الاثنين، 28 يناير 2019

الدور السياسي للكنيسة الكلدانية في العراق ج(1)

الدور السياسي للكنيسة الكلدانية في العراق ج(1)

تُعد الكنيسة الكلدانية اليوم أحد لاعبي الحياة السياسية في العراق، فمن ناحية تتمسك التصريحات الرسمية للكنيسة وبطريركها [1] بالتأكيد، مرارًا وتكرارًا، على ابتعاد الكنيسة عن التدخل في الشأن السياسي باعتبارها مؤسسة دينية روحية وليست حزبًا سياسيًا وإن البطريرك ليس زعيما سياسيًا، وأن علاقتها بالسياسة تنحصر ب(الشأن العام)، على حد وصف البطريرك ذاته، وما يتعلق فقط بالتدخل لحماية الحقوق الدينية لمسيحيي العراق (المكون المسيحي)، بينما تأتي مواقف الكنيسة وعلى رأسها البطريرك لتصِّدر صورة الكنيسة كأحد الفاعلين في الشأن السياسي مما يجعل الكثير من المراقبين يؤكدون أن دورها يتجاوز كثيرًا مفهوم المؤسسة الدينية؛ حيث سعت في العقود الأخيرة لتكون وسيطًا سياسيًا بين المسيحيين والدولة ولتبرز كمرجعية سياسية ودينية في آن واحد. وهذا الموقف هو موقف مشابه للكنيسة القبطية في مصر، والكنيسة المارونية في لبنان. وهو في نفس الوقت إستنساخ مشوّه لدور المرجعيات الدينية الإسلامية، الشيعية منها والسنية، وتقليد لنمط الحكم الديني الإسلامي، بما يتقارب مع تجربة ولاية الفقيه الإيرانية، مما يطرح جدلية قديمة وهي: ما هو الدور الذي يلعبه الدِين في الحياة العامة، وخاصة في السياسة وممارسة السلطة، وما حدود ذلك الدور؟
وهذا ما يقتضي تتبعه وبحثه لتأريخ الكنيسة والدور الذي لعبته في أحداث العراق بعد عام 2003 وحتى يومنا هذا.
في العموم، ظلّ البطريرك الكلداني بعيدًا عن السياسة، متجنبًا لها، وهذا ما جعل الكلدان يتصفون بالواقعية السياسية عموما. [2] وقد حافظ الكلدان في العراق على إعتماد سياسة النأي بالنفس عن الدخول في صراعات سياسية، ولم يذكر التاريخ لهم موقف سياسي محدد إلا إذا مسَّ عقائدهم، لا بل كُل الذي عُرف عنهم هو موالاتهم للحكم القائم، وامتثالهم لأوامر الحكومة الوطنية، على غرار القاعدة الإسلامية (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ..)[3] على الرغم من أن أولي الأمر لم يكونوا يومًا منهم. وحتى أول مشاركة للبطريرك الكلداني يوسف غنيمة في مجلس الأعيان العراقي في العهد الملكي، لم تكن سوى مشاركة رمزية لا قيمة لها. ولم يسجل تاريخ العراق الحديث سوى تدخل وحيد لرئيس الطائفة الكلدانية بالسياسة، لاستثناء حالة فرض مناهج الشريعة الإسلامية على الطلبة المسيحيين، مما دَفع بالبطريرك بولس الثاني شيخو (1958-1989) الذي يلقّب بـ(البطريرك الحليم) إلى التدخل شخصيًا ويصبّ جام غضبه على نائب رئيس الجمهورية المسيحي آنذاك طارق عزيز وإلغاءها. [4]
وتعود أول رغبة في المشاركة السياسية إلى ما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، وتشجيع الأمريكان لرجال الدين على خوض غمار السياسة بقصد الإساءة للأديان وتلويث سمعة رجال الدين الذين استفادوا على الصعيد الشخصي وخسروا من جراء ذلك أكثر مما استفادوا على الصعيد الديني. وانسياقًا مع ذلك، فقد تقدم معاون البطريرك آنذاك المطران عمانوئيل دّلي (البطريرك لاحقا) بطلب منحه عضوية مجلس الحكم الذي كان الحاكم الأمريكي المدني في العراق بول بريمر يعمل لإنشائه، إلا أن طلبه رفض، وقد بيَّن بريمر لاحقا ملابسات هذا الموضوع، وأشار لها في مذكراته المعروفة بعنوان: عام قضيته في العراق، فكتب عن يوم 12 يوليو (تموز) 2003 قائلًا: ثُم خطر ببالي أن أبلغ العديد من المرشحين بأنهم لن يكونوا في عداد المجلس.
أولًا. المطران (البطريركً لاحقًا في 3 ديسمبر (كانون الثاني) 2003 دلي، زعيم طائفة المسيحيين الكلدان. فقد كانت الجالية المسيحية الصغيرة في العراق مجزأة، على غرار كافة الطوائف الدينية في البلد. كان هناك الكلدان الذين يبدو أنهم يفوقون الآشوريين عددًا، لكنهم لم يكونوا منظمين جيدًا مثلهم وأقل فعالية سياسية. وللمحافظة على هدف الحصول على أصغر هيئة تمثيلية ممكنة، كان لدينا مكان لمسيحي واحد فقط في المجلس، يقصد مجلس الحكم الانتقالي. أخذنا ممثلًا للمسيحيين الآشوريين وتوقعنا أن يسبب ذلك استياءً لدى الكلدان. وكان ذلك صحيحًا، إذ في تلك الليلة لم يكن قلب المطران يفيض بالمحبة المسيحية. فبعد التذمر من إستبعاده، غادر غاضبًا.[5]
وعلى العموم فلم يكتب لهذه المحاولة النجاح، وأعتبرت محاولة فاشلة من الكنيسة الكلدانية للتدخل في صلب السياسة، بداية العهد الأمريكي في العراق.
وإذا ما تتبعنا مواقف الكنيسة الكلدانية بعد سقوط بغداد عام 2003 واحتلال الولايات المتحدة للعراق، نجد أن مواقفها السياسية كانت دومًا مثار جدل كبير؛ مما أدخلها في صراع مع أتباعها من جهة ومع الكنائس الأخرى في العراق من جهة أخرى، إلا أنها نالت استحسان الحكومة والمرجعيات الدينية الإسلامية، لتعزيز حالة تدخُل رجال الدين في السياسة والسلطة، وهيمنتهم على حياة الناس بسلاحي الدين والسلطة، وهو الأمر الذي استفحل كثيرًا منذ سقوط النظام السابق.
وسنحاول تتبع هذه المواقف، وفقًا لتصريحات البطريركية الكلدانية وإعلامها، كما هو مثبت على موقعها الرسمي وفي الصحافة والإعلام العراقي والعالمي. وقد قمنا بتصنيف تلك المواقف وكما يلي:

أولًا: في العلاقة بين الدين والسياسة

1. الابتعاد عن السياسة

لم تمضِ أكثر من ثلاثة أشهر بعد تقليد لويس ساكو مطران كركوك، بطريركًا على الكنيسة الكلدانية في حاضرة الفاتيكان بروما حيث مقر الكنيسة الكاثوليكية، بتاريخ 1 فبرابر (شباط) 2013، حتى صرّح في 22 مايو (أيار) 2013، بما يلي:
البطريرك ساكو ينذر بطرد الكهنة الداعين إلى الدولة الكلدانية.
بابا الفاتيكان يدعو إلى فصل السياسة عن المسيحية وانشقاق في كنائس العراق.
لا يمكن لمؤسسة كنسية بحجم الكنيسة الكلدانية ومسؤوليتها أن تزج نفسها في العمل القومي والسياسي على حساب رسالتها هذان المجالان من اختصاص العلمانيين. [6]
ثم عاد وأكد مرة أخرى: إننا نؤكدُ أن مجال العمل القوميّ والسياسي هو للعلمانيين المقتدرين. ونحنُ نشجعهم على بناء مدارس لتعليم اللغة وإنشاء مراكز ثقافيّة واجتماعية تعنى بالتراث والفن والثقافة، وتشكيل أحزاب سياسيّة تدافع عن حقّ الناس وتحميهم، لكننا لا يمكن أن ننخرط فيها أو نكون داعين لها. هذا خطٌّ أحمر. نبقى نلتزمُ بدعوتنا الكهنوتية وخدمة كلِّ الناس من دون تمييز. [7]
أجل قد تنتقد البطريركية أداء وتبعية البعض، لكنها أيضا لا تريد أن تكون قوة ومرجعية سياسية. والبطريرك لا يسعى أبدا ليكون زعيمًا قوميًا للكلدان ولا قطبًا سياسيًا للمسيحيين. [8]
وبهذه المناسبة أوكد أن الكنيسة ليست بديلًا للسياسيين المخلصين ولا موازية لهم، إنما هي جزء من الوطن والشعب وتسعى لتقول كلمة حق في الشأن العام وخصوصًا في مجال بناء السلام وتحقيق العدالة وتأمين حياة كريمة للجميع بغض النظر عن انتماءاتهم، وتبقى تحب الناس وكل الناس وتتفانى في خدمتهم على مثال المسيح مؤسسها. [9]
العمل القومي والسياسي مجالُ العلمانيين، إننا نؤكدُ أن مجال العمل القوميّ والسياسي هو للعلمانيين المقتدرين. أنذرُ كهنة الكنيسة الكلدانية بعدم التدخل بالسياسة وفصلها عن المسيحية. [10]
جاء في البيان الختامي للسينودس الكلداني الذي أختتم أعماله في بغداد برئاسة البطريرك لويس ساكو للفترة بين (5 – 11 يونيو (حزيران) 2013)، وهو الأول منذ انتخاب غبطته وتنصيبه ببغداد يوم (6 مارس (آذار) 2013)، ما يلي:
ثامنًا: يؤكد الآباء أن ما جاء في رسالة غبطة البطريرك بخصوص العمل القوميّ والسياسي هو للعلمانيين المقتدرين. ونحنُ نشجعهم على بناء مدارس لتعليم لغتنا وإنشاء مراكز ثقافيّة واجتماعية تعنى بالتراث والفن والثقافة، وتشكيل أحزاب سياسيّة تدافع عن كرامة الناس وحقوقهم، لكن لا يمكن لأفراد الإكليروس بجميع درجاتهم الانخراط فيها أو التحول إلى دعاة لها. على أعضاء الإكليروس الالتزام الكامل بدعوتهم الكهنوتية وخدمة كلِّ الناس من دون تفريق.[11]
كما نشجع أبناءنا الكلدان على التعاون مع الجميع للخير العام وعدم التشظي إلى جماعات بلا هوية والانسياق وراء مشاريع وهمية تضر بالمسيحيين. كذلك نشجعهم على الانخراط في الشأن العام والعملية السياسية كشركاء أصيلين لهذه الأرض المباركة وأداء دورهم جنبا إلى جنب مع إخوتهم المواطنين في بناء دولة مدنية حديثة وقوية تناسب حضارة بلادهم ومجدها، وتحترم حقوق الجميع ومساواتهم. [12]
تشجيع المسيحيين على الانخراط في الأحزاب الأخرى والترشّح في قوائم انتخابية ما عدا الكوتا، خصوصًا في انتخابات 2014 ليكون عدد نوابنا أكبر. [13]
البطريرك لا يقدم نفسه بديلًا للأحزاب السياسية ولا للنواب. [14]
وبيّن ساكو أن الكنيسة لا تلعب دورًا سياسيًا، وأي مرجعية دينية لا تلعب هذا الدور وإنما توجه فقط ولا نسعى لاستنساخ الإسلام السياسي، ولا يوجد لدينا طموحات سياسية ورَفضْتُ طلبات بالترشيح للبرلمان. [15]
أجل قد تنتقد البطريركية أداء وتبعية البعض، لكنها أيضا لا تريد أن تكون قوة ومرجعية سياسية. والبطريرك لا يسعى أبدا ليكون زعيما قوميا للكلدان ولا قطبًا سياسيًا للمسيحيين. يكفيه ما له من مسؤوليات وأعباء. [16]

2. التدخل في السياسة

كثيرًا ما تدخل بعض رجال الدين المسيحي بمسائل سياسية هامة ومثار خلاف وجدل، مثل تجديد رئاسة إقليم كردستان، والاستفتاء الكردي عام 2017، وترشيح بعض الأسماء للمناصب الحكومية، ناهيك عن كثرة المقابلات للسياسيين العراقيين والأجانب، وأقامة العلاقات معهم، دون أن يصدر موقف من البطريرك ضدهم، بل كان في كثير من الأحيان يُبّرر مواقفهم تلك بوجودهم ضمن مناطق نفوذ تلك الأحزاب، أو ربما خشية البطريرك نفسه من سطوة تلك الأحزاب.
ويبدو أن تدخل رجال الدين المسيحي من الكلدان لم يعد – في الواقع العملي – مخالفة لتعاليم الكنيسة الكاثوليكية، ولم يطلب بطريرك الكلدان منهم ذلك، عدا التصريح السابق عام 2013 في بداية تقلده منصب البطريركية، بدليل أن صيغة إعلان الطاعة للرئاسة الكنسية الخاصة للمطارنة المنتخبين لعام 2014، تضمنت طاعة البابا والبطريرك، وحماية أموال الكنيسة، وخدمة الشعب الموكل إليهم بكل أمانة. ولم تتضمن الصيغة المذكورة أية إشارة أو حظر لممارسة السياسة، بما يدُل وفقا لمفهوم المخالفة على جواز ذلك أو إباحته. [17]
واعتبر البطريرك الكلداني وجود خمسة فصائل مسلحة مسيحية، ثلاثة منها ضمن الحشد الشعبي وواحد تحت لواء حزب البارتي وآخر مع الاتحاد الوطني الكردستاني دليل على انشطار الموقف المسيحي في العراق ولا وجود لمرجعية سياسية حقيقية تمثله مما دفع بالكنيسة لسد هذا الفراغ.
انتهى القسم الأول ويليه القسم الثاني.

[1] البطريرك (ج بطاركة أو بطارقة) كلمة يونانية مكونة من شطرين، ترجمتها الحرفية الأب الرئيس؛ ومن حيث المعنى فهي تشير إلى من يمارس السلطة بوصفه الأب، على امتداد الأسرة، ولذلك فإن النظام المعتمد على سلطة الأب، يدعى النظام البطريركي. أما في المسيحية، فتتخذ الكلمة معنى رئيس الأساقفة في الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية؛ ويدعى مكتب البطريرك البطريركية. أما المؤرخون العرب فقد اصطلحوا على الكلمة لفظ بطريق. ويكبيديا-الموسوعة الحرة.
[2] في رسالة كتبها السياسي والقائد الأثوري أغا بطرس إلى أتباعه من منفاه في باريس بتاريخ 4/1/1922، يذكر فيها زيارة وفد من عائلة البطريرك الآثوري إلى بطريرك الكلدان عمانوئيل الثاني بقصد الإندماج معهم، فأبدى البطريرك الكلداني موافقته بشرط إستبعاد المسائل السياسية وتركها للسياسيين، فيقول: ” اتذكرون يوم قام (مار طيماثاوس) أسقف الملبار مع (سورما خانم) بزيارة (مار عمانوئيل) بطريرك الكنيسة الكاثوليكية سنة 1919 في بغداد وعرضا عليه الاتحاد. الم يرحب هذا الحبر الجليل بهذه الفكرة ..؟ ليقول لهما بالحرف الواحد (إذا أردتم توحيد الطقس الكنسي نأتي بالطقس النسطوري والكلداني ونراهم مع مراعاة الزيادة والنقصان ثم نوحده وأما إذا قصدتم توحيد الأمة فهذا من واجب العامة فعلى الرؤساء من كلا الطرفين الاجتماع والقيام بإنجاز هذه المهمة التاريخية وإنها لخطوة هامة جدا في هذا الظرف. وأما مسؤوليتنا تقتصر على القضايا الطقسية والمذهبية فقط). لم يكن لجواب البطريرك (عمانوئيل) وقع طيب عند الضيفين فغادرا خائبين”. أنظر، نينوس نيراري، آغا بطرس سنحاريب القرن العشرين، ترجمة فاضل بولا، سان دياغو 1996، ص232.
[3] سورة النساء:59.
[4] وهذا الموقف قد تكرر في عهد البطريرك الحالي ساكو وبشكل أخف، حيث أشار إلى أنه ” لقد وردت في كتابيّ التربية الإسلامية للصف الأول الابتدائي والخامس الإعدادي عبارات غير دقيقة وغير لائقة ومؤسفة تحض على الكراهية والفرقة، وهي بعيدة عن قيم التسامح ومبادئ المواطنة والعيش المشترك. إن دور وزارة التربية هو تنشئة الطفل تنشئة سليمة ومتكاملة، كي يقبل الأخر كاخ في الإنسانية وكمواطن وليس كخصم ينبغي إقصاؤه… نودّ أن ننوّه بأن للآيات والأحاديث في كل الديانات، أسبابها وظروفها التي لا بد من أن تؤخذ بعين الاعتبار، فبعضها يبطل العمل به بعد أن تزول ظروفه ومبرراته، وبعضها كان علاجا لحالات معينة… هذا ما أحببت التنويه عنه مع جلّ محبتي واحترامي للإخوة المسلمين وبينهم يوجد علامات مضيئة.” الكردينال لويس روفائيل ساكو، حول بعض عبارات مسيئة للمسيحيين في كتب التربية الإسلامية لوزارة التربية، موقع البطريركية الكلدانية، في 21/12/2018. http://saint-adday.com/?p=27333
[5] بول بريمر، عام قضيته في العراق، ترجمة عمر الأيوبي، بيروت 2006، ص 131.
[6] البطريرك ساكو ينذر بطرد الكهنة الداعين إلى الدولة الكلدانية، بابا الفاتيكان يدعو إلى فصل السياسة عن المسيحية وانشقاق في كنائس العراق صحيفة الزمان في 22/5/2013. http://www.azzaman.com/?p=35002
[7] رسالة من غبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو إلى إكليروس الكنيسة الكلدانية في كلّ مكان، 19 مايو، 2013. العمل القومي والسياسي مجالُ العلمانيين.
[8] البطريرك ساكو يكتب: جدل الكنيسة والسياسة والموقف المبدئي، موقع أبونا الإلكتروني في 2016/03/17.
[9] البطريرك لويس روفائيل ساكو، المسيحيون ما بعد داعش، موقع البطريركية الكلدانية في 12/7/2017.
[10] مناشدة من بطريرك الكلدان لعملٍ سواء، 28 مايو، 2013.
[11] http://www.nadibabil.com /البيان-الختامي-للسينودس-الكلداني-الذ/
[12] أنظر موقع البطريركية الكلدانية، بيان “سينودس – مجمع” أساقفة الكنيسة الكلدانيّة المنعقد في روما برئاسة البطريرك مار لويس روفائيل ساكو الكليّ الطوبى 4 – 8 تشرين الأول 2017، http://saint-adday.com/?p=19624
[13] رسالة من البطريرك ساكو إلى سياسيي أبناء شعبنا الموقرين، 16 سبتمبر، 2013.
[14] المشهد السياسي المسيحي في العراق، إعلام البطريركية، موقع البطريركية الكلدانية في 16 يناير، 2016.
[15] ساكو لحوار المدى: نوابنا ليسوا بالمستوى المطلوب ونطالب المرجعيات بموقف مشرف من البطاقة الموحدة، موقع البطريركية الكلدانية، في 12 فبراير، 2016.
[16] البطريرك لويس روفائيل ساكو، جدل الكنيسة والسياسة والموقف المبدئي، موقع البطريركية الكلدانية، في 16 مارس، 2016.
[17] صيغة إعلان الطاعة للرئاسة الكنسية الخاصة للمطارنة المنتخبين، موقع البطريركية الكلدانية في 20 يناير، 2014.

الأحد، 6 يناير 2019

القيمة القانونية لتصريح وزير خارجية العراق حول إسرائيل


القيمة القانونية لتصريح وزير خارجية العراق حول إسرائيل


د. رياض السنديدكتوراه في القانون الدولي


- تمهيد
أثار تصريح وزير خارجية العراق (وليس العراقي) موجه إستنكار واسعة على صعيد الحكومة وقادة الأحزاب السياسية وفي الشارع العراقي ووسائل التواصل الاجتماعي، حول أثر هذا التصريح وقيمته القانونية، وهل هو إعتراف بإسرائيل من عدمه، أو هو مجرد رأي شخصي للوزير، عبّر في عن إنطباعاته الشخصية التي يسمعها من زملاءه سواء من العرب وخاصة من الدبلوماسيين الفلسطينيين، أو من مستشاريه من العراقيين، إن وجدوا، في ظل طبيعة إدارية لا قيمة لرأي المستشار فيها لدى المسؤول العراقي الذي يرى نفسه جامعا مانعا لكل العلوم.
وإزاء إنقسام الشارع العراقي بين مؤيد للتطبيع مع إسرائيل وبين معارض لذلك، يبقى السؤال الأهم: هل يُعد ما قاله الوزير إعترافاً بإسرائيل كدولة؟ وبالتالي، ما هي القيمة القانونية لهذا التصريح؟ وهل هو تصريح ملزم للعراق؟
أولا. ماهيّة التصريح وتداعياته
بتاريخ 2/1/2019 صرح وزير خارجية العراق محمد علي الحكيم في ندوة حوارية مع صحافيين عراقيين في بغداد، قائلا: -
" بالنسبة لنا القضية الفلسطينية تبقى قضية محورية بالنسبة لنا، إحنا (نحن) قضية حل الدولتين مؤمنين فيها ...".

ويأتي هذا الجزء من ضمن مجموعة تصريحات كثيرة أدلى بها الوزير المذكور دون حساب للعواقب في ظل منظومة متهرئة عطّلت القانون وألغت المحاسبة. ففي هذا التصريح تحدث وزير الخارجية بشهية مفتوحة بعدة مواضيع كثيرة وشائكة دون تمحيص أو تدقيق. فقد تحدث بالمواضيع التالية: -
1. زيارة الرئيس الأميركي ترامب للعراق.
2. زيارة وزير الخارجية الأميركي بومبيو ووزيري خارجية فرنسا وإيران للعراق هذا الشهر.
3. زيارة الرئيس العراقي برهم صالح لتركيا اليوم.
4. القمة العربية الاقتصادية المرتقبة في بيروت التي ستعقد في الأسبوع الأخير من الشهر الحالي، ووفد العراق اليها.
5. موضوع منع العراقيين ممن على جوازات سفرهم أختام (طمغة أو جواز مطموغ بحسب لغة الوزير) سورية أو إيرانية من دخول الأردن ودول خليجية وأوروبية.
6. الملف الفلسطيني، مشدداً على أنّ "العراق يؤمن بحل الدولتين".
7. مجلس التعاون الخليجي، وتحسين العلاقات مع الدول الخليجية.
8. فكرة لإصلاح الجامعة العربية، نواتها برنامج) إصلاح الأمم المتحدة.
9. تقدّم العراق بطلب للانضمام إلى مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.
10. تأييد العراق لـ"اجتماع إستوكهولم لإنهاء الأزمة اليمنية.
11. الأمن في سورية ووحدتها ... ودعم عودة سورية للجامعة العربية.
12. العقوبات الأميركية على إيران، وأنّ "العراق غير ملزم بتطبيقها.
13. مساعدة دول الاتحاد الأوروبي والناتو (حلف شمال الأطلسي) في التحالف الدولي وعمليات الإعمار وتدريب القوات العراقية.
14. والتعهّد بتنفيذ مخرجات مؤتمر الدول المانحة في الكويت، الذي انعقد في فبراير/شباط 2018.
15. وأخيراً، العراق سيكون نقطة انطلاق قوية في المنطقة، وموقفه سيكون جامعاً للعرب.
إن أي مطّلع على شؤون السياسة والدبلوماسية سيجد أن الحديث في كل هذه المواضيع الحساسة والمثيرة للجدل، إنما ينطوي على مخاطر عديدة لا ينجو منها إلا الدبلوماسيون المحترفون ومن ذوي الإختصاص وليس الطارئون على حقل السياسة الخارجية، لا سيما وأن إختصاص الوزير بحسب سيرته الذاتية المنشور على موقع وزارة الخارجية تشير إلى أن إختصاصاته هي، الإدارة الهندسية، العلوم والتكنولوجيا، التربية والإحصاء، وهي جميعها إختصاصات بعيدة عن السياسة الخارجية. على الرغم من أن سيرته تشير على إنجازاته في مجال التعليم الأكاديمي، من بينها "الإشراف على مشاريع أبحاث يعدها دبلوماسيون لدرجة مستشار ووزير مفوض."
والأدهى من ذلك، أن الوزير وهو في نشوة سكرة المنصب الجديد يصرح كعادته بأسرار خطيرة تمس الأمن القومي، لم يصرح بها رئيس الوزراء نفسه، مثل إن ترامب لم يمنح رئيس الوزراء أكثر من عشر دقائق للقاء، بينما كانت تصريحات رئيس الوزراء ذاته مختلفة تماما ولم تتضمن مثل هذه التفصيلة التي تمس سيادة الدولة وكرامة مسؤوليها رغم صغرها. ولوكان الوزير المذكور دبلوماسيا محترفا لإستعاض عن كل ذلك بعبارة: (أن ضيق وقت زيارة الرئيس الأميركي لم يعط الفرصة للقاء المسؤولين العراقيين). وكذلك، كشف الوزير عن زيارة وزير الخارجية الأميركي جورج بومبيو للعراق هذا الشهر، في الوقت الذي لم تشر مصادر وزارة الخارجية الأميركية أن العراق من ضمن الدول التي سيزورها الوزير الأميركي بعد.
- ردود الأفعال
أثار تصريح الوزير المذكور ردود أفعال كثيرة من جانب الكتل والأحزاب السياسية وبعض الميليشيات والفصائل المسلحة، وضجة كبيرة على منصات التواصل الاجتماعي، والشارع العراقي، أبرزها: -
أ‌- نائب يعتزم جمع تواقيع لاستجواب وزير الخارجية "إن صحت" تصريحاته بشأن الاعتراف بإسرائيل، جاء فيه: " يعتزم النائب وجيه عباس جمع تواقيع من اجل استجواب وزير الخارجية داخل البرلمان في حال ثبت صحة تصريحاته الاخيرة بشأن "الاعتراف" بدولة اسرائيل.
وقال عباس في بيان تلقت، السومرية نيوز، نسخة منه، اليوم الخميس، إن "تصريحا خطيرا من قبل وزير الخارجية نقف ضده كمجلس نواب عراقي، العراق ليس مرابيا او مقاولا ليعترف بوجود دولتين في فلسطين حتى لو رغب الفلسطينيون بذلك".
ب‌- عزت الشابندر يبدي إستغرابه لموقف وزير الخارجية محمد علي الحكيم حول القضية الفلسطينية، تم نشره في 04‏/01‏/2019 جاء فيه: " أبدى السياسي المستقلُ عزت الشابندر إستغرابَه لموقفِ وزيرِ الخارجية محمد علي الحكيم على خلفيةِ تصريح ِالاخير بتأييدِ العراق مشروعِ حلِ الدولتين الاسرائيلية والفلسطينية.
الشابندر في تغريدة له قال ان السيد وزيرَ الخارجية يصرحُ أنّ العراق يؤيدُ مشروعَ حلّ ِالدولتين الإسرائيليةِ و الفلسطينةِ والذي يعني ضمناً الإعترافَ بدولةِ الكيان الصهيوني، موجها تساؤلاً لرئيسِ الوزراء وكتلة الإصلاح التي دعمت تسلمَ الحكيم لحقيبةِ الخارجية حول مدى تطابقِ كلامهِ مع الموقفِ العراقي بشأنِ هذه القضية."
ت‌- كتلة نيابية تتهم وزير الخارجية العراقي بالإعتراف بإسرائيل، نشر في 2019-01-03، جاء فيه: " أعرب رئيس كتلة النهج الوطني النيابية عمار طعمة، الخميس، بما سماه "إعتراف وزارة الخارجية بإسرائيل"، مؤكدا أنه لا مبرر لمنح مواقف مجانية لانظمة غاصبة لاراضي المسلمين والعرب، حسب تعبيره.
وذكر طعمة في بيان صحفي له اليوم 3 كانون الثاني 2019 "نستغرب من وزير الخارجية العراقي وإعلانه الترحيب ضمنا والاعتراف بدولة للكيان الصهيوني الغاصب متجاوزا بذلك الأُطر والسياقات الدستورية والقانونية في اتخاذ مواقف مهمة تتعلق بقضية أساسية في وجدان العراقيين خصوصا والعرب والمسلمين عموما".
وأضاف أننا "لانرى اي مبرر لمنح مواقف مجانية لانظمة غاصبة لاراضي المسلمين والعرب تمهد للاعتراف والقبول بنظام عنصري ظالم اقترنته ممارساته ومواقفه بالقمع والاضطهاد وارتكاب المجازر الدموية بحق الشعب الفلسطيني الشقيق" .
وطالب، رئيس الوزراء بتنبيه وزير الخارجية وإلزامه بعدم التعبير عن مواقف تقوي أنظمة عنصرية ظالمة وغاصبة خصوصا وان مثل هذه المواقف لابد من الرجوع فيها الى مجلس الوزراء والبرلمان ولايجتهد فيها بهذه الطريقة الاعلامية دون حساب الأثار والنتائج التي يمكن ان ينتفع منها كيان غاصب وظالم ومنتهك لحقوق الشعوب وكرامتها.
وكان وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم قد ذكر في جلسة حوارية مع عدد من الاعلاميين أمس الاربعاء أن "العراق يؤمن بحل الدولتين لإنهاء الأزمة الفلسطينية مع إسرائيل"."
ث‌- كتائب حزب الله تصدر بيانا بشأن تصريحات وزير الخارجية العراقي بخصوص حل الدولتين لإنهاء ازمة فلسطين، نشر في 4/12/2019، جاء فيه: " بسم الله الرحمن الرحيم
"لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ" صدق الله العلي العظيم
لم تزل قضية فلسطين حاضرة في وجدان الشعب العراقي طيلة سنوات الصراع مع الكيان الصهيوني
الغاصب، بل كان العراق في مقدمة الداعمين لنضال شعبها الأبي في طريق تحرير أرضه ومقدساته.
وعلى الرغم من محاولات التسوية والتمييع وحملات الذل والتطبيع التي تبناها العملاء والخونة، تفريطا بقضية فلسطين وإرضاءً للاستكبار العالمي، إلا أن شعبنا العراقي بقي على موقفه المبدئي الرافض لهذه المخططات، مساندا لأشقائه الفلسطينيين في مقاومتهم وصمودهم بوجه الاحتلال.
إننا نؤمن بأن الحل الوحيد لقضية فلسطين هو درب المقاومة حتى تحريرها واستئصال الغدة السرطانية منها.
‏والآن وبعد أن تمكن محور المقاومة الذي يمثل إرادة الشعوب العربية والإسلامية، من إفشال جميع المخططات الرامية إلى تدمير المنطقة وإضعافها، خدمة لأمن الكيان وضمان تفوقه، وبعد أن أصبح الصهاينة في أضعف حالاتهم، وباتوا يعيشون مأزقا وجوديا سيؤدي بهم إلى الزوال إن عاجلا أو آجلا، يخرج علينا وزير الخارجية العراقي متبنياً طروحات لا تنتمي لواقع العراق الذي من المفترض أنه يمثله، بل تعترف بالكيان الغاصب، ضاربا بإرادة وثقافة ومبادئ الشعب العراقي عرض الجدار، متماهيا مع ما يطرحه الأعراب والعملاء.
‏ولذا ترى المقاومة الاسلامية - كتائب حزب الله إن من الواجب على الحكومة العراقية تصحيح هذا الموقف الشاذ، وإلزام هذا الوزير بتقديم الاعتذار للشعب العراقي المجاهد الذي قدم دماء زكية، وبفضلها نُصَّب وزيرا ليدافع عن الحقوق والمبادئ، "فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ".

- معالجات وزارة الخارجية
سارعت وزارة الخارجية بعد الأزمة السياسية التي خلفّتها تصريحات الوزير الجديد، إلى توضيح الموقف. والمضحك في الأمر، أن وزرارة الخارجية قد دعت في تصريح صحفي لها بتاريخ 4/1/2019 في أزمة شخصية خلقها ذات الوزير مع الوزير السابق، دعت السلطة الرابعة إلى توخي الدقة فيما يصدر من تصريحات من وزارة الخارجيَّة. ويبدو أن الوزير قد أستعاض عن المتحدث الرسمي للوزارة بالمكتب الإعلامي لوزارة الخارجية العراقية. فأصدر المكتب المذكور بتاريخ 3/12/2019 بياناً جاء فيه:
" تؤكد وزارة الخارجية موقف العراق التاريخي، والمبدئي من القضية الفلسطينية في دعم حقوق الشعب الفلسطيني في تحرير الأرض والإنسان وإقامة دولة مستقِلة وعاصمتها القدس، كما يدعم العراق مبادرات السلام العربية، والدولية، ومنها مبادرة السلام العربية التي سبق أن طرحت في قمة بيروت ٢٠٠٢، وأصبحت بنداً دائماً على جدول أعمال القمم العربية اللاحقة."
وعلى الرغم من أن بيان المكتب الإعلامي قد جاء مقتضبا ومكررا موقف العراق السابق، ومناقضا لتصريح الوزير. إلا إنه تضمّن خللا كبيرا، يتمثل في إشارة غير موفقة إلى دعم لمبادرة السلام العربية التي طرحت في قمة بيروت مارس ٢٠٠٢، والتي هي مثار جدل كبير، سنتناول ذلك، لاحقاً.

والمضحك في الأمر، أن وزرارة الخارجية قد دعت في تصريح صحفي لها بتاريخ 4/1/2019 في أزمة أخرى شخصية خلقها ذات الوزير مع الوزير السابق قبل يومين، دعت فيه السلطة الرابعة إلى توخي الدقة فيما يصدر من تصريحات من وزارة الخارجيَّة.

وفي اليوم التالي صدر توضيح لوزير الخارجية. وقد جاء فيه ما يلي: -
" صدرت مؤخراً بعض التصريحات والاخبار التي تداولتها وسائل الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي حول تصريح وزير الخارجية بشأن موقف العراق من القضية الفلسطينية وحل الدولتين، وبهذا الصدد نود ان نبين ان ما تم تناقله هو مجاف للواقع وعارٍ عن الصحة والحقيقة.
ان موقف العراق الثابت من القضية الفلسطينية، والمستند الى المبادرة العربية للسلام لعام 2002 والتي اعيد التاكيد عليها في القمة العربية ببغداد 2012، (اعلان بغداد)، يتجسد في الدعم المستمر لاسترجاع الاراضي الفلسطينية المغتصبة من قبل الكيان الصهيوني فضلا عن دعم جهود السلطة الفلسطينية في المؤتمرات والمحافل الدولية في كل من جنيف ونيويورك وبشكل مباشر من الوزير عندما كان مندوباً دائماً للعراق في كلا الموقعين، حيث عمل الوزير في مجلس حقوق الانسان، وعبر البند السابع من جدول الاعمال والذي يبحث القضية الفلسطينية، على تاشير الانتهاكات الاسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني والمطالبة بمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم ضد المدنيين العزل. اما في الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك، واثناء ترؤس الوزير للمجموعة العربية، عمل على اعداد مشروع قرار برفع العلم الفلسطيني في مبنى الامم المتحدة وتعزيز مكانتها في العالم، حيث قدم مشروع القرار الذي مرر باغلبية الاصوات وبنجاح ساحق بعد التصويت عليه في الجمعية العامة للامم المتحدة، وبناءً على هذا النجاح منح الرئيس الفلسطيني محمود عباس الوزير (وسام القدس) وهو اعلى وسام تمنحه السلطة الفلسطينية، مصحوباً برسالة شكر لجهود مندوب العراق سابقاً (الوزير الحالي) وتقديراً لدعم العراق للقضية الفلسطينية.
وفي مجلس الامن الدولي دافع العراق عن حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، تحت بند الحالة في الشرق الاوسط، والقى عدداً كبيراً من الخطابات والبيانات الرسمية تاكيداً على حقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها الحق في العيش بدولة مستقلة قابلة للحياة. وفي لجنة انهاء الاستعمار (اللجنة الرابعة في الجمعية العامة) دأب المندوب الدائم (الوزير الحالي) خلال الاجتماعات الدورية على تقديم الخطابات الوطنية وعقد لقاءات للدول المتماثلة التفكير لدعم دولة فلسطين وانهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية.
كما دعم العراق فلسطين للحصول على عضوية كل من مجلس الامن والجمعية العامة للامم المتحدة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ورئاسة مجموعة 77 والصين."

ويمكن التعليق على توضيح وزير الخارجية، بما يلي: -
1. تراجع الوزير عن مضمون تصريحه بشكل مشوّه، مبيناً أن ما تم تناقله هو مجاف للواقع وعارٍ عن الصحة والحقيقة. وأين هي الحقيقة؟ إن ما تناقلته وسائل الإعلام جرى في لقاء الوزير مع الصحفيين وليس في علاقة ثنائية مع دبلوماسي زائر. وإن ما نقل هو حديث الوزير مسجل بالصوت والصورة، وليس صورة يمكن الطعن بتحريفها بالفوتوشوب.
2. إستند الوزير في توضيحه إلى مبادرة السلام العربية لعام 2002، مكرراً ذات الإشارة التي إستند اليها بيان المكتب الإعلامي للوزارة المشار اليه في أعلاه، دون تدقيق موقف العراق من هذه المبادرة، والتطورات على الساحة العربية حول هذه المبادرة، وأخيراً موقف إسرائيل منها. وأضاف توضيح الوزير أن هذه المبادرة "والتي أعيد التأكيد عليها في القمة العربية ببغداد 2012، (إعلان بغداد)، يتجسد في الدعم المستمر لاسترجاع الأراضي الفلسطينية المغتصبة من قبل الكيان الصهيوني".
3. تمسك الوزير بحل الدولتين من خلال التأكيد على المبادرة العربية للسلام لعام 2002، والتي أعيد التأكيد عليها في القمة العربية ببغداد 2012، (إعلان بغداد). فهو ليس فقط مؤمن بحل الدولتين، بل متمسك به ضمنياً، من خلال الإصرار على التمسك بهذه المبادرة.
4. جاء توضيح الوزير مليئاً بمواقفه الشخصية وعلاقاته بالجانب الفلسطيني الرسمي عندما كان سفيرا في الأمم المتحدة ويكرر عبارة (الوزير الحالي) لمرتين، وكإنما هي أفضال قام بها بصورة شخصية، وليس تمثيلا لموقف رسمي عراقي.
5. النقطة الأبرز في توضيح وزير الخارجية، هي إستخدامه لعبارة (الكيان الصهيوني) في وصف (إسرائيل). بما يؤكد تراجعه عن تصريحه، والعودة إلى نقطة الصفر.

والحقيقة، أن معالجات وزارة الخارجية لإحتواء هذه الأزمة كانت مشوشة وغير دقيقة، وهي ترقيعات لا ترتقي لمستوى الأزمة، وينطبق عليها القول القائل (عذرٌ أقبح من ذَنْب).
ومن خلال تقرير قدّمته قناة العهد نيوز تم نشره في 03‏/01‏/2019، وصف مراسلها أحمد الحربي، وزير الخارجية العراقي محمد الحكيم بأنه يغرّد خارج سرب الدبلوماسية، مضيفا "الحكيم إما إنه مؤمن بحل الدولتين، وأطلق لقريحته العنان أمام الكاميرات، وهي مثلَبة لا تغتفر بالعرف الدبلوماسي، فعلى الدبلوماسي أن يتبنى أسس دولته لا قناعاته الشخصية، وأما إذا كان له رأي ما، فعليه إتباع السبل القانونية لتغيير النهج الدبلوماسي، بما يتوافق مع قناعاته إذا إستطاع إقناع بقية السلطات، وإن كان ما تحدث به الحكيم سقطة لسان فالمصيبة أعظم"
لذا من الضروري الوقوف على مبادرة السلام العربية التي إستند إليها الوزير ومكتبه الإعلامي، لإلقاء بعض الضوء على مضمون المبادرة المذكورة، وتطوراتها اللاحقة، وتداعياتها، والموقف العربي والإسرائيلي والعراقي حولها بإختصار.

- وقفة عند مبادرة السلام العربية لعام 2002
مبادرة السلام العربية هي مبادرة أطلقها الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك السعودية للسلام في الشرق الأوسط بين إسرائيل والفلسطينيين. هدفها إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دولياً على حدود 1967 وعودة اللاجئين وانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية مع إسرائيل، وكانت في عام 2002. وقد تم الإعلان عن مبادرة السلام العربية في القمة العربية في بيروت. وقد نالت هذه المبادرة تأييداً عربياً. وفي ما يلي النص الحرفي لمبادرة السلام العربية:
" مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة المنعقد في دورته الرابعة عشرة.
إذ يؤكد ما أقره مؤتمر القمة العربي غير العادي في القاهرة في حزيران/يونيو 1996 من أن السلام العادل والشامل خيار استراتيجي للدول العربية يتحقق في ظل الشرعية الدولية، ويستوجب التزاما مقابلا تؤكده إسرائيل في هذا الصدد.

وبعد أن استمع إلى كلمة عبد الله بن عبد العزيز، ولي عهد المملكة العربية السعودية، التي أعلن من خلالها مبادرته داعياً إلى انسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ 1967، تنفيذا لقراري مجلس الأمن (242 و338) والذين عززتهما قرارات مؤتمر مدريد عام 1991 ومبدأ الأرض مقابل السلام، وإلى قبولها قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية. وذلك مقابل قيام الدول العربية بإنشاء علاقات طبيعية في إطار سلام شامل مع إسرائيل.

وإنطلاقاً من اقتناع الدول العربية بأن الحل العسكري للنزاع لم يحقق السلام أو الأمن لأي من الأطراف.
- يطلب المجلس من إسرائيل إعادة النظر في سياساتها، وأن تجنح للسلم معلنة أن السلام العادل هو خيارها الاستراتيجي أيضا.

- كما يطالبها القيام بما يلي:
الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان السوري وحتى خط الرابع من يونيو (حزيران) 1967، والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان.
التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.
قبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من يونيو (حزيران) في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية.
- عندئذ تقوم الدول العربية بما يلي:
اعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهيا، والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة.
إنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل.
- ضمان رفض كل أشكال التوطين الفلسطيني الذي يتنافى والوضع الخاص في البلدان العربية المضيفة.
- يدعو المجلس حكومة إسرائيل والإسرائيليين جميعا إلى قبول هذه المبادرة المبينة أعلاه حماية لفرص السلام وحقنا للدماء، بما يمكن الدول العربية وإسرائيل من العيش في سلام جنبا إلى جنب، ويوفر للأجيال القادمة مستقبلا آمنا يسوده الرخاء والاستقرار.
- يدعو المجلس المجتمع الدولي بكل دوله ومنظماته إلى دعم هذه المبادرة.
- يطلب المجلس من رئاسته تشكيل لجنة خاصة من عدد من الدول الأعضاء المعنية والأمين العام لإجراء الاتصالات اللازمة بهذه المبادرة والعمل على تأكيد دعمها على كافة المستويات وفي مقدمتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن والولايات المتحدة والاتحاد الروسي والدول الإسلامية والاتحاد الأوروبي.

عندما صدرت مبادرة السلام العربية اعتبرها العديد من المراقبين الغربيين عرضاً يصعب على إسرائيل رفضه.
كانت بنود المبادرة بسيطة: ستقيم الدول العربية علاقاتٍ دبلوماسية كاملة مع إسرائيل مقابل قيام دولة فلسطينية على طول حدود الأراضي المحتلة منذ عام 1967. وللحصول على موافقة إسرائيل، تبنت مبادرة السلام العربية موقفاً متبايناً تجاه حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وهو شرطٌ يعتبره أكثر من 4 ملايين فلسطيني يعيشون في المنفى غير قابلٍ للتفاوض.

ويعتقد خبراء آخرون أن مصير مبادرة السلام العربية كان مُقدرٌ لها الفشل منذ لحظة إعلانها. فقد رفضها أرييل شارون، رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، بالمجمل. وفي وقتٍ لاحق، رحب خليفته إيهود أولمرت، بالاقتراح إلا أنه جادل بأن على الفلسطينيين تقديم المزيد من التنازلات.

فبدايةً، تم توقيع معاهدة السلام مع مصر في 26 مارس 1979، ليتم بعدها اغتيال الرئيس المصري أنور السادات على يد حركة الجهاد الإسلامي المصرية بعد عامين لتوقيعه على المعاهدة. ثم جاء اتفاق السلام مع الأردن، الذي وقعته إسرائيل والملك حسين في 23 أكتوبر 1994.

وبعد توقيع اتفاقات أوسلو، أوضح إسحاق رابين- الذي وصف بصانع السلام العظيم- أنه أياً كان الاتفاق الذي أبرم مع الفلسطينيين، فإنه لن يكون هناك دولة فلسطينية ذات سيادة، وأن إسرائيل ستحتفظ بالسيطرة الأمنية.”

إلا أن القادة الفلسطينيين، الذين سئموا من اتفاقياتٍ أوسلو الفاشلة، تساءلوا عما يمكن تقديمه من تنازلاتٍ أخرى محتملة. وكتب الدكتور جودت بهجت، مدير دراسات الشرق الأوسط في جامعة أنديانا، أن إسرائيل اعتقدت أنها تستطيع تطبيع العلاقات مع العالم العربي في الوقت الذي تستطيع فيه إجبار الفلسطينيين على التخلي عن كفاحهم من أجل إقامة دولة.

وفي نهاية المطاف، نجح رهان إسرائيل. فلم تبني إسرائيل المزيد من المستوطنات غير القانونية فحسب، بل أجرت أيضاً محادثاتٍ علنية وسرية على حد سواء مع دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة.
واليوم يبدو تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل وشيكاً. ويتمثل دافع المملكة الرئيسي للقيام بذلك بخلق تحالفٍ ضخم ضد إيران، العدو اللدود لكلا البلدين.

أما موقف العراق، فقد حضر مؤتمر قمة بيروت لجامعة الدول العربية عام 2002، بوفد برئاسة نائب رئيس مجلس قيادة الثورة العراقي عزت إبراهيم نائباً عن الرئيس صدام حسين، وكان العراق يعاني من العقوبات الاقتصادية منذ 12 عاما، وكان تركيز الوفد على تحسين العلاقة مع السعودية والكويت، تجنباً لضربة محتملة تقوم بها الولايات المتحدة وحلفاءها ضده. فتضمن جدول أعمال القمة بنداً حول الحالة العراقية -الكويتية. لذا، إرتاى الوفد العراقي القبول بمبادرة السلام العربية التي تقدمت بها السعودية، وهكذا، صدر البيان الختامي للقمة (والموافقة بالإجماع على المبادرة السعودية).

وبعد مرور ستة عشر عاماً، بات مصير مبادرة السلام العربية الفشل بعد أن طلب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من الفلسطينيين “قبول السلام” أو الصمت. فقد أدلى ولي العهد بملاحظاته هذه في اجتماعٍ عُقد في مارس 2018 في نيويورك مع المنظمات اليهودية الأمريكية. وتابع قوله بأن القضية الفلسطينية لم تعد أولويةً للمملكة بسبب القضايا الأكثر إلحاحاً في المنطقة.

وهكذا نرى بوضوح أن أهم ما تتضمنه هذه المبادرة، هي إقامة دولة فلسطينية إلى جانب (دولة) إسرائيل، وإعتبار الصراع العربي-الإسرائيلي منتهيا، ثم التطبيع مع إسرائيل وإقامة جميع الدول العربية علاقات طبيعية مع إسرائيل.

فهل ينوي العراق، إقامة علاقات مع إسرائيل؟
مما لا شك فيه، أن تغيير الولايات المتحدة لنظام صدام حسين عام 2003 قد أزال من طريق إسرائيل واحد من ألد أعدائها الذي تجرا وأطلق صواريخه عليها. وهذا ما دفع إلى التقارب مع إسرائيل، وشهدنا زيارة عدد من النواب العراقيين إلى إسرائيل، سواء علنا أو سراً. ولم تخفي الحكومات العراقية عدم إرتياحها لوجود العديد من المقيمين الفلسطينيين بالعراق، ودفعتهم سوء معاملتها لهم إلى مغدرة العراق.

إلا إن تسليم السلطة للأحزاب الشيعية بعد عام 2005، وموالاة هذه الأحزاب لإيران بحكم التقارب المذهبي وسبق احتضانها فيها، مما قاد إلى تغيير سياسة الحكومة من الإنفتاح بدفع أمريكي إلى المعاداة بدفع إيراني. وهنا إلتقت مواقف حكومة الأحزاب الشيعية مع موقف نظام صدام حسين من إسرائيل، بإستثناء إقليم كردستان العراق، حيث زادت أواصر الصداقة والتعاون بين الأكراد وإسرائيل وغدت العلاقة بينهما وشيجة وعلنية، ويرفع الأكراد العلم الإسرائيلي في بعض المناسبات، تعبيرا عن دعم إسرائيل لهم، كما حدث في إستفتاء عام 2017.

ثانيا. الإعتراف في القانون الدولي
يعرّف الإعتراف بالدولة: (بأنه عمل حر تقر بمقتضاه دولة أو مجموعة من الدول وجود جماعة لها تنظيم سياسي في إقليم معين مستقلة عن كل دولة أخرى، وقادرة على الوفاء بالتزامات القانون الدولي العام، وتظهر الدول بالاعتراف نيتها في عدِّ هذه الدولة عضواً في الجماعة الدولية ".
أن الاعتراف باعتباره تصرف أحادي الجانب وعن إرادة منفردة هو إرادة منسوبة لشخص من أشخاص القانون الدولي، تملك سلطة الالتزام بشرعية وضع معين وتنتج آثار قانونية مستقلة عن ذلك عن أي إرادة أخرى.

الاعتراف بالدولة لا يخضع لأية قاعدة شكلية خاصة، فهو قد يكون صريحاً أو ضمنيـــــاً، وفردياً أو جماعياً، وقانونياً أو واقعاً (أو فعلياً).
الاعتراف الصريح أو الاعتراف الرسمي، هو الإعلان المباشر الذي تعلنه الدولة بصورة رسمية والمتضمن الاعتراف بدولة معينة. ويتم الاعتراف الصريح بصدور قرار رسمي من حكومة الدولة أو مذكرة دبلوماسية تبلغ الجهة المعترف بها بقرار الدولة المعترف بها.
أما الاعتراف الضمني فهو اعتراف عن طريق الدخول في علاقات مع الدولة الجديدة كعلاقات التي تقيمها مع الدول التي اعترفت بها بصورة رسمية دون أن يصدر إعلان رسمي من الدولة يتضمن الاعتراف بها؛ أي يتم استنتاجه من ملابسات وظروف لا تدع مجالا للشك على اتجاه نية الدولة إلى الاعتراف بالدولة الجديدة.
وسواء كان الاعتراف ضمنيا أو صريحاً فهو يتوقف عن نية الأطراف وما دامت هذه النية واضحة لا تثير أيِّ غموض فإن الاعتراف في الحالتين واحد من حيث آثاره.
أما الاعتراف القانوني: فهو الاعتراف الصريح والحاسم الذي يستند إلى استقرار الشخصية الدولية الكاملة المعترف بها وبثباتها ويصدر إما مباشرة أو بعد صدور الاعتراف الواقعي.
في حين أن الاعتراف الواقعي أو الاعتراف الفعلي: هو اعتراف بدولة من ناحية وجودها على الواقع دون أن تتوافر فيها الشرعية الدولية أي أن هناك خلل في عناصرها الثلاثة أو هناك شكوكاً في هذه العناصر.

يشير الاعتراف الدولي بإسرائيل إلى الاعتراف الدبلوماسي بدولة إسرائيل والتي أعلن عن قيامها بتاريخ 14 مايو عام 1948. إن وضع إسرائيل متنازع عليه نتيجة للصراع العربي الإسرائيلي. تعترف 161 دولة بإسرائيل حالياً من أصل 192 دولة عضو بمنظمة الأمم المتحدة.
في الوقت الحاضر، ما مجموعه 32 دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لا تعترف بدولة إسرائيل: 18 دولة عضو في جامعة الدول العربية: الجزائر، والبحرين، وجزر القمر، وجيبوتي، والعراق، والكويت، ولبنان، وليبيا، والمغرب، وعمان، وقطر، والسعودية، والصومال، والسودان، وسوريا، وتونس، الإمارات العربية المتحدة، واليمن؛ كذلك 11 عضواً في منظمة التعاون الإسلامي: أفغانستان، وبنغلادش، وبروناي، وتشاد، وغينيا، وإندونيسيا، وإيران، وماليزيا، ومالي، والنيجر، وباكستان. كما هناك بلدان أخرى لا تعترف بإسرائيل منها بوتان، وكوبا، وكوريا الشمالية.

ثالثا. الجانب القانوني لتصريح وزير الخارجية

على الصعيد الداخلي، فإن الدستور العراق النافذ لعام 2005، على الرغم من خلوه من الإشارة إلى مسألة الإعتراف بالدول، إلا إنه قد حدد رسم السياسة الخارجية بالسلطات الإتحادية التي حددها الدستور بالمادة (47) التي تنص على ما يلي:
"تتكون السلطات الاتحادية من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، تمارس اختصاصاتها ومهماتها على أساس مبدأ الفصل بين السلطات."

كما حددت المادة (110) منه إختصاصات هذه السلطة بقولها:
تختص السلطات الاتحادية بالاختصاصات الحصرية الآتية:
أولا: رسم السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي والتفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية وسياسات الاقتراض والتوقيع عليها وإبرامها ورسم السياسة الاقتصادية والتجارية الخارجية السيادية.

وهذا النص الدستوري واضح وجَلي في أن السلطات الثلاث هي من يرسم السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي، وينصرف مضمون ذلك إلى الإعتراف بإعتبار أن ذلك جزء من السياسة الخارجية، وأن نتيجته هو تبادل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين.
لذا لا يجوز لوزير الخارجية العراقي وفقاً للدستور الحالي أن ينفرد برسم السياسة الخارجية وبضمنها الإعتراف بالدول.

أما على صعيد القانون الدولي، فقد شهدت العقود الأخيرة ثورة في وسائل الاتصال، رافقتها تغيرات في الممارسات الإعلامية. وقد تضمن ذلك زيادة كبيرة في وصول وسائل الإعلام لكبار ممثلي الدولة، وطلبات غير منقطعة لهم للتعليق على القضايا ذات الاهتمام الدولي. ومن المناسب هنا، النظر إلى الأهمية القانونية لمثل هذه التعليقات وخاصة تلك التي يدلي بها وزراء الخارجية، لإنها عادة (ولكن ليس دائما) ما تنطوي على موقف الدولة، وان بدرجة اقل من البيانات الرسمية والإعلانات الصادرة عن رؤساء الدول ومن على غرارهم.

ولطالما أثار القانونيون التساؤل حول إذا كان وزير الخارجية يقوم بدور مهم في العلاقات الدولية، فما مدى أهليته لإلزام دولته؟ وهذا، ما يدفعنا إلى تناول مسألة القيمة القانونية للتصريحات الشفهية لوزير الخارجية.

التصريحات الشفهية (Oral Statement)
شهدت العقود الأخيرة ثورة في وسائل الاتصال، رافقتها تغيرات في الممارسات الإعلامية. وقد تضمن ذلك زيادة كبيرة في وصول وسائل الإعلام لكبار ممثلي الدولة، وطلبات غير منقطعة لهم للتعليق على القضايا ذات الاهتمام الدولي. ومن المناسب هنا، النظر إلى الأهمية القانونية لمثل هذه التعليقات وخاصة تلك التي يدلي بها وزراء الخارجية، لإنها عادة (ولكن ليس دائما) ما تنطوي على موقف الدولة، وان بدرجة اقل من البيانات الرسمية والإعلانات الصادرة عن رؤساء الدول ومن على غرارهم.
يمكن القول بان الإعلام شرع منذ عدة عقود يلاحق وزير الخارجية بأمل الحصول على تصريح ما حول موضوع معين أو مسألة من المسائل الهامة في السياسة الدولية والتي غالبا ما تكون موضوع الساعة على الساحة الدولية. لا بل – إذا أردنا الذهاب ابعد من ذلك – فان وزراء الخارجية اليوم قد وضعوا نظاما لمثل هذه التصريحات والمقابلات الصحفية والتلفزيونية ويوجد في كل وزارة خارجية في دول العالم المختلفة جهاز يتولى تنظيم ذلك ويمكنه الاتصال بمندوبي الإعلام في كل وقت، ومهما اختلفت التسميات في جزئياتها فهي الدائرة الإعلامية أو الصحفية.

فوزير الخارجية هو لسان الدولة وخير معبر عنها على الصعيد الدولي واحد أجهزة التعبير عن إرادتها في الخارج، وان سعي الإعلام المحموم هو بقصد التعرف على موقف الدولة من خلال وزير خارجيتها.

وبهذا الوصف فان وزير الخارجية يستطيع وبكل سهولة من تحديد سياسة الدولة تجاه قضية معينة، لا سيما وان القانونين الوطني والدولي يخولانه ذلك، وحتى إذا لم يوجد نص في القانون الوطني (الداخلي) سواء في الدستور أو أي نص تشريعي أخر.

ويرى الدكتور احمد محمد رفعت رئيس جامعة بني سويف إن وزير الخارجية يتولى تحديد مواقف دولته السياسية ووجهة نظرها فيما يتعلق بالمشاكل الدولية عن طريق مؤتمرات صحفية تعقد بهدف اطلاع الراي العام على سياسة دولته في مواجهة المتغيرات السياسية والأزمات الدولية.

إن القانون الدولي قد منحه ذلك الحق استنادا إلى نص المادة 7 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969 والتي اعتبرت وزير الخارجية ممثلا لدولته من اجل التعبير عن رضاها في الالتزام بمعاهدة دولية، ومن اجل القيام بجميع الأعمال المتعلقة بعقد المعاهدة، ومن بينها التصريحات الشفهية. لا بل إن المادة 11 من الاتفاقية المذكورة قد بنيت وسائل التعبير عن رضا الدولة الالتزام بالمعاهدة، ومن بينها التوقيع أو تبادل الوثائق أو التصديق أو الموافقة عليها أو قبولها أو الانضمام اليها أو أية وسيلة أخرى تتفق عليها.

وأصرخ مثال على أثر تصريح وزير الخارجية، هو تصريح بلفور الشهير الذي أصدره وزير خارجية بريطانيا آرثر جيمس بلفور من خلال رسالة مختصرة تضمنت 117 كلمة وردت في 16 سطرا وجهها إلى اللورد روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية آنذاك في 2 نوفمبر 1917، وكانت سببا في ضياع دولة عربية في الشرق الأوسط ألا وهي فلسطين ومنذ 95عاما وحتى الآن.

وهكذا نجد أن وزير الخارجية هو واسطة التعامل القانوني بين الدول وذلك، بما يعلنه من بيانات أو يدلي به من تصريحات يلزم بها دولته.

ولقد سنحت الفرصة للقضاء الدولي أن يبدي رأيا في ذلك، وفي أكثر من مناسبة. وكانت أولى الحالات التي نظرها القضاء الدولي تتمثل في القرار الذي اتخذته محكمة العدل الدولية الدائمة عام 1933 في قضية غرينلاند (فقد حدث وان صرح وزير خارجية النرويج لممثل الدانمارك كتابة بان دولته تعترف بسيادة الدانمارك على غرينلاند، ثم عدلت النرويج بعد ذلك عن هذا الموقف وعرض الأمر على محكمة العدل الدولية، فقررت في حكمها الصادر بتاريخ 25 أبريل سنة 1933، إن تصريح وزير خارجية النرويج يقيد هذه الدولة، لأنه صدر من عضو له حق التعبير عن إرادتها.

ولقد قررت محكمة العدل الدولية الدائمة في قضية غرينلاند الشرقية سنة 1933 إن البيان الذي ادلى به وزير خارجية النرويج لوزير خارجية الدانمارك المفوض في أثناء مقابلة رسمية يعتبر ملزما للحكومة النرويجية. وان اتفاقا دوليا ملزما ينجم عن محادثات رسمية بين وزير خارجية ومندوب دبلوماسي لدولة أخرى، وان التعهد الذي يقطعه وزير الخارجية في المحادثات وأثناء قيامه بالعمل ضمن نطاق سلطته الرسمية الطبيعية هو تعهد ملزم لدولته.

وهكذا ففي دائرة القانون الدولي، يعد كل ما يصدر عن وزير الخارجية، بوصفه ممثلا لدولته في الشئون الخارجية، ملزما لدولته ومنتجا لكافة أثاره القانونية، حتى إذا تجاوز حدود الاختصاصات التي خولها له الدستور.

وبالتالي فإن تصريح وزير خارجية العراق في 2/1/2019، يعد تصريحا صادراً من جهة دولية مختصة قادرة على إحداث أثار قانونية على الصعيد الدولي، وإنه تعبير عن نية العراق في الإعتراف بإسرائيل إعترافاً ضمنياَ بقوله: (إحنا قضية حل الدولتين مؤمنين فيها). وحتى من الناحية الشرعية ألا يكفي الإيمان للدلالة على النية؟ وحتى لو لم يقصد ذلك، وهذا ما يستشف من توضيح الوزير لاحقاً. ويبقى في كل الأحوال، ملزما من الناحية القانونية.
إن ذلك يذكرنا بالحديث النبوي القائل: "ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ".

والواقع، أن الوزير الجديد محمد علي الحكيم (الأمريكي الجنسية) هو من مواليد النجف عام 1952 (67 سنة)، ومن الطائفة الشيعية. عاد إلى العراق بصحبة الحاكم المدني الأميركي في العراق بول بريمر عام 2003، عمل مستشاراً لنائب رئيس الجمهورية (رئيس الوزراء الحالي) عادل عبد المهدي للشؤون الاقتصادية 2005-2010.
إنتقل إلى وزارة الخارجية بدرجة سفير عام 2006، ونقل إلى ممثلية العراق الدائمة لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف عام 2010، دون تدريب وخبرة دبلوماسية سابقة، كما هو معروف لدى الدبلوماسي المحترف أو المهني (Diplomat Careers). والأن يستوزر وزيرا لخارجية بلد ملتهب وسط صراعات دولية كبيرة.

وكثيرا ما كانت مواقفه وتصريحاته تثير أزمات سياسية وإشكالات قانونية مع الدول والمنظمات الدولية، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

(1) منح حق الجنسية للأجانب في العراق
قام ممثل العراق الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف سابقا محمد علي الحكيم والذي ادخل العراق في مأزق قانوني لن يستطيع الخروج منه لعشرات السنين ، عندما صادق على مشروع قرار تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف أثناء انعقاد الدورة الاعتيادية العشرون والخاص بالحق في الجنسية : النساء والأطفال، والذي صدر في 16 / تموز /2012، حيث نصت الفقرة 4 من القرار المذكور على إن المجلس (يشجع الدول على أن تيسر، وفقا لقانونها الوطني، حصول الأطفال على جنسيتها عندما يولدون على أقاليمها أو لمواطنيها المقيمين في الخارج ويكونون من غير ذلك عديمي الجنسية). وكان القصد من القرار هو صهر مواطني الدول العربية من خلال منح الجنسية لكل من يولد على إقليم الدولة حتى لو كان والديه من الأجانب، وهكذا فان أي أجنبية تدخل العراق وهي حامل وتلد على الإقليم العراقي حتى لو كانت الولادة قد تمت في طائرة محلقة في الأجواء العراقية، فان على الحكومة العراقية إن تمنحها الجنسية العراقية إسوة ببقية العراقيين. وبرغم من التحذيرات الكثيرة له من المختصين من أعضاء البعثة ومن مسؤول الملف إلا انه اصرّ على ذلك. وهكذا صدر القرار باسم العراق كدولة راعية لمشروع القرار، وهذا سيشكل بحد ذاته قنبلة قانونية موقوتة كما هو الحال في دستور 2005، لتثير مشاكل عديدة للعراق في الأمد البعيد.

(2) سيطرة مجموعات مسلحة إرهابية على منشأة سابقة للأسلحة الكيمياوية عام 2014
يوم 9 / تموز / 2014 أبلغ سفير العراق لدى الأمم المتحدة في نيويورك محمد علي الحكيم في رسالة موجهة للأمين العام بان كي مون بتاريخ 30 / حزيران / 2014 بان حكومة بلاده فقدت السيطرة على منشأة سابقة للأسلحة الكيمياوية لصالح مجموعات مسلحة وإنها غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها الدولية لتدمير المواد السامة هناك. وان منشاة المثنى (72 شمال غربي بغداد) قد سقطت في 11 من يونيو / حزيران وان بقايا برنامج سابقة للأسلحة الكيمياوية موجودة في غرفتين محصنتين تحت الأرض هناك “. وان كاميرات المراقبة قد رصدت فجر الثلاثاء 12يونيو / حزيران نهب بعض المعدات وأجهزة المشروع قبل أن يعطل المسلحون نظام المراقبة.
وقد أثار هذا الخبر المستند على رسالة السفير العراقي إشكاليات قانونية وسياسية كبيرة وقادت إلى استنتاجات خطيرة أبرزها: –
1. إن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل رغم عجز الأمم المتحدة وفرق تفتيشها لأكثر من 13 سنة من التقصي والتفتيش وكذلك عجز الولايات المتحدة عن إثبات ذلك منذ 11 سنة من البحث داخل العراق.
2. إن العراق قد انتهك التزاماته المقررة بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيمياوية لعام 1993 والتي دخلت حيز النفاذ عام 1997، وأنظم اليها العراق في عام 2009 ليصبح الدولة العضو رقم 186 من مجموع الأعضاء (190) دولة.
وأخيرا جاء القول الفصل والكلمة الحاسمة من بغداد عاصمة السفير، حيث صرح علي الحيدري عضو التحالف الوطني، الأربعاء 9 تموز بانه لا صحة لتصريحات سفير العراق لدى الأمم المتحدة واعتبر تصريحات سفيره الأممي” مدفوعة الثمن” أو كما يعرف بالإنكليزية (paid statement) وهذا ينطوي على شك في إن يكون السفير المذكور قد تقاضى مبلغا من المال من جهة معينة لقاء هذا التصريح.

(3) دخول القوات التركية إلى شمال العراق عام 2015
في 7/12/2015 توغلت القوات التركية في الأراضي العراقية مما ولّد أزمة دولية بين العراق وتركيا. وقد صرّح سفير العراق في نيويورك محمد علي الحكيم (الوزير حالياً) داعيا الحكومة العراقية إلى حل المسالة بالطرق الدبلوماسية وعدم تصعيد الموقف بين بغداد وأنقرة لإنه ليس من مصلحة العراق. مما أثار استهجان العراقيين وتساؤلهم فيما إذا كان هذا موظفا لدى العراق ويتقاضى راتبه وامتيازاته المالية الكبيرة منها أو موظفا لدى جهة أخرى مستقلة ومحايدة في ظل هذا النزاع الدولي؟ متخذاً موقفاً مخالفاً لحكومته، ففي تصريح لرئيس الوزراء حيدر العبادي بتاريخ 8/12/2015 أنكر وجود أي اتفاق مع الجانب التركي لهذا التوغل العسكري وأمهل القوات التركية بالخروج من العراق خلال 48 ساعة، ثم تلاه إدانة البرلمان العراقي لهذا التوغل العسكري في 9/12/ 2015. وما زالت القوات التركية موجودة في العراق، حتى يومنا هذا.

(4) مشاكل شخصية
في تقديري أن الوزير الحالي يعاني من مشاكل نفسية تتمثل في وسواس العظمة، وهذا ما لاحظته عليه خلال عملنا سوية لمدة ثلاث سنوات (2010-2013). كيف لا، وقد تحول من لاجئ في أميركا إلى سفير ثم وزير.

وقد كتبت عن تصرفاته هذه في عام 2015 فهو يرى نفسه انه قد أصبح رئيس العالم بهذا المنصب، ولكن من الجنون أن يظّن سفير دولة صغيرة بانه أكبر من حجمه، وهذا ما شهدناه أثناء العمل معه، وهذا ما عانيته طيلة فترة العمل معه. خاصة بوجود عدد كبير من المتملقين والمتزلفين الذي يجَمِلون له كل تصرفاته الخاطئة، وخاصة الدبلوماسيين الشيعة، الذين يعتقدون أن إنتقاد أي مسؤول شيعي، مهما كان مخطئاً، بأنه إنتقاد لحكم المذهب الديني الشيعي والسعي لإزالته، دون أن يكلفوا نفسهم عناء إصلاح أخطاءهم. إن هذا ليس من قبيل التقليل والتسقيط رغم الخلافات بيننا، ولكنها شهادة لسوء إدارة الدولة في العراق منذ 2003 وإلى يومنا هذا، وتشخيص الأخطاء والسعي لإصلاحها. ومن الحالات التي أذكرها على سبيل الإستشهاد، هاتين الحالتين:

- ففي احدى المرات في عام 2011 وأثناء اجتماعنا في مقر بعثة تايلند في جنيف برئاسة رئيس مجلس حقوق الإنسان آنذاك السفير التايلندي سيهاساك فوانغكيتكيو لبحث تقييم عمل وأداء المجلس، واذا به تطلق قريحته متحدثاً باسم جميع الدول العربية والإسلامية دون مراعاة لوجود سفراء الدول العربية والإسلامية، فما كان من سكرتيرة مجلس حقوق الإنسان (Ann Schive Viken)التي كانت تجلس خلف الرئيس إلا أن همست بإذني حيث كنت أجلس بجانبه وطلبت بأن أوجه السفير العراقي آنذاك بأن يتحدث وفقا لاختصاصه الوطني (National Jurisdiction) لا أن يتحدث نيابة عن جميع الدول، بعد أن صرح قائلا : بأننا بإسم جميع الدول لن نقبل بذلك، وبإسم الدول العربية جميعا. وسط دهشة السفراء وخاصة سفير مصر، الدبلوماسي المخضرم الزميل هشام بدر الذي فغر فاه مستغرباً من هذا الطرح على الصعيد الدبلوماسي. وقد همست بإذنه قائلا: سعادة السفير تحدث باسم العراق فقط. فتدارك وقال إني أتحدث باسم العراق فقط.

- وعلى غرار ذلك ما صرح به لدى أول اجتماعه بمكتب الجامعة العربية في جنيف في نيسان عام 2010 حيث طرح إنطباعاته الشخصية كما في حوار في مقهى بين الأصدقاء، قائلا: بان الجامعة فاشلة ولا فائدة منها، ولا أرى ضرورة لبقائها.

وهذا ما دفعني للاعتذار لاحقاً في الاجتماع التالي وتبرير هذه التصرفات المخالفة للعمل الدبلوماسي، وسارت الأمور بعد ذلك سيراً حسنا مع مندوب الجامعة العربية.

ولهذا فقد ذهب الفقه القانوني الدولي إلى إن الزاوية التي يصعب اكتسابها في الصفات الواجب توفرها في وزير الخارجية، هي تلك الخاصة بمدى القدرة الشخصية على التصرف السليم والوزن الدقيق للأمور. ففي دائرة العلاقات الدولية يكثر الطلب والالتماس والتفاوض. إن أية كلمة تقال في غير محلها قد تجرح أمة بكاملها. كما إن السعي إلى تحقيق شيء بدون تقدير لنتيجته جيدا فيؤدي إلى إخفاقه. قد يعرض كرامة الأمة كلها ومصلحة الدولة للخطر. لذا يُختار رجل السياسة الخارجية من بين الرجال الممتازين شخصيا وعلميا، ومن القادرين على التفاوض والتحدث، وممن تتوافر فيهم اللياقة والكياسة وحسن المعاملة.

فهل تفقَه الحكومة العراقية ووزير خارجيتها ذلك منذ تغيير النظام عام 2003، وإقامة حكم الدولة الدينية بصبغة شيعية، وتهجير كل الكفاءات العراقية (وأنا من بينهم وبدفع من الوزير المذكور ذاته) ذلك؟
ولكن يبدو أن الشيعة ما زالوا وبعد أربعة عشر قرناً يكررون تجربتهم المريرة في إختيار أبي موسى الأشعري، رغم الكارثة. فهل من متعظ؟


د. رياض السندي
دكتوراه في القانون الدولي - دبلوماسي سابق
كاليفورنيا في 5/1/2019

الهوامش
https://youtu.be/JVwq8j9Ohpo?t=36 ، https://youtu.be/JVwq8j9Ohpo
وزير الخارجية العراقي: ترامب طلب لقاء عبد المهدي لـ10 دقائق، موقع العربي الجديد، في 2 يناير 2019، الرابط:
https://www.alaraby.co.uk/politics/2019/1/2/%d9%88%d8%b2%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%a7%d8%b1%d8%ac%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a7%d9%82%d9%8a-%d8%aa%d8%b1%d8%a7%d9%85%d8%a8-%d8%b7%d9%84%d8%a8-%d9%84%d9%82%d8%a7%d8%a1-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d8%af%d9%8a-%d9%84%d9%8010-%d8%af%d9%82%d8%a7%d8%a6%d9%82
الرابط:  http://www.mofa.gov.iq/ar/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%A9
نائب يعتزم جمع تواقيع لاستجواب وزير الخارجية، موقع قناة السومرية الإلكتروني في الخميس 3 كانون الثاني 2019، الرابط:
https://www.alsumaria.tv/news/256899/%D9%86%D8%A7%D8%A6%D8%A8-%D9%86%D8%B3%D8%AA%D8%BA%D8%B1%D8%A8-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%B2%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D8%B9%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%81%D9%87-%D8%A8%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D9%84/ar?utm_campaign=magnet&utm_source=article_page&utm_medium=related_articles
عزت الشابندر يبدي إستغرابه لموقف وزير الخارجية محمد علي الحكيم حول القضية الفلسطينية، الرابط على اليوتيوب:
https://www.youtube.com/watch?v=pGCZTg6kolg
كتلة نيابية تتهم وزير الخارجية العراقي بالإعتراف بإسرائيل، موقع قناة إن أر تي عربية، في 3 كانون الثاني 2019، الرابط:
http://www.nrttv.com/AR/News.aspx?id=8001&MapID=2
موقع قناة الإباء، الرابط:
http://alebaa.tv/news/%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a7%d9%82/234218/%d9%83%d8%aa%d8%a7%d8%a6%d8%a8-%d8%ad%d8%b2%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87---%d8%b7%d8%b1%d9%88%d8%ad%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d8%b2%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%a7%d8%b1%d8%ac%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a7%d9%82%d9%8a-%d8%a8%d8%ad%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d8%aa%d9%8a%d9%86-%d9%84
بيان المكتب الإعلامي، وزارة الخارجية تؤكد موقف العراق التاريخي والمبدئي من القضية الفلسطينية، الموقع الرسمي لوزارة الخارجية العراقية في 3/12/2019.
تصريح صحفي، موقع وزارة الخارجية، http://www.mofa.gov.iq/ar/news/29164/تصريح-صحفي
تصريح صحفي لوزير الخارجية، الموقع الرسمي لوزارة الخارجية العراقية في 4/12/2019. الرابط:
http://www.mofa.gov.iq/ar/news/29163/%D8%AA%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%AD-%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A-%D9%84%D9%88%D8%B2%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8%A9
https://youtu.be/JVwq8j9Ohpo?t=36
ردود فعل نيابية غاضبة من موقف وزير الخارجية إزاء فلسطين، قناة العهد الفضائية.  https://youtu.be/nWwaLGc3nOw?t=3
مبادرة السلام العربية، ويكيبيديا-الموسوعة الحرة.
تضمن البيان الختامي لقمة بيروت 2002، ما يلي: "وفيما يتعلق بالبند الثاني في البيان الختامي للمؤتمر الذي تضمن "الحالة العراقية-الكويتية"، كان أبرز ما فاجأ المجتمعين العرب المصالحة والوفاق بين العراق والمملكة العربية السعودية، الذي بدا واضحاً في صورة العناق والمصافحة الحارة بين عزت إبراهيم نائب رئيس الجمهورية العراقية، وبين الأمير عبد الله، وقد بدا ذلك واضحاً في البندين التاليين في البيان الختامي:
1- يرحب القادة بتأكيدات جمهورية العراق، على إحترام إستقلال وسيادة وأمن الكويت وضمان سلامة أراضيها ووحدتها. ويطالب القادة بإحترام إستقلال العراق، وسيادته وأمنه ووحدة أراضيه وسلامته الإقليمية كما يطالبون العراق بالتعاون لإيجاد حل سريع لقضية الأسرى والمرتهنين الكويتيين، وإعادة الممتلكات وفقاً لقرارات الشرعية الدولية. كما يرحب القادة بإستئناف الحوار بين العراق والأمم المتحدة والذي بدأ في جو إيجابي إستكمالاً لتنفيذ قرارات مجلس الأمن.

2- تدارس القادة التهديد بالعدوان على الدول العربية، وبصورة خاصة العراق وأكدوا رفضهم المطلق لضرب العراق، أو تهديد أمن وسلامة أية دولة عربية بإعتباره تهديداً للأمن القومي لجميع الدول العربية. أنظر، نبيلة أبو سلطان، القمة العربية في بيروت 28/3/2002، الرابط:
http://www.oppc.pna.net/mag/mag5-6/new_page_11.htm
مبادرة السلام العربية في عداد الموتى، موقع فَنك، الرابط: https://fanack.com/ar/arab-palestinian-israeli-conflict/death-of-arab-peace-initiative
علاء اللامي، أكثر من عشرين نائبا عراقيا زاروا "إسرائيل" سرا!، موقع البديل، في 12/27/2017، الرابط: http://www.albadeeliraq.com/node/886
معهد القانون الدولي في دورة انعقاده في بروكسل عــام 1936.
الاعتراف الدولي بإسرائيل، ويكيبيديا-الموسوعة الحرة.
د. رياض السندي، المركز القانوني لوزير الخارجية، بحث ترقية مقدّم إلى وزارة الخارجية العراقية عام 2013 (غير منشور).
دستور العراق لعام 2005.
لقد جاء الدستور العراقي العام 2005، وقانون الخدمة الخارجية لعام 2008 خاليا من أي نص يشير إلى ذلك.
د. جعفر عبد السلام، مبادئ القانون الدولي العام، ط5 (دون مكان الطبع) 1996، ص 418 – 419.
انظر، وعد بلفور، ويكيبيديا - الموسوعة الحرة.
د. سموحي فوق العادة، القانون الدولي العام، القاهرة 1965، ص 485.
د. حامد سلطان ود. عائشة راتب، ود. صلاح الدين عامر، القانون الدولي العام، ط4، القاهرة 1987، ص 162.
د. عبد الكريم علوان، القانون الدولي العام، ج1، الإسكندرية 2007، ص 261-265.
د. رياض السندي، المركز القانوني لوزير الخارجية، مصدر سابق، ص52.
د. رياض السندي، سفير ضد الدولة التي يمثلها، موقع كتابات، في 30 نيسان/أبريل 2014. الرابط:
https://kitabat.com/2014/04/30/%d8%b3%d9%81%d9%8a%d8%b1-%d8%b6%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%8a-%d9%8a%d9%85%d8%ab%d9%84%d9%87%d8%a7 /
د. رياض السندي، السفير المهرج، موقع كتابات، في 11 تموز/يوليو 2014، https://kitabat.com/2014/07/11/السفير-المهرج/
د. رياض السندي، سفير العراق في نيويورك وأزمة التوغل التركي، موقع الحوار المتمدن، في 2015 / 12 / 28. الرابط:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=498464
د. جعفر عبد السلام، مبادئ القانون الدولي العام، ط5 (دون مكان الطبع) 1996، ص 426 –

الأربعاء، 12 سبتمبر 2018

سويدي مرشحاً لرئاسة العراق

سويدي مرشحاً لرئاسة العراق




رياض السندي

الحوار المتمدن-العدد: 5993 - 2018 / 9 / 13 - 01:09

ما زلتُ على يقين بأن أساس المؤامرة على العراق يتمثل في إستخدام مجموعة من الأشخاص ذوي أصول عراقية وممن إكتسبوا جنسيات أجنبية بعد أن أقسموا بالولاء لبلدانهم الجديدة، للعمل ضمن مخطط دولي كبير لتدمير العراق وسرقة ثرواته وإنتهاك حقوق شعبه، بما ينعكس على كل دول منطقة الشرق الأوسط.
وإنطلاقاً من هذا اليقين، فقد نشَرتُ عدّة مقالات بهذا الصدد، كشفتُ فيها عن العديد من هؤلاء، أمثال الكويتي الذي أصبح وزيراً في العراق، والإيراني الذي أصبح مسؤولا عن شهداء العراق.
واليوم، أتحدث عن لاجئ سويدي رشحَه الاتحاد الوطني الكردستاني ضمن المحاصصة الحزبية المقيتة، بضغط شديد من هيرو إبراهيم زوجة الرئيس السابق جلال الطالباني.
فما قصة هذا اللاجئ؟ وما خفايا ترشيحه؟ وما هو مستقبل العراق إذا أصبح رئيساً له؟

- سيرة لاجئ
- تحدثنا سيرة حياة محمد صابر إسماعيل المنشورة على موقع وزارة الخارجية والتي حذفت فيما بعد، بأنه من مواليد 1947 في السليمانية، ولا يعلم تاريخه ميلاده الحقيقي باليوم والشهر، لذا فقد دُوّن بأنه من مواليد 1/7 كما هو الحال لألاف العراقيين الذين قرر قانون الجنسية العراقي إدراجه للذين لا يعرف تاريخ ميلادهم بدقة. وهذا يعني بأنه يبلغ من العمر 71 سنة.
- وتشير السيرة ذاتها أنه خريج بكلوريوس في الفيزياء من جامعة بغداد، وإنه حصل على ماجستير في الفيزياء النووية من جامعة ستوكهولم عام 1983، ثم دكتوراه بذات الاختصاص من نفس الجامعة عام 1988. وكانت الأمم المتحدة ومكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان تشكك كثيرا بشهادته، وهذا ما أبلغوني به شخصيا عندما كنت نائبا للسفير في ممثلية العراق الدائمة لدى الأمم المتحدة في جنيف.
- تفرغ للعمل الحزبي منذ عام 1978 فأصبح مسؤولا للاتحاد الوطني الكردستاني للدول الأوربية، ثم ممثلا لحكومة أقليم كردستان والإتحاد الوطني الكردستاني في فرنسا منذ عام 1993، ثم إنتقل إلى واشنطن ممثلا لنفس الحكومة والحزب منذ عام 2001.
- عاد إلى العراق بعد سقوط النظام السابق في عام 2004، ليمنح بعد 3 أشهر درجة سفير في 20/7/2004، وليعين سفيرا للعراق في الصين بعد أقل من شهرين في 9/9/2004، في إستغلال واضح للوظيفة العامة قام الرئيس طالباني بتعيينه سفيراً نظرا لحالة القرابة بينهما وبتزكية وترشيح من وزير الخارجية هوشيار زيباري، حيث كان قانون الخدمة الخارجية رقم (122) لسنة 1976 ينص على ما يلي: -
مادة 11
أولا – يعين السفير بمرسوم جمهوري، بناء على اقتراح وزير الخارجية.
- وبعد تعيين عدد من المقربين في مناصب كبيرة، أصدر القانون الجديد للخدمة الخارجية رقم 45 لسنة 2008، الذي وضع شروطاً معقدة لتعيين السفير للمرشحين الجدد، حيث تقضي المادة 9 منه على ما يلي: -
اولاً- يعين السفير بمرسوم جمهوري بناء على ترشيح الوزير وتوصية مجلس
الوزراء وموافقة مجلس النواب.
ثانياً- يشترط فيمن يعين سفيراً أن يكون:
أ- عراقي الجنسية.
ب – حاصلاً على الشهادة الجامعية الأولية أو ما يعادلها في الأقل.
ج- من ذوي الخبرة والاختصاص ومن المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة.
د – لا يقل عمره عن (35) خمسة وثلاثين عاماً.
هـ – أن لا تقل درجته الوظيفية عن درجة مستشار.
كما أجازوا لأنفسهم ترشيح من يرغبونه لمنصب السفير خارج هذه الضوابط، على أن لاتزيد نسبتهم على (25%) من مجموع السفراء، كما نصت الفقرة ثالثاً من هذه المادة أعلاه.
- إنتقل محمد صابر إسماعيل إلى الصين سفيرا للعراق ليستمر هناك لفترة أطول من أي سفير أخر، وهي 6 سنوات بدلا من 4 سنوات، كما تنص المادة 19/أولا من نظام الخدمة الخارجية رقم 1 الصادر في 3/1/ 2010، حيث نصت على ما يلي:
أولاـ تحدد مدة عمل موظف الخدمة الخارجية في الخارج بـ(4) أربع سنوات، وللوزير بتوصية من مجلس الوزارة عند مقتضيات المصلحة العامة، تمديدها (1) سنة واحدة.
وربما من يعترض محتجا بأن النظام المذكور قد صدر بعد تعيين المشار اليه سفيرا، وهنا ينبغي التنويه من الناحية القانونية إن القانون السابق لا يلغى إلا بصدور قانون لاحق، وفي الغالب ينص القانون الجديد في أحكامه الختامية على إلغاء القانون السابق.
وبهذا الصدد، فقد كانت التعليمات المعمول بها سابقا وفقا لنظام الخدمة الخارجية رقم (32) لسنة 1976، والتي نصّت صراحة في المادة 32 منه على تقسيم مناطق الخدمة الخارجية، كما يلي: -
مادة 32
تقسم مناطق الخدمة الخارجية لأغراض هذا النظام إلى:
المنطقة الأولى – وتشمل دول واربا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية واليابان.
المنطقة الثانية – وتشمل دول آسيا وأفريقيا بما فيها الدول العربية عدا دول المنطقة الثالثة.
المنطقة الثالثة – وتشمل الدول التالية:
السودان والصومال ونيجيريا وموريتانيا والجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وجمهورية كوريا الديمقراطية وجمهورية الصين الشعبية وبنغلاديش وجمهورية فيتنام الديمقراطية وكمبوديا وجمهورية أفريقيا الوسطى وكوبا وتانزانيا وأوغندا والسنغال واي دولة أخرى يقرر الوزير ببيان اعتبارها من ضمن هذه المنطقة.
ثم حددّت المادة 33، مدة الخدمة لكل منطقة بقولها:
مادة 33
مدة الخدمة في كل من المنطقتين الأولى والثانية ثلاث سنوات في المنطقة الثالثة سنتان.
ولما كانت جمهورية الصين الشعبية ضمن تصنيف المنطقة الثالثة، فكان على وزارة الخارجية تحديد مدة خدمة السفير المذكور لسنتين وليس لست سنوات، وحتى في حالة التمديد لمدة سنة فإن مدة بقائه هناك تكون لثلاث أو أربع سنوات وليس أكثر، وبالتأكيد فقد لعب الرئيس السابق جلال الطالباني دورا في ذلك، وهذا ما سنوضح أسبابه ودوافعه لاحقا.
- عاد إلى وزارة الخارجية بعد إنتهاء خدمته الطويلة في الصين ليعين رئيسا لدائرة آسيا وأستراليا لمدة ثلاث سنوات تقريبا.
- عيِّن سفيرا للعراق وممثلا له في بعثة الإمم المتحدة في جنيف بتاريخ 2013/2/26، حتى كانون الثاني 2015 ليحال على التقاعد وهو بعمر 68 سنة تجاوزا على القانون الذي يحدد السن القانوني للتقاعد ب (64 سنة) وفقا قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014، حيث نصّت المادة 10 منه على ما يلي: -
تتحتم إحالة الموظف إلى التقاعد في إحدى الحالتين الآتيتين:
اولاًـ عند إكماله (63) الثالثة والستين من العمر وهي السن القانونية للإحالة إلى التقاعد بغـض النظر عن مدة خدمته ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
ثانياًـ إذا قررت اللجنة الطبية الرسمية المختصة عدم صلاحيته للخدمة.
وهكذا يبدو لأي مطّلع حجم المخالفات والإنتهاكات القانونية التي مارسها هذا اللاجئ السويدي والذي رُشِّح لمنصب رئاسة الجمهورية اليوم.

- خدمته في جنيف
لما كنت قائما بأعمال العراق المؤقت في جنيف عام 2013، إستدعتني وزارة الخارجية في بغداد لإمتحان الترقية ولإيجاز السفير الجديد إلى جنيف وهو محمد صابر اسماعيل، وقد التقيته في مكتبه بالوزارة وشرحت له طبيعة عملنا في الأمم المتحدة، وكانت لغته العربية ركيكة، ويعتمد نفس أسلوب جلال الطالباني في إلقاء النكت والضحك، وهي وسيلة لخداع المقابل وخاصة العرب، وتهوين الأمور. وطلب مني مفاتحة الجانب السويسري لإستحصال تأشيرة دخول له ولعائلته، وتعهد بإرسال الوثائق اللازمة لذلك.
وصلتني الوثائق الرسمية الخاصة بذلك، وهما كتابين صادرين من وزارة الخارجية العراقية، الأول بتوقيع هوشيار زيباري وزير الخارجية آنذاك، يشير إلى الأمر الوزاري ذي العدد م خ/1/25/475 الصادر في 20/2/2013، يكلف محمد صابر إسماعيل ممثلا دائما لجمهورية العراق في الأمم المتحدة /جنيف. أما الكتاب الثاني فموقع من فارس علي ال شكر رئيس دائرة المراسم وكالة في وزارة الخارجية، ويحمل العدد 11/س/1/621 والصادر في 11/3/2103 والموجه إلى السفارة العراقية في عمان – الأردن لماتحة السفارة السويسري هناك لإستحصال سمة الدخول إلى الأراضي السويسرية له ولعائلته المكونة من: -
1. السيدة هه تاو إبراهيم أحمد / الزوجة.
2. نازكالي محمد صابر إسماعيل / الأبنة.
3. ئاكري محمد صابر إسماعيل / الإبن.
وقد تفاجأنا جميعا بأنه متزوج من أخت زوجة جلال الطالباني هيرو إبراهيم أحمد، وكان هو وغيره من الطبقة السياسية التي دخلت العراق تخفي صلة القرابة فيما بينهم لسنوات طويلة وتتقن فن خداع العراقيين تجنباً لإنتقادهم بحصر الوظائف العامة بأقربائهم وحرمان بقية أفراد الشعب منها، والأمثلة على ذلك كثيرة جدا.
كان مسؤول البروتوكول في ممثلية العراق في جنيف موظف فاسد ومتملق ومخادع وكذاب يدعى (أزهر) قد جرى تعيينه من قبل الوزير زيباري شخصيا، وفائدته أنه يمارس أساليب ملتوية في جمع الأموال منها شاء السجائر من السوق الحرة وبيعها في السوق السوداء، وكذلك حجز فنادق للمسؤولين بشكل وهمي وإسترجاع الأموال من الفندق، وكذلك إسترجاع مبلغ الضرائب للمشتريات بإعتبار أن الدبلوماسيين معفيين من الضرائب، وهكذا يرسل للوزير شهريا من 20-50 الف دولار، وهكذا هو الحال في 83 سفارة وبعثة للعراق، ولم يتمكن السفير السابق محمد علي الحكيم (أمريكي من أصل عراقي) أن يزيح هذا الموظف الفاسد مراعاة لمصالحه الشخصية، وعندما تولَيت مهام القائم بالأعمال المؤقت كلفت موظف آخر بإدارة شؤون البروتوكول بدلاً عن أزهر، وما هي ساعات حتى إتصل بي من بغداد السفير الجديد محمد صابر إسماعيل ليطلب مني إبقاء الموظفين في مراكزهم دون تغيير، ويبدو أن هذه المكالمة كانت بدفع من الوزير شخصياً.
وقبل أن يصل السفير إلى جنيف ويباشر مهام عمله طلب مني تعيين عدد من المستخدمين الجدد، والغريب أن كل الذين طلب تعيينهم هم أجانب وتحديدا من أقربائه وأصدقائه السويديين من الأكراد المقيمين هناك، ويحرم في ذات الوقت العراقيين من التعيين في سفارات بلدهم، وهكذا أصبحت بعثة العراق ملحق ببعثة السويد من حيث العاملين فيها.
وربما سيستغرب أحدهم من ذلك، وهل يعقل هذا؟
نعم، هذا ما حدث فعلا، فقد أرسل لي رسالة إلكترونية يطلب فيها تعيين كل من:
1. هاوار علي عمر (Hawar Ali Omar) يحمل جواز سفر سويدي برقم (86162494P ).
2. سوزان حمه سليمان (Sozan Hama Suleiman) تحمل جواز سفر سويدي برقم (P 82864145).
وإذا كانت هذه تصرفاته وهو سفير، فكيف ستكون تصرفاته وهو رئيس للعراق؟
ومنذ اليوم الأول كان عليلا ولا يقوى على حضور إجتماعات الأمم المتحدة أو إلقاء كلمة العراق، وكان دبلوماسيي البعثة وموظفيها سعيدين بالفوضى التي خلقها، وحالهم أشبه بحال طلاب المدارس التي يغيب المعلم أو المدرس فيها، في حين كنت أنا من المعترضين عليها، لأنها تضر بمصالح العراق.
كلفت البعثة أحد المستخدمين المحليين وإسمه (باسم) وهو يتبع للمجلس الأعلى الإسلامي في العراق بأخذه إلى طبيب سويسري ليبلغني في اليوم التالي بأن الطبيب قال بأن جسم السفير لا يستجيب لأي علاج فلا حاجة لمراجعة الأطباء، وبإمكان عصير الفواكه أن يساعده قليلا.
وهكذا قامت البعثة بشراء معصرة كبيرة وكيس كبير من الجزر يوميا لعصره لهذا العليل الذي يكلف العراق أكثر مما يفيده مثل عديله جلال الطالباني الذي أقام في مستشفى ألماني لأكثر من سنة ونصف وكلف العراق أكثر من 150 مليون دولار، إضافته لإمتيازاته كرئيس للجهورية في الوقت الذي بقي كرسي الرئاسة شاغرا طيلة هذه الفترة.
ويبدو أن للوزير وحاشيته الفاسدة غرض من جلب هذا العليل الذي لا يتوافق إختصاصه مع إختصاصات الخارجية، ولم تمضي أيام حتى إتضح إن الغرض من نقله لهذه الفترة القصيرة قبل تقاعده هو لتمرير عقد شراء قطعة أرض لبناء ممثلية للعراق في جنيف حيث وقع السفير المذكور العقد بتاريخ 12/2/2014 بسعر (23.5) مليون فرنك سويسري، في حين عن سعرها الحقيقي (9) مليون فرنك سويسري، وقد نشرت تفاصيل ذلك العقد في مقالي السابق (باي ... باي هوشيار) المنشور بتاريخ 30/4/2016.
وكان أخر حديثي معه بتاريخ 27/7/2013 في مكتبه عندما صارحته بأن ما يقوم به هو ظلم حقيقي، فأجاب لا أن هذا ليس بظلم، ورددت عليه في أخر عبارة: فاذا الأيام بيننا وهي ستكشف ذلك للجميع.
هذه حقيقة أدونها للتاريخ، وشهادة حية، أنبه بها العراقيين من مغبة إنتخاب هذا الشخص لمنصب رئاسة الجمهورية لأربع سنوات قادمة، وأشهد الله على كل كلمة فيها.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=611413

الحمير وكلاء الله

  الحمير وكلاء الله أنا أقول دوماً ان فكرة الله هي افتراضية يفترضها البشر باعتبار ان هناك خالق لهذا الكون، اعتمادا على مبدأ ان لكل شيء سبب، ...