الأربعاء، 30 أكتوبر 2019

أسباب الإنهيار السريع للسلطة في العراق


 

أسباب الإنهيار السريع للسلطة في العراق 


د. رياض السندي

دكتوراه في القانون الدولي


كان لانهيار القيادة العسكرية المدوي والتدهور الأمني الخطير وسقوط ثاني أكبر مدن العراق (مدينة الموصل التاريخية ليلة 10 حزيران 2014 أسباب عميقة غائرة في المجتمع العراقي تولدت بعد 11 سنة من سقوط بغداد في 9 نيسان 2003. وقد حاول المخلصون والوطنيون من أبناء العراق السعي جاهدين لإنقاذ البلد من هذا السقوط المخزي إلا إن كل تلك المحاولات باءت بالفشل. ونحاول هاهنا استخلاص القسم الأكبر من أسباب هذا الانهيار، كما شخّصناها منذ البداية وحتى هذه اللحظة، مع عدم غمط حقوق الأخرين في تحليلاتهم وتشخيصهم لمواطن الخلل والضعف في بنية الدولة العراقية بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003 وهي: -




1.     طبقة سياسية قادمة من الخارج وغير منسجمة: إن معظم سياسي العراق اليوم كانوا من العراقيين الذين غادروا العراق لأسباب مختلفة ومنذ فترة طويلة تجاوزت 27 سنة للكثير منهم، ومن البديهي أن معظمهم قد فقد أوراقه الثبوتية الشخصية (كهوية الأحوال المدنية أو وثيقة الجنسية العراقية) بل أن الكثير منهم قد تخلى عنها واكتسب جنسية دولة أخرى، وهكذا كانت هذه الطبقة هي مجموعة من الأجانب والذي فقدوا انتمائهم للعراق وولائهم لبلدهم الأصلي والغالب الأعم منهم لا يجيد حتى العربية وكذلك أولادهم. كما أن ظروف اللجوء المهينة لدى معظم الدولة المستقبلة لهم قد أرضعتهم حقدا على العراق وشعبه لم يتمكنوا من التخلص منه حتى الآن. وكانت اقوى تلك المجموعات هي (مجموعة إيران) وجميعهم من التيارات الإسلامية المتشددة، ثم (مجموعة الولايات المتحدة) وجميعهم من العلمانيين المتطرفين. وقد افتقدت هذه الطبقة للانسجام المطلوب لإدارة الدولة، وغدت كل مجموعة تعمل وفق أولوياتها الخاصة وتسعى لعرقلة مشاريع المجموعات الأخرى، وتعامل الجميع مع الوطن ككعكة يجري اقتسامها ويحاول كل طرف الحصول على قطعة أكبر متناسين أن الاقتسام يقود إلى ضياع الدولة. وهكذا وجدنا الوزراء يعملون ضد رئيس الوزراء، والعكس صحيح.  



2.     قلة الكفاءة: ارتباطا بالسبب السابق، فان معظم هؤلاء لم يتلقى تعليما متقدما، لان ظروف اللجوء القاسية والانشغال بأسباب العيش قد منعتهم من التحصيل الدراسي. وتعويضا عن ذلك فقد حصلوا على شهادات دراسية جامعية مزورة أو بالمراسلة والكثير منهم بدرجات علمية متقدمة (كالماجستير والدكتوراه) وفي اختصاصات مختلفة. لذا فقد اعتبر العراق في مقدمة الدول التي وجد فيها شهادات مزورة جهات متخصصة محايدة بان هناك (9627) شهادة مزورة بحسب وزارة التعليم العالي العراقية في حين قدرتها مصادر غير رسمية ب 30 ألف شهادة، وهذا أزاح الكفاءات السابقة وساهم في انهيار الإدارة.  وهذا بحد ذاته قد يشكل سببا لسقوط أية دولة مهما بلغت قوتها. وهكذا تجد اختصاصات في غير محلها، وعلى سبيل المثال فمعظم سفراء العراق من اختصاصات بعيدة عن السياسة الخارجية، مثل الفيزياء النووية والطب وعلوم الحاسبات، في حين ظل حملة اختصاص العلوم السياسية ابعد الناس عن السلك الدبلوماسي. وهكذا غاب عنصر التكنوقراط طيلة هذه الفترة.



3.     أولويات شخصية: نظرا لان جميعهم لم يكن يتوقع أن يصل إلى هذا المنصب. فان أول ما يفعله هو الحفاظ على منصبه وتوفير الحماية له، لاسيما وان جميعهم قد انقطعت صلاته العائلية والاجتماعية والعشائرية في المجتمع العراقي. لذا فقد ابتكر الأمريكان لهم منطقة القصور الرئاسية السابقة لصدام حسين وسميت مجافاة للحقيقة ب (المنطقة الخضراء) ضمت الأمريكان أولا واتباعهم من هؤلاء. وبقت هذه الطبقة السياسية معزولة عن الشعب العراقي حتى الآن، لذا لم يستطع أي سياسي أي ينزل إلى الشارع ويلتقي بعامة الشعب. وبعد ذلك يبدا العمل بالأولويات الشخصية مثل تحقيق ثروة طائلة تعويضا عن حرمان سنوات اللجوء العجاف، ثم الانتقام من خصوم الأمس، ثم ضمان وسيلة للحصانة من هذه الخروقات سواء أكانت قانونية كالحصانة الدبلوماسية، أو حصانة سياسية من خلال التمسك بجنسية دولة أجنبية لضمان طريق هروب آمن في أصعب الأحوال.



4.     دستور ملغوم: جرى إعداد الدستور العراقي الجديد على عجل، ورغم كثرة المناقشات والمقترحات والاجتماعات حول هذا الدستور إلا أن العراقيين كانوا في واد والأمريكان في واد أخر. لا بل أن الأمريكيين كانوا غير ابهين لكل تلك المناقشات والمقترحات والمشاريع المقدمة, لانهم كانوا قد كلفوا أستاذا جامعيا أمريكيا هو ( نوح فيلدمان ) فهو من مواليد 1970 في بوسطن – ولاية ماساشوستس من عائلة يهودية متزمتة خريج كلية يال للحقوق، أستاذ القانون في مدرسة هارفرد للقانون (كلية) , ومتخصص في الفكر الإسلامي ومهتم بالتشابك والتداخل بين الدين والسياسة ويجيد العبرية والعربية والفرنسية إلى جانب الإنكليزية وله كتاب سقوط وقيام الدولة الإسلامية عام 2008 وهذا ما عكسه في دستور العراق عام 2005، حيث وضع خلطة قانونية معقدة . قلنا منذ البداية أثناء احدى المناقشات الدستورية صيف عام 2004 بان هذا المشروع مليء بالألغام التي ستنفجر في المستقبل، وهذا ما أعلنه رئيس الوزراء المالكي عام 2012. وما زالت المشاكل القانونية التي يثيرها هذا الدستور مستمرة ومنها فدرالية الأقاليم في العراق (علما إن العراق كله أصغر من مساحة أية ولاية أمريكية)، وكذلك مسالة تقاسم الثروات الطبيعية وفي مقدمتها النفط والغاز بين المركز والإقليم والمحافظات. وكذلك مسالة توزيع السلطات والصلاحيات، وغيرها.



5.     تغييب الجيش العقائدي: من المعلوم إن لكل دولة جيشها الخاص، وهو سور الوطن ضد أي تهديد خارجي. وتكمن فائدة الخدمة العسكرية الإلزامية (خدمة العلم) في توحيد الشعب، حيث يجمع الجيش كل طوائف الشعب ومكوناته القومية والدينية والمذهبية ومن مختلف مناطق البلاد ليصهرها في بودقة واحدة هي الولاء للوطن، مما يولد روح الوحدة والجماعة داخل المؤسسة العسكرية. وقد جاء القرار الأمريكي الذي اتخذه الحاكم المدني في العراق (بول بريمر) بحل الجيش العراقي بتداعيات كارثية. فقد بقيت دولة العراق بلا جيش. فهل يعقل اليوم أن تقوم دولة مهما كانت صغيرة دون جيش. وهذا الأمر كان مقصودا لضمان عدم إنقاذ العراق من الاحتلال والانهيار وهذا ما لمسناه في تجربة مصر عام 2013. لان الجيش هو ذراع الدولة وسندها وسور الوطن. فأصبح العراق بلا ذراع كالمعاق، بلا سور، وغدا الشعب بلا سند. وهذا ما فسح المجال لاجتياز حدود العراق من أي شخص سواء كان إرهابي أو حتى صحفي. فأصبح العراق ساحة مفتوحة لكل الإرهابيين ومخابرات الدول. وقد روى لي شخصيا أحد أعضاء البرلمان العراقي عام 2012 بان على ارض العراق تعمل مخابرات 44 دولة أخرهم هي جيبوتي. وقد لعبت إيران دورا كبيرا في الانتقام من جيش العراق نظرا للحرب العراقية – الإيرانية (1980 – 1988) فقتل القسم منهم وهرب الأخر إلى دول الجوار. وتم الاستعاضة عن جيش العراق القوي الذي اعتبر في حينه (خامس جيش في العالم) بجيش من حديثي السن وغير الموالين للعراق والطامعين في المناصب والامتيازات والرواتب ومنحت الرتب العسكرية اعتباطا. وجرى تسليحه من جديد بعد أن نهبت مخازن السلاح ودمَر معظمه. فاستشرى الفساد بشكل طافح في عقود التسليح ومنها صفقة الأسلحة الروسية السيئة الصيت. وهكذا ضاعت مليارات الدولارات من أموال العراق. ومن البديهي إن جيش بلا عقيدة لا يستطيع المقاومة والصمود. وهذا ما عجل الانهيار المريع في قيادة عمليات نينوى في ساعة واحدة. وبعد 11 سنة، ظهر بريمر في لقاء تلفزيوني على قناة الجزيرة بتاريخ 24/6/2014 يبدي اعتذاره واسفه لذلك القرار، ويتساءل ماذا يجب عليه أن يفعل الآن، هل ينتحر على طريقة الساموراي.



6.     سوء الإدارة المدنية ومشكلة (استنساخ المجتمعات): لقد عدّ استنساخ النعجة دوللي معجزة علمية توصلت لها البشرية في القرن العشرين. إلاّ إن العراق قد شهد استنساخا للمجتمعات أيضا. فعندما احتل البريطانيون العراق عام 1917، أقاموا نظاما ملكيا مستنسخا عن النظام الملكي البريطاني عام 1921. وعندما احتل الأمريكيون العراق عام 2003، أقاموا نظاما فدراليا مستنسخا عن النظام الفدرالي الأمريكي عام 2005، وهكذا بقية الإدارات فظهرت مفاهيم جديدة في الإدارة العراقية يصعب استيعابها كإدارة الأقاليم والحكومات المحلية والوزارات المختلفة ومبدأ كل جزء من الدولة يشعر بانه مستقل تماما عن المركز حتى في الجيش والميزانية وتقاسم الثروات الطبيعية...الخ. لذا كانت مشكلة تصدير النفط العراقي سببا للتنازع بين المركز وإقليم كردستان العراق وكذلك بقية المحافظات.



7.     تقسيم المجتمع إلى مؤمنين وكفار: إن واحدة من أخطر ممارسات الإسلام السياسي هي تقسيم المجتمع إلى فئتين متناقضتين هما المؤمنين والكفار. وهذا ما قاد إلى ملاحقة العناصر السابقة والمنتقدة للوضع السياسي وأدى إلى امتلاء السجون (31 ألف سجين) العدد الرسمي لوزارة العدل العراقية، في حين إن المعارضة تقول إن الرقم الحقيقي هو (42 ألف سجين). وهذا الرقم الضخم في الإحصاء العالمي جعل من العراق البلد رقم 11 في قائمة سجناء العالم من بين 178 دولة. وقد ظل معظمهم في الحجز لفترات طويلة امتدت إلى 9 سنوات للبعض منهم، اتهم معظمهم بالإرهاب. وأثناء عملي كمسؤول لملف حقوق الإنسان في بعثة العراق لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف قد اطلعت على حالة غريبة لشاب ألقي القبض عليه في الشارع أثناء سقوط بغداد في نيسان 2003 لعدم حمله الهوية الشخصية وكان قد أمضى سبع سنوات في السجن، وقد تعذر عليه الاتصال بأهله نظرا لانتقال أهله إلى مكان أخر ضمن موجة النزوح الداخلي، ولعدم وجود هاتف محمول في العراق آنذاك، وكان كل ما يعرفه عنهم هو عنوان السكن ورقم الهاتف الأرضي المعطل. ومن المؤكد إن أمثال هؤلاء هم مادة خام قابلة للاشتعال عند حدوث أي اضطراب أمني. ومن البديهي أن تضيع هنا المجموعات الضعيفة كالأقليات، وهذا ما بدا واضحا للعيان الآن.



8.     فقدان الشعور بالمواطنة وشيوع الانتماء الطائفي: من المعروف إن القسم الأكبر من المعارضة العراقية لنظام صدام حسين كانت من الطائفة الشيعية التي استخدمتها إيران وأمريكا وبريطانيا لأسقاط ذلك النظام. وقد شجعت الدوائر السياسية الأمريكية على إبراز مظلوميتهم، فأصدر أحد المختصين الأمريكيين وهو غراهام فوللر بالاشتراك مع شيعية أمريكية من أصل عراقي هي رند رحيم فرانكي كتابا باللغة الإنكليزية بعنوان (The Arab Shi’a: the forgotten Muslims). وهكذا فقد استطاع الأمريكان أن يعيدوا العراق إلى صراعات (سقيفة بني ساعدة) لعام 632 م. وشعر الشيعة بان فترة إنصافهم قد حلت وبان الوقت قد حان للأخذ بثأر (الحسين)، فانطلقوا يبحثون عن (يزيد)، وبدأوا يتصرفون على هذا الأساس، مما قاد إلى شيوع الانتماء الطائفي وانعدام المواطنة. وباحتلال العراق عينت رند رحيم سفيرة للعراق لدى واشنطن في تشرين الثاني 2003. إلا أن السلطات الأمريكية قد خيرتها بين الاحتفاظ بمنصبها كسفيرة للعراق أو الاحتفاظ بجنسيتها الأمريكية، ففضلت الخيار الأخير وتركت المنصب في أب 2004 بعد تسعة أشهر فقط. وقد قاد التمسك الطائفي إلى أن يحل مفهوم (المكونات) بدل مفهوم الشعب الموحد.



9.     فقدان المساءلة القانونية والتطبيق الأحادي الجانب للقانون: أن تمتع غالبية السياسيين بجنسيات أجنبية قد وفّر لهم حصانة من المسؤولية القانونية، وتمكن الكثير منهم من مغادرة البلاد رغم اتهامهم بجرائم مختلفة كالقتل والاختلاس والسرقة. وجريا على التقسيمات السابقة، فقد غدا تطبيق القانون على المعارضين للنظام الجديد، وانحصر الاتهام الموجه ضدهم ب (الانتماء للبعث) أو (الإرهاب). وبالطبع جرى تزكية الشيعة وتنزيههم من ذلك، بعد التحاقهم بطائفتهم وفقا لتوجيهات المراجع الدينية الشيعية التي أفتت بجواز معاونة الكافر على المسلم الظالم في نيسان 2003. وهذا وجدنا العناصر الشيعية البعثية تتبوأ أعلى المناصب، حتى أن المشرف على رسالة الماجستير لشقيق صدام حسين (سبعاوي) قد عيّن وكيلا لوزارة الخارجية رغم إحالته على التقاعد قبل الاحتلال بسنوات. ورفض تطبيق قانون احتساب فترة ممارسة المحاماة للدبلوماسيين الصادر عن البرلمان العراقي عام 2007 بحجة انه سيمنح درجات عليا للكثير من البعثيين. في حين إن الكثير من أعضاء البرلمان والقادة العسكريين الشيعة كانوا بعثيين في النظام السابق. وما جرى بحق نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي عام 2011 خير مثال على التطبيق الأحادي للقانون.



10.الاستخدام السيء للدين: مازال الدين في العراق يلعب دورا كبيرا وخطيرا في حياة الشعب العراقي. وقد وجد السياسيون ضالتهم فيه، فجرى توجيهه الوجهة التي تخدم مصالحهم. كما أن المؤسسة الدينية قد وجدت مجالا كبيرا للتدخل في السياسة العامة، لذا فالمشهد العراقي ملئ برجال الدين من كل الطوائف وهم يمارسون السياسة بطريقة غير علمية.  فعلى سبيل المثال، زار سفارة العراق في جنيف وفد من البرلمانيين العراقيين، وأثناء الحديث قال أحدهم لي بعد أن عرف بعملي ممثلا للعراق في الأمم المتحدة فقال: يا أستاذ أريد أن تتقدم على جميع الدبلوماسيين في الأمم المتحدة وحتى في إلقاء الكلمة، لأننا نتقدم عليهم إنسانيا والهيا. وشع يشرح قائلا: إنسانياً لان أدم أبو البشرية قد وُلِد في العراق، والهياً، لأن الإمام الغائب المهدي المنتظر سيظهر على ارض العراق. ومن المؤكد إن هذا البرلماني من أصول دينية لا يعلم أسلوب ونظام إلقاء الكلمة والبيانات في الأمم المتحدة، وهكذا الأخرون. وقد رأينا، حتى أثناء الأزمة الأخيرة إن الدين والمؤسسة الدينية تسيّدا الموقف لمعالجة التدهور الأمني، والأخير أخطر من الأول. وقد يقود إلى حرب أهلية لا تبقي ولا تذر.



11.استشراء الفساد: إن ملف الفساد في العراق يدمي القلب، والتقديرات الأولية لحجم الفساد وهدر أموال الدولة والثروة القومية بلغت أرقاما فلكية قدرتها بعض المصادر ب (تريليون وأربعمئة مليار دولار) خلال 11 سنة الماضية. وهكذا فقد سعى الجميع نحو جمع الثروات بأية وسيلة. بدأها الأمريكان بعقود هاليبرتون، وسار على نهجها الأخرون. وقضية الفساد في صفقة الأسلحة الروسية عام 2012، وقضية عقود وزارة الكهرباء بلغت 40 مليار دولار، ومازال وزير الكهرباء هاربا في الولايات المتحدة، وعقود إعادة إعمار وزارة الخارجية عام 2009، ومصاريف القمة العربية عام 2012، وغيرها الكثير الكثير. لا بل إن كاتب هذه السطور كان ضحية كشف أحد عقود الفساد في وزارة الخارجية عام 2013.



تساؤل في غير محله:

وبعد كل هذا التخريب، هل يستغرب الدمار؟ ولماذا يتساءل سياسيو العراق من أين جاء هذا الدمار. إن هذا تساؤل في غير محله، لابل إن قيام دولة وفق هذه الظروف والمعطيات امر شبه مستحيل. فما من دولة تستطيع الوقوف على قدميها في ظل كل هذه العوامل الهدامة. وربما يكون هذا هو القصد الخفي من تحرير العراق.  ومما يدعو للاستغراب إن معظم سياسيي اليوم هم ممن أقام في الخارج وشهدوا حرص تلك الدول ومواطنيها على مصالح دولهم وحفظ أموال بلدانهم حتى لو كانت ضئيلة جدا لابل إن بعضهم يدفعك دفعا لشراء تذكرة باص، في حين تصرفوا في العراق عكس ذلك تماما. فهل هكذا تقام الدول؟ بالتأكيد إن الدول لا تقام بالخيانة والسرقة، بل بالإخلاص والوطنية. وستخبرنا الأيام القادمة بقناعة قالتها العرب قديما فمهما طال زمن الخطأ فلن يصّح إلاّ الصحيح.

د. رياض السندي

دكتوراه في القانون الدولي

جنيف – سويسرا

في 7 آب 2014





   


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحمير وكلاء الله

  الحمير وكلاء الله أنا أقول دوماً ان فكرة الله هي افتراضية يفترضها البشر باعتبار ان هناك خالق لهذا الكون، اعتمادا على مبدأ ان لكل شيء سبب، ...