السبت، 30 مايو 2020

رأي قانوني عراقي في أحداث مينابوليس في أمريكا

رأي قانوني عراقي على احداث مينابوليس في أمريكا

د. رياض السندي 


هذه المسألة اكبر من ان تفهمها امريكا، ربما يبدو هذا القول غريبا، ولكن كقانوني اقول وانا عشت في الشرق والغرب واوربا وامريكا، ان الشرطة في امريكا لا تفرق بين المخالفة والجريمة والجنحة في تعاملها مع المتهم. ولو كان كل شخص يلقى القبض عليه مجرماً لما كان هناك حاجة لوجود المحاكم، أو حتى لوزارة العدل أصلا. إن بعض المخالفات البسيطة، لا تحتاج الى عنف لردعها، مثل عدم ربط حزام الامان او قيادة السيارة بسرعة، وفي كل اوربا يأتي الشرطي ولا يتحدث معك، ولكنه يضع المخالفة تحت ماسحة زجاج السيارة الامامية، ويذهب بدلا من ان يتجادل معك ويسحلك ويضع قدمه على رقبتك، وقد يؤدي لوفاتك، بل في كثير من الاحيان يودعك بأبتسامة. فإستخدام العنف المفرط أو غير المبرر هي  كلها اجراءات اكبر من حجم المخالفة. وكما قلت قد يبدو غريبا ان يشخّص قانوني عراقي الخلل القانوني في الإجراءات الامريكية، ولكن اعتقد هذه حقيقة، وما فعله المتوفي جورج فلويد لم يكن جريمة بل مخالفة او جنحة في القانون الأمريكي، وليس من القانون والانسانية ان يضع الشرطي رجله على رقبته لمدة ثمان دقائق و٤٧ ثانية، و اربع دقائق بعد وفاته، والصحيح ان يقيد يديه وينقله الى مركز الشرطة، لأنه قد أصبح في عهدة الشرطة (Police Custody) وعليها مسؤولية الحفاظ على حياته بدلا من قتله والا لن يكون هناك فرق بين القاتل والادارة، ولكن تصرف الشرطي شيفان كان سببا في كل هذه الكوارث.
لقد خلقت الشرطة في أمريكا عرفاً متبعاً وهو التعامل بقسوة مع المتهم وخاصة إذا كان من اصول افريقية او اسيوية، إن هذا يدفع المتهم الى الهرب او زيادة سرعة السيارة عند مطاردته من قبل الشرطة بدلا ان يشعر بأمان المجتمع ككل ويقف احتراما للقانون الذي يحترمه من يمثل القانون ويطبقه.
ارجو ان يكون درسا للشرطة في كل مكان، ان المجرم هو متهم حتى صدور قرار المحكمة وانه يبقى انسانا حتى بعد الحكم، فهل يدركون ذلك؟ انا شخصيا لا اعتقد. والمشكلة ان الكثير من الامريكان الذين لا يفهمون بالقانون يؤيدون الخطأ عن جهل قانوني، ويبدأوا يبحث في سجل المتوفى وحياته الشخصية، وتظهر التفسيرات المخالفة للقانون مثل: إنه كان مريضاً بالقلب او لديه ارتفاع ضغط الدم، او أنه كان يعمل في نادٍ ليلي سابقًا ، ان هذه كلها لا تغيير من وصف الاجراءات الخطأ التي قام بها الشرطي، وفِي حالة وجود مرض سابق لدى المتهم، فهناك نظرية في القانون الجنائي تدعى نظرية الاحتمالات ، ويقصد بها توقع الفاعل النتيجة، فمثلا عندما تصفع شخصا كبيراً في السن ، يجب عليك ان تتوقع بنسبة كبيرة إصابته ببعض الامراض المزمنة التي قد تتداخل مع الفعل وتسبب نتيجة غير متوقعة. وكان على الشرطي ان يتوقع إحتمال الوفاة ، ولكن يبدو انه لم يكن مدركًا للنتيجة او غير واعيًا لها. وهنا تقوم نظرية السببية في القانون الجنائي، ويتمثل بطرح سؤال محدد وهو : هل كان الفعل الذي قام به الشرطي سببا لإحداث النتيجة. أعتقد ان محكمة مينابوليس ستطرح هذا السؤال، وقد أدركت ذلك من خلال قرارها بتوقيف الشرطي وتوجيه له تهمة القتل غير العمد أو من الدرجة الثالثة.
وبالمقابل، جاءت ردود الافعال الغاضبة من المحتجين متطرفة ايضاً وشملت حرق مركز شرطة مينابوليس وحرق متجر بيع الكحول الذي وقعت في الحادثة، وتعدتها الى نهب وسرقة اسواق Target وتدمير الممتلكات العامة والخاصة.
إن العنف يولد العنف، ويجب وقفه في كل الاحوال لعودة الاستقرار الى الولايات الامريكية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحمير وكلاء الله

  الحمير وكلاء الله أنا أقول دوماً ان فكرة الله هي افتراضية يفترضها البشر باعتبار ان هناك خالق لهذا الكون، اعتمادا على مبدأ ان لكل شيء سبب، ...