق وترجمة بنيامين حداد، دهوك
2008.
[70] الاركدياقون د. خوشابا كوركيس،
نافذة على تاريخ كنيسة المشرق، موقع كنيسة المشرق القديمة، حلقة (1)، الرابط:
[71] مملكة الحجاز، ويكيبيديا،
الموسوعة الحرة.
[72] لمزيد من التفصيل، أنظر، ئوميد
ياسين رسول "ظاهرة الاغتيالات السياسية لزعماء الكرد 1930_1995″، رسالة
ماجستير (غير منشورة) مقدمة إلى كلية الآداب بجامعة المنصورة في جمهورية مصر
العربية في مايس 2015.
[74] الاركدياقون د. خوشابا
كوركيس، نافذة على تاريخ كنيسة المشرق، مصدر سابق، ح (2).
[75] بولص ملك خوشابا، مصدر
سابق، ص26-28.
[76] من أبرز مظاهره هو أن
الإحتفال بعيد ميلاد المسيح لدى عموم الكاثوليك هو 25 كانون الأول من كل عام، في
حين أن الكنيسة الشرقية الأثورية تحتفل به في 7 كانون الثاني من كل عام. أي بفارق
زمني مقداره أسبوعين فقط.
[78] لمزيد من التفاصيل، أنظر،
جرجيس فتح الله، نظرات في القومية العربية حتى العام 1970، الجزء الخامس، ط1،
أربيل 2012، ص2557 وما بعدها.
[79] المطران يوسف بابانا، مصدر
سابق، ص194.
[80] كنيسة المشرق، ويكيبيديا،
الموسوعة الحرة.
[81] أنظر، د. بهنام أبو الصوف،
الأثوريون الحاليون (الآراميون النساطرة/السريان) وعلاقتهم بالأشوريين القدماء،
موقع أبو الصوف، في 18 أيلول 2011. وكذلك، موفق نيسكو، كيف سَمَّى الإنكليز
السريان النساطرة بالآشوريين ج1، موقع قناة عشتار الفضائية، في 2015-07-18. وكذلك،
عبدالمسيح بويا يلدا، من أين جاء الآثوريون الى العراق؟ مجموعة مقالات في 7 أجزاء،
على موقع كلدايا. نت في Feb, 20 .2012
[82] هو عنوان كتاب ألفه
بالإنكليزية وليم ويگرام (1872–1953م)، ونشره سنة 1920، مقتبساً التعبير من رئيس
أساقفة كارنتربري Randall Davidson (1903–1928م) الذي استعمله إبان الحرب في
خطابه أمام مجلس العموم البريطاني حيث استعمل تعبير (حلفاؤنا الآشوريون) إشارة إلى
النساطرة.
[83] هو عنوان كتابه أصدره يوسف
مالك، باللغة الإنكليزية طبع في الولايات المتحدة عام 1935، وترجمه إلى العربية يونان
إيليا يونان عام 1981.
[84] غَدا أسمها الرسمي الدقيق
مُذاك هو "كنيسة المشرق الرسولية الجاثليقية الآشورية المقدسة". أنظر،
كنيسة المشرق، ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.
[85] رياض السندي، روجر كريغ
كامبرلاند – المبشر الأمريكي في دهوك (1894-1938)، مجلة متين (دهوك-العراق) العدد
79 الصادر في آب 1998، ص106.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق