
تتولى هذه المدونة الاهتمام بشؤون العراق، ونشر الاعمال الأدبية والدراسات والبحوث والمقالات للدكتور رياض السندي، لا سيما وقد نشر أكثر من 200 دراسة وبحث ومقال في اختصاصات القانون والسياسة والتاريخ والصحافة والاديان في أكثر من 50 موقعا إلكترونيا وصحيفة يومية ودوريات علمية، ومعظمها باللغة العربية بالاضافة الى الانكليزية والكردية، حتى عّده موقع ويكيبيديا، الموسوعة الحرة واحداً من مشاهير الكتاب المسيحيين العرب في العراق. كما تعرض هذه المدونة للبيع كتب الدكتور رياض السندي، مع خدمة شحنها للعالم.
الأربعاء، 4 ديسمبر 2019
الأربعاء، 13 نوفمبر 2019
رؤية عراقية - افكار حول دستور العراق القادم
اعزائي
هذا هو الفيديو الثاني من سلسلة رؤية عراقية. وهذه الحلقة بعنوان (افكار حول دستور العراق القادم). أهدي هذا الجهد القانوني إلى ثوار التحرير في العراق.
ارجو ان يحظى برضاكم وان تستفيدوا من المعلومات القانونية التي فيه.
تحياتي
اخوكم د. رياض السندي
هذا هو الفيديو الثاني من سلسلة رؤية عراقية. وهذه الحلقة بعنوان (افكار حول دستور العراق القادم). أهدي هذا الجهد القانوني إلى ثوار التحرير في العراق.
ارجو ان يحظى برضاكم وان تستفيدوا من المعلومات القانونية التي فيه.
تحياتي
السبت، 2 نوفمبر 2019
العشاء الأخير للعبادي في واشنطن
د. رياض السندي
المتابعون للشأن العراقي يترقبون زيارة رئيس
الوزراء العراقي حيدر العبادي الى واشنطن في 19 مارس الجاري، للقاء الإدارة
الأميركية الجديدة برئاسة ترامب، وانعكاساتها على مجمل الأوضاع في العراق ومنطقة
الشرق الأوسط. فمازال العراق في قلب العاصفة منذ قرابة ثلاث سنوات، بعد وقوعه في
صراع مدّمر مع أعتى المنظمات الإرهابية في العالم، ألا وهو تنظيم الدولة الإسلامية
(داعش).
وفي الجانب العراقي الرسمي، يسود تفاؤل كبير
لهذه الزيارة وما ستحققه من نتائج على الوضع العراقي البائس، وخاصة بعد تحرير
الموصل منذ حزيران2014.
وعلى عكس هذه النظرة التفاؤلية، فإن هناك من
ينظر للأمور بمنظار مغاير، وبشل أدق وأعمق، وبنظرة مختلفة تماماً، مع إنها لا تقل
تفاؤلا، إلا إنها تشير الى ترتيبات جديدة لمرحلة جديدة في العراق والمنطقة.
ويمكن القول إبتداءً، بأن هذه الزيارة جاءت
بطلب وتحديد أمريكي، وليس بطلب عراقي. فالطلب العراقي الذي قدّم فور إعلان فوز
ترامب بالانتخابات في نوفمبر الماضي، والذي حددت له الإدارة الجديدة بداية شهر
شباط من هذا العام، قد ألغي بقرار أمريكي، قبل أكثر من شهر. وحدد موعد جديد وفقاً
لرغبة أميركية صرفة. أي إن الزيارة أقرب للاستدعاء من زيارة رسمية على مستوى
القمة.
فالإدارة الأميركية تحضر لمرحلة جديدة
ومختلفة، وهي مرحلة ما بعد داعش، والتي بات الجميع يرددها منذ ستة أشهر.
إن ترتيبات المرحلة الجديدة قد بدت واضحة
منها، زيارة وزير الدفاع الأميركي للعراق، وزيارة وزير الخارجية السعودي، في
الأيام الماضية، والتي بدأت تظهر ثمارها من خلال إرسال قوات أميركية جديدة بدفعات
متتالية لكل من العراق وسوريا، الى جانب تحركات روسية وتركية نشطة، وهي ترتيبات
تدخل كلها في إطار خطة (تحجيم دور إيران في المنطقة). والى جانب ذلك، فقد بدت
التحركات الإيرانية ضعيفة، كما لو إنها فقدت روح المبادرة والقيادة، بعد المجال
الكبير الذي أعطي لها في عهد أوباما، الذي اعتمد سياسة غير تدخلية في شؤون
المنطقة، وإكتفت بدور المراقب، مما شجع إيران على التمادي في بسط نفوذها، وتحقيق
حلمها في تصدير الثورة الإيرانية لجميع الدول العربية.
وعلى الصعيد الداخلي، فالعراق يمُر بمرحلة
حساسة وحاسمة تستدعي تدخلا أميركياً للجابة على تساؤلات كثيرة، وهي: ماذا بعد
داعش؟ وما هومصير المجموعات المسلحة التي إعترف لها القانون بشرعيتها وفقاً لقانون
الحشد الشعبي أواخر 2016، وهي لا تستطيع أن تقنع أي طفل بأنها جيش نظامي؟ وما هو
مصير الملايين من العراقيين النازحين داخلياً، وهل سيعودوا لمناطقهم المنكوبة،
والتي لا تصلح للعيش في وضعها الحاليي؟ ومن سيعمّر تلك المناطق ثانية؟ وأين موقع
سنّة العراق، الذين يجتمعون الان لبحث مصيرهم بعد داعش؟ وأين موقع الأقليات
كالمسيحيين واليزيديين، والذين يطالبون بإقليم سهل نينوى، وتلعفر وسنجار؟ وما مصير
القوات الأجنبية في العراق بعد ذلك، مثل القوات التركية في بعشيقة، ومقاتلي حزب
العمال الكردستاني في سنجار؟ وما هو مصير الطموحات الكردية في الإستحواذ على
الأراضي المحررة وتغيير ديمغرافيتها؟
هذه الأسئلة كلها يجب أن تجيب عليها الخطة
الجديدة التي سترسم ملامح المرحلة القادمة في العراق، وهي بلا شك مرحلة مفصلية
شبيهة بمرحلة فوز المالكي في انتخابات نيسان 2014، حيث تجاهل كل النصائح الأميركية
والعراقية، وأصرّ على الولاية الثالثة بكل السبل، مما إقتضى منعه، فجاء داعش ليقوم
بتلك المهمة، بعد أن غاب عن المالكي إن الولاية الثانية لم تكن له أصلا، لكنها
أعطيت مكافأة لإيران للاستمرار في مفاوضات الملف النووي.
والعراق مقبل على انتخابات أجلت الى سبتمبر
القادم، وإذا كان العبادي يعتقد إنه سيفوز بإنتخابات أخرى فإنه واقع بنفس وّهم
المالكي رفيق دربه ونضاله. فالعبادي إذا ساعدته ظروف المرونة والتساهل وعدم التدخل
الأمريكي في عهد أوباما، فإن ظروف الحزم والشدّة التي تبديها الإدارة الأميركية
الجديدة، فإن العبادي سيبدو أمامها كقزم يحاول اللحاق بالكبار، لا سيّما وإن تقييم
مرحلته ليس مشجعاً تماما. فرغم وعوده في الأصلاح، إلا إنه لم يحقق شيئاً منها، بل
زاد الأمور سوءاً، لا بل هو لم يستطع أن يحّد من نفوذ المالكي، الذي مازال يتمتع
بنفوذ قوي.
إن إنساناُ بهذا الضعف، وعدم القدرة على حسم
الأمور، لا ينسجم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وستكون زيارته المرتقبة، أشله
بزيارة المالكي لواشنطن في تشرين الثاني 2013، والتي كشف تفاصيلها المخزية أحمد
الجلبي أنذاك، حيث إن الرئيس الأمريكي بالمالكي لم يدم لأكثر من 17 دقيقة فقط، كان
كل ما طلبه منه أوباما هو المصالحة في العراق. وعند عودة الوفد للفندق طالبتهم
إدارته بدفع أجور الفندق إستعدادا للمغادرة، في إجراءات تتسم بعدم التعامل بشكل
دبلوماسي ولبق مع وفد رسمي على أعلى مستوى. وحتى تشكيلة وفد العبادي ستكون مشابهة
لتشكيلة وفد المالكي في أم نقطة وهي وزارة الخارجية، فإذا كان المالكي في صراع مع
وزير خارجيته الكردي زيباري أنذاك، فإن العبادي غريب عن وزير خارجيته وأمين عام
حزبه الجعفري، الذي هو في وادي، والعبادي في وادي أخر. وإذا كان وزير الخارجية في
أي دولة هو الذراع اليمين لرئيس الوزراء ويرافق في كل زياراته الرسمية الخارجية،
فإن الجعفري عكس ذلك، إذ يظن إنه وليّ نعمة العبادي وهو الذي منحه منصب رئيس
الوزراء بإنقلابه على المالكي. وهذه واحدة من أكثر مسائل العبادي إخفاقا، بعد
إخفاقه في تحجيم دور إيران في العراق.
وفي تقديري، فإن العبادي سيواجه ذات الموقف،
وعليه ألا يركب رأسه، كما فعل المالكي، وإلا فإنه سيواجه نسخة جديدة من داعش أقسى
وأسوأ. فقد أتيحت له فرصة أربع سنوات، إلا إنها كانت فاشلة تماما. ومهما أراد أن
يظهر نفسه بمظهر البطولة، فلن ينفعه ذلك، فإذا كان يتباهى هو وأنصاره بالقضاء على
داعش، فإن الجميع يعرف إن زوال داعش هو قرار أمريكي صرف، لا يشاركها فيه أحد. وإن
تاريخ صلاحية داعش قد حدده الأمريكان منذ اليوم الأول لإحتلاله الموصل، عندما صرح
قائد القوات الأميركية جيمس تيري في 18 كانون الأول 2014، بأن الحرب ستستمر ثلاث
سنوات على الأقل. في حين صرّح العبادي في 29 تشرين الثاني 2016، بأن تحرير الموصل
سينتهي قبل نهاية 2016. في حين عارضه الامريكان بقولهم إن معركة إستعادة الموصل
ستكون في الربيع القادم. وهكذا فإن تحديدات العبادي لتحرير الموصل لم تكن صالحة
حتى للاستهلاك المحلي. في حين كان الأمريكان يقدمون مددا زمنية مختلفة تماما،
المغزى منها، إن تحرير الموصل من داعش سيتم بإرادة أمريكية لا عراقية، لذا
سيختارون تاريخا ذو دلالات رمزية، كما حدث عندما إختاروا إنهاء الحرب
العراقية-الإيرانية في 8/8/1988، وسيكون هذه المرة في 9/4 وهو تاريخ تحرير أو
إحتلال العراق عام 2003.
فالخلاصة التي توصلت اليها الإدارة
الامريكية والعالم، هي إن النظام السياسي الديني في العراق لم يعد مقبولا بعد الان
حتى على الصعيد الداخلي. فالشعب العراقي أخذ يرشق رموز النظام كالمالكي والعبادي
بالحجارة والاحذية في زياراتهم، مما يدّل على إن هذه الحكومة لم تعد مقبولة أكثر
من ذلك. لا سيّما حكومة العبادي الأخيرة التي باتت تعرف بأنه أهزل حكومة عرفها
العراق في تاريخه الطويل. وستكون إستعادة الموصل نهاية حكم العبادي بعد انتخابات
سبتمبر لهذا العام، وسيكون عشاء العبادي في واشنطن بمثابة العشاء الأخير.
د. رياض السندي
دكتوراه في القانون الدولي
10 مارس 2017
كاليفورنيا
الكبوة الأولى لحكومة عادل عبد المهدي
الكبوة
الأولى لحكومة عادل عبد المهدي
د. رياض السندي
دكتوراه في القانون
بعد مخاض عسير إستغرق أكثر من ستة أشهر تلت
انتخابات العراق في أيار/مايس الماضي، ولدت حكومة عادل عبد المهدي الذي رشحته
مرجعية النجف الدينية الشيعية،
وقد كشفت عملية تشكيل الحكومة الناقصة من عدد من
الوزراء، حقائق هامة وخطيرة في مقدمتها ما يلي: -
أولا. أن شغل المرجعية الشاغل هو الإبقاء على
الحكم الشيعي في العراق حتى لو كلّف ذلك ضياع دولة العراق والمنطقة بأسرها.
ثانيا. أن المخطط الغربي الذي بدأته أمريكا في
إستهداف العراق لم يكمل دورته التخريبية في منطقة الشرق الأوسط، وإن عودة عراق
معافى وقوي أمر يتقاطع مع المشروع الغربي بقيادة الولايات المتحدة وإسرائيل في
تفتيت الدول العربية وتدميرها وكسر إرادتها وتمزيق شعوبها.
ثالثا. أن الانتخابات في العراق ما هي إلا مهزلة
أو ملهاة القصد منها إشغال الشعب وإلهاءه وتمزيق وحدته، حيث سادها التزوير وحرق
صناديق الانتخابات والرشاوى الكبيرة، وأخيرا تشكيل حكومة من أشخاص لم يترشحوا
للإنتخابات أصلا.
رابعا. أن دعوات الإصلاح والتغيير قد تم
إستيعابها وتحويل لصالح الكتل السياسية الفاسدة كالعادة. وإن الفساد قد ترسّخ في
العراق ويصعب إقتلاعه بالوسائل السلمية، إلا من خلال ثورة شعبية مسلحة شاملة، توقف
هذا الإنحدار السريع للعراق والمنطقة إلى الهاوية التي بدأت ملامحها تتكشف يوما
بعد أخر.
خامسا. أن الشعب العراقي وقواه الوطنية ما زالت
عاجزة عن إجراء التغيير المنشود وإجتثات قوى الفساد، وفرض تطبيق القانون وإعادة
هيبة الدولة وسيادتها.
وقد إستغرب البعض من ردّة الفعل الشعبية الأولى
على تشكيلة حكومة عادل عبد المهدي البالغ من العمر 76 سنة، وهو عمر يفقد صاحبة
القدرة على التركيز والتدقيق وإتخاذ القرار الصحيح والحزم في الإدارة، وعادة ما
يواجه كبير السن المشاكل والمعوقات بالزعل والرفض والإنزواء، وهو ما عبّر عنه هو
شخصيا بأنه قد كتب إستقالته وهي في جيبه.
ويمكن تشخيص 7 أسباب هي الأهم والتي أدت إلى
هياج الشارع العراقي على كابينة عبد المهدي وثورة العراقيين في وسائل التواصل
الاجتماعي منذ لحظة إعلان ولادتها إلى ما يلي: -
١. لأن
رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي قد بدأ مشواره الحكومي بكذبة الترشيح الإلكتروني،
واعطى أمل كاذب ل ٣٦ ألف عراقي عاطل، في بلد فيه ٧ مليون عاطل.
٢. إنه
قدم تشكيلة محاصصة حزبية رغم إدعاءاته المستمرة بأنها لن تكون من مرشحي الأحزاب
وخاصة سائرون.
٣. إنه
ضمّ فيها فالح الفياض وأسماء سالم صادق أخت ريان الكلداني بناء على طلب الحشد
الشعبي بقيادة أبو مهدي المهندس.
٤. ثم أن معظم أعضاء وزارته ممن شارفوا السبعين
من العمر، وعلى النحو الأتي:
- ثامر
الغضبان وزير النفط ٧٣ سنة.
- أياد
السامرائي وزير التخطيط ٧٢ سنة.
- علاء
العلوان وزير الصحة ٦٩ سنة.
- محمد
علي الحكيم وزير الخارجية ٦٦ سنة.
بعض
السير الذاتية لم تتضمن حتى تاريخ تولد المرشح، وهي سير مختصرة لا تغني ولا تسمن. ولم يتم التطرق على الإطلاق إلى جنسياتهم
الأجنبية، مثل:
·
رئيس الوزراء عادل عبد المهدي جنسيته فرنسية.
·
وزير الخارجية محمد علي الحكيم جنسيته أمريكية.
·
وزير الصحة علاء عبد الصاحب العلوان جنسيته
سويسرية.
٤. أن
اتهامات طالت مرشح وزارة الرياضة والشباب في أنتماءه للإرهاب وعلى أنه ذبّاح
القاعدة.
٥. إن
وزير الإعمار والإسكان بنكين عبد الله الريكاني قد جاء في سيرته انه خريجي كليتي
العلوم في جامعة الموصل، والقانون في جامعة بغداد وفِي ذات السنة ١٩٩٣، فهل يعقل
هذا؟ ويبدو إن عادل عبد المهدي لم يقرأ السير الذاتية قبل تقديمها.
٦. أن تمرير الوزارة قد جرى بعد الاتفاق بين
الكتل السياسية على تقاسم الغنائم الوزارية. وقد إنكشف فيها العلاقات العائلية الفاسدة، فوزير
الصناعة والمعادن صالح عبد الله الجبوري هو شقيق محافظ صلاح الدين أحمد عبد الله
الجبوري، ووزير الرياضة والشباب أحمد العبيدي هو إبن عم جمال الكربولي، وإن وزيرة
التربية صبا الطائي هي قريبة خميس الخنجر أمين عام المشروع العربي، بالإضافة إلى
مرشحة وزارة العدل المستبعدة أسماء سالم صادق وهي شقيقة ريان الكلداني أمين عام
كتائب بابليون المنضوية في الحشد الشعبي.
٧. لم
تمنح الثقة سوى ل ١٤ وزيرا واستبعد ٦ أخرون لوزارات سيادية مهمة مثل الدفاع والداخلية،
فهي تشكيلة ناقصة. فهل سيتمكن عادل عبد المهدي من إكمال تشكيلة حكومته، لا سيما
وإنه أصبح يدير وزارة الداخلية وكالة؟
والحقيقة، إن عادل عبد المهدي هو
شخص مجرب سابقا، وسجله السياسي تعتريه الكثير من الشائبات، منها حادثة سرقة مصرف
الزوية في بغداد، والتي إنبرى إعلام الشيعة يلمع صورته، وفي مقدمتهم أحمد ملا طلال
من على برنامجه المعروف على قناة الشرقية بالحرف الواحد. والحقيقة أن هذه ليست
الحادثة الأولى، فأتباع عادل عبد المهدي قد طالتهم المحاكم السويسرية في قضية فرض
(غرامة مالية ثقيلة لموظفين بالبعثة العراقية بجنيف يهربان السجائر ويتاجران بها)،
كما نشرها موقع سويس إنفو الرسمي في 23 أب/أغسطس 2016، وكان حينها محمد علي الحكيم
سفيرا في جنيف والذي غدا اليوم وزير الخارجية في حكومة عبد المهدي. وكنت شاهد على
تفاصيلها بحكم كوني نائب السفير، وطالما ناقشناها معا. وقد جرى تعيين السفير
المسيحي وديع بتي سفيرا للعراق في جنيف يوم أمس 25/10/2018، وأعتقد إن ذلك على صلة
ببعض القضايا الخطيرة وهذه واحدة منها.
وباختصار
شديد إنها ليست كابينة التغيير والإصلاح التي ينشدها الشعب وإنما تكرار لمسرحية
جديدة قديمة ساذجة، فقد عاد نفس الفاسدون الذين يتبجحون بالديمقراطية الزائفة من
الشباك بعد أن أخرجهم الشعب من الباب. وكان
عادل عبد المهدي والمرجعية الشيعية أكبر شباك لعودة الفاسدين وبقوة، وإننا مقبلون
على أربع سنوات عجاف قادمة لا محالة، لن ينفع معها زرع أو ضرع أو كيل، كما وصفها
الأستاذ الدكتور حسن الخزرجي، والذي كتب على صفحته في الفيسبوك مخاطباً الحكومة
والكتل السياسية قائلا: " ماذا أبقيتم من العراق لم تدمروه يامن نصبّوكم
حكاما عليه، بعد أن حسبوكم على العراقيين وانتم لستم منهم، ولا تملكون ذرة واحدة
من الطبائع الأصيلة والأخلاق العالية التي كان يمتلكها العراقيون النجباء؛ هل
أبقيتم له الجيش، الاقتصاد، التربية، القانون، التعليم العالي، القضاء، الصحة،
البيئة، الدين، الأخلاق، العلم، الإيمان، الأمل بالمستقبل، الأمان في الحاضر،
الإعتزاز بالماضي ... لم تدمروه بعد؟
فهذه
كلها أخطاء في بداية مشواره، ولهذا كانت ردة فعل الناس قوية ضده، وانا شخصيا لا
اعتقد انه يستطيع الاستمرار لأنه كبير في السن ٧٦ سنة وعاجز وقابلياته الذهنية
أصبحت محدودة، ولهذا كبا كبوته الأولى منذ لحظة ولادة الحكومة، وحتى قبل منحها
الثقة من البرلمان، وكانت الصدمة بالنسبة للشعب أشبه بصدمة رجل أبيض تلد زوجته
طفلا أسود. وقد قيل عنها إنها ولدت مشوّهة لإنها خرجت من رحم عقيم، وإن عادل عبد
المهدي قد كشف جوهر حكومته وسياستها للسنوات الأربع القادمة بشكل واضح. أما
البرنامج السياسي الذي قرأه في جلسة البرلمان والذي بدأ أنه يقرأه للمرة الأولى،
وإنه لم يعدّه بل أشيع أن كتلة سائرون قد كتبته له، كما بدا معظم وزرائه في عمره
وهذا ما سيعكس فشلها الذريع لاحقاً.
د. رياض
السندي
كاليفورنيا
في26/10/2018
الكويتي الذي أصبح وزيرا في العراق
الكويتي الذي أصبح وزيرا في العراق
تعرفت على صفاء الدين الصافي لأول مرة في عام
2008، عندما كنت عضوا في لجنة إعداد قانون المعاهدات في العراق، ممثلا عن وزارة
الخارجية. وكانت هذه اللجنة تجتمع بشكل أسبوعي، وفي بعض الأحيان مرة واحدة في
الشهر. وكانت اللجنة برئاسة الصافي بإعتباره وزير الدولة لشؤون مجلس النواب، ووزير
العدل وكالة، على الرغم من أنه لم يزر وزارة العدل يوم واحد، طيلة توليه هذا
المنصب قرابة السنتين. كما إنه كان يتولى منصب وزير التجارة وكالة أيضا. وهذه إحدى
مصائب حكومة المالكي الذي كان يكلف أتياعه الفطاحل بإدارة ثلاث وزارات دفعة واحدة.
وكانت اللجنة تضم بالإضافة له د. فاضل الجشعمي
المستشار القانوني لرئيس الوزراء نوري المالكي آنذاك. وكذلك د. عباس الساعدي رئيس
الدائرة القانونية في مجلس الوزراء والذي لم يكن يحضر إلا نادراً. ومن وزارة العدل
كانت تحضر إحدى مستشارات مجلس شورى الدولة وتدعى ذكرى (على ما أذكر) وكنت أنا أمثل
وزارة الخارجية لكوني رئيس قسم المعاهدات فيها.
وفي المرة الأولى التي حضرت فيها معهم، سألت
الصافي عن شهادته للدكتوراه فأثار دهشتي عندما قال إنها في القانون الدولي. فقلت
أنا على صلة بكليات القانون في العراق منذ عام 1977 لم أراك أو اسمع بك. فإدعى
أولا أنه قد حصل عليها في لندن، ثم قال لاحقا إنها من القاهرة، وحتى يومنا هذا لم
أتأكد من شهادته. ولكن مداخلاته في اللجنة لا تشير إلى أي إطلاع قانوني أو معرفة
قانونية. على العكس من الجشعمي الذي مارس النشاط القانوني رئيسا للدائرة القانونية
في التصنيع العسكري في عهد صدام حسين، كما قيل لي في اللجنة انذاك. وكان الجشعمي حاد
الطبع داخل اللجنة، وعندما خاطبت الصافي، كما هي العادة في بروتوكول الخارجية
بعبارة: يا معالي الوزير. صرخ الجشعمي منذ البداية قائلا: أي معالي؟ لا تقولها مرة
ثانية. فدمدم الصافي قائلا: إنهم يحرمون علينا حتى عبارة الوزير. ولكنه كان في كل
الأحوال يخشى الجشمعي وهذا ما لم أعرف كنهه. أما الساعدي الذي حضر ذات مرة، فكان
على عكس د. فاضل يقَبِّل أكتاف الصافي مع عبارة: دخيلك يا السيد ودخيل جدك. وربما
من باب التندر أو الولاء الشيعي.
وفي عام 2012 رشح الدكتور فاضل الجشعمي لمنصب
أمين عام المساعد للجامعة العربية، وقد أرسلت له تهنئة شفوية مع أحد الأصدقاء وقد
برر ذلك بأنهم قد ألجأوه ودفعوه إلى ذلك للتخلص منه ومن إنتقاداته في مجلس
الوزراء.
تركت هذه اللجنة في شهر تشرين الأول عام 2009
عند نقلي إلى بعثة العراق لدى الأمم المتحدة في جنيف بسويسرا. ولم يمض شهر حتى جاء
الصافي إلى جنيف موفدا لحضور المؤتمر الوزاري السابع لمنظمة التجارة العالمية
ومقرها جنيف. ولما كنت قد توليت مهمة القائم بالأعمال المؤقت، فقد أعددنا
لاستقباله في صالة الشرف بالمطار. نزل الوفد العراقي برئاسة الصافي بصفته وزير
التجارة وكالة. وقد ضم الوفد عدد من المدراء العامين في تلك الوزارة، وعندما جلس
الوفد العراقي لبعض الاستراحة وتناول القهوة، أشار الصافي إلى امرأة محجبة تماما
بالجلوس بعيدا عن الوفد، وقد إستغربت من ذلك، وسألته إذا كانت ضمن الوفد فلتجلس
معه. إلا إنه قال إنها زوجته (أم محمد). تفهمت الأمر، وما هي إلا ثوان حتى جاء
مسؤول البروتوكول في البعثة طالبا التحدث مع على إنفراد. فقال إنه يواجه مشكلة
بسيطة وهي أن زوجة الصافي تحمل جوازا كويتيا، وأن الجانب السويسري يستفسر عن
إمكانية وجود شخص كويتي مع وفد عراقي. فتدخلت شخصيا وجرى تمشية الأمور.
جرى حجز إقامة الوفد في فندق كمبنسكي الشهير
والواقع على بحيرة جنيف. وهناك أيضا أثار الصافي مشكلة أخرى فطلب حجز أغلى غرفة له
وكان سعرها يزيد على (2000) ألفي دولار يوميا. وطلب أحد أعضاء الوفد أن تكون غرفته
مزدوجة لأن زوجته ستلتحق به من لندن، حيث أنه بريطاني الجنسية وما زالت عائلته
تقيم هناك.
وقد حرص الصافي طيلة أيام الزيارة على إستغلال
أي مناسبة للحديث ضد الدكتور الجشعمي، وأذكر أنه في يوم المغادرة وقفنا أمام
البعثة في إنتظار السيارة التي ستقله للمطار، سألني فيما إذا كانت بناية البعثة
عائدة للحكومة العراقية؟ ولما أجبته بالإيجاب قال: أن هناك أملاك وممتلكات كثيرة
في العالم باسم صدام حسين. ولما أكدت له أنها ليست باسم صدام حسين، ولو كانت كذلك
لكان بإمكان أي من أولاده وأحفاده إنتزاع ملكيتها من العراق؟ فقال: ربما هي بأسماء
أشخاص أخرين، فبعض الأملاك العقارية كان قد سجَّلها صدام حسين بإسم الدكتور فاضل
الجشعمي الذي تعرفه. وهكذا كان نظام الحكم الجديد في العراق يحرض على الإساءة إلى
صدام حسين للتغطية على فضائحهم وإنتهاكاتهم وسرقاتهم وفسادهم الذي ملأت أخبارها
وسائل الإعلام على الصعيدين المحلي والعالمي.
حضر الصافي إلى جنيف عدة مرات موفدا على حساب
الحكومة العراقية، وأخر مرة رأيته فيها كان في مؤتمر تدويل جرائم الإبادة الجماعية
في ظل النظام السابق برفقة وزير حقوق الإنسان سابقا محمد شياع السوداني، الذي
عقدته وزارة حقوق الإنسان في جنيف للفترة من 19-20 أيلول 2012. وقد أخبرت السفير
محمد علي الحكيم الذي قد إعتاد التهرب من هذه المؤتمرات على الرغم من أنه ممثل
العراق الدائم في جنيف، حول تلك المشكلة البسيطة في المراسم، فقال: أن الصافي
مولود في الكويت. فقلت ولكنه يقول بأنه من مواليد البصرة؟ فنفى ذلك وأكد ولادته
الكويتية.
وفي صيف 2013 دعاني الصديق محمد حسن العضاض
المقيم في جنيف للقاء النائب عباس الموسوي وهو من المقربين للمالكي وقد دار الحديث
عن جنسية صفاء الدين الصافي فأفاد الموسوي أن الصافي جنسيته كويتية، وأنه يقيم في
الكويت منذ وقت طويل وإنه كان يعمل محاسباً في إحدى الشركات الكويتية، وما زال
يتقضى راتبه منها حتى يومنا هذا.
وبعد أكثر من عشر سنوات إتضح أن هذا الشخص هو
إبن عمة عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية سابقا، ورئيس تيار
الحكمة الأن. وهذا يعطينا صورة عن أمرين رئيسيين هما:
1.
دور الدول العربية المجاورة للعراق في إحتضان هذه
الجماعات التي تختلف معها فكريا ومذهبيا وعقائديا بقصد الإنتقام من العراق كدولة
وكشعب، معتقدين أنهم بذلك يثأرون من صدام حسين.
2.
أن العراق الآن واقع تحت حكم العوائل التي مدَّت أذرعها كالأخطبوط،
وإن القضاء عليهم يقتضي القضاء على حكم هذه العوائل. لا سيما وأن سفير العراق في
القاهرة حالياً هو السيد محمد حبيب الصدر (خال عمار الحكيم).
واليوم تتناقل الأخبار ترشيح صفاء الصافي لمنصب
أمين عام المساعد للجامعة العربية بديلا عن فاضل الجشعمي. وهذا يعطي الإنطباع
الأولي أن الجامعة العربية إنما تقف ضد تطلعات الشعب العراقي وتدعم الحكومات
الظالمة والعميلة كما دعمت صدام حسين حتى النهاية. كما يشير إلى حقيقة قرب نهاية
هذا النظام الذي إستمر لأكثر من عقد ونصف دون أن يحقق شيئاً للعراق والعراقيين بل
أمعنوا في تدميره وسرقة ثرواته. وكما يقول المثل -قياسا مع الفارق- أن الفئران أول
من يفر من السفينة التي وشك على الغرق. وقد سبقه من ذات العائلة (عائلة الحكيم)
محمد علي الحكيم سفير العراق السابق في نيويورك، الأمريكي من أصل عراقي الذي رشحه
إبراهيم الجعفري لمنصب المدير التنفيذي لمنظمة الأسكوا في نيسان 2017.
وهنا وبعد كل هذه الحقائق، لا يحق لنا كعراقيين
أن نستغرب من كل الدمار الذي جرى على بلدنا ما دام الأجانب يحكمون العراق منذ
2003، وإذا كان محاسب كويتي قد أصبح وزيرا في العراق، ويبقى العراقيون على أمل
مجيء حكومة من الوطنيين الحريصين عل بلدهم.
ومن حقنا أن نتساءل: كم أجنبي مثل الصافي ما زال
يتولى مناصب سيادية في العراق؟ وكم من أمثاله ما زالوا يتنعمون بخيرات العراق
وينقلون ثرواته إلى الخارج؟ وهذا ما يجعلنا ندرك لماذا سعى هؤلاء الأجانب لطرد
أبناء العراق بالتهديد والوعيد والتفجيرات بفعل ميليشياتهم الإجرامية التي لا تقل
إرهابا عن القاعدة وداعش.
د. رياض السندي
كاليفورنيا
في 5/3/2018
المُتقَلِبون في العراق
المُتقَلِبون في العراق
د. رياض السندي
إن
الثبات والإستقرار - سواء على الصعيد الفردي أو المجتمعي - نعمة غير منظورة كالصحة،
ولا تعرف إلا بنقيضها أو عند زوالها. لذا عند وصف هذه الحالة يقال، فرد مستقر،
وعائلة مستقرة، ومجتمع مستقر، وبلد مستقر. ومن الواضح أيضاً أن الحروب والفساد
يُعَرِّض استقرار المجتمعات وأمنها للخطر كما يمكن أن يقوِّض مبادئ الديمقراطية
والأخلاق وسيادة القانون. وأساس ضرب وهدم أي مجتمع هو ضرب ثباته وإستقراره. وهذا
ما حدث في العراق منذ 2003 وحتى الان. مما أفقده الثبات واشاع فيه عدم الاستقرار،
وساد التقلب والتلون، ونتج عن ذلك ظهور طبقة من المتقلبين في أرائهم والمتلونين في
مواقفهم.
-
في التسمية والتعريف
تطلق على هذه الطبقة تسميات عديدة، منها المتلونون،
والإنتهازيون، والمَصلَحِيون، والميّالون بحسب أهوائهم، والمداهنون، والنَفعيّون،
والوصوليون، والمنافقون، والمخادعون، والمراوغون، والمتنازلون، والحربائيون
(الحرباء قدوتهم)، والمتقردون (نسبة للقرود)، وغير ذلك. وهم أولئك الأشخاص الذين
يتلونون بحسب أهوائهم ومصالحهم التي يخيّل إليك أنّها لا يمكن أن تنتهي بسبب عدم
ثباتهم على مبدأ واحد.
وهم بصفاتهم هذه، يختلفون عن فئة أخرى يطلق عليها،
الثابتون أو أصحاب المواقف الثابتة، المبدئيون، والعصاميون، والصادقون، والمعاهدون
لله، والأوفياء، والمصبوغون بصبغة واحدة، وغير ذلك.
وقد وجدت الطائفتين منذ ظهور البشرية، إلاّ إن الطائفة
الأولى ظهرت قبل الطائفة الثانية، لإن العقل البشري يدرك الأشياء البسيطة قبل
الصعبة، ويحصل على الرخيصة قبل الثمينة. ويراعي مصالح الجسد وحاجاته ومتطلباته قبل
حاجات الروح، أي الأمور الجسدية قبل النفسية والمعنوية. وعادة تظهر الصفات السيئة
قبل الجيدة، لذا فإن المتقلبين يظهرون بكثرة في المجتمعات المتخلفة وفي زمن
الازمات والكوارث وإشتداد الحاجة. لذا تنتشر صفة التقلب عند ذوي المستويات العقلية
المنخفضة، والمستويات الثقافية الواطئة، وفي معسكرات اللاجئين، والسجون، وغيرها. أما
الطائفة الثانية أو الأخرى، فهي لا تظهر إلاّ في الطبقات المثقفة والواعية والتي
تفضل سمعتها على مصلحتها، والمفكرون، وعند المستويات العقلية المتقدمة، وذوي
التعليم العالي، والمصلحون، وأصحاب الرأي.
وفي حساب المصالح والمنافع فإن طائفة المتقلبون هي
الأكثر إستفادة وثراءا، حيث المال كان ومازال أكثر الأمور إغراءا لهذه الفئة،
وتليه النساء، ثم المناصب. في حين أن فئة
أصحاب المبدأ الواحد هم الخاسرون في الحياة، وإن غدوا خالدين على مَر العصور، بعد
وفاتهم أو بالأحرى قتلهم والتخلص منهم. ويعد الأنبياء والمصلحين من هذه الفئة.
وقائمة الأسماء تطول كالمسيح ومحمد وعلي بن أبي طالب وغاندي ومانديلا وآخرون، وإن
غدت قليلة إلى جانب الطائفة الأولى التي يستحيل تعدادهم. فالطائفة الأولى هي
الأكثرية، أما الثانية فهي الأقلية.
ويخترق المتقلبون كل مجالات الحياة دون استثناء، فتجدهم
موجودين بكثافة في السياسة والإعلام والثقافة والاجتماع والفن والرياضة وغيرها من
المجالات الأخرى، لكن أكثر المتلونين سوءًا وأشدهم خطرًا وجرمًا هم المتلونون في
الدين، وهذا هو اسوأ استخداماتهم. لذا نرى العديد من رجال الدين في هذه الأيام وقد
تفوقوا في تقلبهم على غيرهم، وأصبحت فتاواهم يناقض بعضها البعض. ويكفي أن تنظر الى
ثرواتهم لتعرف سبب وثمن تقلبهم. وقد قادت فتاواهم الى كوارث كثيرة، كانت نتيجتها
ظهور التشدد والتطرف والإرهاب، وكانت شعوبهم ضحايا تقلبهم.
فهؤلاء الانتهازيون المتلونون موجودون منذ أن قامت
البشرية وهم ظاهرة خطيرة ونفوس شريرة تطفو على السطح في الظروف العصيبة أيضا. حيث
نراهم يتبنون أفكار ومواقف لا يؤمنون بها ويتغيرون جذريا مع تغير الظروف وكتاباتهم
وأقلامهم مسخرة لمنفعتهم الشخصية أملا بالحصول على كيس من الفضة أو بعض الدريهمات.
وهذا يعني أنهم يضحون بمستقبل مواطنيهم وشعبهم على المدى البعيد من أجل منفعة
ذاتية على المدى القريب.
ومن الطبيعي، أن يكره المتقلبون بشدة ذوي المواقف
الثابتة والقيم والمبادئ الراسخة ويعتبرونهم مغفلين وجهلاء ومحدودي الفكر والوعي
وبالتالي ينبغي تطهير الساحة منهم، كما أنهم لا يعرفون سوى لغة المصالح المطلقة
التي يعملون بكامل استطاعتهم على الحفاظ عليها وتحقيق المزيد منها حتى لو كان ذلك على
حساب كرامتهم وإنسانيتهم.. فأينما توجد مصلحتهم يتواجدون لحمايتها بشتى الوسائل
التي غالبًا ما تكون وسائل محرمة وغير مشروعة![1]
وأساليب الفئة الأولى متعددة بتعدد أهوائهم وألوان
مصالحهم، ويعرف منها الخداع، والمكر، والنفاق، والرياء، والكذب، والتجويع،
والترويع والتهديد، ولا تنتهي بالقتل. في حين إن أسلوب الفئة الأخرى محدد بنوع
واحد متمثل في الثبات في الرأي والصمود عليه. ويشكل المتقلبون تهديدا جديا لهدم
المجتمعات، في حين إن بناءها يقوم على أكتاف أصحاب المبادئ لأنهم أكثر الناس تضحية
وإيثاراً.
-
في الأديان
وقد حاربت الأديان طائفة
المتقلبين، فموسى وضع لهم قواعد أساسية موجزة يلتزموا بها، سميت بالوصايا العشر.
وفي سفر المزامير ورَد ذكر هذه الطائفة، حيث يرنم داود قائلا: (المتقلبين أبغضت،
وشريعتك أحببت).[2]
والمسيح ظلّ طيلة سنوات دعوته القصيرة الثلاث، يُسّمي هذه الفئة ب (أولاد
الأفاعي). ووصف هؤلاء قائلا: «لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ،
لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ
الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ
وَالْمَالَ».[3]
وذهب الرسول يعقوب في رسالته قائلا: «رَجُلٌ ذُو رَأْيَيْنِ هُوَ مُتَقَلْقِلٌ فِي
جَمِيعِ طُرُقِهِ».[4]
وفي الوثائق الكنسية القديمة والتي تعود الى عام 447 حول طبيعة الشيطان، جاء فيها:
غ، الشيطان بإساءة استعمال سموّه الطبيعي لأنه "لم يثبت في الحق".[5]
وظلّ محمد رسول
العرب يكشف خداع هذه الطائفة ويحاربهم. والقرآن الكريم مليء
بآيات تكشف وتنذر هذه الفئة، وبالمقابل تمتدح الفئة الأخرى. وقد وردت في القرآن
الكريم سورة خاصة بهم هي سورة المنافقون، جاء فيها: إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ
قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ
لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ اتَّخَذُوا
أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ
فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ.[6]
وقد أشار الى صفة الكذب لديهم، ووجهي الإيمان والكفر معاً.
وقد
إنتقدهم القرآن بآيات كثيرة مثل: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ
وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ
النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا.[7]
يقول أبي موسى الأشعري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما سمي القلب من تقلبه،
إنما مثل القلب كمثل ريشة معلقة في أصل شجرة، تقلبها الريح ظهرا لبطن). وقوله
كذلك: -: ﴿لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ * مَتَاعٌ
قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾.[8]
وجاء في حديث نبوي: إِنَّ شَرَّ النَّاسِ ذُو
الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ (رواه
البخاري). وفي حديث أخر: (اتقوا الله، أعوذ بالله من صباح النار، إياكم والتلون في
دين الله، ما عرفتم اليوم فلا تنكروه غدًا، وما أنكرتموه اليوم فلا تعرفوه غدًا).
وقال حذيفة بن اليمان لأبي مسعود: إياك والتلون فإن دين الله تعالى واحد (البيهقي 10/42).
وفي مدح الفئة الثانية، أشار لهم القرآن الكريم
بالقول: من المؤمنين رجال
صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.[9]
ويمكن إعتبار دعوة محمد رسول العرب لقريش منذ
570-632م لإقناعهم ثم لإرغامهم على نبذ عبادة الهة متعددة والسمو بعبادة إله واحد،
خير مثال على ذلك.
وصفحات التاريخ العربي مليئة بالطائفتين.
فالمتقلبون كانوا سريعين في تغيير مواقفهم تبعا لمصالحهم. في حين كان المبدئيون
ثابتون على مواقفهم، فالمسيح كان بإمكانه أن ينقذ رقبته من الصلب لو أنكر انه ملك
اليهود، وكان بإمكان محمد أن يقبل عرض قريش في المُلْك والثراء، إلا إنه رفض ذلك
بعبارة خالدة قالها لأبي طالب: يا عم، والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في
يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله، أو أهلك فيه، ما تركته. وقد خاض محمد
وأنصاره 64 معركة في حياته، شهد فيها الموت مرات عديدة ولكنه لم يمت إلا مسموماً
على يد اليهود.
وواحدة من أكثر الأمثلة سطوعا على التقلب في
التاريخ الإسلامي يتمثل في (البيعة)، حيث كان المتقلبون يتقلبون في بَيعَتهم تبعا
لأهوائهم. واثناء قراءتي لمصادر ذلك التاريخ، كنت أستغرب كثيراً من أن يعطي شخص ما
بيعته لأحد الخلفاء وما أن يخرج ويسير عدة خطوات حتى يقابله شخص أخر يعاتبه على
إعطاء البيعة لذلك الشخص، فتراه يتراجع عنها فورا ويبايع هذا الأخير. ومن هنا جاءت
واحدة من أكثر أحداث التاريخ الإسلامي مأساوية، ألا وهي مأساة الحسين. فقد أرسل له
أهل الكوفة يبايعونه، ثم تنصلوا من بيعته لعدم ثباتهم ولتفضيلهم لمصلحتهم الخاصة.
وقد أحسن الفرزدق في وصفهم عندما قال للحسين حين لاقاه في طريقه للكوفة بعد مبايعة
أهلها له: (قلوبهم معك وسيوفهم عليك).
-
في علم النفس
وتوصف الشخصية المتقلبة Cycloid في علم النفس بانها: نمط من
الشخصية مازال به من السمات تختلف عن السمات الاخرى تماماً ، صاحبها لا يهدأ له بال
ولا يستقر على رأي ولا يمكن ان يؤخذ منه قرار واضح او صريح ، فهو يتقلب بعدد دقائق
الساعة، وله عدة اراء وخصوصاً في التعامل وازاء ذلك يقول علماء النفس ان تسمية هذه
الشخصية جاءت نتيجة حالة المزاج الذي لا يستقر على صورة ثابتة، فهو سريع التقلب في
الشعور والعاطفة من حالة الايجابية الى نقيضها في السلبية ، ويتأرجح في المزاج من
الانفعال الى الهدوء والسكينة، ومن حالة الفرح والسرور الى حالة الحزن والغم حتى
رأى البعض من علماء النفس ان نمط هذه الشخصية اكثر ميلا للشخصية الفصامية لولا ا
لبنية الجسمية التي تميل الى البدانة فمعظم الفصاميين هم من اصحاب البنية النحيلة
.
تعد الشخصية المتقلبة شخصية ذات ميل شديد للتصرف
باندفاع قوي دون مراعاة لأية ضوابط او تبعات ومن صفاته ايضاً ميل الى الحدية في
التصرف والسلوك ومن الصعب ان يتوافق اجتماعياً بالرغم من وجود مؤشر قوي وواضح بعدم
قدرته على التوازن الوجداني، فهو يتذبذب دائماً في اتخاذ القرار ويتذبذب بين القلق
والغضب الى العصبية الزائدة فضلا عن عدم معرفته واستقراره بما يريد حتى سمي بالنزق
" النوع النزقي Impulsive type ". [10]
ومن صفاته ايضاً انه اناني وله القدرة العالية على
الهروب من المواقف الحياتية التي بها تعهد او التزام او توكيد للذات، فهو متحلل
بكل معنى من كل انضباط او التزام قيمي يؤدي الى انضباط في التعامل. ويمكن القول ا
ن نمط هذه الشخصية هو نمط الشخصية السلبية او العدوانية احياناً، فعدم الالتزام
والتقيد بالكلمة او العهد لدى صاحب الشخصية المتقلبة يدفع بالأخرين الى فقدان
الصلة به او التعامل معه او حتى نبذه بمرور الوقت وبمرور الوقت ايضاً تصبح هذه
الشخصية شاذة اجتماعياً.
وعند ذكر الشخصية العراقية، فإنا أول من يتبادر الى
الذهن هو الدكتور على الوردي المعروف بنظرية (الشخصية العراقية المزدوجة) عند
تصديه لدراستها في معظم مؤلفاته.
لقد وسمت الشخصية العراقية بمجموعة من الخصائص
والسمات المتناقضة كالازدواج والتطرف السلوكي والتقلب والانتهازية وتغير الولاء
والخضوع للحاكم والثورة عليه بشكل مفاجئ والنرجسية والسيكوباثية والسادية
والمازوخية والشجاعة والإقدام والكرم والاعتزاز بالذات، وغير ذلك من صفات وخصائص
وسمات بعضها مستمد من مؤشرات جغرافية وبعضها من دلالات تاريخية أو إحداث سياسية.
ولعلي لا أكون متطرفاً حين أقول إن الاسلام ذاته
كدين سماوي قد تعرض للتمزق والانقسام فوق ارض بلاد الرافدين فانقسم المسلمون بين
الولاء والانتماء، رغم ان بذور الانقسام ولدت في الجزيرة العربية.
وفي إنتقالة نحو العصر الحديث أستطيع الاستشهاد
بمقولة للملك فيصل الأول في العصر الحديث عام 1921 كأول ملك للعراق الحديث حين قال:
((لا يوجد في العراق شعب عراقي، بل توجد كتلات بشرية خالية من أي فكرة وطنية
متشبعة بتقاليد وأباطيل دينية لا تجمع بينهم جامعة، فالبلاد العراقية هي جملة
بلدان ينقصها أهم عنصر من عناصر الحياة الاجتماعية، ذلك هو الوحدة الفكرية والملية
والدينية)).
وهنا أستطيع الاستشهاد بمقولتين، الاولى مشكوك بصحتها،
والثانية تعبر عن رأي علمي لاحد علماء البيئة من ضمن القصص التي يتداولها العامة
من الناس عن اهل العراق، مقالة تنسب الى الامام علي بن ابي طالب (ع) بأنه وصف سكان
العراق بأنهم اهل شقاق ونفاق، ومقالة اخرى تنسب الى الحجاج بن يوسف الثقفي في ذم
اهل العراق وقدحهم، وثالثة تنسب الى حديث بين الاسكندر المقدوني ومعلمه ارسطو حول
بيئة العراق.
يقال ان الاسكندر المقدوني كتب الى معلمه ارسطو
طالبا منه المشورة في انه عزم على (قتلهم جميعاً عن آخرهم) بعد ان اعياه التعامل معهم.
فأجابه ارسطو ((لا خير لك في ان تقتلهم، ولو افنيتهم جميعاً، فهل تقدر على الهوى
الذي غذى طباعهم وخصهم بهذا الذكاء؟ فأن ماتوا ظهر في موضعهم من يشاكلهم فكأنك لم
تصنع شيئا)).[11]
وقد شاعت مقولة: "يا أهل العراق يا أهل الشقاق
والنفاق" على ألسنة العرب والعراقيين ونسبوها الى الحجَّاج بن يوسف الثقفي
(توفي عام 95 هجرية) الذي ذمَّ أهل العراق لعدم ثبات آرائهم وميولهم السياسية.[12]
-
في السياسة
ويكثر تواجد هذه
الفئة بين السياسيين، حيث تمثل السياسة حقلا خصبا للرياء والنفاق والكذب والتلون.
حتى اقترنت السياسة بالعهر، فقيل: إن السياسة لعبة عاهرة.
وثمة طرفة يتندر بها
الكثير من العرب للدلالة على حالة التقلب وكثرة المتقلبين، حيث يقال: عند زيارة
القوتلي لمصر سأله عبد الناصر، كم عدد الشيوعيين في سوريا؟ فأجاب 3 ملايين، وكم
عدد القوميين؟ فأجاب 3 ملايين، وكم عدد البعثيين، وكم عدد الإسلاميين؟ فأجابه 3
ملايين، فتعجب عبد الناصر والقى القلم، وقال: وكم عدد السوريين كلهم؟ فأجاب كلهم 3
ملايين، ولكن إذا اردتهم شيوعيين فهم شيوعيون، وإذا اردتهم قوميين أو بعثيين أو
إسلاميين فهم كذلك أيضا.[13]
وهذه الطرفة قيلت بحق العراقيين زمن عبد السلام عارف.
كتب د. جميل واصل يقول: نحن نعرف أن الانتماء
الحقيقي لهذا الوطن هو بذلٌ وعطاءٌ وصدقٌ وانتماء، ومنطلقاته التجرد من التصرفات
الرخيصة والقيم الهابطة والسلوك المنحرف، لأن من أعلى مراتب الانتماء البذل الذي
يصل إلى درجة الفداء والتضحية، والمنفعة فيه لا تعيق العمل الجاد، ولا تحرف
السلوك، لأن المبدأ هو الأساس، وصاحب المبدأ لا تهزه الزوابع، ولا تغريه المراكز.
وعندما تختلط الأوراق وتهبط القيم يستطيع المنافقون
أصاحب الألسنة المراوغة، والحركات التمثيلية، القدرة على تلوين الوجه والجلد أن
يخدعوا الناس بألسنتهم ويوهموا الآخرين بسلوكهم والانبهار بهم، فتارة يتلونون
بالدين، وتارة بالوطنية، وأخرى بالانتماء والإخلاص، فإذا كان الوضع يتطلب منهم
البكاء يبكون، أو التودد يتوددون، أو الهدايا يرسلون، أو العنصرية يتعنصرون، أو
الكذب يكذبون أو النميمة ينمّون، فهم يعتبرون اللصوصية دهاء والخدعة لباقة والكذب
ذكاء، وأكل حقوق العباد مرجله، والخنوع والتذلل مصلحة.
نحن نعيش هذه الأيام مع من تحركهم المصلحة، وتوجههم
المنافع ويحكمهم حب الذات والمادة، لديهم القدرة على التلون كالحرباء، يتقنون
مهارة الثعلبة، ومقدرة القردة على التمثيل، ذئاب الأخلاق، ضباع الطباع، يميلون مع
الريح حيث مالت، يهتفون ويصفقون للمنتصر، ليس لهم ذمم تحدد معالم هويتهم، أينما وجدوا
الفرصة التي تحقق لهم أهواءهم ومصالحهم لبسوا ثوبها، وأظهروا الإخلاص لها همهم
الوحيد الوصول.
يغتنمون الفرصة ليسرقوا قوت الآخرين، ويتسللوا إلى
أهدافهم عن طريق التلون، يبيعون أخلاقهم بمصالحهم ومنافعهم، ويأبى الطبع اللئيم أن
يفارق سلوكهم، وتظهر علامات الحقد على جلودهم وجوارحهم، التلون همهم الذي أعمى
قلوبهم وأبصارهم.
ما أسوأ الأيام التي نعيش غاب عنا من لديهم القدرة
على اكتشاف المتلونين، فقد استطاع المتلونون الممثلون أن يصلوا إلى مواقع كثيرة
وحساسة، وأن يتسللوا إلى ثغورٍ خطرة وينمون ويتكاثرون ويُفرّخون في جميع المؤسسات
والميادين حتى فسدت أجهزة عديدة بفضل عبثهم وتلونهم، وأفسدوا كل الجهود التي بذلت
لتكوين مستقبل أفضل لهذه الأمة.
الوطن يحتاج منا في هذه المرحلة الولاء والانتماء
والحذر كل الحذر من الذين يجيدون لعبة التلون على أغصان المصلحة، والمنفعة، وحتى
في الملابس البراقة، والكلمات المعسولة، ودموع التماسيح، والابتسامة الصفراء.[14]
وقد لا يرتاح لهم بال حتى ينهشون لحوم الناجحين ممن
حولهم فهم في بحث مستمر عن أعداء لهم ... وأعتقد أنهم إن لم يجدوا عدوا صنعوه بأنفسهم..
وأظنّ أنّ أشدّ أعداءهم هو الصدق ... وأعزّ أصدقاءهم الزيف والمكر... فأقنعتهم
متجددة بحسب ما يرمون إليه من أهداف تخدمهم معتبرين ذلك ذكاء ... مع أننا نعلم أن
الفرق كبير بين الذكاء وبين الخداع الذي يقوم مبدؤهم عليه ... فهم بزيفهم يصنعون
ثغرات في المجتمع لا حصر لها.. ويضعـفون مجتمعاتهم التي يعيشون فيها ... سواء أكان
مجتمعـًا ذا بيئة عائلية أو عملية أو سياسية ... فنرى أكثر السمات البارزة في هذه
الأوساط البيئية التي يعيش فيها المتلوّنون أو المقنعوّن الهشاشة والشتات والفرقة
عند أي مشكلة بسيطة.
فأصحاب الولاء الصادق، والانتماء الصحيح لا يحبذون
صناعة العبارات الكاذبة، ولا يجيدون التمثيل، همهم إظهار الحق والعدل والعمل
الجاد، وتغيير الوضع الذي نعيش؛ لأنه أثقل المخلصون في هذه الأمة.
-
في عراق اليوم
وفي العراق، فقد تفاقم الأمر بعد الاحتلال الأمريكي
عام 2003، فقد جلب الامريكان وسمحوا لمجموعة من المرضى النفسيين لحكم البلاد،
وابسط أمراضهم الكذب والتقلب. فقد جاءوا وهم يحملون أسماء متعددة لم يثبت حتى
الصحيح منها الاّ بوثائق مزورة إستخرجوها لاحقا. فرئيس الحكم الانتقالي العراقي عام
2005 المعروف ب (عز الدين سليم) في حين إن إسمه الحقيقي هو (عبد الزهراء عثمان
محمد). ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للفترة من 2006-2014 دخل العراق باسم (جواد)
ثم أعلن إن إسمه الحقيقي هو (نوري)، وعُرف به. وهذا الأمر يسري حتى على من تقلد
أصغر الوظائف من فئة المتلونين هؤلاء والذين تم جلبهم من الخارج أيضا. وقد عرفت
شخصيا الكثير منهم في وزارة الخارجية العراقية، فأحدهم وكان كرديا لاجئا في هولندا
كان يحمل إسمين هما (أوميد-بيوان) يستخدم أحدهم في هولندا والأخر في العراق، وربما
كان القصد من ذلك هو التخلص من المسؤولية والضرائب. فكيف يمكن أن يثق الشعب بحاكم
يحمل أكثر من صبغة. ويبدو إن أول نصيحة تقدمها دوائر الهجرة في الغرب هو تغيير إسم
طالب اللجوء. وفي تقديري إن ذلك لغرض إخراجهم نفسيا من فئة الثابتون الى فئة
المتقلبون، بحيث يساعده ذلك على التقلب والتلون. والموضوع بحاجة لدراسة المختصين
في علم النفس.
وإذا كان لتعدد الإسماء وتغييرها ما يبررها، فإن
تغيير المواقف السياسية والدينية والأخلاقية ليس لها ما يبررها إطلاقا. وتحفل
مواقع التواصل الاجتماعي بصور سياسيين عراقيين إتخذوا من الدين وسيلة للكسب وخداع
الشعب، فتظاهروا بالملابس والرموز الدينية، في حين كانت تلك الرموز تختفي لتحل
محلها رموز غربية مناقضة لها بمجرد أن تطأ قدمه أرض المطار. إضافة الى فضائح جنسية
وأخلاقية كثيرة.
ويبدو إن ضرب أسس الاستقرار المجتمعي في العراق كان
واحدا من أهداف إحتلال العراق عام 2003 الى جانب أهداف أخرى بمعاونة فريق من الذين
بدلوا إنتماءهم الوطني الى ولاءات أخرى، عندما أقسموا عند منح الجنسية الأجنبية
لهم بأن يدافعوا عن ويقاتلوا مع البلد الجديد إذا ما دخل في حرب مع بلدهم الأصلي.
وسنقتصر على إيراد عدد من الأمثلة للتدليل على
التقلب في المواقف السياسية، ومن هذه الحالات: الموقف من حركة الاحتجاجات، والموقف
من سوريا، والموقف من قطر.
أولاً. الموقف من حركة الاحتجاجات
وعندما ثارت موجة الإحتجاجات في العراق ربيع عام
2015، إحتجاجا على فساد هؤلاء السياسيين نجد إن الكثير من السياسيين قد ركب موجة
التظاهر وصرح بأنه سيخرج مع المتظاهرين إحتجاجا على الفساد. لا بل ذهب البعض من
النواب الى تقديم إستقالاتهم للمتظاهرين في ساحة التحرير. ولو حاولنا إستقراء موقف
عدد من السياسيين لوجدنا تلوناً للمتظاهرين، ثم إنتقادهم لتلك التضاهرات. مما يوحي
بالتقلب وعدم الثبات تبعاً للمصالح الخاصة.
1.
موقف نوري المالكي
-
المالكي مع التظاهرات قلبا وقالبا.
-
هدد رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، رئيس
مجلس الوزراء، حيدر العبادي، باستخدام نفوذه في الجيش والحشد الشعبي، لإيقاف
التظاهرات التي وصفها بـ "المهزلة".[15]
2.
موقف حيدر العبادي
-
العبادي: هذا جرس إنذار كبير. ويحيّي المتظاهرين.
-
العبادي: (ندعو شبابنا الاعزاء الى تأجيل تظاهراتهم
لحين تحرير الفلوجة لأن قواتنا منشغلة بعمليات التحرير وان هذه المعركة تتطلب جهدا
كبيرا، وان التظاهرات وهي حق لهم، تشكل ضغطا على قواتنا لتوفير الحماية اللازمة).[16]
-
والجدير بالذكر أن رئيس الوزراء الدكتور حيدر
العبادي، كان قد حذّر من الذين وصفهم بـ "المندسين" في الوقوف وراء
اقتحام المنطقة الخضراء داعيا "المواطنين والقوى السياسية الوطنية الى
التكاتف والتصدي الى مؤامرات المندسين البعثيين المتحالفين مع الدواعش المجرمين والذين
يقومون بأعمال ارهابية في المدن لإيقاع الفتنة بين المواطنين والدولة".
3.
موقف هادي العامري
-
سأخرج مع المتظاهرين.
-
قال الامين العام لمنظمة بدر:" في الوقت الذي
اضم صوتي الى اصوات المتظاهرين، فإنني لن اشارك في هذه التظاهرات لأنني مشغول في
المعارك ضد الارهاب "الداعشي" وفي الاعداد للمعركة القادمة باعتبارها
معركة حاسمة ولها أثر كبير على الوضع الامني في بغداد والمحافظات الجنوبية ".
واشار الى ان مطالب المتظاهرين مطالب مشروعة وعلى الحكومة العراقية الاخذ بنظر الاعتبار
تلك المطالب، لان الدستور كفلها ".[17]
4.
موقف سليم الجبوري
-
مجلس النواب يدعم التظاهرات السلمية.
-
أكد رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، السبت، على ان
البرلمان سيأخذ بنظر الاعتبار جميع المطالب المشروعة للمتظاهرين، وفق الدستور
والصلاحيات وهو ماضي في محاسبة المقصرين، مشيرا الى ان مجلس النواب مع التظاهرات
السلمية التي تطالب بتحقيق الاصلاح في البلاد.[18]
5.
موقف عمار الحكيم
-
يؤيد التظاهرات بقوة.
-
التظاهرات منفلتة.[19]
-
المتظاهرون بضع عشرات. ويتهمهم بأنهم أتباع داعش
وينفذون مشاريعه.[20]
ثانياً. الموقف من سوريا
-
رئيس الوزراء العراقي: لم يبق أمامنا إلا الأمم
المتحدة بعد أن أصبح السوريون يريدون إعادة حزب البعث الى الحكم. دعا رئيس الوزراء
العراقي نوري المالكي الاثنين الامم المتحدة الى تقديم المساعدة اللازمة لوقف
"التدخل الاقليمي" في شؤون العراق، متهما سوريا بدعم منفذي التفجيرات
الاخيرة التي استهدفت العاصمة العراقية.[21]
-
وتدعم حكومة نوري المالكي في العراق نظام بشار الأسد،
وهددت باندلاع حرب طائفية في حال سقوطه. وكان المالكي قد حذّر الاربعاء من أن
انتصار المعارضة في سوريا سيذكي حروبا طائفية في العراق ولبنان ويخلق ملاذاً جديدا
لتنظيم "القاعدة". وأضاف المالكي أن "أيا من طرفي النزاع في سوريا
لن يتمكن من الإجهاز على الآخر"، محذرا من أنه "إذا انتصرت المعارضة
(على نظام الأسد)، فستندلع حرب أهلية في لبنان، وتحدث انقسامات في الأردن، وستشتعل
حرب طائفية في العراق".[22]وقالت
مصادر إعلامية مطلعة في بغداد إن مخاوف المالكي من اندلاع حرب "طائفية"
في العراق تندرج في سياق الخشية من حصول انقلاب على حكومته بالتزامن مع سقوط نظام
الأسد.
-
أكد وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري بعد
لقاء عقده في دمشق مع الرئيس السوري بشار الأسد ووزير خارجيته وليد المعلم، على
وجود تنسيق بين البلدين في الحرب ضد الإرهاب.[23]
-
الجعفري الذي أكد رفض العراق المس بالحشد الشعبي
وسائر حركات المقاومة قال “إن الحشد الشعبي وحزب الله حفظا كرامة العرب، مضيفاً أن
“من يتهمهما بالإرهاب إرهابي”. ووصف الجعفري الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر
الله بأنه كان “بطلاً عربياً مدافعاً عن القيم والمبادئ”.[24]
والمضحك في هذا الأمر إن هذه الفئة من الذين مارسوا
السياسة، يعارضون حزب البعث في العراق، ويتهمون أي معارض بالبعثية، في الوقت الذي
يرسلون شبابهم للقتال دفاعاً عن حزب البعث في سوريا. والانكى من ذلك، فقد شهدنا
الكثيرين ممن كانوا بعثيين كبار وقد أبدلوا جلودهم فغدوا إسلاميين، وأخذوا يتهمون
الآخرين بالانتماء للبعث.
ثالثاً. الموقف من دول الخليج
-
"السعودية منبع الإرهاب ولابد من وضعها تحت
الوصاية الدولية". هكذا طالب نوري المالكي -رئيس الوزراء العراقي السابق- في
تصريحات إعلامية اليوم، موضحًا أن الحل الوحيد للسيطرة علی السعودية هو وضعها تحت الوصاية
الدولية للحد من نشاطاتها الإرهابية". وأضاف "المالكي" أن الأمريكيين
قرأوا تطورات المنطقة بشكل خاطئ، فقد كانوا يعتقدون أن سوربا ستسقط خلال شهر أو
شهرین، وحينما كنت رئيسًا للوزراء حذرتهم وقلت لهم لن تستطيعوا". [25]
-
وزير الخارجية العراقي يشن في كلمة أمام جامعة الدول
العربية هجوماً على الدول التي تصنف حركات المقاومة كمنظمات “إرهابية”. ويقول إن
من يفعل ذلك هو الذي يدعم الإرهاب ويتبناه. مواقف الجعفري دفعت بالوفد السعودي إلى
الانسحاب وفق مصادر الميادين.
من على منبر جامعة
الدول العربية شن رئيس الوزراء العراقي ابراهيم الجعفري هجوماً على الدول التي
تصنف حركات المقاومة “إرهاباً”. وقال الجعفري في كلمته “إن من يتهم الحشد الشعبي
وحركات المقاومة وحزب الله بالإرهاب هو الذي يدعم الإرهاب ويتبناه”.
-
وكان وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري قد أكد
-عقب لقائه بنظيره السعودي الجبير على هامش اجتماع التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة
أمس في واشنطن- عزم الرياض شطب الديون المترتبة على العراق للمملكة -والمقدرة
بحوالي ثلاثين مليار دولار- وفتح خط جوي بين البلدين.
نفت وزارة الخارجية
السعودية أمس الخميس صحة ما نشرته وزارة الخارجية العراقية عن نية المملكة إسقاط
ديونها عن العراق.[26]
رابعاً. الموقف من الحكم المدني
إن واحدة من أكثر المواقف الراهنة تقلباً وتلوناً
ونفاقاً في السياسة الداخلية العراقية اليوم هو موقف السياسيين العراق واحزابهم
وكتلهم التي طالتها إتهامات خطيرة بالفساد وتدمير العراق طيلة 14 عاما، هو موقفهم
الداعي للأخذ بنظام الحكم المدني بعد ترسيخهم لنظام الإسلام السياسي وللطائفية في
العراق.
وقد ناضل العراقيون منذ مارس 2011 وبشكل مظاهرات
إسبوعية للمطالبة بالحكم المدني تحت شعار شعبي بليغ هو (باسم الدين باكونا
الحرامية) أي "تحت غطاء الدين سرقونا اللصوص".
إلا إن السياسيين الذين دخلوا العراق بعد سنوات
لجوء طويلة مليئة بالحرمان والذّل والتفكك الأسري والارتباط بدول أجنبية، قد سرقوا
من الجماهير نضالهم وفلسفتهم في إقامة حكم مدني في العراق، بقصد البقاء في الحكم، لإكمال
المهمة الموكلة إليهم في تدمير العراق والأنتقام من شعبه الأبي. وسنجمع مواقف
أولئك السياسيين وأحزابهم المطالبة نفاقا بإقامة الحكم المدني في العراق بعد 14
عاما من الفساد المنظّم والمشهود بتقارير دولية.
-
وكانت المرجعية الشيعية العليا من أوائل المنادين
بالحكم المدني بعد أكثر من عشر سنوات من الحكم الأصولي الديني للإسلام السياسي
الشيعي تحديدا.
"وإنّ
تبنّي السيّد السيستاني مفهوم "الدولة المدنيّة" حاز الكثير من الجدل،
فهو لم يأت كمحاولة لتخفيف الأصوليّة الدينيّة، ولم يكن محاولة ذات أبعاد تتعلّق
بنصرة طائفة على حساب أخرى، بل يستند إلى إيمان عميق، بأنّ الدين لا يمكن ممارسته
بحريّة وبأمن وخارج الصراع السياسيّ، من دون إطار مدنيّ للدولة يحمي تنوّعها،
ويعزّز فرص التنوّع فيها. بل إنّ حماية التنوّع الدينيّ والمذهبيّ والثقافيّ،
والدفاع عن الاختلاف كوسيلة لقاء وتفاعل لا افتراق، سواء أكان في العراق أم في
المنطقة، كانا على الدوام من متبنيّات السيستاني.
وإنّ جوهر رؤية
السيستاني حول هذه القضيّة، تتعلّق بالعلاقة الحسّاسة بين السياسة والدين،
فالسياسة في نظره هي إطار تنظيميّ للدولة، ولأنّها كذلك يجب أن تحرص على حماية
التنوّع الثقافيّ في المجتمع وتوفير الظروف المناسبة لحريّة الاختيارات الدينيّة،
كشرط لضمان السلم الاجتماعيّ من جهة، وكطريق لممارسة أكثر روحيّة الدين، بعيداً من
الدلالات السياسيّة.[27]
-
لإقناع السيستاني برفض الحكم المدني، التقى نائب
رئيس الجمهورية نوري كامل المالكي، مساء الجمعة، المرجع الديني محمد إسحاق الفياض،
في مقر إقامته بالنجف، ليناقشا التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية، إضافة إلى
ماذا ينتظر العراق في حال تم تأجيل الانتخابات المقبلة. وأضاف المصدر أن
"لقاء المالكي بالفياض هو للحفاظ على الحكم الإسلامي في العراق وإقناع
المرجعية برفض المشروع المدني المطروح في الساحة".[28]
-
قال عمار الحكيم، رئيس “المجلس الأعلى الإسلامي
العراقي”، (أحد أقطاب التحالف الوطني الشيعي)، مساء اليوم السبت، إن المجتمع
العراقي “سئم المذهبية واقتنع بأن مصلحته تكمن في المواطنة”. جاء ذلك في بيان
لوزارة الخارجية المصرية، حصلت الأناضول على نسخة منه، صدر عقب لقاء الحكيم ووزير
الخارجية المصري، سامح شكري، في العاصمة بغداد الذي يزورها الأخيرة لمدة يوم واحد.[29]
خامساً.
الموقف من سقوط المنارة الحدباء في الموصل
منارة جامع النوري المعروفة
بالحدباء في محافظة الموصل، هي منارة أثرية يعود تاريخ بناءها الى عام 568هـ/ 1172م
في العهد الزنكي. وكان قد ظهر زعيم تنظيم «داعش» الملقب أبو بكر البغدادي وخطب
الجمعة في الجامع يوم 6 رمضان 1435 هـ / 4 تموز 2014 م. وفي يوم 25 رمضان 1438 هـ
21 يونيو 2017 م دُمر مسجد النوري ومنارته الحدباء، حيث اتهم تنظيم الدولة
الإسلامية عبر وكالة أعماق الإخبارية طيران التحالف الدولى بتدمير المسجد
والمنارة، بينما نفى التحالف ذلك.[30]
فيما إتهمت الحكومة العراقية داعش بتفجيرها.
وقد تبادلت
الإتهامات بين حكومة بغداد وتنظيم داعش، وقد خرج أنصار شيعة السلطة للتقليل من
الأهمية التاريخية لتلك المنارة بعبارة واحدة: (انها مجرد أحجار، ولا تساوي شيئا
أمام دماء الشهداء). وردّ عليهم النائب فائق الشيخ علي بتغريده مستغرباً ذلك، قائلا:
يصلي على حجارة، ويتدافع بمكة لتقبيل الحجارة، وأسد بابل وآثار النمرود والأهرامات
التي يزورها حجارة، ويتساءل لماذا تبكون على منارة من حجارة.[31]
وقد تناسى شيعة السلطة وأنصارهم تفجير ضريح العسكريين 2006[32]،
حيث عمت مظاهر الغضب مدن جنوب ووسط العراق وخرج الآلاف من الشيعة في تظاهرات احتجاجية
على تفجير المرقد وخرجت قوات جيش المهدي في مدينة الصدر والسماوة إلى الشوارع وهم
يرتدون الملابس السوداء ويحملون الأعلام والرايات ويرددون هتافات منددة بمن وصفوهم
بالبعثيين والوهابية والنواصب وكذلك بالاحتلال الأمريكي وكان مقتدى الصدر قد دعا
إلى ضبط النفس، وعدم الاعتداء على أي شخص كان، وعدم التعرض لمقدسات الآخرين فيما
قامت جماعات مسلحة مجهولة بإحراق مساجد سنية وهدمها وحدثت أعمال قتل عشوائي في
العاصمة بغداد والمناطق المجاورة لها حيث تم العثور على رفات 47 مدنياً في حفرة
بالقرب من بغداد و أفاد ديوان الوقف السني في العراق ان ما يقرب من 168 مسجداً
سنياً تعرض للهجوم وتم قتل 10 أئمة في المساجد وخطف 15 آخرين في بغداد وافادت جهات
أمنية ان حصيلة أعمال العنف بعد التفجير قد تتجاوز 100 قتيل، وبالقرب من سامراء
قام مسلحون مجهولون بقتل مراسلة قناة العربية أطوار بهجت مع إثنين من المصورين
الذين قصدوا المكان لتغطية الأحداث.
إن هذا التلون السياسي والتقلب في المواقف يسرى على
معظم سياسيي عراق اليوم، مثل مشعان الجبوري والعشرات الاخرين من النواب، كانت لهم
مواقف مناقضة تماما لما هم عليه الان، يصعب على المواطنين فهمها. لا بل رأينا
الكثير من هؤلاء يتنقلون من حزب الى آخر في لمح البصر، وهذا يفسر إنتقال الكثير من
وزراء أياد علاوي الى نوري المالكي للحفاظ على مناصبهم وإمتيازاتهم بمجرد أن
طالبهم علاوي بالإنسحاب من التشكيلة الحكومية.
وهذا ما
حدا بواحد من أفضل أساتذة علم النفس في العراق، ألا وهو الأستاذ الدكتور قاسم حسين
صالح الى التصريح بأن "السياسيون العراقيون مرضى نفسيون" وذهب الى القول:
" إن العقل السياسي في الزعامات العراقية مصاب
بالبرانويا التي تعني بمصطلحاتنا إسلوبا او شكلا مضطربا من التفكير يسيطر عليه نوع
شديد وغير منطقي ودائم من الشك وعدم الثقة بالآخر، ونزعة دائمة نحو تفسير أفعال
الآخرين على انها تهديد مقصود".[33]
وردّ عليه
د. مهند الحسيني بمقال أكثر صراحة وتوضيحا، جاء فيه: "يجب ان نعرف انه ليس
هنالك ما يسمى بسياسيين عراقيين بل مجموعة من الشخصيات المعتلة التي أتى بها
الامريكان وقد ترعرعت وفرخت كرؤوس الشياطين ولا استثني منهم أحداً الا الدكتور
احمد الجلبي رحمه الله الذي مات كمداً ودليل استثنائي لأحمد ان الامريكان لم
يسمحوا له بتسنم اي منصب فيه فائدة للعراق.
في الطب النفسي وعلم النفس هنالك فرق واضح بين من
يعاني من اعتلال الشخصية ومن يعاني من مرض نفسي كالذهان والاكتئاب الذي يٌحدِث
اشكالاً في وظيفة الذهن والتي يٌنظر اليها بأنها خارج إرادة الشخص المريض نفسياً
والذي يقوم بالفعل الخطأ كإيذائه الآخرين او قتلهم. ولهذا السبب فان هؤلاء الأشخاص
وبطبيعة جرائمهم يودعون في مصحات نفسية للعلاج شبيه بمستشفيات السجون.
نرجع الأن الى تعريف المجموعة القرقوزية في المنطقة
الخضراء والتي تم تعريفها بأنها حكومة عراقية ويتألف أعضاءها من سياسيين ووزراء ودبلوماسيين.
هذه المجموعة من الشخصيات السياسية الطارئة تستحق
تشخيص (اعتلال الشخصية او اضطراب الشخصية) وهذا يعني انها مزيج من شخصيات ورثت
جينات من شخصيات مضطربة او اكتسبت علل نفسية من خلال المعاناة الحياتية كالتشرد
والحرمان والاضطهاد وبعدها الحصول على السلطة مجاناً.
معظم اعراض هذه الشخصيات المعتلة في الحكومة
العراقية هي عدائية بسبب السلطة والمال وفي الحالات الشديدة تسمى سايكوباثية اي
تنقصها المشاعر والعواطف الانسانية ولا تتردد بالإساءة الى او قتل الآخرين وهنالك
نوعان من الشخصية السايكوباثية هي السالبة (passive psychopath) اي الشخصية الجبانة المجرمة والتي تمثل معظم
الموجودين في الحكومة العراقية.
الجميع يعرف تأريخ هذه الشخصيات التي كانت مهمشة
جبانة مضطهدة وسلبية ولكنها وبصناعة أمريكية إيرانية تمكنت من اكتساب الصفات
العدائية والمجرمة بسبب قوة السلطة والخوف من فقدان السلطة والمثال الحي لهذا هو
نوري المالكي فلقد كان شيعياً مظلوما وغبياً مؤدباً ومغموراً وعندما تمّكن من
السلطة تغير بشكل ساحر وعجيب وأصبح ذئباً مجرماً جباناً".[34]
وهذا المرض لم يقتصر على طائفة معينة كما أسلفنا،
بل تعداها وإنتقلت عدواه الى بقية طوائف أو مكونات الشعب العراقي، وهكذا غدا
الاكراد والسنّة والمسيحيّن وغيرهم. وسنتناول ذلك بشيء من التفصيل.
-
الاكراد
وأهم موقف هو موقفهم
من البقاء ضمن الدولة العراقية أو الأنفصال عنها، حيث شاركوا السلطة مع الأحزاب
القائمة معلنين إختيارهم الطوعي بالبقاء ضمن العراق الفدرالي الموحد، وقد حددوا لاحقا
يوم 25 أيلول 2017 موعدا للاستفتاء على الاستقلال.[35]
كما إن أكراد
العراق، ومنذ عام 1992 فسحوا المجال لأكراد الدول المجاورة وتنظيماتهم السياسية،
ومنها حزب العمال الكردستاني المعروف إختصارا ب(PKK)،
ولكنهم في عام 2016 بدءوا يطالبون برحيلهم من سنجار ومناطق كردية في سوريا، في حين
انهم كانوا يرسلون قواتهم الى المناطق الكردية في سوريا مثل عين العرب (كوباني)
ويَمدونهم بالسلاح.
-
السنة
إن جبهة التوافق الوطني وتضم جماعات سنّية قد دافعت
عن سوريا ابان دعم الاسد عندما أتهم بدعم تنظيم القاعدة وانشاء ممر أمن للإرهابيين،
لكنها انقلبت على بشار بعد ان انقلب الخليج ضدها. إن مثل هذه المواقف تفسر سقوط
العديد من المحافظات السنية بيد التنظيمات الأرهابية نكاية بالحكم الشيعي، ثم
أصبحوا يتشكّون من ظلم تلك التنظيمات.
والواقع إن إهتمام ممثلي السنّة قد إنصب على
إحتفاظهم بالسلطة أو جزء منها أكثر من حفاظهم على مجتمعاتهم ومساهمتهم الحضارية.
ولهذا فقد حصلوا على مناصب مثل نائب رئيس الجمهورية ونائب رئيس الوزراء وعدد من
الوزارات والقاعد البرلمانية مقابل تدمير محافظاتهم ومدنهم وتشريد أهلها وتحطيم
بقايا تراثهم، كما حدث في سقوط الموصل، وتدمير جامعتها ومكتبتها، وأخيرا تفجير
منارتها الشهيرة بالحدباء في 21/6/2017.
-
المسيحيون
من بين أهم القضايا
التي شهدت عدم ثبات موقف المسيحيّن العراقيين، هي:
-
إشكالية التسمية
واحدة من أهم
المسائل التي شهدت تقلبا كبيرا. ففي عام 1970 إرتضى مسيحيو العراق بتسمية
(الناطقين بالسريانية) وفقا للقانون. وفي 1992 إتخذ الكثيرين تسمية (الأشوريين)
بعد ظهور الحركة الديمقراطية الاشورية في المنطقة الأمنة شمال العراق، ثم إتخذ
البعض منهم عام 2002 تسمية (الكلدان) بعد تأسيس المركز الثقافي الكلداني، وضمن هذا
السياق نشأت أحزاب وتنظيمات كلدانية مثل حزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني،
والرابطة الكلدانية، وكانت قد ظهرت تسمية توفيقية عام 2005 تجمع كل التسميات فظهر المجلس
الشعبي الكلداني-السرياني-الاشوري، وأخيرا يسعى معظمهم الى إعتماد تسمية (المكون
المسيحي).[36] والواقع،
إن من كانوا يعدون أنفسهم أشوريين تحولوا الى الكلدان عند إنشاء تنظيمات كلدانية،
وهم اليوم من أكثر المدافعين عن المصطلح الجديد.
-
مشاركة الكنيسة في السياسة
(لا يمكن لمؤسسة كنسية بحجم الكنيسة
الكلدانية ومسؤوليتها ان تزج نفسها في العمل القومي والسياسي على حساب رسالتها
هذان المجالان من اختصاص العلمانيين).[37]
لاحقا، "وأعتبر البطريرك الكلداني وجود
خمسة فصائل مسلحة مسيحية، ثلاثة منها ضمن الحشد الشعبي وواحد تحت لواء حزب البارتي وأخر
مع الاتحاد الوطني الكردستاني دليل على أنشطار الموقف المسيحي في العراق ولا وجود
لمرجعية سياسية حقيقية تمثله مما دفع بالكنيسة لسد هذا الفراغ".[38]
ويثور
التساؤل ما الذي يدفع المرء الى التقلب في مواقفه؟
أسلفنا
القول الى إن المصلحة الشخصية والأنية هي الأساس الذي تدفع أي شخص أو جهة للتقلب.
ويضاف الى هذا العامل الأساس، عامل أخر هو ضغط الدول وتدخلها في شؤون العراق،
ودفعها بإتجاه معين. خاصة وإن سفراء الدول الأجنبية تلتقي بالكثير من المواطنين
وتوجههم كما تريد، وتنفق عليهم لتحقيق ذلك الغرض. وقد مارست أحزاب لسلطة نفس
الأسلوب، فشجعت أخرين على إنشاء أحزاب هزيلة لمصلحة معينة. كما تعقد المؤتمرات
الدولية لغرض دعم جماعة ضد أخرى.
وقبل
قرن قال السياسي البريطاني تشرشل: إذا مات العرب تموت الخيانة.
خلاصة وإستنتاجات:
يجب إدراك إن التخلف سلاح ذو حدين، وإن التخريب
والفوضى مهما بدت ممتعة ومفيدة للوهلة الاولى إلا إن نتائجها كارثية لاحقا. وهذا
يشبه حال الطلبة عندما يتغيب الأستاذ، فإن فرحتهم المؤقتة سترتد عليهم حزنا لاحقاً
للخسارة.
إن طبقة المتقلبين التي تظهر بوضوح وتنتشر بسرعة
كما في مثال الطلبة في أعلاه، إنما هي السبب في إشاعة الفوضى وإفتقاد النظرة
العقلية الصحيحة والراسخة.
وكما أسلفنا فإن الثبات والاستقرار هو عماد المجتمع
ونعمة الصحة فيه، وبضياع ذلك الاستقرار يدل أي بلد أو مجتمع في دوامة الفوضى
والعنف والضياع. ومن أعراض حالة عدم الاستقرار، هي: -
1.
فقدان الأمن.
2.
إنتشار الفساد.
3.
تقويض الديمقراطية.
4.
فقدان سيادة القانون.
5.
إنتهاك حقوق الانسان.
6.
عدم حماية الأقليات.
7.
ظهور اللأجئين والنازحين.
8.
ضرب الكفاءات وإقصاءها.
9.
تعرض التنمية للخطر.
10.إنهيار مؤسسات
الدولة.
إن الثبات ضرورة كبيرة للعراق على الأقل في الوقت
الحاضر لحين وضع الأسس الصحيحة للدولة والمجتمع. وهذا يتطلب تغيير إسلوب المجتمع
وتوعيته لما هو أفضل على المدى البعيد. وقد صدق ما ذهب اليه الشاعر السوري أدونيس
الى إن المسلمون لم يقدموا شيء للحضارة لأنهم ركزوا على تغيير السلطة لا تغيير
المجتمع. يجب أن نواجه ذواتنا وأن ننتقد أخطاءنا واخطاء اجدادنا، وان نفصل بين
زماننا وزمانهم. وأن نرتقي بفلسفة جديدة تستند لبناء المجتمعات والانسان لا أن
نستنسخ الماضي وندور في فلكه كثور الطاحونة.
إن واحدة من أكثر العوامل المسببة للتقلب لدى
المجتمعات هو السلطة. فالسلطة الضعيفة تكون دائما متقلبة وغير ثابتة في مواقفها،
وهي عامل أساسي لقلب المجتمع وعدم ثباته وإستقراره، كما إن عدم إعطاء الأفراد
حقوقهم يدفعهم الى التحرك كخلية منفلقة لا تعرف أين تتوجه. وبالمقابل، فإن السلطة
القوية تعطي إستقرارا للمجتمع وأفراده، لأنها تحدد لهم توجهاتهم. ويمكن الاستشهاد
بإستقرار المجتمعات الإسلامية في عصورها الأولى -رغم استخدامها القوة- بحيث جعلت
المواطنة على بينة من أمره، فإما أن يكون مسلماً أو يكون من أهل الذمة ويدفع
الجزية. وكذلك الأمر في زمن حكم حزب البعث في العراق، حيث كان على العراقي إما أن
يصبح بعثياً أو أن يبقى مستقلاً وبذلك يخسر الأمتيازات التي تمنح للفئة الأولى.
لذلك رأينا إن البعثيون كانوا أول من إنتقل الى الحكم الإسلامي رغم التعارض
الأيديولوجي بين أفكاره السابقة واللاحقة.[39]
وبقي المستقلون ثابتون في مواقفهم في النظامين المتعارضين. وهذا ما جعل الكثيرين
من العراقيين الى إختصار هذا التقلب بعبارة: (كل ما شهده العراق هو تغير صيغة نداء
المسؤولين من رفيقي الى مولاي).
إن مسألة الثبات في المواقف شبيه الى حد كبير تمسك
المرأة بشرفها، وبالتالي إن هذا الموقف يسبب لها خسارة الاستمتاع الذي تحصل عليه
الأخريات من غير المتمسكات بشرفهن. وإن كل ما تحصل عليه الشريفة هو الاحترام
والتقدير المعنوي. وقد ثمنتها الأديان بقولها: اِمْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ مَنْ
يَجِدُهَا؟ لأَنَّ ثَمَنَهَا يَفُوقُ اللآلِئَ.[40]
من المؤكد إن الظروف التي مرّ ويمر بها العراق منذ
1980، والحروب التي خاضها هي ظروف قاسية جداً، وجاء الفساد ليكمل الخراب، ولكن
علينا أن نتذكر إن الدول لا تبنى بالأمنيات، بل بالتضحيات والعلم.
د. رياض السندي
22 حزيران 2017
[1]
فريد وردة، أحذروا؟ الوصولي ألانتهازي المتلون، موقع عنكاوا في
01/03/2013.
[3] أنجيل متى، 24:6.
[4] العهد الجديد، رسالة يعقوب
8:1.
[5] دنتسنغر-هونرمان، الكنيسة
الكاثوليكية في وثائقها، ج1، ترجمة المطران يوحنا منصور والأب حنا الفاخوري، ط1،
بيروت 2001، ص98.
[11]
أ.د. كامل جاسم المراياتي، تأثير البيئة في تنميط السلوك، جريدة
الصباح 02/3/2014.
[12] د. إبراهيم الحيدري،
الشخصية العراقية، الجزء الأول-البحث عن هوية، ط1، بيروت 2013، ص67.
[13] محمد جمال سلامة، نقلا عن
صفحة الدكتور فيصل القاسم على الفيسبوك، في 26 مايس 2017.
[14]
د. واصل جميل المومني، المتلونون، وقدرتهم على التلون. موقع
السوسنة في 19/11/2009.
[16] العبادي يدعو
إلى التركيز على معارك الفلوجة وتأجيل التظاهرات، موقع ميدل ايست
أونلاين، 2016-05-26.
[17] العامري من ارض
المعركة: لن اشارك في المظاهرات بسبب الانشغال في معارك الانبار، موقع قناة الغدير الفضائية، في 7 أغسطس 2015.
[18] الجبوري:
البرلمان سيأخذ بنظر الاعتبار جميع المطالب المشروعة للمتظاهرين، موقع الجورنال
نيوز، فبراير 11, 2017.
[20] بالفيديو..عمار الحكيم:
المتظاهرون بضع عشرات..ويتهمهم بأنهم أتباع #داعش وينفذون مشاريعه، موقع أزاميل، 2015-08-09.
[21] المالكي يطالب
بمحكمة دولية لوقف 'التدخل الإقليمي' في العراق، موقع ميدل
ايست أونلاين، 2009-11-03.
[24] العراق: من يتهم
حركات المقاومة بالإرهاب يدعم الإرهاب ويتبناه، موقع مرآة الجزيرة، مارس
12, 2016.
[29]
“عمار الحكيم”: المجتمع العراقي سئم المذهبية واقتنع بأن مصلحته تكمن بالمواطنة،
موقع شبابيك، في يوليو 2, 2016.
[32] قام مجموعة
أرهابيون في صباح يوم الأربعاء 22 فبراير 2006 باقتحام المرقد وتقييد أفراد شرطة
الحماية الخمسة وقاموا بزرع عبوتين ناسفتين تحت قبة الضريح وفجروها بعد ذلك مما
أدى إلى انهيار القبة الخاصة بالضريح التي تعتبر واحدة من أكبر قباب العالم الإسلامي، ويكبيديا- الموسوعة الحرة.
[34] د. مهند الحسيني، رداً على مقال السياسيون العراقيون مرضى نفسيون، الحوار المتمدن-العدد: 5012 - 2015 /
12 / 13.
[36] نداء الى المكون
المسيحي في العراق، موقع البطريركية الكلدانية في 15 ديسمبر 2016. http://saint-adday.com/?p=15524
[37] البطريرك ساكو ينذر
بطرد الكهنة الداعين إلى الدولة الكلدانية، بابا الفاتيكان يدعو إلى فصل السياسة عن
المسيحية وانشقاق في كنائس العراق صحيفة الزمان في 22/5/2013.البطريرك ساكو يكتب: جدل
الكنيسة والسياسة والموقف المبدئي، موقع أبونا الإلكتروني في 2016/03/17.
[38] البطريرك لويس ساكو
يترأس ندوة تعريفية عن الرابطة الكلدانية في بغداد، موقع عنكاوا كوم في
10/05/2015.
[39] د. رياض السندي، تهنئة
للانتهازيين، موقع
بوابة العرب، في 09-04-2016. http://www.albawabhnews.com/1871113
[40] سفر الأمثال 10:31.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
الحمير وكلاء الله
الحمير وكلاء الله أنا أقول دوماً ان فكرة الله هي افتراضية يفترضها البشر باعتبار ان هناك خالق لهذا الكون، اعتمادا على مبدأ ان لكل شيء سبب، ...

-
الدكتور رياض السندي رياض يلدا أوشانا بساوة السندي، ولد في مدينة الموصل – مركز محافظة نينوى في شمال العراق عام 1957. يقيم في مدينة ...
-
نظام (نَاطِر كُرسِيَّا) للوراثة البطريركية الشرقية (1318-1976) Natter-Ku...
-
قناة د. رياض السندي على اليوتيوب بعنوان: رؤية عراقية أرجو الاشتراك في القناة والضغط على زر الجرس والإعجاب. https://youtube.com/@riadhsind...