بحث قدمته الى مؤتمر بوزنان الأول في بولونيا بعنوان : العراق والمجتمع الدولي.

تتولى هذه المدونة الاهتمام بشؤون العراق، ونشر الاعمال الأدبية والدراسات والبحوث والمقالات للدكتور رياض السندي، لا سيما وقد نشر أكثر من 200 دراسة وبحث ومقال في اختصاصات القانون والسياسة والتاريخ والصحافة والاديان في أكثر من 50 موقعا إلكترونيا وصحيفة يومية ودوريات علمية، ومعظمها باللغة العربية بالاضافة الى الانكليزية والكردية، حتى عّده موقع ويكيبيديا، الموسوعة الحرة واحداً من مشاهير الكتاب المسيحيين العرب في العراق. كما تعرض هذه المدونة للبيع كتب الدكتور رياض السندي، مع خدمة شحنها للعالم.
الأحد، 28 مارس 2021
الثلاثاء، 9 مارس 2021
الأحد، 7 مارس 2021
اخر فعالية للبابا فرانسيس في زيارته للعراق
اخر فعالية للبابا فرانسيس في زيارته للعراق
إقامة القداس الإلهي في ملعب فرنسو حريري في اربيل - أقليم كوردستان العراق
السبت، 6 مارس 2021
الجمعة، 5 مارس 2021
الخميس، 4 مارس 2021
المَسِيحيَّة بالعراق.. عشرون قرناً بلا انقطاع (3-5)
المَسِيحيَّة بالعراق.. عشرون قرناً بلا انقطاع (3-5)
عاش المسيحيون العراقيون في ظل الدَّولة العثمانية بشكل عام "في ظل نظام كان التَّساهل فيه يزيد على ما كان في الولايات الأُخر. فبغداد كانت عالمية إلى حد أنها لا تشجع شيوع التَّعصب. يضاف إلى ذلك أن هذه الديانات كانت تسلك سلوكاً حسناً. كما كان النَّاس قد ألفوهم نظرا لطول إقامتهم، ولعدم وجود ما يمنع اختلاطهم بباقي النَّاس.
فربما كان من المحذور عليهم امتلاك الرقيق الأبيض أو أن يركبوا الخيل؛ لأن حصتهم من هذه الأصناف كانت العبيد والزنوج والحمير. على أن التحقير الأعظم الذي كان يقضي بعدم الركوب مطلقاً، أو بالنزول عند مرور سيد من السَّادة كان لا يؤتى إلا قليلا"(أبونا، تاريخ الكنيسة الشرقية، 3 ص 97).
من أخبار ولاية البصرة -وهي مركز جنوبي العراق- الإيجابية تجاه المسيحيين، اضطرار السُّلطان العثماني إلى استحداث منصب معاون الدَّفتردار، أو زير المالية في الولاية. و"كان يفترض أن لا يشغل هذا المنصب إلا المسيحيون"(آداموف، ولاية البصرة في ماضيها وحاضرها، ترجمة: هاشم صالح التكريتي، البصرة: جامعة البصرة، مركز دراسات الخليج العربي 1982 ص76). وأن يُكلف ناصر باشا آل سعدون مؤسس مدينة النَّاصرية الحديثة ومتصرفها، في أيام مدحت باشا في السبعينيات من القرن التاسع عشر، الشَّخصية المسيحية المعروفة نعوم سركيس، بتخطيط وإنشاء مدينة الشَّطرة، وهو "من الذين يثق بهم"( المصدر نفسه ص51)، فأصبح "ملتزماً لمقاطعات في أنحاء المنتفك وملاكاً فيها"(مير بصري، أعلام الأدب في العراق، لندن: دار الحكمة 1994ج 1 ص270).
في أحوال تلك الفترة أفاد تقرير المطران باييه عمانوئيل، أسقف بغداد الكاثوليكي (1742) إلى البابوية بروما، إعطاء صورة مفيدة لوضع المسيحيين، وبالأخص الكاثوليك منهم، في تلك المرحلة. وصاحب التقرير ولد بفرنسا، وأُوفد إلى العراق عام 1728، وأصبح أسقفاً للكاثوليك ببغداد، وظل في منصبه الديني حتى وفاته بمرض الطَّاعون، الذي اجتاح العراق سنة 1773(مجلة بين النَّهرين، العدد 43 السنة 1983).
يذكر المسيحيون العراقيون فضل أسرة الجليليين المسلمة بالموصل، التي كانت تسعى لحمايتهم من حملات الصفويين ضدهم، وفي حروبهم مع العثمانيين. ففي حصار سنة (1743)، الذي قام به نادر شاه على الموصل، قتلت قواته عدداً كبيراً "من المسيحيين. واستولت الأَيزيدية على الأديرة ونهبتها وقتلت رهبانها. منها دير مار أوراها القريب من بلدة باطنايا في سهل الموصل. فأصاب الهلع أهل القرى، والتجأوا إلى الموصل، حيث استقبلهم الحاج حسين باشا الجليلي، وشجعهم وجهزهم بالمؤن والأسلحة"(أبونا، تاريخ الكنيسة الشرقية 3 ص212). كذلك مما تعرض لاضطهادات نادر شاه منطقة باطنايا، التي تقع شمال الموصل، سنة 1743(حبي، كنسية المشرق الكلدانية - الآثورية، ص166).
تدخل الجليليون لحماية مسيحيي قرقوش من الجيش الصَّفوي، فطلبوا مِن سكانها "أن يحملوا كل ما يعزَّ عليهم ويتوجهوا إلى الموصل قبل عبور نادر شاه وعساكره إلى قرقوش"(بهنام، قرقوش في كفة التاريخ، بغداد: مطبعة الأديب 1962 ص54). تجاوز أمراء الموصل بهذه المواقف النبيلة كل حكم أصدره خليفة أو والٍ مسلم ضد المسيحيين والديانات الاُخر.
عموماً، لم نقرأ عن تطبيقات عثمانية خاصة بأهل الذِّمة، مِن شروط الملابس الخاصة أو تحديد مستوى البناء إلى هدم كنائس وغير ذلك. والأمر ربما يرتبط بتبدل الزَّمن، وتقدم العثمانيين الحضاري قياساً بمن سبقهم من الملوك والحكام، ووجود البعثات الدبلوماسية الأوروبية، التي تشارك المسيحيين الدين نفسه.
يضاف إلى ذلك طبيعة المذهب الحنفي الذي اعتمده سلاطين آل عثمان. فالإمام أبو حنيفة النُّعمان (ت 150هـ) لا يكفر أحداً، ولم يحكم بالقتل على مَن اُتهم بسب الرَّسول أو الصَّحابة، ويقضي بقتل المسلم بالذِّمي. ودليله على ذلك "عموم آيات القصاص مثل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى. وقوله: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ. وقوله تـعالى: وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً. مِن غير فصل بين قتيل وقتيل، ونفس ونفس"( زيدان، أحكام الذميين والمستأمنين في دار الإسلام، بيروت: مؤسسة الرِّسالة للطباعة والنشر والتوزيع 1982 ص260-261). اعتمد الفقه الحنفي على ما ورد عن النَّبي: أنه "أقاد مسلما بذمي وقال: أنا أحق مَن وفى بذمته". وعن علي بن أبي طالب أنه قال: "أعطيناهم الذي أعطيناهم لتكون دماؤهم كدمائنا ودياتهم كدياتنا"(المصدر نفسه).
في القرن التاسع عشر، وبتأثير الدول الغربية، بدأ وضع الطوائف المسيحية الأخرى يتغير، فقد حصل الأرمن الكاثوليك عام (1831) على اعتراف بهم كطائفة مستقلة. كما اعترف لبطريرك الأرمن الكاثوليك عام (1857) بتمثيل "مصالح طوائف الكنائس الشرقية المتحدة مع الكنيسة الكاثوليكية، مثل الكلدان والسِّريان والملكيين (الرُّوم الكاثوليك)(المصدر نفسه).
كان لإعلان المرسوم المعروف بخطية كلخانة (1839)، مِن قبل السلطان عبدالمجيد الأول (1839 ـ 1861)، أثره في مساواة الطوائف المسيحية أمام الدولة في الحقوق والواجبات؛ إذ تقرر صون أرواحهم وأعراضهم وأموالهم. ثم تبع ذلك إصدار خط همايون (1856)، الذي أكد صراحة "معاملة جميع تبعة الدولة العثمانية معاملة متساوية مهما كانت أديانهم ومذاهبهم، مع الإبقاء على سلطات رؤساء الدين بشرط إعادة تنظيمها"(المصدر نفسه).
وأصبح لكل طائفة مجلس روحاني ومجلس جسماني، إذ تم الاعتراف بطائفة اللاتين، التي تكونت مِن المهاجرين إلى العراق وبلدان الدولة العثمانية الأُخرى، ومعظمهم مِن التُّجار الإيطاليين، ومِن تبعهم بفعل حملات التَّبشير. واعترفت الدَّولة لأول مرة بالطَّائفة الكلدانية والنِّسطورية، فاستخرج البطريرك (زيعا) العام 1844، أثناء زيارته إلى القسطنطينية، فرمانا بلقب بطريرك الكلدان ببغداد والموصل.
لقد ضمن الدُّستور العثماني، الصَّادر في 23 ديسمبر (كانون الأول) 1876 أيام الصَّدر الأعظم (رئيس الوزراء)، ووالي العراق المتنور مدحت باشا، حقوقا للطَّوائف غير الإسلامية، فقد "أُطلق لقب عثماني بدون استثناء على كافة أفراد التبعة العثمانية مِن أي دين ومذهب كانوا، مع تأكيده أن الإسلام دين الدولة الرسمي. وضمن الحرية لجميع الأديان، بشرط عدم إخلالها براحة الخلق والآداب العمومية. وحافظ على الامتيازات الممنوحة للجماعات المختلفة.
الأربعاء، 3 مارس 2021
المَسِيحيَّة بالعراق.. عشرون قرناً بلا انقطاع (2-5)
المَسِيحيَّة بالعراق.. عشرون قرناً بلا انقطاع (2-5)
رشيد الخيون
تشرف العرب بالنَّصرانية، قبل الإسلام، فكانوا يقسمون بالكعبة والصليب معاً، مثلما تقدم مِن قول عدي بن زيد. وقال الأعشى الأكبر أو أعشى قيس (629م): "حلفتُ بثوبي راهب الدَّير والتي/ بناها قصيٌ والمضاف بن جرهم(ابن سيد النَّاس، عيون الأثر في فنون المغازي والشَّمائل والسِّير 2 ص262).
وقال الزَّبرقان بن بدر، يوم وفد على النَّبي محمد مع تميم، مفاخراً شاعر الرَّسول المسيحي السابق حسان بن ثابت (ت نحو 54هـ): "نحن الكرام ولا حيٌ يعادلنا/ منَّا الملوك وفينا تُنصب البيعُ(ابن سيد النَّاس، عيون الأثر في فنون المغازي والشَّمائل والسِّير 2 ص262).
من جانبه استقبل النَّجاشي (9 هـ) المسلمين الفارين مِن قريش، لاجئين في مملكته، ورفض تسليمهم إلى موفد قريش عمرو بن العاص (ت 43هـ)( الطَّبري، تاريخ الأُمم والملوك، تحقيق: عبدأ علي مهنا، بيروت: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات 1998ج 2 ص245)، الذي أصبح من أبرز أمراء المسلمين في ما بعد. كان في مقدمة اللاجئين إلى الحبشة ابن عم النَّبي جعفر بن أبي طالب، المعروف بجعفر الطَّيار (قُتل 8هـ)، قيل: فقد ساعديه في غزوة مؤتة (كرك الأردنية حالياً) مع الرُّوم ليكون له جناحان يطير بهما في الجنة، فسمي بذي الجناحين(ابن عبدالبرِّ، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، القاهرة: الفجالة- مطبعة نهضة مصر 1 ص242).
كذلك استقبل مقوقس مصر رسول النَّبي محمد، وبعث بهديته إليه ومنها الجارية مارية القبطية (ت 16هـ)، وهناك مَن ملك يدها مِن زوجاته، لكنها مِن أمهات المؤمنين، وأم ولده إبراهيم(المصدر نفسه 4 ص 1912). قبل هذا تقدم المسيحي عداس، وهو غلام من نينوى يعمل بخدمة نفر من ثقيف، يشد من أزر النبي محمد بعد أن لقي ما لقي من صد ثقيف وإيذائهم وسخريتهم. وتبسط معه في قصة النبي يونس أو يونان ليصبره على العذاب والخذلان(الطبري، تاريخ الأمم والملوك 2 ص253).
كذلك أيد مسيحيو نجران الدَّعوة وكُتب عهد لهم، لم يلتزمه عمر بن الخطاب في ما بعد، فقد أمر بتهجيرهم عنها. ولما قِدم وفدهم برئاسة الأسقف أبي الحارثة "أظهروا اليباج والصّلُب ودخلوا بهيئة لم يدخل بها أحد، فقال الرَّسول: دَعوهم"( اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، بيروت: دار صادر 2 ص82).
كان ورقة بن نوفل، المتكهن بنبوة محمد، مسيحياً، وقيل إنه عاش ومات على المذهب الآيروسي الذي تجاوب معه الإسلام في صفات المسيح، وما يتعلق بالأقانيم الثلاثة. ولا نعرف ديانة خديجة بنت خويلد، قريبة ابن نوفل، وزوجة النَّبي الأولى، فربما كانت قبل الإسلام مسيحية أيضاً. هناك أحاديث عديدة خصت ورقة بن نوفل بالتكريم، منها: "أَنَّ خَدِيجَةَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ فَقَالَ قَدْ رَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ فَرَأَيْتُ عَلَيْهِ ثِيَاب بَيَاضٍ فَأَحْسبُهُ لَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثِيَابَ بَيَاضٍ"( مسند ابن حنبل، باقي مسند الأنصار، حديث رقم: 23846).
جلاثقة وخلفاء
انتقل مركز الخلافة في العهد العباسي إلى العراق، فأصبح التَّعامل مع الخلفاء مباشرة. يومها اقترب المسيحيون مِن دواوين الدولة التي كانت بحاجة إلى "مثقفين يقومون بأعباء الإدارة والدَّواوين والجباية والشُّؤون المالية، وكان المسيحيون وحدهم يمتازون في ذلك الوقت بثقافة عالية، فكانوا من أهل العلوم والحرف، كالفلاسفة والأطباء والفلكيين"(أبونا، تاريخ الكنيسة الشرقية 2 ص105).
كان الجاثليق طيمثاوس الأول أو الكبير (ت 823م) أبرز جثالقة الكنيسة الشَّرقية في العهد العباسي، فقد امتدت "كنيسة المشرق في عهده إلى الهند والصين والتبت"(المصدر نفسه 2 ص102). انحدر من أربيل وتدرج في المهام الدينية حتى حل محل الجاثليق حنا نيشوع الثاني. ومن أعمال طيمثاوس أنه "سعى كثيرا بتربية إكليروسه تربية صحيحة، وبنى لهم مدارس ومعاهد يتلقون فيها إلى جانب علوم الكنيسة العلوم المدنية بجميع فروعها وفنونها"(ساكسو، البطريرك طيمثاوس الكبير رائد الحوار المسيحي - الإسلامي في العصر العباسي، بين النهرين، العدد 4 السنة 1976).
عاصر طيمثاوس خمسة خلفاء عباسيين: المهدي (775 - 785م)، والهادي (785 – 786م) والرَّشيد (786 - 809م) والأمين (809 - 813م) والمأمون (813 - 833م). وكانت فترة رئاسته لكنيسة الشَّرق مثمرة في العلاقة بين المسيحيين والمسلمين. وقد اشتهرت فيها حواراته العقائدية مع الخليفة المهدي وعلماء المسلمين.
كان الخلفاء والوزراء يحاولون كسب المذاهب السائدة والمهيمنة على العامة؛ مثل المذهب الحنبلي أو الشَّافعي الشديدين على أهل الذِّمة. حدث مثل هذا في أزمة الخلافة عقب فشل انقلاب عبدالله بن المعتز ضد المقتدر بالله سنة 296هـ. فتقرر عدم استخدام "أحد من اليهود والنَّصارى إلا في الطِّب والجهبذة فقط، وأن يطالبوا بلبس العسلي، وتعليق الرِّقاع المصبوغة بين أظهرهم"(ابن تغرى بردى، النُّجوم الزَّاهرة في ملوك مصر والقاهرة، القاهرة: مطبعة دار الكتب المصرية 1932ج 3 ص165). غير أن المسيحيين، وأهل الذِّمة عامة، أثبتوا وجودهم عن طريق إتقان المهن، التي عزف عنها العرب المسلمون، بداية من الطب والهندسة والترجمة إلى الصياغة والحدادة والزِّراعة، وأعمال الخدمة المتنوعة الرَّفيع منها والوضيع. وهي تتراوح بين الطّبابة والكتابة والتَّنظيف، وأثر ذلك ما زال بائنا ببغداد والبلاد العراقية الأخرى.
شهد العراق حضوراً مميزاً للأطباء المسيحيين، وأول هؤلاء كان الطَّبيب (تياذوق)، طبيب الحجاج بن يوسف الثقفي (ت 95هـ). وكان "فاضلاً وله نوادر وألفاظ مستحسنة في صناعة الطب"(ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء في طبقات الأطباء، بيروت: دار الثَّقافة 1987ج 2 ص32). وكان قد شفى الحجاج من أكل الطين(المصدر نفسه 2 ص34). وخدم جورجيس بن جبرائيل أبا جعفر المنصور (ت 158هـ) وكان حظيا عنده وترجم له كتبا عديدة، استدعاه المنصور من جند نيسابور عام 148هـ لعلاجه من فساد معدته وانقطاع شهوته(المصدر نفسه 2 ص37).
في الحقبة المغولية
كانت المسيحية قد وصلت عبر العراق إلى الهند وما وراء النهر، فاعتنقها الكثير من المغول، حتى إن مغولياً مثل (يهبالاها) (القرن الخامس الميلادي)، نصب جاثليقا للكنيسة الشرقية. وفي فترة متأخرة نصب يهبالاها الثالث (1281 – 1317م) جاثليقاً أيضاً. وإن الجيش المغولي، الذي اجتاح بغداد يتكون من جنود يدينون بالمسيحية. وكانت زوجة هولاكو، دقوز خاتون مسيحية أيضا. فعملت "ما بوسعها للذود عن المسيحيين"(أبونا، تاريخ الكنيسة الشرقية 3 ص7).
حسب الأب الدومنيكي أن تعاطف المغول مع المسيحيين يعود إلى أسباب عديدة؛ منها "عقلية المغول التي تميل بطبيعتها إلى الخرافات، وتأثير النساء المسيحيات، والمصلحة السياسية"(الدومنيكي، الآثار المسيحية في الموصل، ص58). فغير المسيحيين منهم كانوا يسمون أولادهم بأسماء مسيحية ويعمدونهم. "إذ يرون في العماد طقساً سحرياً، تفيد ممارسته أكثر من نظرهم إلى حقيقته الأساسية. وعند قراءتنا تاريخ المغول قد يقودنا التفكير إلى عالم الغجر اليوم، الذين تمتزج مسيحيتهم بخرافات كثيرة جاءتهم من أجدادهم"(المصدر نفسه).
يضاف إلى تلك الأسباب التي جعلت المغول يتعاطفون مع المسيحيين، هناك صلات للبابوية مع خاناتهم، بعد أن أصبحوا قوة عظمى تتساقط البلدان والقلاع المحصنة أمامهم، وهم في طريقهم إلى بغداد. فقد أرسل البابا اينوشنسيوس عام 1248م، أي قبل اجتياح بغداد بعشر سنوات، رسالة يدعوهم فيها إلى اعتناق المسيحية(المصدر نفسه، ص56).
وفي العــهد الجـلائري (1337 - 1411م)، الذي حل محل العهد الإيلخاني، انخفض إيراد الجزية ببغداد، بعد تراجعه أواخر العــهد السابق "بزيادة عدد الذين يدخلون منهم في الإسلام تخلصاً من المضايقات، ولجوء قسم منهم إلى منطقة الجزيرة وغيرها" أبونا، تاريخ الكنيسة الشرقية 3 ص97). وفي هذا العهد عاد الاضــطهاد الـدِّيني من جديد وأُلزم أهل الذمة "بالغيار، وهدمت كنائسهم وأديرتهم، وأسـلم منهم ومـن أعيـانهم خلـق كثير، منـهم سديد الدولة، وكان ركنا لليهود"(المصدر نفسه).
الحمير وكلاء الله
الحمير وكلاء الله أنا أقول دوماً ان فكرة الله هي افتراضية يفترضها البشر باعتبار ان هناك خالق لهذا الكون، اعتمادا على مبدأ ان لكل شيء سبب، ...

-
الدكتور رياض السندي رياض يلدا أوشانا بساوة السندي، ولد في مدينة الموصل – مركز محافظة نينوى في شمال العراق عام 1957. يقيم في مدينة ...
-
نظام (نَاطِر كُرسِيَّا) للوراثة البطريركية الشرقية (1318-1976) Natter-Ku...
-
قناة د. رياض السندي على اليوتيوب بعنوان: رؤية عراقية أرجو الاشتراك في القناة والضغط على زر الجرس والإعجاب. https://youtube.com/@riadhsind...