الثلاثاء، 30 أبريل 2024

قصة لم أرويها

 




قصة لم أرويها

في احد أيام شهر حزيران ١٩٧٩، وأنا بعمر ١٨ سنة، وكانت عائلتي تسكن حينها في منطقة غالبيتها من المسلمين، وكنت أقرأ الكتب الإسلامية بنهم، حتى تكونت لدي فكرة جيدة وتصور عام عن الإسلام، .في حينها كنت قد ختمت القرآن عدة مرات، وحفظت ٦ ألاف حديث. طلب مني أحد الرهبان ان احضر معهم للغداء، فسألته لماذا هذه الدعوة؟ فقال: سيحضر مستشرق فرنسي معروف يزور العراق حالياً، واتمنى ان تكون معنا، فذهبت للغداء، وكنا ٦ أشخاص، الخمسة منهم كانوا رهبان وبعمر ٦٠ -٦٥ سنة، وعلى الغداء تم مناقشة موضوع الجزية في الإسلام. وجميعهم كانوا من العلماء، وأنا أدليت برأيي في الأخير. وبعد الغداء مباشرة قال لي المستشرق على جنب: لماذا لا تذهب إلى فرنسا. كان ذلك كمن يقول لشاب لماذا لا تذهب إلى الجنة، فقلت كيف ذلك؟ كما أني لا احب دراسة المسيحية، فقال: لا لن تدرس المسيحية بل تدرس الإسلام، فأستغربت من رجل دين مسيحي يطلب من شاب ان يدرس الإسلام. ثم قال هل لديك جواز سفر، قلت هذا سهل، وبالفعل قدمت معاملة الجواز صباحاً واستلمته بعد نهاية الدوام. أما الفيزا، فقال: اذهب للسفير، ولا تقل له آي شيء، سوى كلمة واحدة أني رأيت هذا المستشرق. فذهبت للسفارة الفرنسية، وكان حشد العراقيين يتهافتون على باب السفارة، فقلت للموظف: أريد مقابلة السفير، فقال: ومنو أنت حتى تقابل السفير؟ قلت فإذا قل له فقط، إني التقيت بفلان. وهنا ستجد الفرق بين الدول المتخلفة والدول المتقدمة، لان الدول المتقدمة تحترم علماءها، لأنها أصلا أصبحت متقدمة بفضل العلم. فخرج السفير من بين الحشد ليتساءل من هو الشخص الذي التقى فلان؟ قلت أنا ، قال ادخل. فسحبني من بين الحشد، وادخلني السفارة، فقال: أنا لا اصدق انك التقيت به، فهو ليس بالعراق، فقلت له: بل جاء للعراق وهو في زيارة الآن والتقيته بالأمس. فلم يسألني ما أريد، بل قال أين جوازك؟ فأعطيته الجواز ودخلنا معاً إلى غرفته، وختم الجواز، وقال لا حاجة لدفع رسوم الفيزا، وكعراقي قلت له: أنا لا اقبل ذلك، لأني اقدر على دفع الرسوم وكانت ١٥٠ فرنك فرنسي وتعادل ١٥ دينار عراقي، وهو كل ما أملك انذاك. وبعد يومين كنت في باريس، وفي جو من العلماء نتناقش في الأديان وخاصة الإسلام، وتلك قصة أخرى اغرب من هذه. 

الصورة وأنا في الوسط مع عدد من الرهبان الفرنسيين، وفي أقصى اليمين يقف الآب ألبير أبونا أشهر مؤرخي الكنيسة الشرقية وكتابه عن تاريخ الكنيسة في ثلاثة اجزاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحمير وكلاء الله

  الحمير وكلاء الله أنا أقول دوماً ان فكرة الله هي افتراضية يفترضها البشر باعتبار ان هناك خالق لهذا الكون، اعتمادا على مبدأ ان لكل شيء سبب، ...