السفير المٌهرّج
د. رياض السندي
اثار خبر تناقلته وسائل الاعلام يوم 9 / تموز / 2014 حول ابلاغ سفير العراق لدى الأمم المتحدة في نيويورك محمد علي الحكيم في رسالة موجهة للأمين العام بان كي مون بتاريخ 30 / حزيران / 2014 بان حكومة بلاده فقدت السيطرة على منشأة سابقة للأسلحة الكيمياوية لصالح مجموعات مسلحة وانها غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها الدولية لتدمير المواد السامة هناك . وان منشاة المثنى ( 72 شمال غربي بغداد ) قد سقطت في 11 من يونيو / حزيران وان بقايا برنامج سابقة للأسلحة الكيمياوية موجودة في غرفتين محصنتين تحت الأرض هناك ". وان كاميرات المراقبة قد رصدت فجر الثلاثاء 12يونيو / حزيران نهب بعض المعدات وأجهزة المشروع قبل ان يعطل المسلحون نظام المراقبة ، ردود أفعال كبيرة.
وكعادتها فقد سارعت وسائل الاعلام الى تناقل الخبر الذي كان مصدره وكالة رويترز للأنباء يوم الثلاثاء 8 تموز الجاري بان سفير العراق لدى الأمم المتحدة في نيويورك محمد علي الحكيم قد بعث برسالة ( مذكرة رسمية )مؤرخة في 30 حزيران 2014 الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ان منشأة المثنى شمالي بغداد سقطت في 11 يونيو / حزيران بيد المسلحين. وأضاف ان بقايا من برنامج سابق للأسلحة الكيمياوية موجودة في غرفتين محصنتين تحت الأرض هناك . واستنتج السفير المذكور ان الدولة التي يمثلها قد أصبحت عاجزة عن السيطرة على الوضع الأمني حاليا , وان العراق غير قادر على الوفاء بالتزاماته الدولية لتدمير الأسلحة الكيمياوية بسبب تدهور الوضع الأمني، مضيفا ان العراق سيستأنف التزاماته عندما يتحسن الوضع الأمني ولشعبه السيطرة على المنشأة .
وتطور الخبر ليصبح مثل كرة الثلج، وسرى سريان النار في الهشيم , فنقلت صحيفة السفير اللبنانية يوم 9 / تموز ان العراق يؤكد سقوط منشأة كيمياوية سابقة . ونقل تلفزيون ( دويتشه فيله ) الألماني يوم 9 تموز الجاري ان بغداد تؤكد سيطرة " ارهابين" على موقع كيمائي مؤكدة ان المشروع السابق يعود لعهد صدام حسين وعجز الحكومة على تدمير ترسانتها الكيمياوية حاليا. وتبعها موقع سويس انفو في نفس اليوم , ثم قناة الجزيرة القطرية , ثم قناة الشرقية العراقية . وأضافت قناة البي بي سي العربية الى ان المجمع يضم بقايا صواريخ محملة بغاز الاعصاب " السارين " وغيرها من غازات الاعصاب القاتلة .
ثم نقلت لاحقا صحيفة الواشنطن بوست عن وكالة الاسيوشيتد برس في 10 حزيران بان الحكيم قال بان مواد نووية قد تمكن الإرهابيين مع توافر خبرة إضافية أو بإضافتها الى مواد أخرى لاستخدامها بأعمال إرهابية أو تضيع أسلحة دمار شامل . وأضاف بان المواد قد تهرب الى خارج العراق وطلب المساعدة ل "تفادي التهديد باستخدامها من قبل الارهابين داخل العراق او خارجه ". وفي رسالة وزعت الثلاثاء ، قال الحكيم بان مجموعة الدولة الإسلامية قد سيطرت على منشأة سابقة حيث تضم بقايا 2500 صاروخ كيمياوي تعود لعقود خلت مع غاز عامل الاعصاب القاتل السارين كانت مخزونة منذ فترة طويلة مع غيرها من عوامل الحرب الكيمياوية.
ثم نقلت قناة العالم الإيرانية يوم 10 تموز الجاري بان السفير العراقي لدى المنظمة محمد علي الحكيم قال بان " حوالي 40 كيلو غراما من مركبات اليورانيوم كانت موجودة في جامعة الموصل ".
وسرعان ما نقلت كل مواقع الانترنيت المعنية هذا الخبر على علاته , فنشرت شبكة اخبار العراق ان حكومة المالكي في اعلان لها عاجزة عن توفير الامن في العراق . وهكذا جرى موقع واي نيوز، وحتى مواقع أخرى مثل البعث نت , والبوابة نيوز, وموسوعة القوة الصامتة، مع أخطاء فاضحة , فموقع البعث نت وضع صورة سفير العراق في واشنطن لقمان عبد الرحيم الفيلي بدلا من صورة سفير العراق في نيويورك محمد الحكيم. ووضع موقع البوابة نيوز صورة شخص اخر تحت اسم محمد علي الحكيم . فيما نشرت مواقع أخرى صور سابقة للمنشاة المذكورة قبل اكثر من عقد من الزمن.
ويثير هذا الخبر المستند على رسالة السفير العراقي إشكاليات قانونية وسياسية كبيرة وتقود الى استنتاجات خطيرة ابرزها : -
1 . ان العراق يمتلك أسلحة دمار شامل رغم عجز الأمم المتحدة وفرق تفتيشها لأكثر من 13 سنة من التقصي والتفتيش وكذلك عجز الولايات المتحدة عن اثبات ذلك منذ 11 سنة من البحث داخل العراق .
2 . ان العراق قد انتهك التزاماته المقررة بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيمياوية لعام 1993 والتي دخلت حيز النفاذ عام 1997, وانظم اليها العراق في عام 2009 ليصبح الدولة العضو رقم 186 من مجموع الأعضاء ( 190 ) دولة .
3 . ان العراق لم يتقيد بالتزاماته الدولية تجاه المجتمع الدولي ومنظمة حظر الأسلحة الكيمياوية ( OPCW) ومقرها لاهاي في هولندا , ولم يدمر جيع مخزوناته من الأسلحة الكيمياوية ولم يخضع لنظام التحقق الشامل ولم يمتثل لإجراء ( التفتيش بالتحدي ) الذي تجريه الوكالة الدولية بشكل مستعجل بمجرد قيام الشك على ذلك. وهذا مضمون ما صرح به السفير الحكيم بإقراره بعدم قدرة بلاده على الوفاء بالتزاماتها بتدمير الأسلحة الكيمياوية.
4 . ان الوكالة الدولية قد قصرت في واجباتها ولم يوفد المدير العام للمنظمة الدولية أي فريق تفتيش لضمان تقيد الدولة الطرف بالالتزامات المقررة بموجب الاتفاقية أعلاه، في الوقت الذي لا تملك الدولة حق رفض مثل هذا الفريق أو غيره .
5 . ان تصرف السفير العراقي هو تجاوز لاختصاصاته الوظيفية حيث ان المعني بهذا الامر هو ممثل العراق لدى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في لاهاي السفير سعد عبد المجيد إبراهيم العلي الذي لم يصرح أو يعلق على الموضوع في ظل هذه الفوضى الإعلامية والصخب الدعائي .
6 . ان منظمة حظر الأسلحة الكيماوية كجهة راعية لاتفاقية حظر الأسلحة الكيمياوية لعام 1997 , لم تصرح بشي حول الموضوع ولم يصدر عنها أي تعليق ولم ينشر أي شيء على موقعها الالكتروني، وكأنما هذا الصخب لا يمت الى الواقع والحقيقة بأية صلة . وان السفير العراقي قد احدث هذه الضجة المفتعلة من باب التباهي والظهور الإعلامي بشكل مهرج .
وأخيرا جاء القول الفصل والكلمة الحاسمة من بغداد عاصمة السفير , حيث صرح علي الحيدري عضو التحالف الوطني , الأربعاء 9 تموز بانه لا صحة لتصريحات سفير العراق لدى الأمم المتحدة واعتبر تصريحات سفيره الاممي " مدفوعة الثمن " او كما يعرف بالإنكليزية ( paid statement ) وهذا ينطوي على شك في ان يكون السفير المذكور قد تقاضى مبلغا من المال من جهة معينة لقاء هذا التصريح .
وقد قال الحيدري في حديث ل " السومرية نيوز " , ان تصريحات سفير العراق لدى الأمم المتحدة محمد علي الحكيم بشأن سيطرة مجموعات إرهابية مسلحة على منشاة المثنى الكيمياوية شمالي بغداد عارية عن الصحة " . مشيرا الى ان العراق لا يمتلك أي سلاح او نشاط كيمياوي حتى لغرض التدريب " .
وأضاف الحيدري " نحن تداولنا ذلك الموضوع داخل التحالف الوطني وتم الاجماع على ان ذلك التصريح بحاجة الى إعادة نظر وتدقيق من قبل المسؤولين في بغداد " لافتا الى وجود جهات معادية للعراق دفعت للحكيم للإدلاء بهذا التصريح المدفوع الثمن .
ثم الحقته وزارة الخارجية العراقية ( دائرة السفير المذكور ) بتوضيح خلا من اسم السفير الحكيم مبينة ان وسائل الاعلام قد تناقلت بلغة محرفة ومبالغ فيها , حول وجود أسلحة كيمياوية ومواد تدخل في أسلحة الدمار الشامل في العراق .... مشيرة الى التزام العراق بالاتفاقات الدولية ( التي من ضمنها بطبيعة الحال اتفاقية حظر الأسلحة الكيمياوية ) , وما يفرضه الدستور العراقي لعام 2005 بمنع حيازة ونقل واستخدام وتخزين أسلحة الدمار الشامل والمواد الداخلة في صناعتها ( المادة 9 الفقرة أولا / هـ من الدستور) .
ومنذ ظهور التصريح للوهلة الأولى , فقد استعانت وسائل الاعلام بخبراء مختصين من الأمم المتحدة أولا ومن الاختصاصيين في مجال الأسلحة الكيمياوية واسلحة الدمار الشامل في مؤسسات الدفاع . فوكالة رويترز التي نقلت التصريح أولا، قد استأنست برأي الاميرال جون كيربي المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية الذي قال : مهما كانت المادة الموجودة هناك فانها قديمة جدا وليس من المرجح ان يتنسى الوصول اليها أو استخدامها ضد أي شخص الان .
وكانت المتحدثة باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية جيل تودور قد ردت على رسالة سفير العراق الحكيم وقللت من التهديد المذكور.
وأشارت الوكالة الدولية الى ان المواد المذكورة محدودة القيمة ولا تشكل أي خطر امني او انشطار نووي . بحسب وكالة الاسيوشيتد برس . كما صرح مصدر بالحكومة الامريكية على دراية بالموضوع ان المواد المذكورة من غير المعتقد انها يورانيوم مخصب ، لذلك سيكون من الصعب استخدامها لتصنيع السلاح . وقال مسؤول امريكي اخر على دراية بالمسائل الأمنية انه لا علم له بان هذا التطور يثير ازعاج لدى السلطات الامريكية ( بحسب موقع واي نيوز ).
ولمعرفتي الشخصية بهذا السفير وهو من مواليد 1952 درس في بريطانيا وأميركا ويتمتع بالجنسية الامريكية وواحد من الذين جاءوا الى العراق مع الحاكم المدني بول بريمر عام 2003 , عين وزيرا للاتصالات في حكومة اياد علاوي لمدة ستة اشهر , بعد ان كان يعمل لدى شركة برمجيات في مدينة بوسطن الامريكية واسمها (Boston technology corporation) وعين سفيرا في مركز الوزارة منذ عام 2006، نقل عام 2010 كممثل للعراق في جنيف وارتكب هفوات كبيرة هناك، واساء الى دبلوماسيين كثيرين أدى الى نقل العديد منهم وخاصة من السنة .وقادت تصرفاته الى مشاكل كثيرة للعراق منها هجومه على جامعة الدول العربية في اول اجتماع له معها في نيسان 2010 مما أدى الى تشنج مجلس سفراء الدول العربية في جنيف بحيث تعذر عليه المشاركة في الاجتماع التالي. وتحدثه بصيغة ( المجتمع الدولي ) في العديد من اجتماعات السفراء في جنيف , فرده سفير صربيا ذات مرة قائلا بانه لم يرشحه احد لرئاسة كل دول العالم ولو رشح فانه اول من لن يصوت له . ومرة أخرى في لقاء عقده رئيس مجلس حقوق الانسان ممثل تايلاند في المجلس السفير سيهاساك عام 2011مع رؤساء المجموعات الإقليمية لبحث موضوع تقييم عمل مجلس حقوق الانسان وموضوع ليبيا. فبدأ يتحدث باسم كل الدول ويرفض أي مقترح وانه باسم جميع الدول يعلن بانها لن تقبل بذلك . فتقدمت سكرتيرة المجلس لتطلب منه الحديث وفقا لصلاحياته الوطنية أو ما يسمى بلغة الدبلوماسية (National Capacity).
ولمعرفتي الشخصية بهذا السفير وهو من مواليد 1952 درس في بريطانيا وأميركا ويتمتع بالجنسية الامريكية وواحد من الذين جاءوا الى العراق مع الحاكم المدني بول بريمر عام 2003 , عين وزيرا للاتصالات في حكومة اياد علاوي لمدة ستة اشهر , بعد ان كان يعمل لدى شركة برمجيات في مدينة بوسطن الامريكية واسمها (Boston technology corporation) وعين سفيرا في مركز الوزارة منذ عام 2006، نقل عام 2010 كممثل للعراق في جنيف وارتكب هفوات كبيرة هناك، واساء الى دبلوماسيين كثيرين أدى الى نقل العديد منهم وخاصة من السنة .وقادت تصرفاته الى مشاكل كثيرة للعراق منها هجومه على جامعة الدول العربية في اول اجتماع له معها في نيسان 2010 مما أدى الى تشنج مجلس سفراء الدول العربية في جنيف بحيث تعذر عليه المشاركة في الاجتماع التالي. وتحدثه بصيغة ( المجتمع الدولي ) في العديد من اجتماعات السفراء في جنيف , فرده سفير صربيا ذات مرة قائلا بانه لم يرشحه احد لرئاسة كل دول العالم ولو رشح فانه اول من لن يصوت له . ومرة أخرى في لقاء عقده رئيس مجلس حقوق الانسان ممثل تايلاند في المجلس السفير سيهاساك عام 2011مع رؤساء المجموعات الإقليمية لبحث موضوع تقييم عمل مجلس حقوق الانسان وموضوع ليبيا. فبدأ يتحدث باسم كل الدول ويرفض أي مقترح وانه باسم جميع الدول يعلن بانها لن تقبل بذلك . فتقدمت سكرتيرة المجلس لتطلب منه الحديث وفقا لصلاحياته الوطنية أو ما يسمى بلغة الدبلوماسية (National Capacity).
وعلى الصعيد العراقي ، كان يجيد اللعب على الجميع , ففي كل زيارة الى العراق يلتقي بكتل سياسية وشخصيات مختلفة متجاوزا كل الأصول الوظيفية كما لو كان وزيرا للخارجية. وفي احدى زياراته الى العراق، زار السيد مسعود البرزاني رئيس إقليم كوردستان العراق بتاريخ 14 تموز 2011 , ونشر اللقاء مصورا على موقع حكومة إقليم كوردستان . وقد نبهت شخصيا وزارة الخارجية الى تصرفات هذا السفير الا ان ردّهم كان سلبيا . وقد نشرت مقالا على موقع كتابات بتاريخ 1 / 5 / 2014 بعنوان ( سفير ضد الدولة التي يمثلها ) حول واحدة من اعقد الإشكالات القانونية التي ادخل هذا السفير العراق فيها . ولم يهتم احد في حينها ، أمل ان يصدقوني الان , لاني مازلت مقتنعا ان ما بني على الباطل باطل ولن يصّح الا الصحيح ولو بعد حين .
ملاحظة: هذا السفير قد أصبح في ظل حكومة عبد المهدي الطائفية الفاشلة وزيراً للخارجية في تشرين الأول/أكتوبر 2018، وأثبت هو الآخر اخفاقاً كبيراً في إدارة ملف السياسة الخارجية مما قاد الشعب إلى القيام بثورة شعبية شاملة في الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2019على هذه الحكومات الفاشلة والفاسدة والعميلة والتي جاءت مع الإحتلال الأمريكي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق